| الربا | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: الربا السبت مايو 15, 2010 10:12 am | |
| الربا تعريفه لغةً: الربا مصدر ربا يربو، بمعنى الزيادة والنماء، يُقال: ربا المال أينما وزاد . تعريفه اصطلاحاً: تعددت تعريفات الفقهاء للربا، ولكننا نختار منها ما ذكره الحنفية فقد عرّفوا الربا بأنه فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال . حكمه: الربا حرام ومن الذنوب المهلكات، وقد دلّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقد ورد به كثير من الآيات التي تدل على حرمة الربا، ومن ذلك قوله تعالى: وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون . وأما السنة: فهي كثيرة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، واكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات). وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لعن الله آكل الربا وموكله و كاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء" . وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على تحريم الربا، وأنه لم يحل في شريعة قط. حرَّم الإسلام الربا تحريماً قاطعاً، وجعله من أكبر الكبائر ولما فيه من استغلال فاحش لذوي الحاجات الذين يجب إعانتهم وقضاء حوائجهم، فإن للمسلم على أخيه المسلم حقوقاً كثيرة أدناها أن يكون رحيماً به، محسناً إليه، عطوفاً عليه، والتعامل بالربا خروج على هذه المبادئ السامية وانتهاك لواجب الإنسان نحو أخيه الإنسان، وذلك بخلاف ما تؤدي إليه هذه المعاملة من بث الأحقاد والضغائن في نفوس الماس بعضهم حيال بعض، وإثارة أسباب الفتن والصراع بين أفراد المجتمع، وتوسيع الفرق بين طبقة الموسرين وطبقة الفقراء، وصرف أصحاب رؤوس الأموال عن طريق الكسب الإنتاجي النافع، لأن الفائدة التي يحصل عليها المقرض لا تأتي نتيجة لعملية إنتاجية سليمة أسهم فيها بماله، بل إنـها تأتي بدون مقابل اقتصادي، فهي مبلغ اُستقطع من مال المقترض من غير أن يحدث زيادة في الثروة العامة. أوجه الفساد في الربا: الكلام عن الربا يتضمن العديد من الأمور التي ترتبط به كبيان اللأموال التي يجري فيها، وعلة تحريم الربا وأنواع الربا، وتبايع الأموال الربوية، إلا أنه نظراً لطبيعة البحث وتساوقاً مع مساره، فإننا نقصر الكلام هنا على ما يترتب على التعامل بالربا من فساد في النشاط الاقتصادي وتعارض ذلك مع الضوابط الشرعية ، والقيم الأخلاقية التي توضح للناس معالم الكسب الحلال، وتحذرهم من الكسب بطريق الانتظار. وعلى ضوء ما زخر به الفقه الإسلامي والتناول البحثي لعلماء الاقتصاد الإسلامي من رصد لهذه المفاسد، فإننا نشير إليها فيما يلي: 1- استغلال القوي الغني للضعيف الفقير: فالأصل في المعاملات الربوية هو الحاجلة للمال، واستغلال حاجة الفرد بزيادة أصل الدين يكون ظلماً، والظلم فضلاً عن تحريم الإسلام لـه فإن الفطرة السوية تأباه والعقل الرشيد يرفضه، فكرامة الإنسان ملازمة لإنسانيته وملاصقة لأصل نشأته، يقول تعالى: ولقد كرمنا بني آدم ، وبمقتضى ذلك لا يصح أن يكون الصراع على المصالح الخاصة سبباً للنيل من كرامة الإنسان، والاجتراء عليه باستغلاله والمساس بحقه في الحياة الكريمة، وذلك مما جعل من تحريم الإسلام للربا منهجاً فاضلاً، وتوجهاً صادقاً لتحقيق الأخوة البشرية، وإعطائها ما تستحق من تقدير ورعاية. وتأسيساً على ما تقدم فإن الفرد لا يعطي ربا إلا ما زاد عن حاجته من المال ويتحمل المحتاج عبء الزيادة الربوية، بينما يستفيد القادر المرابي من حاجة الطرف الآخر دون حقن وبذلك يكون الربا ضد الصدقة التي أوجبها الله على الأغنياء، فإن حاجة الفقير هي دين على الغني وعد أداء الغني للصدقة في هذه الحالة هو تفريط في حق من حقوق الله. ويتسلط الغني على الفقير، ويزداد ضرر المحتاج وتعريضه للفقر الدائم والدين الذي لا ينفك عنه، وتولد ذلك وزيادته إلى غاية تجتاحه وتسلبه متاعه وأثاثه، وهو ما يؤدي إلى سريان الحقد والحسد والبغض والكراهية بين طبقات المجتمع، فترى طبقة الفقراء الكادحة العاملة أن جزءاً كبيراً من تعبها وجهدها يذهب يسيراً سهلاً لطبقة الأغنياء لا لشيء سوى إقراضهم بالربا، فيسود المجتمع التباغض والتحاسد بسبب هذه الطبقية الناتجة عن التعامل بالربا، وذلك مما جعل الإسلام يوجه عنايته إلى القضاء على هذه الطبقية الظالمة، فيدعو أتباعه إلى المواساة ومد يد العون والمساعدة للمحتاج عن طريق الزكاة والصدقة وغيرها.وفي ذات الوقت يحرم كل طريق للاستغلال من ربا ونحوه، فيقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى لـه سائر الجسد بالسهر والحمّى". 2- عرقلة مسيرة التنمية وتقليل مجلات الاستثمار: لم يكن الإسلام في منعه للربا حرباً على الأغنياء أو ضد الثراء، بل كان التزام الحق والعدل في استنماء المال وتوظيفه في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق ازدهار المجتمع ورخائه. ومن هنا كان تحريم الربا ضابطاً رئيسياً للاستثمار الرشيد في الاقتصاد الإسلامي، وذلك أن الربا يؤدي إلى تمييز رأس المال على سائر عناصر الإنتاج بأن يكون مستحقاً لعائد دون مقابل من إنتاج أو عمل أو تعرض لمخاطرة، وبعبارة أخرى فإن المعاملات الربوية تؤدي إلى استخدام النقود في غير وظيفتها الأساسية فتكون سلعة تُباع وتُشترى يُباح تأجيرها بثمن معين يسمى الفائدة، مما يمنحها القدرة على إنتاج نقود من غير إسهام فعلي فيء العملية الإنتاجية بالعمل أو التعرض للمخاطرة أو الإنتاج الفعلي. وبناءً على ذلك فإن الربا يؤدي إلى تعطيل استخدام النقود الأساسي كوسيط للتبادل، فتركز الثروة في أيدي طبقة محدودة من المجتمع فتصبح هي المتحكمة في رأس ماله، وذلك يترتب عليه قلة الإنتاج من جراء توقف الاستثمار الحقيقي الذي يتطلب بذل الجهد وممارسة العمل من الجميع، والاشتراك في تحمل المخاطرة، فالمرابون بما يحصلون عليه من كسب محرم بدون جهد وعناء ومخاطرة يصرفهم ذلك عن تحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات. ولقد تفاقم أمر الربا في هذا الجانب فتعداه من طاق الدولة الداخلي إلى المستوى الدولي بشكل ألحق الضرر بالدول الفقيرة وجعلها مكبلة بالديون الخارجية وفوائدها الربوية المتراكمة بعد أن عجزت مواردها المحلية عن الوفاء بالتزامات ديونـها الخارجية التي أخفقت في تنميتها الاقتصادية جعلتها في موقف ضعيف إزاء طغيان الدول الدائنة التي جعلت من هذه الديون عوامل ضغط وإكراه لربط اقتصاد الدول المدينة بالتبعية لها، وذلك مما أدى إلى انتقال الموارد من فقراء العالم إلى أغنيائه وتفشي ظاهرة التضخم في كثير من الدول، واختلال توزيع الدخل والثروة بين البشر. 3- تضييق مجال التعامل والوقوع في الحرج: ويظهر ذلك جلياً في ربا الفضل الذي يتمثل في مبادلة المال الربوي بجنسه مع الزيادة في أحد العوضين متقابضين في المجلس أو غير متقابضين، فهذا النوع من التعامل إذا كان في المطعومات القابلة للادخار فإنه يؤدي إلى احتكارها لمن يملكونـها، فمن كان عنده قمح إذا باعه لغيره بقمح متفاضل، فإن ذلك يجعل من كان يملك نقوداً وليس لديه قمح إلا يحصل على ما يريده من قمح، فكان في ذلك تضييقاً عليه وإلحاقاً للضرر والمشقة به، فلا يحصل على حاجته من الغذاء من عنده نقوده وليس عنده قوت، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جاءه بتمر جيد اشتراه بتمر رديء مع زيادة الرديء عن الجيد بأن يبيع الرديء ثم يشتري بثمنه جيداً قائلاً لـه: "بع الجمع (التمر الرديء) بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيناً( التمر الجيد)". ويفهم من ذلك أنه لو أُجيزت المقايضة مع التفاضل ما أكل المحتاج إلى التمر شيئاً منه، فمن ليس عنده تمر جيد ولا رديء وعنده نقود لا يستطيع الحصول على ما يرغب فيه من تمر، فكان ذلك تضييقاً على الناس ولحدث الغبن وفشا في التعامل لعدم وجود المقياس النقدي الذي يقوم الأشياء بالدقة التي تحدد العدل والإنصاف. وأيضاً يتحقق الإضرار بالناس عند وقوع التعامل براب الفضل في النقدين، كما لو بيع الدرهم بدرهمين ولا يكون ذلك إلا للتفاوت بين النوعين إما في الجودة أو الثقل أو الخفة، فقد يتدرج المتعاملين بذلك من الربح المعجل إلى الربح المؤجل بأن تحدث زيادة في نظير التأجيل فيتحقق بذلك الربا المحرم . 3- البيوع المنهي عنها رغم أن الشريعة الإسلامية تنهى عن التعالم ببعض البيوع التي تنطوي على الجهالة أو تشمل الخداع، فقد فشا في مجال التعامل أنواعاً من هذه البيوع التي ترتب عليها فساد لنشاط الاقتصادي وعدم استقرار التعامل.ونتكلم عن أهم هذه البيوع فيما يلي: 1- بيع الغرر: والمراد ببيع الغرر هو البيع الذي يكتنفه الخطر أو الشك في وجود المبيع، أو الجهل بالعاقبة لاحتمال عدم القدرة على تسليم المبيع. وقد أبطلت الشريعة الإسلامية هذا النوع من البيع، لما يؤدي إليه من التنازع والشقاق بين المتعاقدين أو غبن أحدهما للآخر، فهو من أكل أموال الناس بالباطل . وقد جاء النهي عن بيع الغرر بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نـهى عن بيع الغرر". ويدخل في بيع الغرر المنهي عنه إجماعاً أنواع كثيرة من البيوع شاع التعامل بـها في الوقت الحاضر، كبيع ما لم يتم ملك البائع به، وقد جاء النهي عنه ما رواه عبد الله ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ابتاع طعاماً فلا يبيعه حتى يقبضه"، وما جاء عن حكم بن حزام أنه قال: قلت للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع لما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاع من السوق، فقال صلى الله عليه وسلم:" لا تبع ما ليس عندك" أي لاتبع ما ليس حاضراً عندك وتحت يدك، لأن البائع لا يعلم صفة المبيع فكيف بالمشتري، فمن الأولى إلا يشتري شيئاً لا يعرف عنه شيئاً وليس للبائع عليه سلطان. كما يدخل في بيع الغرر بيع الثمار في الحقول والحدائق قبل أن يبدو صلاحها، وبعد التعاقد قد يحدث أن يصيبها آفة سماوية فتلك الثمار ويختصم البائع والمشتري، فيقول البائع: قد بعت وتم البيع، ويقول المشتري: إنما بعت لي ثمراً ولم أجدهن ولذلك نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها إلا أن يشترط القطع في الحال، ونـهى عن بيع السنبل حتى يبيّض ويأمن العاهة، وقال:" إذا منع الله الثمرة بما ستحل أحدكم مال أخيه". ومما ظهر ونشأ من بيوع الغرر في المعاملات الحديثة المضاربة في أسواق الأوراق المالية، وهي التي يقوم بـها الأفراد المضاربين بـهدف الحصول على كسب من فروق الأسعار فقط، وقد تكون المضاربة على النـزول أي بيع المضارب عقوداً انتظاراً لهبوط أسعارها ثم يشتريها بسعر أقل ويحقق كسباً من هذا الفرق، وقد تكون المضاربة على الصعود أي يشتري المضارب لعقود انتظاراً لارتفاع أسعارها فيبيعها ويكسب الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء، ففي هذه العمليات لا يتم استلام السلعة التي يتم باسمها التعامل فتكون هذه المضاربة نوعاً من المقامرة التي تنبني على الضرر ولا جهالة، وهي تتشابه في ذلك مع بيع ما لا يملك أو ما ليس عنده، لأنـها تقوم على تعامل وهمي دون تبادل حقيقي للسلع، بل تتداول فيها عقوداً لا تمثل الكمية الفعلية من السلعة الموجودة، فضلاً عن ذلك فإن ما ينتج عنها من تغير في الأسعار لا يأتي معبراً عن تفاعل حقيقي بين قوى العرض والطلب. وينبغي أن نشير إلى أن كل غرر ليس ممنوعاً فإن بعض ما يُباع لا يخلو من غرر، كالذي يشتري داراً لا يستطيع أن يطّلع على أساسها وداخل حيطانـها فذلك غرر يسير تدعو إليه الضرورة لأنه غير مقصود فلا يفسد العقد. 2- بيع العربون: والمراد به أن يشتري الشخص شيئاً فيدفع إلى البائع من ثمن ذلك المبيع شيئاً على أنه إن تم العقد بينهما كان ذلك المدفوع من الثمن، وإن لم يتم العقد صار المدفوع من حق البائع ولا يطالبه المشتري بشيء. وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم صحة بيع العربون، لما رواه عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: "نـهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون". كما أن بيع العربون فيه شرط فاسد، ويترتب عليه أكل أموال الناس بالباطل، حيث لم تطب نفس المشتري بترك بعض ماله دون عوض أو مقابل مما يترتب عليه وقوع العداوة والبغضاء والشجار بين الناس. 3- بيع النجش: والمراد به الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها. وقد سميّ هذا البيع بذلك؛ لأن الناجش يثير الرغبة قي السلعة وقد يقع ذلك بمواطأة البائع، فيرتفع ثمن السلعة دون مبرر، وهذه الصورة هي الغالبة والأكثر شيوعاً، وقد يقع النجش بغير علم البائع فيقع الإثم على الناجش وحده، وقد يقع النجش بفعل البائع وحده وذلك بأن يدّعي أنه اشترى السلعة بأكثر مما اشتراه به لغير غيره بذلك. وقد أجمع الفقهاء على أن النجش حرام وفاعله عاص لارتكابه ما نـهى الشرع عنهن لقوله صلى الله عليه وسلم: "و لا تناجشوا "، ولما روى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم :"نـهى عن الجش والتصرية". ورغم اختلاف الفقهاء في صحة عقد البيع الذي دخله النجش، فإننا نرجح الرأي القائل ببطلانه، لورود النـهي عنه والنـهي يقتضي فساد المنهى عنه وهو النجش، ولأنه بيع يقوم على الخديعة فيكون من باب أكل أموال الناس بالباطل الذي حرمته الشريعة وحذرت منه. 4- بيع الرجل على بيع أخيه: وهو المسمى بالسوم، وهو كما يكون في البيع يكون في الشراء، وصورته في البيع أن يقول لمن اشترى شيئاً في مدة الخيار افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أجود منه بثمنه، أو يقول لـه نحو ذلك، وصورته في الشراء أن يقول للبائع في مدة الخيار افسخ هذا البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، أو يقول لـه نحو ذلك. ولا خلاف بين الفقهاء في أنه إذا باع الرجل على بيع أخيه، أو اشترى على شرائه فإن فعله هذا محرم ويكون آثماً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيع بعضكم على بيع أخيه"، ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "نـهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقام الرجل على سوم أخيه". وقد اختلف الفقهاء في حكم هذا البيع، ونرى رجحان ما ذهب إليه القائلين ببطلان هذا البيع لورود النـهي عنه، وذلك ما يقتضي فساده وحرمة فعله، لقيامه على المكر والخديعة. وينبغي إلى أن يفهم إلى أن حرمة هذا البيع تتقرر بعد استقرار الثمن وركون أحدهما للآخر ولم يأذن الأول، ولم يترك البيع، كأن يوجد من البائع تصريحاً بالرضا أو أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح. أما إن ظهر منه ما يدل على الاعتراض وعدم الرضا فلا يحرم السوم على السوم في هذه الحالة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم باع بالمزايدة صح رجل وحلسه، فقد روى انس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشدة والجهد- أي الفقر- فقال لـه: "أما بقي لك سيء" فقال: بلى حلس وقدح، قال: فأتني بـها، فأتاه بـهما فقال: من يبتاعهما، فقال رجل: أخذتـهما بدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يزيد على درهم، فأعطاه رجل درهمين فبتاعهما منه. فهذا دليل على جواز بيع المزايدة وعدم دخوله في السوم، لأن السوم يكون بطلب المبيع بالثمن الذي تقرر به البيع، أما في بيع المزايدة فلم يتقرر الثمن ولم يركن أحد المتعاقدين إلى الآخر فكان مخالفاً لبيع السوم. منقول للفائدة
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:14 am | |
| الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كثير الخيرات ، وعظيم البركات ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبي الهدى والرحمات ، عليه من ربه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات ، وعلى آله وأصحابه أهل التقى والكرامات ، ومن تبعه بإحسان إلى يوم العرصات . . . أما بعد : لقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ، فأبطل الله به مسالك الجاهلية ، وقضى به على معالم الوثنية ، فاستأصل شأفتها ، واجتث جرثومتها ، وفي طليعة ذلك الكبيرة العظيمة ، والجريمة الشنيعة ، والمعصية المتوعد عليها بالحرب من الله ورسوله ، ألا وهي جريمة ( الربا ) ، فهيهات أن تُعمر الحياة وتشاد الحضارات وأناس يتعاطون الربا ، ولا يرعون للإنسان كرامة ، ولا للعقول حصانة ، ولا للدين صيانة . فلما جاء الإسلام بعقيدة التوحيد الخالصة لله ، وأشرقت أنوارها في جميع أصقاع المعمورة ، حررت القلوب من رق العبودية لغير الله ، ورفعت النفوس إلى قمم العز والشموخ ، وسمت بالعقول عن بؤر المال وحبه ، وعلت بالقلوب عن مستنقعات المال الحرام . كيف لا وعقيدة المسلم أعز شيء عنده ، وأغلى شيء لديه ، بها يواجه أعتى التحديات ، وبها يصبر على الابتلاءات ، وبها يترك الإغراءات ، ويقاوم موجات القلق والأرق ، والاكتئاب النفسي والاضطرابات ، وبها يقيم سداً منيعاً ، ودرعاً متيناً أما زحف المال الحرام ، والغزو الفكري والعقدي ، ويحذر من بضاعة اليهود الحاقدين ، أكلة الربا المغرضين ، من هنا كانت أنبل معارك العقيدة ، تحرير العقول الإنسانية من كل ما يصادم الفطر ، ويصادر الفكر ، ويغتال المبادئ والقيم . لقد حد الله سبحانه وتعالى لعباده حدوداً من تعداها وتخطاها إلى غيرها وقع في الحرام وأدى بنفسه للهلاك والدمار ، وعرض نفسه للعذاب والعقاب ، ففي تعدي حدود الله ظلم للنفس البشرية ، ومعصية لرب البرية ، وهذا من أشد أنواع الظلم ، ظلم الإنسان لنفسه ، إذ كيف بإنسان وهبه الله عقلاً وحكمة وعلماً وخط له خطوطاً ، وأرسل له رسلاً ، وأنزل له كتباً ، فتبين له الحق من الباطل ، ثم يصر على المعصية وفعل الذنب ، واقتراف الصغيرة والكبيرة ، فمن تعدى حدود الله ، وانتهك محارمه غير مراع لأمر ولا نهي ، فقد أعد الله له من العقوبة جزاءً وفاقاً و { إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون } ، ولقد جاء الكتاب العزيز ، مرغباً في الخير ، ومرهباً من الشر ، آمراً بالمعروف ، وناهياً عن المنكر ، فيه وعد ووعيد ، وتخويف وتهديد ، فيه الأوامر والنواهي ، فنأى بأتباعه عن أوهام الجاهلية ، وطهر نفوسهم من رجز الوثنية ، وابتعد بهم عن براثن الإسفاف ، وبؤر الاستخفاف في كل صوره وأنماطه ، ويأتي في طليعة ذلك ( جريمة الربا ) لما يمثله من طعنة نافذة في صميم العقيدة ، وشرخ خطير في صرح التوحيد ، وتمزق مزر يضعف القوة ، ويذهب العزة ، ويجلب الانتكاسة ، وسوء الخاتمة ، ويلحق الهزائم ، ويقضي على العزائم ، فتقع الاضطرابات في المجتمع ، وتحصل الفوضى في الأمة ، فتغرق سفينتها في مهاوي العدم والردى ، ولذا فقد نهى الشارع الكريم عن ( الربا ) في محكم التنزيل ، وحذر من عاقبته السيئة ونهايته المؤلمة فقال الله تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } ، فالربا حرام كله ، كثيره وقليله ، بجميع أشكاله وأنواعه ، وصوره ومسمياته ، ولم يأذن الله في كتابه العزيز بحرب أحد إلا أهل الربا ، فالناظر على مستوى الأفراد والدول يجد مدى الخراب والدمار الذي خلفه التعامل بالربا من الإفلاس والكساد والركود ، والعجز عن تسديد الديون ، وشلل في الاقتصاد ، وارتفاع مستوى البطالة ، وانهيار الكثير من الشركات والمؤسسات ، وجعل الأموال الطائلة تتركز في أيدي قلة من الناس ، فأصبح ناتج الكدح اليومي يصب في خانة تسديد الربا ، ولعل هذا شيء من صور الحرب التي توعد الله بها المتعاملين بالربا فقال جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله } إنها بضاعة مزجاة ، وتجارة كاسدة ، وحرب خاسرة مع الله تعالى ، حرب لا تجدي فيها السفن ولا الطائرات ، ولا تنفع فيها القنابل ولا الدبابات ، فهي مع خالق الأرض والسموات ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، فكيف يخوض عبد ضعيف لا حول له ولا قوة حرباً ضروساً مع من له جنود السموات والأرض ، وله جنود لا يعلمها إلا هو ، إنها حرب غير متكافئة من أقدم عليها من البشر فقد أهلك نفسه وأذاقها ألم العذاب ومرارة العقاب ، وضنك العيش في الدنيا والآخرة فكم نرى ونسمع عن أهل الربا وآكليه والمتعاملين به وما حل بهم من جنود الله عز وجل فالسرطان وأمراض الشرايين والذبحة الصدرية وموت الفجأة من جنود الله { وما يعلم جنود ربك إلا هو } ، وقال تعالى { ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليماً حكيماً } ، واستمعوا لعظمة جندي من جنود الله تعالى ، أخبر عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال : [ أُذن لي أن أُحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أُذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة ] ( رواه أبو داود وغيره وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة ) ، سبحان الله العظيم ، إذا كان هذا ملك من ملائكة الرحمن عز وجل ، وخلق من خلقه ، وعبد من عباده ، فكيف بالخالق تعالى وتقدس ، يقول الله تعالى : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } ، ويقول تعالى : { فلينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب } ويوم القيامة يقال لآكل الربا خذ سلاحك واستعد للحرب مع الله ، استعد لخوض غمار الحرب مع من بيده ملكوت كل شيء ، مع من له جنود السموات والأرض ، وما يفعل ذلك الإنسان صاحب اللحم والعظم في مثل ذلك الموقف الرهيب العصيب ولكن { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
معاشر المسلمين : لقد شبه الله عز وجل آكل الربا بالمجنون والمصروع عندما يخرج من قبره إلى محشره فهو يتخبط في الأرض لا يدري ما الخطب ولا يعلم ما الأمر كما كان يتخبط في مال الله بغير حق ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) فأكلة الربا يقومون ويسقطون كما يقوم المصروع لأنهم أكلوا الأموال رباً وحراماً في الدنيا ، فانتفخت به بطونهم حتى أثقلتهم عن الخروج من قبورهم يوم القيامة فكلما أرادوا النهوض سقطوا ، يريدون الإسراع مع الناس فلا يستطيعون . قال صلى الله عليه وسلم : [ إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ] ( رواه البخاري ) ، ولكن وللأسف : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : [ كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به ] ( رواه البخاري ) فالمال الحرام سبب لدخول النيران ، والبعد عن الجنان ، فقد جاء في الحديث عند الترمذي [ لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام ] ، فأكل المال الحرام من رباً وغيره من أعظم موانع الدعاء ، ألا ترى آكل الربا يدعو ليلاً ونهاراً فلا يستجاب له ، تتراكم عليه المصائب والمحن ، فلا يستجاب له ، إنه مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً } وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يارب يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ] ( رواه مسلم ) . ولقد جاء التحذير من تعاطي الربا أو التعامل به ، ولعن صاحبه وطرده من رحمة الله عز وجل وإبعاده عن مرضاته سبحانه وتعالى ، ففي حديث بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء ) ( رواه مسلم ) أي أنهم سواء في الإثم والمعصية ، والجزاء والعقاب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع الموبقات ( آي المهلكات ) قالوا يارسول الله : وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) ( رواه الشيخان ) . أيها المؤمنون عباد الله : عندما تنقلب الموازين ، وتنتكس الفطر ، وتتحطم القيم ، ويقع الإنسان في أوحال الذنب والكبيرة ، ويغوص في أعماق المعصية والرذيلة ، ويتلطخ بأوصاف قذرة قبيحة ، عند ذلك يصبح الإنسان في مصاف البهائم ، وتلحقه لومة اللائم ، ولكن العجيب والعجائب جمة قصة ذلك الساذج البسيط ، الذي فقد عقله ، وأسلمه لعدوه ، الشيطان وأعوانه ، فنأى بنفسه بعيداً عن التوحيد ، ورمى بها في مستنقعات الجهل وحب المال الحرام ، فلقد جاء شاب من أهل الغفلة والضياع ، إلى المسؤول يطلب منه استقطاعاً من راتبه لعملية ربوية محرمة مع أحد البنوك الربوية ، وعندما وجه إليه النصح والإرشاد ، والتخويف من أجل الترك والابتعاد ، مسنوداً بقول أفضل العباد صلى الله عليه وسلم الذي قال : ( الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ) ، فبدل أن يقوم بشكر ذلك الناصح الأمين ، وحاملاً له هم الأخوة في الدين ، بل رد قائلاً : اعتبرني ناكحاً للأسرة كلها ، إنه والله الخسران المبين ، والران الذي غطى القلوب ، وأعمى الأبصار ، إن الزنا مع الغريبة عظيم ، فكيف بذات الرحم ؟ لقد انساق وراء الأوهام ، واستسلم للأباطيل وتفاهة الأحلام ، فهو كالفراش يتهافت على النار ، إنه أمر مذهل ، وجواب مخجل ، إن من الحيوان الذي لا يفكر ، ولا يمكن أن يقدر ، من لا يمكن أن يقع على أمه ، فذكر الدميري في حياة الحيوان الكبرى وفي طيات كلامه عن الجمل ، فقال : لا يمكن للجمل أن ينزو على أمه ، فكان رجل في سالف الدهر ستر ناقة بثوب ثم أرسل ولدها عليها فلما عرف أنها أمه قتل نفسه ، فسبحان الله العظيم ، جمل أعقل من رجل ، وحيوان أفهم من إنسان ، فهذا إنسان لا يبالي بأن ينكح أسرته من أجل حفنة من مال حرام ، وذاك حيوان يقتل نفسه لأنه وقع على أمه ، فشتان ما بين الإثنين ، فاحذروا عباد الله من عاقبة الربا وأكله ، فهو الطريق إلى النار ، وبئس القرار .
معاشر المسلمين : إن الربا وإن كثر فهو إلى قِلّ وأن بركته ممحوقة يقول الله تعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ) . وقال صلى الله عليه وسلم : [ الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل ] ( رواه الحاكم وهو في صحيح الجامع ) ، فآكل الربا كافر كفر نعمة ، وإن استحله فهو كافر خارج من الدين ومارق منه ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً والعياذ بالله ، فخير الله إليه نازل وشره إلى الله صاعد قال تعالى : { أفبنعمة الله يجحدون } وقال تعالى : { يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون } فآكل الربا لا يرضى بما قسم الله له من الحلال ، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح ، بل يسعى في أكل الأموال بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة ، وأنواع العقود الخسيسة ، فهو جحود لما عليه من النعمة ، ظلوم آثم بأكل الحرام ، ولذلك وصفه الله عز وجل بأنه كفار أثيم ، وكفران النعمة سبب لتغير الحال وكثرة المرض والجنون والموت وسبب لزعزعة الأمن وعدم الاستقرار قال تعالى : { وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون } .
أيها المؤمنون : يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام كما ورد ذلك في الحديث وذلك لأن الأغنياء يحاسبون على أموالهم من أين اكتسبوها وفيما أنفقوها وهذا في المال الحلال فما ظنك بذي المال الحرام . ولما سئل عيسى عليه السلام عن المال قال : [ لا خير فيه ، قيل : ولم يا نبي الله ، قال : لأنه يُجمع من غير حِل ، قيل : فإن جُمع من حِل ، قال : لا يُؤدي حقه ، قيل : فإن أدى حقه قال : لا يسلم صاحبه من الكبر والخُيلاء ، قيل : فإن سلِم ، قال : يُشغله عن ذكر الله ، قيل : فإن لم يُشغله ، قال : يُطيل عليه الحساب يوم القيامة ] ، فتأملوا رحمكم الله هذه العقبات الخمس وقليل من يتجاوزها سالماً . فوالله إن ذلك هو المحق والنقصان ، والذل والهوان ، والمبين من الخسران . فمن أستحل الربا وأصر على أكله وتعاطيه واستمر على ذلك أدى به إلى الكفر وسوء الخاتمه والعياذ بالله ، ففي التعامل بالربا مخالفة لأمر الله تعالى وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم } . وفيه معصية لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وتعد لحدود الله تبارك وتعالى وارتكاب لمحارمه وقد قال الله تعالى : { ومن يعص الله ورسوله ويتق حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } . فتأمل أيها المسلم ما ذكره الله عز وجل في الآيات من وعيد لآكل الربا وعظيم ما يترتب على فعل ذلك المنكر العظيم من العقوبات والدخول في النيران فيا من تتعامل بالربا تب إلى المولى جل وعلا قبل أن يحل بساحتك هادم اللذات ومفرق الجماعات ثم ما أغني عني ماليه ياليتها كانت القاضيةتقول { ياليتني لم أوت كتابيه ثم في سلسلة ثم الجحيم صلوه هلك عني سلطانية } فيقال لك : { خذوه فغلوه ذرعها سبعون ذراعاً فأسلكوه } . فاحذر من عاقبة التعامل بالربا وأقبل على الله بتوبة نصوح تجب ما قبلها من الذنوب والعصيان . أيها المسلمون : لا بد لكل عاقل فطن ، أن يعرف أن التعامل بالربا دسيسة ومكيدة من دسائس أعداء الله اليهود ـ قاتلهم الله ـ ومكيدة من مكائدهم العظيمة ـ لا كثرهم الله ـ ليبعدوا الناس عن دينهم ، فقد باءوا بالغضب واللعن من الله تعالى لأكلهم الربا ، واستحقوا الخزي والندامة ، ومسخوا خنازير وقردة ، يقول الله تعالى : { إن العالم بأسره يئن من وطأة اليهودية الحاقدة ، ويدعوا باللعنة والمقت لأهلها والقائمين عليها .
عباد الله : لقد كثرت الدعايات للمساهمة في البنوك الربوية في الصحف وغيرها ، وإغراء الناس بإيداع أموالهم مقابل فوائد ربوية صريحة ، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن تلك الفوائد حرام سحت وهي عين الربا الذي جاء تحريمه في الكتابين . ومن كبائر الذنوب ، فالربا يفسد المال على صاحبه ، ويمحق بركته ، ويسبب عدم قبول العمل الصالح . وليعلم كل مسلم إنه مسؤول أمام ربه عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، ففي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن شبابه فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به " ( رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح ) والأدلة على تحريمه كثيرة ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تعلمون " ، وقال تعالى " وما أتيتم من رباً ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله " . وقال صلىّ الله عليه وسلم : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء " ( رواه مسلم ) . فهذه الأدلة وغيرها تبين تحريم الربا وخطره على الفرد والأمة . وإن مما تأسف له النفوس أن ثلة من الناس لا يهتم بأحكام الإسلام وإنما يهتم بما يدر عليه المال من أي طريق كان ، وما ذاك إلاّ لضعف الإيمان وقلة الخوف من الله تعالى ، وغلبة حب الدنيا على القلوب ، نسأل الله السلامة . هذا هو الواقع المؤلم الذي آلت إليه مجتمعات الإسلام ولا حول ولا قوة إلاّ بالله . فهذه الهزائم والخسائر ، وهذه البراكين والزلازل ، وهذا الهرج والمرج ، وكثرة الحوادث والمرض ، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس من تعاطٍ للربا وغيره . قال عليه الصلاة والسلام : " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله " ( رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ) . وقال تعالى : " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي علموا لعلّهم يرجعون " وقال تعالى : " وما نرسل بالآيات إلا تخويفا " وقال تعالى : " وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبنها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذاباً شديداً فاتقوا يا أولى الألباب " ، وقال ابن القيم رحمه الله " إذا ظهر الزنا والربا في قرية أُذن بهلاكها " فبدأت المحن تتوالى والمصائب تتابع من جرّاء التعامل بالربا . قال ابن عباس رضي الله عنهما " من كان مقيماً على الربا لا ينزع منه فحُق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلاّ ضرب عنقه " وصدق رضي الله عنه ، فالربا على شاكلة الزنا ، فمن هو الذي يستطيع أن يزني أمام الناس جهرة وعلانية ، ومن هو الذي يقر على نفسه بالزنا ثمّ لا يرجم ولا يجلد ، فالربا كذلك من أعلن التعامل به أو علم عنه ذلك ، فحقٌ على المسلمين هجره تأديباً وزجراً ، وواجب على وليّ الأمر تأديبه وتعزيره عنوة وقهراً ، حتى يعود إلى صوابه ويراجع دينه ويتوب إلى ربه ويعود عن غيّه وزيغه .
أيها المرابي .. يا من تتعامل بالربا : اتق الله ، واجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ، واحذر من مكر الله ، فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون ، استعمل عقلك وحكم دينك وشرع نبيك ، الذي قال : " إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما قالا لي ، انطلق ، وإني انطلقت معهما ، .. فانطلقنا فأتينا على نهر قال أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة ، فيفغر له فاه ، فيلقمه حجراً فينطلق فيسبح ، ثم يرجع إليه ، كلمّا رجع إليه فغر له فاه ، فألقمه حجراً ، قلت لهما : ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، إلى أن قال : فإني رأيت الليلة عجباً ؟ فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك . أماّ الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ، ويلقم الحجارة ، فإنه آكل الربا " ( رواه البخاري ). وهذا عذاب أهل الربا في القبور إلى يوم البعث والنشور وذلك تنكيلاً لهم ومدّاً للعذاب ، لاعتراضهم على الله في حكمه ، فالله يقول : " وأحلّ الله البيع وحرّم الربا " ، وهم يقولون : البيع مثل الربا ، فاعترضوا على الله في حكمه ورفضوا شرعه ، مع علمهم بتفريق الله بين البيع والربا ، وهو سبحانه العليم الحكيم الذي لا معقب لحكمه ولا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون ، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده وما يضرهم . ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " وكل رباً في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ، وأول رباً أضع ربا العباس " .
عباد الله : للربا صور عديدة ، ، وأشكالاٍ كثيرة ، حري بكل مؤمن أن يسعى جاهداً لمعرفتها ، وكشف حقيقتها حتى لا يقع في هذا الجرم العظيم ، والخطر الجسيم ، فمن صور الربا المتداولة بين الناس اليوم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل : فمن صور الربا : أن يشتري الرجل سلعة بثمن مؤجل من شخص أو بنك أو معرض ، ثم يبيعها عليه بثمن حال أقل من ثمنها المؤجل قبل أن يسدد قيمتها كاملة ، فهذه حيلة على الربا ، يتحايلون على الله كما يتحايلون على الصبيان ( وهذا يسمّى بيع العينة ). قال عليه الصلاة والسلام : " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد ، سلط الله ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ( رواه أبو داود وهو حديث صحيح بمجموع طرقه السلسة الصحيحة ) . ولماّ سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن مثل هذه المعاملة قال : هذا حرام ، حرمه الله ورسوله . بل أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من فعل ذلك من الصحابة جاهلاً بأنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . ومن صور الربا : أن يستدين مبلغاً من المال على أن يعيده بزيادة ، سواءً كان المتعامل معه شخصاً أو شركة أو بنكاً أو غيرها ، فتلك المعاملة رباً ، والربا حرام . ومن صور الربا : أن يستبدل ذهباً قديماً بذهب جديد ويدفع الفرق بينهما وهذا عين الربا ، والمعاملة الصحيحة في ذلك : أن يبيع ذهبه القديم ويقبض ثمنه ، ثم يشتري ذهباً جديداً بثمن القديم ولو زاد نقوداً من عنده بعد ذلك . ومن صور الربا : أن يشتري ذهباً حالاً بثمن مؤجل ، فهذا ربا محرم التعامل به ، ولا تجوز المحاباة فيه لا لقريب ولا لصديق ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولو كان أقرب قريب . ومن صور الربا : قلب الدين على المعسر ، وهذا هو ربا الجاهلية وذلك أنه إذا حل الدين ولم يكن عنده سداد ، زيد عليه الدين بكميّات ونسب معينة حسب التأخير وهو حرام بإجماع المسلمين . ومن صور الربا : القرض بفائدة : وصورته أن يقرضه شيئاً ، بشرط أن يوفيه أكثر منه ، أو يدفع إليه مبلغاً من المال على أن يوفيه أكثر منه بنسب معينة ، وهو ربا صريح ، أو يقرضه مالاً على أن يعيده وشيئاً معه سواء من المال أو من غيره من الأواني وغيرها . ومن صور الربا : الإيداع في البنوك بفائدة : وهو ما يسمّى بالودائع الثابتة إلى أجل ، فيتصرف البنك في هذه الودائع إلى تمام الأجل ، ويدفع لصاحبها فائدة ثابتة بنسبة معينة في المئة ، وهذا ربا لا شك فيه ، ولا ريب فيه .
عباد الله : يا من ترجون رحمة الله وتخافون عذابه : احذروا من دخول الربا في معاملاتكم ، واختلاطه بأموالكم ، فإن أكل الربا وتعاطيه من أكبر الكبائر وأخبث الخبائث وفيه الإذن من الله لمتعاطيه بالفقر والأمراض المستعصية وظلم السلطان ، فالربا يهلك الأموال ويمحق البركات فكم تسمعون من تلفِ الأموال العظيمة بالحريق والغرق والفيضان فيصبح أهلها فقراء بين الناس ، وإن بقيت هذه الأموال الربوية بأيدي أصحابها فهي ممحوقة البركة ، لا ينتفعون منها بشيء ، إنما يقاسون أتعابها ، ويتحملون حسابها ويصلون عذابها ، فالمرابي مبغوض عند الله وعند خلقه ، لأنه يأخذ ولا يعطي ، ويجمع ويمنع ، ولا ينفق ولا يتصدق ، شحيح جشع ، جموع منوع ، تنفر منه القلوب ، وينبذه المجتمع ، وهذه عقوبة عاجلة ، وعقوبته الآجلة أشد وأبقى وما ذاك إلاّ لأن الربا مكسب خبيث ، وسحت ضار ، وكابوس ثقيل على المجتمعات البشرية ، فيجب على المسلم الابتعاد عنه ، والتحرز منه ، لكثرة الوقوع فيه في هذا الزمان ، لماّ طغت المادة ، وضعف المسلمون ، وفشا الجهل بأحكام الدين ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : " ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره " ( رواه أحمد وأبو داود ) فمن تأمل حال الناس اليوم أدرك مصداق هذا الحديث الشريف وذلك أنه لماّ فاضت الأموال وتضخمت في أيدي فئام من الناس وضعوها في البنوك الربوية فأصابهم من الربا ما أصابهم ، فمنهم من أكله ومنهم من لم يأكله لكن أعان على أكله فأصابه من غباره والله على ما يفعلون شهيد . أيها الأخوة كيف يأتي النصر والناس قد أكلوا الربا ، ومن لم يأكله أصابه من غباره ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فلا بد من مراجعة النفس ، ورأب الصدع ، واجتماع الكلمة ، وتوحيد الصف ، يحيى بن موسى الزهراني | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:16 am | |
| مفاسد الربا إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى: {ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة }. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:...... النهي عن الربا في القرآن والسنة فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، اتقوا ربكم الذي أمركم بالحلال ونهاكم عن الحرام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:130-132]. نعم. يا عباد الله! هذا القرآن العظيم صارخاً ومحذراً من هذه الجريمة الوخيمة، ومتوعداً من ارتكب هذه الكبيرة ألا وهي الربا، ثم تأتي السنة، الوحي الثاني وتحذر تحذيراً بليغاً، ويقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: ما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلان المؤمنات } حديث صحيح رواه البخاري ومسلم . الشاهد من هذا الحديث: (أكل الربا) فأكل الربا من الموبقات المهلكات، أكل الربا من كبائر الذنوب. أيضاً في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الربا ثلاثٌ وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه }. أيضاً: {لعن الرسول صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء -يعني: في الإثم- } حديث صحيح رواه الإمام مسلم . أيها المسلمون! لقد توعد الله آكل الربا بالنار، وآذنه الله بالحرب، ولعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يتب ومات على تلك الحالة، يقول صلى الله عليه وسلم: {درهمُ رباً يأكله الرجل وهو يعلم أنه رباً أشد من ستٍ وثلاثين زنيه }. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء: {ورأيت رجلاً يسبح في نهر دم، وكلما جاء يخرج من هذا النهر استقبله رجلٌ آخر على شاطئ النهر وبين يديه حجارة ويرجمه بحجرٍ في فيه حتى يرجع حيث كان }. وسأل عنه صلى الله عليه وسلم -سأل عن هذا الرجل الذي يعذب في هذا النهر من الدم ويلقم الحجارة- فأخبر أنه كان آكل الربا. الربا مفسدة على المجتمع أيها المسلمون! إن الربا فسادٌ في المجتمع، واستغلال يبنى على الشح والطمع، آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً يتخبطه الشيطان من المس، وذلك علمٌ لأكلة الربا يعرفهم به أهل الموقف، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديثٍ مرفوع: {إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله؛ أنزل الله بلاءً فلا يرفعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم }. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: [[إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها ]]. وكما ذكرنا في الحديث السابق: أن آكل الربا يعذب من حين يموت إلى يوم القيامة بالسباحة في النهر الأحمر الذي هو مثل الدم ويلقم الحجارة؛ والحجارة هو المال الذي جمعه من حرام، فكما ابتلع الحرام الذي جمعه في الدنيا يبتلع هذا العذاب له في البرزخ قبل يوم القيامة مع لعنة الله له كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:24 am | |
| أقسام الربا: 1- ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة مثلاً. * ومنه قلب الدين على المعسر، بأن يكون له مال مؤجل على رجل، فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي، فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في المال، فيتضاعف المال في ذمة المدين، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، وهو أخطر أنواع الربا، لعظيم ضرره، وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض. 1- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران/130). 2- قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/280). * ومنه ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب، والبر بالبر ونحوهما، وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلاً. 2- ربا الفضل: وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وهو محرم، وقد نص الشرع على تحريمه في ستة أشياء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)). أخرجه مسلم . * يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة: في الذهب والفضة (الثمنية)، وفي الأربعة الباقية (الكيل والطعم) (أو الوزن والطعم). * المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان أهل مكة، وما لم يوجد فيهما يرجع فيه إلى العرف، وكل شيء حرم فيه ربا الفضل حرم فيه ربا النسيئة. 3- ربا القرض: وصفته أن يقرض الإنسان أحداً شيئاً ويشترط عليه أن يرد أفضل منه، أو يشترط عليه نفعاً ما، نحو أن يسكنه داره شهراً مثلاً، وهو حرام، فإن لم يشترط وبذل المقترض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجر. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:25 am | |
| صور التحايل على الربا أيها المسلمون: احذروا من الربا، احذروا من الربا يا عباد الله، والربا كثير، وقد كثر في بلدان المسلمين ... ربا البنوك إن للتحايل على الربا صوراً كثيرة أكثرها شيوعاً ما ظهر في البنوك علانية بين أظهر المسلمين؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا. طريقة المداينة ومنها يا عباد الله! طريقة المداينة التي يستعملها كثير من الناس وهي: أن يتفق الدائن والمدين أولاً على المعاشرة، يتفق معه على الدراهم يقول: أريد عشرة آلاف ريال العشرة بعشرة ونصف أو العشرة اثنا عشر أو العشرة إحدى عشر مثلاً، ثم يذهب الدائن والمدين إلى صاحب دكان عنده أموال مكدسة إما سكر أو ربطات خام أو غيرها، فيشتريها الدائن شراءً صورياً تحيلاً على الله ليس له بها غرض سوى الوصول إلى بيع العشرة بعشرة ونصف أو العشرة بإحدى عشرة أو العشرة باثني عشر إلى غير ذلك من الحيل، والدليل الذي يوضح أنه شراء صوري أنه لا يكاثر بالثمن، ولا يقلب السلعة، ولا يفتشها كما يفعل المشتري حقيقة، وربما كانت تلك الأموال قد أفسدها طول الزمن، أو أكلتها الأرض؛ لأنها لم تنقل وإنما جعلت حيلاً للربا، جعلت فخاً ليصطاد بها الفقراء المحتاجين؛ الذين تحوجهم الدنيا حتى يأتون إلى أهل الطمع والجشع ليصطادوهم بذلك الفخ. عباد الله: هذا الشراء الصوري؛ يبيع الدائن هذه السلع على المدين اتفاقاً عليها في الربح ثم يعود المدين فيبيعها على صاحب الدكان وهي في محلها، ويخرج من الدكان بدراهم؛ وهذا هو عين التحايل. مفاسد ومحاذير البيع الصوري أيها المسلمون: إن المداينة بهذا البيع الصوري الذي يعلم الله جل وعلا ويعلم المتبايعان أيضاً أنهما لم يريدا حقيقة البيع وإنما أراد دراهم بدراهم فإن هذه المداينة تشتمل على عدة محاذير: الأول: أنها تحايل على المحرم وخداع لله ورسوله، والخداع من عادة المنافقين قال تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [البقرة:9]. فنقول لهذا المتحايل: إن حيلتك لن تغني عنك من الله شيئاً: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] ألم تعلم أن الله يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] ألم تعلم أن الحساب يوم القيامة على ما في قلبك أيها المخادع. والمحذور الثاني: أن هذه المعاملة توجب قسوة القلب والتمادي في الباطل. والمحذور الثالث: أن في هذه المعاملة معصية لله ورسوله فقد {نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حتى تنقل } فكيف يليق بصاحب الدكان أن يشتريها بعدما بيعت وهي في مكانها، قال ابن عمر رضي الله عنهما: {كان الناس يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه } رواه البخاري . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تبتاع السلع -أي: تشترى- حتى يحوزها التجار إلى رحالهم } فكيف ترضى لنفسك أيها المسلم أن تتعامل بمعاملةٍ تكون فيها معصية لله ورسوله والوقوع فيما حذر الله ورسوله منه من أجل كسبٍ لا يعود عليك بالخير والبركة، بل يعود بالحرمان من رضا الله والمباءة بسخط الله، فتب إلى ربك واتق الله في نفسك، واعرف حقيقة الدنيا وأنها زائلة لا تقدمها على الآخرة. اللهم ووفقنا جميعاً لما تحبه وترضاه، اللهم ووفقنا للزهد والورع، وجنبنا ما فيه هلاكنا من الشح والطمع، واجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه ورأى الباطل باطلاً واجتنبه إنك جوادٌ كريم رءوفٌ رحيم. وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:26 am | |
| جميع صور وأشكال الفائدة المعاصرة ربا لقد حرم الإسلام الربا بجميع صوره وأشكاله , لأنه مال خبيث يحصل علية المرابي بغير جهد , فالمرابي لم يعمل شيئاً , سوي أنه صاحب مال, فهو يمتص عرق وكد وجهد العامل ... ومن قواعد الإسلام : "لا كسب بلا جهد , كما أنه لا جهد بلا جزاء" . وجميع صور الفائدة القديمة والمعاصرة , تعتبر من قبل الربا المحرم, فقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية , فى مؤتمره الثاني المنعقد فى القاهرة فى المحرم عام 1385هـ الموافق مايو 1965م , فتوي بذلك هذا نصها : "الفائدة على أنواع القروض كلها ربا , لا فرق بين ما يسمي بالقرض الإنتاجي, وما يسمي بالقرض الاستهلاكي, لأن نصوص الكتاب والسنة فى مجموعها قاطعة فى تحريم النوعين" . وقد اعتمد فقهاء وعلماء المسلمين فى تحريم كل صور الفائدة "الربا" , على أدلة راسخة وقطعية من القرآن والسنة منها قول الله تبارك وتعالى: "ذروا با بقي من الربا ( ). ويجب أن يعلم القارئ الكريم , أن هناك أناساً من المسلمين فى العصر الحديث , حاولا تبرير أنواع من الفائدة فقالوا بزعمهم: هذا حلال وهذا حرام ... فمنهم من يقول إن فوائد صناديق الادخار, وفوائد شهادات الاستثمار, وفوائد قروض الإنتاج والفوائد البسيط وحلال .... وهذا الزعم لا أساس له من الأدلة الشرعية ... هؤلاء قد أخطئوا الفتوي , وإن كانت نيتهم حسنة فلا وزر عليهم , وإن كانوا سيئ النية والقصد فعليهم الوزر من عمل بها إلى يوم القيامة .. أولئك سيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. هؤلاء الناس سيرون على منهج اليهود الملعونين , عندما كانوا يراوغون سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم, ويقولون إن البيع مثل الربا .... دكتور / حسين حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر خبير استشاري فى المعاملات المالية الشرعية | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:28 am | |
| - من صور الربا فى المعاملات المدنية المعاصرة: لقد انتشر الربا فى المعاملات المدنية بين الناس وقضى على المودة والتراحم والتعارف والتعاون ... فالفرد الذى يقرض لأخر درهماً ليسترده منه بعد مدة أكثر من درهم بدون أن يكون بذل أي جهد , لأنه يهدم مبدأ من أهم مبادئ الإسلام وهو التكافل الاجتماعي ... ومما يؤسف له أن هناك من الحكومات الإسلامية من تضع القوانين الوضعية لتنظيم التعامل بالربا , متحدية فى ذلك الله ورسوله .. ويزعم بعض منهم , أنهم يتدخلون لحماية الناس من الربا الفاحش.. ساء ما يصنعون. ونعرض فيما يلي أهم صور الربا فى المعاملات المدنية المعاصرة , حتي يذرها من أراد أن يتجنب الحرب مع الله ورسوله صلى الله علية وسلم ... - الفائدة على القروض بين الأفراد ( أ ) من (ب) مبلغ 1000 دينار, على أن يرده له بعد فترة زمنية معينة بزيادة قدرها 100 دينار أو أكثر .. فهذه الزيادة تعتبر من قبيل الربا. - الفائدة على السلفيات والقروض التى يحصل عليها الأفراد من الحكومة أو وحداتها , سواء استخدم المبلغ فى مجال الاستهلاك , أو مجال الإنتاج أو فى أي غرض آخر ... فهذه الفائدة تعتبر ربا حتي ولو كانت زهيدة. - تجديد الكمبيالات المستحقة بأعلى من قيمتها الأصلية نظير زيادة الأجل فهذه الزيادة تعتبر ربا. - تأجيل سداد الديون المستحقة مع الزيادة , فأحياناً يتأخر المدين عن سداد الدين المستحق علية , ويشترط علية الدائن زياد\ة قيمة الدين , نظير زيادة الأجل , فهذه الزيادة تعتبر من قبيل الربا. - القروض المشروطة بحصول الدائن على منفعة , فهذه المنفعة تعتبر من قبيل الربا, وأساس ذلك القاعدة الشرعية : "وكل قرض جر نفع فهو ربا" . ويطلق فقهاء المسلمين على هذه المنفعة , اسم "الربا المتقوم" , ولذلك منع فقهاء المسلمين الثقات قبول هدية المقترض, فقد روي ابن ماجه فى سننه, عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : "إذا اقترض أحدكم فأهدي إلية أو حمله على دابته فلا يركبها ولا يقبله, إلا أن يكون جري بينه وبينه قبل ذلك" . دكتور / حسين حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر خبير استشاري فى المعاملات المالية الشرعية
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 10:30 am | |
| - من صور الربا فى المعاملات التجارية والمصرفية المعاصرة لقد تمكن الاستعمار وأعوانه من اليهود أن يبدلوا نعمة الله كفرا, وأحلوا بديار المسلمين البوار, فقد بدلوا نظام التجارة الإسلامية , القائم على الكسب الحلال الطيب, والذى يتسم بالصدق والأمانة والسماحة وحسن المعاملة فى الأداء والأخذ والعطاء فبدلوه بنظام تجاري أخر أساسه الربا الخبيث والذى يتسم بالمادية والأنانية والجشع والغرر والجهالة والمقامرة , وأكل أموال الناس بالباطل .... فلم تعد تخلو أي عمله تجارية أو مصرفية من موبقة الربا , وأصبح التعامل به هو المعتاد, والتطهر منه هو الاستثناء, ويصعب فى هذه المقالة, حصر كل صور الربا فى المعاملات التجارية والمصرفية المعاصرة, ولكن نذكر منها على سبيل المثال ما يلي: - الفائدة على القروض لتمويل النشاط التجاري , فهذه الفائدة تعتبر ربا, فقد كان هذا النوع منتشراً فى الجاهلية , حيث كان التاجر يقترض المال لتمويل الصفقات التجارية (الرحلات التجارية), على أن يرده بزيادة محددة ومشروطة بعد مدة معينة. - الزيادة فى الديون التجارية بسبب زيادة الأجل , فهذه الزيادة تعتبر ربا فقد يتعزر على التاجر المدجين , سداد الدين فى الميعاد المستحق, فيقول له التاجر الدائن , زدني فى المال حتي أزيدك فى الأجل ... فهذا جنس الربا الذى كانوا فى الجاهلية يتعاملون به. - الزيادة فى الدين الذى فى ذمة المشتري ثمناً لسلع أو خدمات , عندما يتأخر عن السداد فى الميعاد المحدد فهذه الزيادة مقابل التأخير تعتبر ربا . - الحيل الربوية فى بعض أنواع البيوع , والتى حرمها سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم , مثل : "تحريم الشرطين فى بيع" , "وتحرم ربح مالم يضمن" ,و "تحريم بيع ما ليس عندك" , لأن هذه البيوع تتضمن شبهة الربا. - تبادل السلع أو الأموال من نفس الجنس مع زيادة أحد العوضين والتبادل فى نفس المجلس ولو تفاوتا فى الجودة أو فى الشكل , مثال ذلك يبيع ( أ ) إلى (ب) 200 جراماً من الذهب المصكوك بـ 215 جراماً من الذهب السبائك, ودليل ذلك حديث رسول الله صلى الله علية وسلم "الذهب بالذهب , والفضة بالفضة, والبر بالبر, والشعير بالشعير, والتمر بالتمر , والملح بالملح, سواء بسواء يداً بيد , فمن زاد أو استزاد فقد أربي , الآخذ والمعطي فيه سواء" , (رواه أحمد والبخاري عن عباده بن الصامت). - الاقتراض من البنوك أو بيوت المال وما فى حكمها بفائدة ثابتة مشروط سلفاًُ, سواء استخدم القرض فى مجال الاستثمار أو فى مجال الاستهلاك , أو فى أي غرض أخر فهذه الفائدة تعتبر ربا . - خصم الكمبيالات لدي البنوك , وتعني بيع الكمبيالات للبنك قبل ميعاد الاستحقاق . - الفوائد الثابتة على الودائع المختلفة لدي البنوك , سواء أكانت ودائع جارية أو لآجل محدد , لأن الوديعة بفائدة تشبه القرض بفائدة. - الفائدة على قيمة الاعتماد المستندي المغطي من البنك , فهذه الفائدة لا تخرج عن كونها فائدة على قرض . - الفائدة على قيمة خطاب الضمان إذا لم يكن للعميل رصيد كاف لدي البنك. - الفوائد على الودائع بين البنوك بعضها البعض , فهذه الفائدة تعتبر من قبيل الربا. - فوائد السندات على اختلاف أنواعها تعتبر من قبيل الربا , لأن السند يعتبر مبثابة قرض بفائدة ثابتة . - فوائد شهادات الاستثمار على اختلاف أنواعها, لأنها تدخل فى نطاق الفوائد على الودائع. - الصرف الآجل فى المعاملات المصرفية , حيث لكل عملة عند تحويلها إلى عملة أخري سعران : سعر الصرف الحاضر , وسعر الصرف الآجل , ويعتبر الفرق بين السعرين ربا , والصرف الآجل نفسه بدون فائدة ربا, إذ لا بد أن يكون يداً بيد. - أرباح (فوائد) صناديق التوفير تعتبر ربا, لأنها مثل الفوائد على القروض أو الودائع سواء بسواء. - بوالص التأمين التجاري وعلى الحياة وما فى حكمها حيث يتضمن معاملات ربوية , فمن المعروف أن شركات التأمين تستثمر هذه الموال ربوياً, كما أنه يدخل فى حساب أقساط التأمين على الحياة الفائدة الربوية. دكتور / حسين حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر خبير استشاري فى المعاملات المالية الشرعية | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:08 am | |
| [b][color=brown][size=24]الربا .. صوره - أقسام الناس فيه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً ، وبعد .. : ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ وإن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ * وإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ وأَن تصدقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * واتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ [ [البقرة : 278-281] . وقال تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * واتَّقُوا النَّارَ الَتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وأَطِيعُوا اللَّهَ والرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ [آل عمران : 130-132] . وقال تعالى : ] الَذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ ومَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ويُرْبِي الصَّدَقَاتِ واللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كُفَّارٍ أَثِيمٍ [ [البقرة : 275-276] ، يعنى لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المُخَبَّل المجنون الذي يصرعه الشيطان . هكذا قال ابن عباس رضى الله عنهما وغيره . وفى صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : هم سواء . واللعن : الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى . وفى صحيح البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه نهراً من دم ، فيه رجل قائم ، وعلي شط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج ، رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رماه الذي على شط النهر بحجر فيرجع كما كان ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الرجل الذي في نهر الدم فقيل آكل الربا . ولقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته أين يكون الربا ، وكيف يكون ، بياناً شافياً واضحاً ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر - بالتمر ، الملح بالملح . مثلاً بمثل ، يداً بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، الآخذ والمعطى فيه سواء . رواه مسلم . وفي لفظ : فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد . فهذه الأصناف الستة هي محل الربا بالنص [1] : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفية الربا فيها فأوضح أن التبايع فيها يكون على وجهين : الوجه الأول : أن يباع منها بجنسه مثل أن يباع ذهب بذهب ، فيشترط فيه شرطان اثنان : أحدهما : أن يتساويا في الوزن . والثاني : أن يكون يداً بيد بحيث يتقابض الطرفان قبل أن يتفرقا . فلو باع ذهباً بذهب يزيد عليه في الوزن ولو زيادة يسيرة فهو ربا حرام ، والبيع باطل ولو باع ذهباً بذهب يساويه في الوزن وتفرقا قبل القبض فهر ربا حرام ، والبيع باطل ، سواء تأخر القبض من الطرفين أو من طرف واحد . الوجه الثاني : أن يباع واحد من هذه الأصناف بغير جنسه ، مثل أن يباع ذهب بفضة فيشترط فيه شرط واحد ، وهو أن يكون يداً بيد بحيث يتقايض الطرفان قبل أن يتفرقا ، فلو باع ذهباً بفضة وتفرقا قبل القبض فهو ربا حرام ، والبيع باطل ، سواء تأخر القبض من الطرفين أو من طرف واحد . ولقد كان الذهب والفضة منذ أزمنة بعيدة محل التعامل بين الناس قيماً للأعيان والمنافع ، فأصبح التعامل بالأوراق النقدية بدلاً عنها والبدل له حكم المبدل ، فإذا بيعت ورقة من النقود بورقة أخرى فلابد من التقايض قبل التفرق ، سواء كانت من جنسها أم من غير جنسها ، وسواء كانت هذه الأوراق بدلاً عن ذهب أم بدلا عن فضة فلو صرفت ورقة نقدية سعودية من ذوات المائة بورقتين من ذوات الخمسين فلابد من التقابض من الطرفين قبل التفرق . ولو صرف دولاراً بأوراق نقد سعودية فلابد في التقابض من الطرفين قبل التفرق أيضاً . ولو اشترى حلي ذهب أو فضة بأوراق نقدية فلابد من التقابض من الطرفين قبل التفرق لأنه كبيع الذهب بالفضة الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد . ولقد انقسم الناس في المعاملات الربوية إلى ثلاثة أقسام : قسم : هداهم الله تعالى ونور بصائرهم ووقاهم شح أنفسهم وعرفوا حقيقة المال ، بل حقيقة الدنيا أنها عارية مسلوبة ، وفيء زائل ، وأن كمال العقل والدين أن يجعل الرجل المال وسيلة لا غاية ، وأن يجعله خادماً لا مخدوماً فتمشوا في اكتساب أموالهم وصرفها على ما شرعه لهم خالقهم الذي هو أعلم بما يصلحهم وأرحم بهم من أنفسهم ، فأخذوا بما أحل الله واجتنبوا ما حرم الله ، وهؤلاء هم الناجون المفلحون . قال الله تعالى : ] ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [ [الحشر : 9] . القسم الثاني : من تعاملوا بالربا على وجه صريح ، إما جهلاً منهم أو تجاهلاً أو عناداً ومكابرة ، وهؤلاء مستحقون لما تقتضيه حالهم من الوعيد على أكل الربا ، على ما جاء في نصوص الكتاب والسنة . القسم الثالث : من تعاملوا بالربا من وجه الحيلة والمكر والخداع ، وهؤلاء شر من القسم الثاني ، لأنهم وقعوا في مفسدتين : الربا ، ومفسدة الخداع ، ولهذا قال بعض السلف في أهل الحيل : يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ، لو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون . ونحن نذكر من فعل هذين القسمين ما كان شائعا بين الناس . فالشائع من فعل القسم الأول ربا البنوك وهو على وجهين : أحدهما : أن يأخذ البنك دراهم من شخص بربح نسبة مئوية يدفعها البنك كل شهر أو كل سنة ، أو عند انتهاء مدة الأجل إن كان مؤجلاً . الثاني : أن يعطي البنك دراهم لشخص بربح نسبة مئوية يأخذها البنك كل شهر أو كل سنة أو عند انتهاء مدة الأجل ، إن كان مؤجلاً . فأما إذا أخذ البنك الدراهم من شخص بدون ربح فله وجهان : أحدهما : أن يأخذ هذه الدراهم على وجه الوديعة بأن يحفظ الدراهم بأعيانها لصاحبها ، ولا يدخلها في صندوق البنك ، ولا يتصرف فيها ، بل يبقيها في مكان إيداعها حتى يأتي صاحبها فيأخذها ، فهذا جائز ، وهذا الوجه ليس للبنك فيه فائدة اللهم إلا أن يكون بين القائمين عليه وبين صاحب صحبة . فيحسنوا إليه بحفظ دراهمه في حرز البنك . ولذلك لو طلب البنك أجرة على حفظها لكل شهر أجرة معلومة لكان ذلك جائزاً . الوجه الثاني : أن يأخذ البنك هذه الدراهم على وجه القرض ، بحيث يدخلها في صندوق البنك ، ويتصرف فيها كما يتصرف في ماله ، فهذه قرض وليست بإيداع وإن سماها الناس إيداعاً ، فالعبرة بالحقائق لا بالألفاظ ، وإذا كانت قرضاً للبنك فهي إرفاق به ومساعدة وتنمية لربحه ، فإذا كان البنك لا يتعامل إلا بالربا فلا ريب أن إعطاءه الدراهم على هذا الوجه حرام لأنه عونٌ ظاهر على الربا ، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن كاتب الربا وشاهديه فكيف بمن يضم ماله إلى مال المرابي فيزداد ربحه ومراباته . أما إذا كان البنك له موارد أخرى غير ربوية مثل أن يكون له مساهمات في شركات طيبة المكسب ، وله مبايعات وتصرفات أخرى حلال فإن إعطاءه الدراهم على هذا الوجه ليس بحرام ، لأنه لا يتحقق صرفها في الوجه الربوي من تصرفات البنك ، لكن البعد عن ذلك أولى لأنه موضع شبهة ، إلا أن يحتاج الإنسان إلى ذلك ، فإن الحاجة تبيح المشتبه لقوة المقتضى وضعف المانع . هذا هو الشائع من فعل القسم الأول من المتعاملين بالربا . أما الشائع من فعل القسم الثاني من المتعاملين بالربا فهو أن يأتي الرجل لشخص فيقول : إني أريد من الدراهم كذا وكذا فهل لك أن تدينني العشر أحد عشر أو ثلاثة عشر أو أقل أو أكثر حسب ما يتفقان عليه ، ثم يذهب الطرفان إلى صاحب دكان عنده بضائع مرصوصة قد يكون لها عدة سنوات إما خام أو سكر أو رز أو هيل أو غيره مما يتفق عند صاحب الدكان ، أظن أن لو وجدوا أكياس سماد يقضيان بها غرضهما لحصل الاتفاق عليها فيشتريها الدائن من صاحب الدكان شراءً صورياً غير حقيقي ، نقول إنه صوري لا حقيقي لأنه لم يقصد السلعة بعينها بل لو وجد أي سلعة يقض بها غرضه لاشتراها ولأنه لا يقلب السلعة ولا يمحصها ولا يماكس (يكاسر) في الثمن وربما كانت السلعة معيبة من طول الزمن أو تسلط الحشرات عليها ، ثم بعد هذا الشراء الصوري يتصدى لقبضها ذلك القبض الصوري أيضاً ، فيعدها وهو بعيد عنها ، وربما أدرج يده عليها تحقيقاً للقبض كما يزعمون ، والقبض في مدلوله اللغوي أن يكون الشتيء في قبضتك ، وبعد هذا القبض الصوري يبيعها على المستدين بالربح الذي اتفقا عليه من قبل ، ولا ندري هل يتصدى هو أيضاً لقبضها القبض الصوري كما قبضها الدائن أو يبيعها على صاحب الدكان بدون ذلك ، فإذا اشتراها صاحب الدكان سلم للمدين الدراهم وخرج بها . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (إبطال التحليل ص 109) : بلغني أن من الباعة من أعد بزاً لتحليل الربا فإذا جاء الرجل إلى من يريد أن يأخذ منه ألفا بألف ومائتين ذهباً إلى ذلك المحلل فاشترى المعطى منه ذلك البز ثم يعيده الآخذ إلى صاحبه ، وقد عرف الرجل بذلك بحيث إن البز الذي يحلل به الربا لا يكاد يبيعه البيع البتات ا هـ . وهذه المعاملة الشائعة بين الناس في التحايل على الربا تتضمن محاذير منها : أنها خداع ومكر وتحيل على محارم الله تعالى . والحيلة لا تحلل الحرام ، ولا تسقط الواجب ، بل تزيد القبيح قبحاً إلى قبحه ، حيث تحصل بها مفسدته مع مفسدة الخداع والمكر ، ولهذا قال بعض السلف في المتحايلين : يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ، لو أتوا الأمر على وجهه لكان أهـون . ومنها : أنها توجب التمادي في الباطل ، فإن المتحيّل يرى أن عمله صحيح فيتمادى فيه ، ولا يشعر نفسه بأنه مذنب ، فلا يؤنبها على ذلك ، ولا يحاول الإقلاع عنه ، أما من أتى الباطل على وجه صريح فإنه يشعر أنه وقع في هلكة فيخجل ويستحي من ربه ويحاول أن ينزع من ذنبه ويتوب إلى الله تعالى . ومنها : أن السلعة تباع في محلها بدون قبض صحيح ولا نقل ، وهذا معصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع - أي في المكان الذي اشتريت فيه - حتى يحوزها التجار إلى رحالهم . رواه أبو داود ، ويشهد له حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال : كان الناس يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه . رواه البخاري .. وقد يتعلل بعض الناس فيقول : إن عد هذه الأكياس قبض لها فنقول : القبض مدلول لفظي وهو أن يكون الشيء في قبضتك وهذا لا يتحقق بمجرد العدّ ، ثم لو قدرنا أن العد قبض ، فهل حصل النقل والحيازة ؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم . وقد يتعلل بعض الناس بأن هذه المعاملة من التورق ، فنقول : ليست هذه من التورق الذي اختلف في جوازه فإن التورق أن يشتري المحاج سلعة بثمن مؤجل زائد عن ثمنها الحاضر من أجل أن يبيعها وينتفع بثمنها ، فهو يشتري سلعة بعينها مقصودة مملوكة للبائع ، أما المعاملة الشائعة هذه فليست كذلك فان البائع والمشتري يتفقان على الربح ، وهى ليست في ملكه ، ثم إن السلعة ليست معلومة لهما ولا معلومة الثمن ولا مقصودة ، ولذلك يأخذان أي سلعة تتفق عند صاحب الدكان بأي ثمن كان ، حتى إن بعضهم إذا لم يجد سلعة عند صاحب الدكان تكفي قيمتها للدراهم التي يحتاجها المتدين رفع قيمتها حتى تبلغ الدراهم المطلوبة ، وربما اشتراها الدائن فباعها على المتدين ثم باعها المتدين على صاحب الدكان ثم عاد صاحب الدكان فباعها على الدائن مرة ثانية ثم باعها الدائن على المتدين ، وهكذا يكررون العقد مرات حتى تبلغ الدراهم المطلوبة فأين هذه المعاملة من التورق الذي هو موضع خلاف بين العلماء [2] ، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية أبي داود على أنها -أي مسألة التورق- من العينة ذكره ابن القيم في تهذيب السنن 5/108 ، وذكر في الإنصاف عن الإمام أحمد فيها ثلاث روايات : الإباحة والكراهة والتحريم ، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية تحريم التورق وكان يراجع فيها كثيراً فيأبى إلا تحريمها . وقد شاع في هذه المعاملة المتحيل بها على الربا . أن الناس يقولون فيها : (العشر أحد عشر) ، وهذا مكروه في البيع الذي ليس حيلة على الربا . وعن الإمام أحمد -رحمه الله- أنه الربا ، وقال أيضاً : كأنه دراهم بدراهم لا يصح . وقد تدرج كثير من الناس بهذه المعاملة إلى الوقوع في الربا الصريح ، ربا الجاهلية الذي يأكلونه أضعافاً مضاعفة ، فإذا حل الأجل ولم يوف المدين إما لعجزه أو مماطلته قال له الدائن . خله يبقى بمعاشرته فيربى عليه كل سنة ذلك الربح الذي اتفقا عليه وسمياه معاشرة ، نسأل الله تعالى السلامة . المخرج المشروع : والموفق يستطيع التخلص من هذا الفخ الذي أوقعه فيه الشيطان والشح ، فيصرف تعامله إلى البيع والشراء على الوجه السليم ، ويقضي حاجة المحتاج إما بإقراضه ، وإما بالسلم بأن يعطيه دراهم بعوض يسلمه له بعد سنة أو أكثر حسبما يتفقان عليه ، مثل أن يقول : هذه عشرة آلاف ريال اشتريت بها منك ، مائة كيس سكر تحل بعد سنة ، وقيمة الكيس بدون أجل مائة وعشرة ريالات ، فهنا حصل للبائع الذي هو المستدين انتفاع بالدراهم ، وحصل للمشتري الذي هو الدائن انتفاع بربح عشرة ريالات في كل كيس ، وربما يرتفع سعره عند الوفاء فيربح أكثر ، وربما ينزل فلا يحصل له إلا دراهمه أو أقل وبهذا يخرج عن الربا ويكون كالبيع المعتاد الذي يربح فيه أحد المتعاقدين أو يخسر حسب اختلاف السعر . وهذه المعاملة كانت شائعة بين الناس إلى عهد قريب وتسمى في لغة العامة (المكتب أو الكتب) ينطقون الكاف بين السين والكاف ? فهاتان طريقتان لقضاء حاجة المحتاجين : القرض والمكتب . فإن لم يشأ المتعاقدان ذلك فثم طريقة ثالثة إذا كانت حاجة المدين بشيء معين مثل أن يكون محتاجا لسيارة أو ماكينة وقيمتها كذا وكذا ، فيبيعها الدائن عليه بأكثر إلى أجل يتفقان عليه ، لأن قصد المدين هنا نفس تلك العين لا دراهم بدراهم . ] ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [ [الطلاق : 2-3] ، ] ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [ [الطلاق : 4] ، هكذا قال الله تعالى . وقال تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ويُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ [ [الأنفال : 29] . وقال تعالى : ] وأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ ومَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ [البقرة : 275] . فالتوبة إلى الله تعالى إذا كانت نصوحاً تمحو ما قبلها ، وإذا كانت هذه المعاملات المحرمة فعلها العبد تقليداً لمن يحسن الظن به أو تأويلاً اشتبه عليه به وجه الصواب ثم رجع إليه بعد علمه به فإنه لا يؤاخذ به ، فإنما المؤاخذة فيمن علم الخطأ وتمادى فيه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ منقول[/size][/color][/b] | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:14 am | |
| الربا وتدمير الأمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . ـ أما بعد ـ من أشراط الساعة ظهور الربا وفشوها . فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بين يدي الساعة يظهر الربا والزنى والخمر ". [ قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ] والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فحسب ، بل إن الذي لا يتعامل بها لابد أن يجد شيئا من غبارها . ففي مستدرك الحاكم وسنن أبي داود وابن ماجه والنسائي وغيرهم عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره " [ قال الحاكم : وقد اختلف أئمتنا في سماع الحسن عن أبي هريرة فإن صح سماعه منه فهذا حديث صحيح ] . وقبل أن نخوض في هذه البلية الخطيرة ، نذكر أولا بأمور : أولا : إن الله غيور ، يغار أن تنتهك محارمه ، فاتق غيرة الله . ثانيا : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، فقد جعل الله للناس سعة من أمرهم ، فلم يكلفهم بما لا يطيقون ، حتى لا يظن من انغمس في هذه المصيبة أن ترك الربا شيء لا يمكن حدوثه في العصر الحديث ، ثم بعد ذلك يحاول أن يجعله من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها . ثالثا : إن الله قد هدانا وأرشدنا إلى سبيل الحق ، ثم الناس بعد ذلك إما شاكرا وإما جاحدا ، " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " ، " فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ومن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " فيجب على المؤمن تحري الحلال وترك الحرام ، وحري به أن يتورع عما اختلف فيه من المشتبهات حفظا لدينه وعرضه . رابعا : أساس شريعة الله قائم على تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم ، ولا يمكن بحال أن يجعل الله العز والمنعة والتقدم والحضارة لقوم بمعصيته جل وعلا، فما عند الله لا ينال إلا بطاعته . خامسا : أن سبيل النجاة واضح جلي لمن أراد الله والدار الآخرة ، ولا يظنن ظان أن في اتباعه لسبيل الله جل وعلا العنت والمشقة ، فالله رفع عن الناس الحرج ، وقد أرشدهم لنجاتهم بأن يحصنوا أنفسهم ويبتعدوا عن المهالك ومواطن الشبهات ، ويتحصنوا بسترة من الحلال تكفيهم مغبة الوقوع في الحرام . • عن الن بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال " [ صححه الشيخ الألباني ] سادسا : المعصوم من عصمه الله ، ومن وجد الله كافيه مثل هذه البلايا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، ألا ترى هذه الصيحات التي تعلو بين حين وآخر طالبة النجاة من وحل هذه البلية ، لكن هيهات بعد أن تستحكم الأمور وتبدو الأمور على صورتها الحقيقية ، ويتبين للناس أن شرع الله هو الحق وأن ما دونه هو الباطل ولابد ، ولكن الناس لا يوقنون . لأجل ذلك ينبغي أن نعلم أن طلب الحلال أمر لازم وفريضة من أعظم الفرائض، وأن ذلك هو الحصن الحقيقي من شرور هذه البلايا والفتن . تحري الحلال قال الله تعالى " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم" . قال القرطبي : سوى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام ، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى: "إني بما تعملون عليم" صلى الله على رسله وأنبيائه. وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم . وقد حثنا الشرع الحنيف إلى طلب الحلال وترك الحرام • عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طلب الحلال واجب على كل مسلم " [ قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن ] فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين يزرق من يشاء بغير حساب وهو أعلم بالشاكرين • أخرج الحاكم في المستدرك وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع " لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام " وفي تحري الحلال وترك الحرام فوائد عظام : 1. أكل الحلال صلاح للقلوب ، وأكل الحرام من أخطر مهلكات القلوب ومبددات الإيمان . أما ترى رسول الله حين قال " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات …….. عقب ذلك بقوله " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " قال المناوي : فهو ملك والأعضاء رعيته ، وهي تصلح بصلاح الملك ، وتفسد بفساده وأوقع هذا عقب قوله " الحلال بين " إشعاراً بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه والشُّبه تقسيه . 2. أكل الحلال نجاة من الهلاك . ومن وقع في الحرام فهو داخل في قوله تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " إذ هو في مظنة الهلكة إلا أن يتغمده الله برحمته فيتوب عليه . قال سهل بن عبد الله : النجاة في ثلاثة : أكل الحلال، وأداء الفرائض، والاقتداء بالنبي صلى اللّه عليه وسلم . وقال : ولا يصح أكل الحلال إلا بالعلم ، ولا يكون المال حلالا حتى يصفو من ست خصال : الربا والحرام والسحت والغلول والمكروه والشبهة . 3. ومن أكل الحرام حرم لذة الإيمان فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا قيل : من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . قال بعضهم : من غض بصره عن المحارم ، وكف نفسه عن الشهوات ، وعمر باطنه بالمراقبة وتعود أكل الحلال لم تخطئ فراسته . 4. ما نبت من حرام فالنار أولى به عن كعب بن عجرة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي ، فمن غَشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ، ولا يرد علي الحوض ، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض . يا كعب بن عجرة : الصلاة برهان ، والصوم جنة حصينة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. يا كعب بن عجرة : إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به . [ قال الترمذي :حديث حسن غريب وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (501) ] فشو الحرام إذا علمت هذا فاعلم أن النبي أخبرنا أن الحرام سيطغى في آخر الزمان ، حتى لا يتبين الناس ولا يستوثقون من حل وحرمة أموالهم . ففي البخاري ومسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم " ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال ، أمن حلال أم من حرام " . وفي لفظ عند النسائي " يأتي الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال من حلال أو حرام " . أما ترى أن هذا هو زماننا ورب العزة ، أما ترى تكالب الناس من أجل تحصيل مغريات الدنيا التي تتفتح عليها أعينهم ليل نهار ، فلا يبالون بشيء سوى جمع المال من أي وجه ، حلال أو حرام لا يهم ، المهم هو جمع المال للحصول على المحمول والدش والسيارات الفارهة وقضاء الأوقات في ديار الفجور والعربدة و…….و…….و,,,,, الخ من أجل ذلك تعقدت الأمور ، وصار الناس في حيرة من أمرهم ، فما يمر يوم إلا وتجد من يسألك عن هذا الذي يبيع الدخان أو الخمور أو يعمل في شركة سياحة أو يعمل في بنك ربوي أو يتعامل بالربا ، أو الذي بنى ثروته من البداية بتجارة المخدرات ويريد أن يتوب ولا يعلم ماذا يصنع في ماله ، وذاك الذي يعمل كوافيرا أو يبيع ملابس النساء العارية التي يعلم أن التي ستلبسها ستفتن بها شباب المسلمين في الشوارع ، وهذا الذي يعمل في السينمات والمسارح والكباريهات و … و … الخ رب سلم سلم ومن المؤسف والمخجل أنك تستمع للأولاد وهم لا يدرون كيف يأكلون من مال أبيهم وهم يعلمون أنه حرام ، وتجدك في كل مرة تبحث لهؤلاء عن مخرج وقد ضيق الناس على أنفسهم سبل الخير والحلال ، ومن هنا شاعت الفتاوى عن المال المختلط وأحكامه وغيرها مما هو على هذه الشاكلة . أما كان السبيل رحبا واسعا فضيقتموه باتباع الهوى واللهث وراء المال من غير وجه حله ، " أما يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين " أنواع من البيوع الفاسدة ولعلنا هنا مضطرون أن نتكلم سريعا عن بعض المعاملات المالية الفاسدة التي شاعت بين الناس ، ولا ينتبه إليها أحد . لكن على وجه الإجمال دون التوسع والإلمام بطرف ليناسب ما نحن بصدده . فمن ذلك : 1) ما يسمى شرعا ببيع النجش . وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليخدع غيره ، ويجره إلى الزيادة في السعر . قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا تناجشوا " إذ هذا نوع من الخداع ولا شك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " المكر والخديعة في النار " وأنت تجد هذه الصورة متكررة في المزادات ، ومعارض بيع السيارات ، وبعض المحال التجارية وهذا كسب خبيث لو يعلمون . 2) ما يسمى ببيع الغرر ومثاله أن يبيع المجهول كاللبن في الضرع ، والسمك في البحر ، والمحصول قبل جنيه ، أو ما يسمى ببيع الثُنَيَّا كأن يقول لك : خذ هذا البستان إلا بعض الزرع من غير تحديد فهذا المستثنى مجهول ، أما إذا كان معروفا فلا حرج . 3) بيع المحرم والنجس ومثال ذلك : بيع الخمور والمخدرات ، وبيع أشرطة الأغاني ، بيع المجلات الفاسدة المروجة للأفكار الخبيثة والصور الخليعة والعارية ويدخل في ذلك ـ مثلا ـ من يبيع السلاح في وقت الفتنة ، أو من يبيع العنب لمن يستخدمه في صناعة الخمور ، وهكذا خذها قاعدة هنا كل ما أدى إلى حرام فهو حرام ، وقد قال الله تعالى " وتعاونوا إلى البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " وقال العلماء : الوسائل تأخذ حكم المقاصد فتنبه ، لأن المقولة الشائعة الآن أن يقال لك : ما لي أنا ، أنا أعطيتها الفستان ولا أدري هل ستستخدمه في الحلال لزوجها أو تتكشف به في الشوارع ، والمرأة أمامه متبرجة وهو يدري تماما أن ما هذا إلا لمعصية الله " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " أو هذا الذي في البنك يقول : وأنا مالي أ أنا الذي تعاملت بالربا ، أنا فقط مضطر لأن أعمل في البنك لأطلب الرزق . والكل يتنصل من المعصية ، وكأنه لا دور له في إيقاعها فلو تعاون الناس على فعل الخيرات وترك المنكرات لما وصل الحال إلى ما نحن فيه الآن ، فالكل مشترك في المعصية فليتأمل مثل ذلك . 4) بيع المسلم على بيع أخيه ، أو سومه على سوم أخيه مثاله : أن يذهب الرجل للبائع فيقول له : رد هذه المال على صاحبه وأنا سأشتري منك هذه السلعة بأزيد من سعرها ، أو العكس يذهب للمشتري ويقول له بكم اشتريتها ؟ فيقول له : بكذا ، فيقول له : ردها عليه وأنا أعطيك إياها بأقل من ثمنها . أو يزايد ويساوم أخاه في سلعة لم توضع للمزايدة والمساومة بعد . وأظن أن هذه الصورة منتشرة بشكل واسع وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يبع الرجل على بيع أخيه " [ متفق عليه] [1] 5) بيع العربون وهو أن يدفع المشتري من ثمن السلعة التي يريدها جزءا على ألا يرد عند الفسخ . بمعنى أنك تذهب للبائع وتعطيه جزءا من المال فإن كان من ثمن السلعة فلك أحقية رده عند الفسخ وهذه الصورة لا شيء فيها ، وإنما الصورة الممنوعة أن يكون هذا العربون غير قابل للرد . 5) بيع العينة مثل أن يبيع سلعة بأجل ، ثم يقوم هو بشرائها نقدا أو أحد عماله احتيالا ليأخذها بأقل من ثمنها . صورتها : أن تبيع ثلاجة مثلا بألف جنيه تدفع بعد سنة ، فتذهب أنت أو أحد أعوانك المهم تعود لتشتري نفس الثلاجة بأقل من ثمنها نقدا وفي الحال فتشتريها بـ 800 جنيه مثلا . فهذه الصورة حرام لا تجوز . 6) البيع عند النداء الأخير لصلاة الجمعة هذا البيع حرام وهو منتشر للأسف لا سيما في الأسواق ، وقد قال الله تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " . 7) بيع السلعة قبل قبضها مثاله : إذا اشترى إنسان سلعة من مخزن أو دكان مثلا وجاء صاحب المخزن أو الدكان وبين له السلعة بعينها واتفقا ، فلا يجوز للمشتري أن يبيعها في محلها بمجرد هذا البيان والاتفاق ، ولا يعتبر ذلك تسلما ، بل لابد لجواز بيع المشتري لها من حوزه للسلعة إلى محل آخر روى الإمام أحمد عن حكيم بن حزام أنه قال : قلت : يا رسول الله إني أشتري بيوعا ما يحل لي منها وما يحرم علي . قال : إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه . وروى الإمام أحمد وأبو داود عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم . ولما رواه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه " . وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يكتاله . من المعاملات المالية المحرمة المنتشرة أيضاً : 8) التأمين وقد صدرت الفتاوى الشرعية من المجامع الفقهية المختلفة لتؤكد عدم جواز التأمين التجاري بكل صوره ، لأنها عقوده مشتملة على الضرر والجهالة والربا والمقامرة وما كان كذلك فهو حرام بلا شك . ومن ذلك شهادات الاستثمار وصناديق التوفير وفوائد القروض الربوية والتي سيأتي الحديث عنها في موضوع الربا . وهاكم بيان لحقيقة الربا وخطورتها ، وما توعد الله به من يقع في مثل هذه المعاملات . الربا من أخطر البلايا التي تهدد المجتمع المسلم قال الله تعالى " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {275} يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {276} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {277} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280} وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281} ما الربا ؟ الربا في اللغة : الزيادة مطلقا . قال القرطبي : ثم إن الشرع قد تصرف في هذا الإطلاق فقصره على بعض موارده . فمرة : أطلقه على كسب الحرام .كما قال الله تعالى في اليهود : "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" [النساء: 161]. ولم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا وإنما أراد المال الحرام ، كما قال تعالى: "سماعون للكذب أكالون للسحت" [المائدة: 42] يعني به المال الحرام من الرشا، وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا : " ليس علينا في الأميين سبيل " [آل عمران: 75]. وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب. والربا الذي عليه عرف الشرع : الزيادة في أشياء مخصوصة ( يعنون بذلك الأموال الربوية كما سيأتي) . أنواع الربا 1) ربا الفضل : وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر . • فالأصل أن الشيئين ( العوضين) إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة [ كانا موزونين أو مكيلين ] لابد لذلك من شرطين : أ) التساوي وعلم المتعاقدين يقينا بذلك . ب) التقابض قبل التفرق . • وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة . • أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك . عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب. والفضة بالفضة. والبر بالبر. والشعير بالشعير. والتمر بالتمر. والملح بالملح. مثلا بمثل. سواء بسواء. يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد ".[ أخرجه مسلم (1587) ك المساقاة ، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ] 2) أما ربا النسيئة : فهو زيادة الدين في نظير الأجل ، وهو ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد ، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له : تدفع أو ترابي فيزيده في نظير زيادة الأجل. خطورة الربا 1) أكل الربا يعرض صاحبه لحرب الله ورسوله ، فيصير عدوا لله وسوله قال الله تعالى " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " . قيل المعنى :إن لم تنتهوا فأنتم حرب لله ولرسوله ، أي أعداء. فهي الحرب بكل صورها النفسية والجسدية ، وما الناس فيه الآن من قلق واكتئاب وغم وحزن إلا من نتاج هذه الحرب المعلنة لكل من خالف أمر الله وأكل بالربا أو ساعد عليها ، فليعد سلاحه إن استطاع ، وليعلم أن عقاب الله آت لا محالة إن آجلا أو عاجلا ، وما عهدك بمن جعله الله عدوا له وأعلن الحرب عليه رب سلم سلم . 2) آكل الربا وكل من أعان عليه ملعون . قال صلى الله عليه وسلم " آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهداه ، إذا لمسوا ذلك ، والواشمة، والموشومة للحسن ، ولاوي الصدقة ، والمرتد أعرابيا بعد الهجرة، ملعونون على لسان محمد يوم القيامة "[2] واللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى . 3) أكل الربا من الموبقات قال الله تعالى : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال ابن عباس في قوله : " الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش " قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله عز وجل ، قال الله عز وجل " ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " ثم قال : وأكل الربا لأن الله عز وجل يقول " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " [ قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبرانى وإسناده حسن ] . وحقيقة الكبيرة أنها كل ذنب ورد فيه وعيد شديد ، وقد جاء مصرحا بهذا في الصحيحين وغيرهما فعد رسول الله أكل الربا من السبع الموبقات . قال صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " [3]
4) عقوبة آكل الربا أنه يسبح في نهر دم ويلقم في فيه بالحجارة وعن سمرة بن جندب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال من رأى منكم الليلة رؤيا قال فإن رأى أحد قصها فيقول ما شاء الله فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا قال لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة وفي سياق القصة قال ـ صلى الله عليه الصلاة والسلام ـ : " فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ثم فسر له هؤلاء بأنهم آكلوا الربا " . [ رواه البخاري ] . 5) ظهور الربا سبب لإهلاك القرى ونزول مقت الله قال صلى الله عليه وسلم " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله " [ أخرجه الطبراني في الكبير الحاكم في المستدرك عن ابن عباس ، صححه الألباني في صحيح الجامع [679] ] . 6) مآل الربا إلى قلة وخسران . عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة " [ رواه ابن ماجه والإمام أحمد وصححه الشيخ الألباني ] . 7) أكل الربا من أسباب المسخ . وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن غنم وأبي أمامة وابن عباس " والذي نفس محمد بيده ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم والقينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير" [ رواه عبد الله بن الإمام أحمد في المسند وكذا ابن أبي الدنيا كما ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ] الربا شقيقة الشرك . " الربا سبعون بابا، والشرك مثل ذلك " وفي رواية لابن ماجه " الربا ثلاثة وسبعون بابا " [ أخرجه البزار عن ابن مسعود وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3538) ، (3540) ]
8) الربا أشد من ستة وثلاثين زنية • قال صلى الله عليه وسلم " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية " [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عبد الله بن حنظلة وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (3375) ] • وفي لفظ عند البيهقي من حديث ابن عباس " درهم ربا أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به " . • وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الربا وعظم شأنه، فقال: إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " . 9) أدنى الربا ذنبا كمثل من زنا بأمه . عن ابن مسعود قال : قال صلى الله عليه وسلم : " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " [أخرجه الحاكم في المستدرك وصحح الحافظ ي في تخريج الإحياء إسناده وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3539) ] وعن البراء بن عازب مرفوعا " الربا اثنان وسبعون بابا ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه " [ أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع “3537” ] قال الطيبي : المراد إثم الربا ، ولا بد من هذا التقدير ليطابق قوله أن ينكح " ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " . قال الطيبي : إنما كان الربا أشد من الزنا لأن فاعله حاول محاربة الشارع بفعله بعقله قال تعالى " فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله " أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد وأما قبيح الزنا فظاهر عقلاً وشرعاً وله روادع وزواجر سوى الشرع فآكل الربا يهتك حرمة اللّه ، والزاني يخرق جلباب الحياء . بيان حكم الشرع في بعض المعاملات الشائعة أولا : الفوائد المصرفية صدرت الفتاوى المتتابعة من علماء العصر والصادرة عن المجامع الفقهية بحرمة أخذ فوائد البنوك . 1) فمن ذلك فتوى الشيخ بكري الصدفي مفتي الديار المصرية (سنة 1325هـ 1907م ) عن دار الافتاء المصرية . 2) وكذا الشيخ عبد المجيد سليم (سنة 1348هـ 1930م ) بتحريم استثمار المال المودع بفائدة البتة ، والفتوى الصادرة عنه (سنة 1362هـ 1943م ) بأن أخذ الفوائد عن الأموال المودعة حرام ولا يجوز التصدق بها ، ( وسنة 1364هـ 1945م ) بأنه يحرم استثمار المال المودع في البنك بفائدة ، وأن في الطرق الشرعية لاستثمار المال متسع للاستثمار . 3) وأصدر الشيخ الدكتور / عبد الله دراز بحثه (سنة 1951م) بأن الإسلام لم يفرق بين الربا الفاحش وغيره في التحريم . [ محاضرة ألقاها في مؤتمر القانون الإسلامي بباريس وهي مطبوعة باسم الربا في نظر القانون الإسلامي ] 4) كما أفتى الشيخ / محمد أبو زهرة (1390هـ 1970) بأن الربا زيادة الدين في نظير الأجل وأن ربا المصارف هو ربا القرآن وهو حرام ولا شك فيه ، وأن تحريم الربا يشمل الاستثماري والاستهلاكي في رد دامغ للذين يرددون أن الضرورة تلجئ إلى الربا [ بحوث في الربا ، ط دار البحوث العلمية 1970م ]. 5) وأفتى الشيخ / جاد الحق علي جاد الحق مفتي الديار المصرية (سنة 1399هـ 1976م ) بأن سندات التنمية وأذون الخزانة ذات العائد الثابت تعتبر من المعاملات الربوية المحرمة ، وأن إيداع المال بالبنوك بفائدة ربا محرم سواء كانت هذه المصارف تابعة للحكومة أو لغيرها . 6) كما صدر عن المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي ب (سنة 1403هـ 1983 م ) بحضور كوكبة من أبرز العلماء والاقتصاديين بيانا بأن ما يسمى بالفائدة في اصطلاح الاقتصاديين هو من الربا المحرم . 7) ناهيك عن الفتاوى الصادرة عن المجمع الفقهي بمكة المكرمة ، واللجنة الدائمة للإفتاء والإرشاد بالمملكة العربية السعودية . ثانيا: شهادات الاستثمار وصناديق التوفير صدرت عن مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ / جاد الحق علي جاد الحق (سنة 1400هـ 1979 م ) الفتوى بأن فوائد شهادات الاستثمار وشهادات التوفير من الربا المحرم ، وأنها لا تعد من قبيل المكافأة أو الوعد بجائزة . و(سنة 1401هـ 1981م) بأن شهادات الاستثمار (أ ، ب ) ذات الفائدة المحددة المشروطة مقدما زمنا ومقدارا داخلة في ربا الزيادة المحرم . و(سنة 1980 م) بأن الفائدة المحددة على المبالغ المدخرة بصناديق التوفير بواقع كذا في المائة ، فهي محرمة لأنها من باب الربا (الزيادة المحرمة شرعا ) . ومن أراد أن يتثبت من هذا كله فليراجع فتاوى دار الإفتاء المصرية كل في سنته وتاريخه . ------------------ [1] أخرجه البخارى (5142) ك النكاح ، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ، ومسلم (1412) ك البيوع ، باب تحريم بيع الرجل على بيع الرجل وسومه على سوم أخيه – واللفظ له - [2] أخرجه النسائي عن ابن مسعود ، و صححه السيوطي والألباني “صحيح الجامع [5] “ ، “ تخريج الترغيب 3/49 “ } [3] متفق عليه أبو داود النسائي عن أبي هريرة ، وهو في صحيح الجامع [144] ، “ الإرواء/ 1202 ، 1335 ، 2365 “ } كتبه محمد بن حسين يعقوب
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:16 am | |
| - خطورة الربا فى المعاملات الدولية يعتبر الربا فى المعاملات الدولية , من أهم وسائل السياسة الاستعمارية , فمن يدرس ويحلل أسباب الاستعمار القديم والحديث يتبين له بجلاء أن القوي المحركة له هم اليهود المرابون الذين يمتلكون أكبر بيوت التمويل فى العالم ... فلقد تمكنت انجلترا وفرنسا خلال القرنين الماضيين , من استعمار معظم البلاد عن طريق طائفة من رجال الأعمال والتجار الذين حاولوا السيطرة على المواد الخام باقل الأسعار حتي يتمكنوا من بيعها بأسعار عالية ليضمنوا سداد الفوائد الربوية وبقاء جزء كاف لهم من كربح, وهذا ما حدث فى الشرقين الأدني والأقصى , ومن ناحية أخري تمكن كبار المرابين من السيطرة على البنوك وبيوت المال, وأخذوا يقرضون البلاد الفقيرة بفائدة الفاحشة , وكان هذا هو الطريق للاستعمار بدعوي المحافظة على رؤوس الأموال , كما حدث فى مصر على سبيل المثال أبان عهد الخديوي إسماعيل – الاستعمار الإنجليزي – (الاستعمار والسيطرة الأمريكية) . ومن أهم صور الربا فى المعاملات الدولية المعاصرة ما يلي: - الفائدة على القروض التى تعطيها الدولة الغنية إلى الدول الفقيرة , سواء أكان القرض نقداً أو عيناً, وسواء سددت الفائدة من جنس القرض أو من غير جنسه, وسواء أكانت الفائدة علية أو منخفضة . - الفائدة على القروض التى تعطيها المؤسسات المالية الدولية , مثل الصندوق النقد الدولى إلى الدول الفقيرة.. - القروض التى تعطيها الدول الغنية للدول الفقيرة بدون فائدة , ولكن بشرط الحصول على منافع معينة, مثل التسهيلات العسكرية والتبادل الثقافى والامتيازات التجارية... فهذا ينطوي تحت القاعدة الشرعية "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" . - الزيادة فى قيمة القروض أو الديون الخارجية نظير زيادة الأجل وذلك عندما تعجز الدولة المدنية المقترضة عن السداد فى الميعاد المستحق. - الفوائد الثابتة المحددة سلفاً على الأموال المستثمرة لدي البنوك الخارجية , فهذه تعتبر من قبيل الربا. دكتور / حسين حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر خبير استشاري فى المعاملات المالية الشرعية | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:19 am | |
| نصيحة هامة في التحذير من المعاملات الربوية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد اطلعت على البحث الذي أعده الدكتور: إبراهيم ابن عبد الله الناصر تحت عنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف)، فألفيته قد حاول فيه تحليل ما حرم الله من الربا بأساليب ملتوية، وحجج واهية وشبه داحضة، ورأيت أن من الواجب على مثلي بيان بطلان ما تضمنه هذا البحث، ومخالفته لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة من تحريم المعاملات الربوية، وكشف الشبه التي تعلق بها، وبيان بطلان ما استند إليه في تحليل ربا الفضل وربا النسيئة ما عدا مسألة واحدة، وهي ما اشتهر من ربا الجاهلية من قول الدائن للمدين المعسر عند حلول الدين: إما أن تربي وإما أن تقضي، فهذه المسألة عند إبراهيم المذكور هي المحرمة من مسائل الربا وما سواها فهو حلال، ومن تأمل كتابته اتضح له منها ذلك، وسأبين ذلك إن شاء الله بيانا شافيا يتضح به الحق ويزهق به الباطل، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإلى القارئ بيان ذلك: [لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية] أولا: قال إبراهيم في أول بحثه ما نصه: (يمكن القول أنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد). والجواب: أن يقال: يمكن تسليم المقدمة الأولى؛ لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه؛ حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم؛ وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم وأخذ الحذر من مكائده. قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[1]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[2]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا، إلى قوله سبحانه: إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ[3] الآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[4] الآية، وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[5] الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي مشتملة على توجيه الله سبحانه لعباده إلى التعاون على كل ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم، وأمرهم بالتعاون على البر والتقوى، وتحذيرهم من التعاون على الإثم والعدوان، كما أمرهم سبحانه بالوفاء بالعقود وإثبات حقوقهم بالطرق الشرعية، وحذرهم من أكل أموالهم بالباطل، وأمرهم سبحانه بالإعداد لعدوهم ما استطاعوا من قوة، وبذلك يستقيم اقتصادهم الإسلامي ويحصل بذلك تنمية الثروات وتبادل المنافع والوصول إلى حاجاتهم ومصالحهم بالوسائل التي شرع الله لهم، كما حذرهم سبحانه في آيات كثيرات من الكذب والخيانة وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق ومن أكل أموالهم بينهم بالباطل والإدلاء بها إلى الحكام ليميلوا عن الحق إلى الحكم بالجور، وعظم سبحانه شأن الأمانة وأمر بأدائها في قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[6]، وقوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا[7] الآية، وحذرهم عز وجل من خيانة الأمانة في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[8]، ووصف عباده المؤمنين في سورة المؤمنون وفي سورة المعارج بأنهم يرعون الأمانات والعهود وذلك في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ[9]، فمتى استقام المسلمون على هذا التعليم والتوجيه وتواصوا به وصدقوا في ذلك؛ فإن الله عز وجل يصلح لهم أحوالهم ويبارك لهم في أعمالهم وثرواتهم ويعينهم على بلوغ الآمال والسلامة من مكائد الأعداء، وقد أكد هذه المعاني سبحانه في قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[10]، وفي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[11]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[12]، وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[13] الآية، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ[14] والآيات في هذا أكثر من أن تحصر. وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله: (ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد)، فهما مقدمتان باطلتان، والأدلة الشرعية التي قدمنا بعضها، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك - كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين، فقد استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية، وهي أكثر من ثلاثة عشر قرنا، بدون وجود بنوك وبدون فوائد ربوية، وقد نمت ثرواتهم واستقامت معاملاتهم وحصلوا على الأرباح الكثيرة والأموال الجزيلة بواسطة المعاملات الشرعية، وقد نصر الله المسلمين في عصرهم الأول على أعدائهم وسادوا غالب المعمورة وحكموا شرع الله في عباده وليس هناك بنوك ولا فوائد ربوية، بل الصواب - عكس ما ذكره الكاتب: إبراهيم - وهو: أن وجود البنوك والفوائد الربوية صار سببا لتفرق المسلمين وانهيار اقتصادهم وظهور الشحناء بينهم وتفرق كلمتهم إلا من رحمه الله؛ وما ذاك إلا لأن المعاملات الربوية تسبب الشحناء والعداوة وتسبب المحق ونزع البركة وحلول العقوبات؛ كما قال الله عز وجل: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ[15]، ولأن ما يقع بين الناس بسبب الربا من كثرة الديون ومضاعفتها بسبب الزيادة المتلاحقة كل ذلك يسبب الشحناء والعداوة، مع ما ينتج عن ذلك من البطالة وقلة الأعمال والمشاريع النافعة؛ لأن أصحاب الأموال يعتمدون في تنميتها على الربا ويعطلون الكثير من المشاريع المفيدة النافعة من أنواع الصناعات وعمارة الأرض وغير ذلك من أنواع الأعمال المفيدة، وقد شرع الله لعباده أنواعا من المعاملات يحصل بها تبادل المنافع ونمو الثروات، والتعاون على كل ما ينفع المجتمع، ويشغل الأيدي العاطلة، ويعين الفقراء على كسب الرزق الحلال، والاستغناء عن الربا والتسول وأنواع المكاسب الخبيثة، ومن ذلك المضاربات وأنواع الشركات التي تنفع المجتمع، وأنواع المصانع لما يحتاج إليه الناس من السلاح والملابس والأواني والمفارش وغير ذلك، وهكذا أنواع الزراعة التي تشغل بها الأرض ويحصل بها النفع العام للفقراء وغيرهم، وبذلك يعلم كل من له أدنى بصيرة أن البنوك الربوية ضد الاقتصاد السليم، وضد المصالح العامة، ومن أعظم أسباب الانهيار والبطالة ومحق البركات وتسليط الأعداء وحلول العقوبات المتنوعة والعواقب الوخيمة، فنسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك، وأن يمنحهم البصيرة والاستقامة على الحق. [وظيفة الجهاز المصرفي في الاقتصاد] ثانيا: قال إبراهيم: (إن وظيفة الجهاز المصرفي في اقتصاد ما تشبه إلى حد قريب وظيفة القلب بالنسبة لجسم الإنسان تماما..) إلخ. والجواب: ليس الأمر كما قال بل يمكن أن يقوم الجهاز المصرفي بما ذكره الكاتب من غير حاجة إلى الربا ولا ضرورة إليه، كما قام اقتصاد المسلمين في عصورهم الماضية وفي عصرهم الأول الذهبي بأكمل اقتصاد وأطهره من دون وجود بنوك ربوية كما تقدم، وقد نصر الله بهم دينه وأعلى بهم كلمته، وأدر عليهم من الأرزاق والغنى، وأخرج لهم من الأرض ما كفاهم وأغناهم وأعانهم على جهاد عدوهم، وحماهم به من الحاجة إلى ما حرم الله عليهم، ومن درس تاريخ العالم الإسلامي من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قبل إنشاء المصارف الربوية علم ذلك يقينا، وإنما يؤتى المسلمون وغيرهم في اقتصادهم ونزع البركات مما في أيديهم بأسباب انحرافهم عن شريعة الله، وعدم قيامهم بما أوجب الله عليهم، وعدم سيرهم على المنهج الذي شرعه الله لهم فيما بينهم من المعاملات، وبذلك تنزل بهم العقوبات وتحل بهم الكوارث بأسباب أعمالهم المخالفة لشرع الله كما قال عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[16]، وقال عز وجل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[17]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[18] الآية. وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[19]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[20]. [نظرة فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة] ثالثا: ذكر إبراهيم في بحثه ما نصه: (والسؤال الذي لم نعثر له على جواب حتى الآن هو: كيف ينظر فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة؟ ولماذا يعتبر القرض بالفائدة محرما في نظرهم؟ ..) إلخ. والجواب: عما ذكره هنا إلى نهاية بحثه المشار إليه أن يقال: إنما نظر الفقهاء من سائر علماء المسلمين في أمر الفائدة وعلقوا بها التحريم؛ لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناطت بها التحريم، وهي أحاديث مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا مغمز فيها، وهي تدل دلالة صريحة قطعية على أن بيع المال الربوي بجنسه مع أي زيادة ولو قلت ربا صريح محرم، ولكن الكاتب إبراهيم المذكور - هداه الله وألهمه رشده - أعرض عنها كلها ولم يلتفت إليها، وإنما تكلم عن الربا المجمل الوارد في القرآن الكريم، وحاول بكل ما استطاع أن يحصر الربا في مسألة واحدة وهي: ما إذا أعسر المدين واتفق مع الدائن على إمهاله بفائدة معينة، هذا ملخص بحثه، وما سوى ذلك فقد حاول في هذا البحث إلحاقه بقسم الحلال لحاجة الناس - بزعمه - إلى ذلك، وأن هذا هو الذي تقوم به المصارف، وزعم أن الحاجة داعية إلى ذلك، وأن مصالح العباد لا تتم إلا بهذه المعاملات الربوية التي تستعملها البنوك، وقد تعلق بأشياء مجملة من كلام: الموفق ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم - رحمهم الله جميعا - فيما ذكروه عن المصلحة، وأن الشرع الشريف لا يمنع تحقيق المصالح التي تنفع المسلمين بدون ضرر على أحد، ولا مخالفة لنص من الشرع المطهر، وهذا كله لا حجة له فيه؛ لأن المصالح التي أراد هؤلاء الأئمة وأمثالهم تحقيقها إنما أرادوا ذلك حيث لا مانع شرعي يمنع من ذلك، وذلك في المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها يوضح الحكم الشرعي، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم ربا الفضل وعلى تحريم ربا النسيئة، وذكر بعض أهل العلم أن تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل؛ لأن عاقلا لا يبيع شيئا بأكثر منه من جنسه يدا بيد، وإنما يكون ذلك إذا كان أحد العوضين مؤجلا أو كان أحدهما أنفس من الآخر؛ ولهذا لما باع بعض الصحابة رضي الله عنهم صاعين من التمر الرديء بصاع واحد من التمر الطيب وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أوه عين الربا عين الربا لا تفعل)) الحديث متفق عليه. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز))، وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة في الصحيحين وغيرهما. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: ((إنما الربا في النسيئة))، فالمراد به عند أهل العلم معظم الربا، وليس مراده صلى الله عليه وسلم كل أفراد الربا؛ للحديثين السابقين وما جاء في معناهما من الأحاديث الصحيحة، وقد علم أن المعاملات الربوية تجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، فإن المودع بالفائدة قد جمع هو وصاحب البنك بين الأمرين وهما النسيئة والفائدة فباءا بإثم المعاملتين. وأما كون المرابي الباذل للفائدة قد يكون محتاجا فهذا ليس هو الموجب للتحريم وحده، بل قد جمع هذا العقد بين الربا وبين ظلم المعسر بتحميله الفائدة، وقد عجز عن الأصل، وبذلك تكون المعاملة معه على هذا الوجه أعظم تحريما وأشد إثما؛ لأن الواجب إنظاره وعدم تحميله ما حرم الله من الربا. وأما اشتراك الدائن والمدين في الانتفاع بالمعاملة الربوية وأن كل واحد منهما يحصل منها على فائدة فهذا الاشتراك لا ينقل المعاملة من التحريم إلى الحل، ولا يجعلها معاملة شرعية يباح فيها الربا، لان الشارع الحكيم لم يلتفت إلى ذلك بل حرم الفائدة تحريما مطلقا ونص على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها ما تقدم، ولو كان انتفاع المدين بالفائدة يحلها لنص عليه المولى سبحانه وبينه في كتابه الكريم، أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وقد قال الله عز وجل في سورة النحل: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[21]، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم))، ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل وأكملهم بلاغا وأتمهم بيانا، فلو كانت المعاملة بالفائدة المعينة جائزة - إذا كان المدين ينتفع بها - لبينها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأوضح لهم حكمها، فكيف وقد بين صلى الله عليه وسلم في صريح أحاديثه تحريمها والتحذير منها والوعيد على ذلك، وقد علم أن السنة الصحيحة تفسر القرآن وتدل على ما قد يخفى منه كما قال تعالى في سورة النحل: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وقال عز وجل: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[22] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وأما ما نقله عن الشيخ: رشيد رضا في إجازته الربا في صندوق التوفير فهو غلط منه ولا يجوز أن يعول عليه، والحجة قائمة عليه وعلى غيره من كل من يحاول مخالفة النصوص برأيه واجتهاده، وقد تقرر في الأصول أنه لا رأي لأحد ولا اجتهاد لأحد مع وجود النص، وإنما محل الرأي والاجتهاد في المسائل التي لا نص فيها فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر إذا كان أهلا للاجتهاد واستفرغ وسعه في طلب الحق؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) متفق على صحته من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله، أما المسائل التي نص على حكمها القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فليس لأحد أن يجتهد في مخالفة ما دل عليه النص، بل الواجب التمسك بالنص وتنفيذ مقتضاه بإجماع أهل العلم، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. [الفرق بين المعاملات المصرفية والأعمال الربوية] رابعا: ثم قال الكاتب إبراهيم في نهاية البحث ما نصه: (وخلاصة البحث بعد هذه المقارنة الواضحة بين الربا الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم وبين المعاملات المصرفية يتضح لنا أن المعاملات المصرفية تختلف تماما عن الأعمال الربوية التي حذر منها القرآن الكريم؛ لأنها معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن الكريم بشأن حرمة الربا؛ ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته بيع "السلم" رغم ما فيه من بيع غير موجود وبيع ما ليس عند البائع، مما قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل، وقد أجمع العلماء على أن إباحة السلم كانت لحاجة الناس إليه، وهكذا فقد اعتمد العلماء على السلم وعلى أمثاله من نصوص الشريعة في إباحة الحاجات التي لا تتم مصالح الناس في معايشهم إلا بها). والجواب: أن يقال: إن المعاملات المصرفية لا تختلف عن المعاملات الربوية التي جاء النص بتحريمها، والله سبحانه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين وشرع لهم من الأحكام ما يعم أهل زمانه ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، فيجب أن تعطى المعاملات الجديدة حكم المعاملات القديمة، إذا استوت معها في المعنى، أما اختلاف الصور والألفاظ فلا قيمة له إنما الاعتبار بالمعاني والمقاصد، ومعلوم أن مقاصد المتأخرين في المعاملات الربوية من جنس مقاصد الأولين وإن تنوعت الصور واختلفت الألفاظ فالتفريق بين المعاملات الربوية القديمة والجديدة بسبب اختلاف الألفاظ والصور مع اتحاد المعنى والمقاصد تفريق باطل، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قول من قال يوم حنين: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) مثل قول بني إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ[23]، ولم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختلاف الألفاظ لما اتحد المعنى، وهكذا عاقب الله بني إسرائيل لما نصبوا الشباك يوم الجمعة، ليصيدوا بها الصيد المحرم عليهم يوم السبت ولم يعذرهم بهذه الحيلة مع أنهم لم يأخذوا الصيد من الشباك إلا يوم الأحد؛ وذلك لاتحاد المعنى وإن اختلفت الوسيلة، والأمثلة في هذا كثيرة في النصوص الشرعية، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)). وأما التشبيه بالسلم فهو من باب المغالطة والتعلق بما لا ينفع، فإن إباحة السلم من محاسن الشريعة الكاملة، وقد أباحه الله سبحانه؛ لحاجة العباد إليه، وشرط فيه شروطا تخرجه عن المعاملات المحرمة فهو: عقد على موصوف في الذمة بصفات تميزه وتبعده عن الجهالة والغرر إلى أجل معلوم بثمن معجل في المجلس يشترك فيه البائع والمشتري في المصلحة المترتبة على ذلك، فالبائع ينتفع بالثمن في تأمين حاجاته الحاضرة والمشتري ينتفع بالمسلم فيه عند حلوله؛ لأنه اشتراه بأقل من ثمنه عند الحلول وذلك في الغالب، فحصل للمتعاملين في عقد السلم الفائدة من دون ضرر ولا غرر ولا جهالة ولا ربا، أما المعاملات الربوية فهي مشتملة على زيادة معينة نص الشارع على تحريمها في بيع جنس بجنسه نقدا أو نسيئة، وجعله من أكبر الكبائر لما له سبحانه في ذلك من الحكمة البالغة، ولما للعباد في ذلك من المصالح العظيمة والعواقب الحميدة التي منها: سلامتهم من تراكم الديون عليهم، ومن تعطيلهم المشاريع النافعة والصناعات المفيدة اعتمادا على فوائد الربا. وأما زعم الكاتب: إبراهيم (أن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد لا تتم مصالح معاشهم إلا بها ..) إلخ. فهو زعم لا أساس له من الصحة، وقد تمت مصالح العباد في القرون الماضية قبل القرن الرابع عشر وقبل وجود المصارف ولم تتعطل حاجاتهم ولا مشاريعهم النافعة وإنما يأتي الخلل وتتعطل المصالح من المعاملات المحرمة، وعدم قيام المجتمع بما يجب عليه في معاملة إخوانه من النصح والأمانة والصدق والبعد عن جميع المعاملات المشتملة على: الربا، أو الغرر، أو الخيانة، أو الغش، والواقع بين الناس في سائر الدنيا يشهد بما ذكرنا، ولا سبيل إلى انتعاش المصالح وتحقيق التعاون المفيد إلا بسلوك المسلك الشرعي المبني على الصدق والأمانة، والابتعاد عن الكذب والخيانة وسائر ما حرم الله على العباد في معاملاتهم، كما قال الله سبحانه في كتابه المبين: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[24]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[25] الآية، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[26]، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا[27] الآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) متفق على صحته، وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء)) رواه أحمد والبخاري، وعن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء)) رواه مسلم، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء)) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من غشنا فليس منا)) رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)) متفق عليه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولا يجوز لأحد من الناس أن يحلل ما حرم الله بالنص قياسا على ما حلل الله بالنص، ومن حاول أن يحلل ما حرم الله من الربا قياسا على ما أحل الله من السلم فقد أتى منكرا عظيما وقال على الله بغير علم، وفتح للناس باب شر عظيم وفساد كبير، وإنما يجوز القياس عند أهل العلم القائلين به في المسائل الفرعية التي لا نص فيها إذا استوفى الشروط التي تلحق الفرع بالأصل كما هو معلوم في محله، وقد حرم الله القول عليه بغير علم، وجعله في مرتبة فوق مرتبة الشرك، وبين عز وجل أن الشيطان يدعو إلى ذلك ويأمر به، كما يدعو إلى الفحشاء والمنكر قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[29]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[30]. فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق علماءهم لبيان ما أوجب الله عليهم من أحكام شرعه والدعوة إلى دينه والتحذير مما يخالفه، وأن يكفيهم شر أنفسهم وشر دعاة الباطل، وأن يوفق الكاتب إبراهيم للرجوع إلى الحق والتوبة مما صدر منه، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله يتوب عليه؛ كما قال عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[31]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[32]. ولا شك أن مقاله يحتاج إلى أكثر مما كتبت ولكن أرجو أن يكون فيما بينته مقنع وكفاية لطالب الحق، والله المستعان وهو حسبنا ونعم والوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. عبد العزيز بن عبد الله بن باز [1] سورة المائدة الآية 2. [2] سورة المائدة الآية 1. [3] سورة البقرة الآية 282. [4] سورة النساء الآية 29. [5] سورة الأنفال الآية 60. [6] سورة النساء الآية 58. [7] سورة الأحزاب الآية 72. [8] سورة الأنفال الآية 27. [9] سورة المؤمنون الآية 8. [10] سورة التوبة الآية 119. [11] سورة النساء الآية 135. [12] سورة المائدة الآية 8. [13] سورة الأنفال الآية 60. [14] سورة النساء الآية 71. [15] سورة البقرة الآية 276. [16] سورة الشورى الآية 30. [17] سورة الأعراف الآية 96. [18] سورة المائدة الآيتان 65 – 66. [19] سورة الطلاق الآيتان 2 – 3. [20] سورة الطلاق الآية 4. [21] سورة النحل الآية 89. [22] سورة النحل الآية 64. [23] سورة الأعراف 138. [24] سورة المائدة الآية 2. [25] سورة النساء الآية 58. [26] سورة الأنفال الآية 27. [27] سورة البقرة الآية 282. [28] سورة الأحزاب الآيتان 70-71. [29] سورة الأعراف الآية 33. [30] سورة البقرة الآيتان 168 – 169. [31] سورة النور الآية 31. [32] سورة البقرة الآيتان 159 -160 | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:21 am | |
| الربا وخطره الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد سمعنا جميعاً هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحبا الفضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، والشيخ: عبد الله بن زايد في موضوع خطير، والناس في أشد الحاجة إلى التنبيه عليه، والتحذير منه وهو موضوع الربا، ولقد أجادا وأفادا وأوضحا ما ينبغي إيضاحه في هذا الموضوع فجزاهما الله خيراً وضاعف مثوبتهما، وزادهما وإيانا وإياكم علماً وهدى، وتوفيقاً. لا شك أن هذا الموضوع جدير بالعناية، وقد تورط فيه كثير من الناس وإن كان هناك بحمد الله من هو يحذر الربا، ولكنه قد عم وطمَّ وقلَّ من يسلم منه، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا، قيل يا رسول الله: الناس كلهم. قال: من لم يأكله، ناله من غباره))[1]. فالأمر خطير بسبب كثرة البنوك وكثرة التساهل وضعف الإيمان، وشدة الجشع في تحصيل الدنيا، وقد سمعتم في هذه الندوة الخير الكثير والفوائد الجمّة وأن الواجب على المؤمن أن يتقي الله، في تحصيل المال، قبل كل شيء يجب أن يعتني بهذا الأمر، حتى لا يقع فيما حرم الله. حب المال كما سمعتم غريزة في النفوس ولكن يجب على المؤمن أن يحوط هذه الغريزة بما جاء به الشرع، حتى لا ينفلت فيقع فيما حرم الله، فقد قال جل وعلا: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا[2]، وقال سبحانه: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ[3] يعني المال، فلما كان المال محبوباً للنفوس، وبه تقضى الحاجات، وبه يستغني الإنسان عن الحاجة إلى الغير وفوائده كثيرة، لكن يجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله عليه وأن لا يحمله حب المال على تعاطيه من غير طريقه الشرعي، وقد جاء الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام: ((أنه لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه))[4] فهو مسؤول وقد ذم الله من ألهاه التكاثر حتى زار المقابر، قال عز وجل: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ[5] يعني حتى انتقلتم إلى القبور بالموت، يسمى الموت زيارة؛ لأن القبور ليست هي المقر الأخير، بل وراء القبور شيء آخر، فالناس حين ينقلون إلى القبور إنما ينقلون إليها للإقامة، إقامة مؤقتة ثم يخرجون منها إلى الوقوف بين يدي الله، والحساب والجزاء ثم إلى الجنة أو النار، فذاك هو المقر الأخير: إما الجنة وهي للمتقين، وإما النار وهي للكافرين والعصاة، فالناس على خطر: بين وبين، فالعاصي على خطر من ذلك، وإن كان العاصي لا يخلد في النار، إذا كان مات على التوحيد والإيمان كما قاله أهل السنة والجماعة، لكنه على خطر من دخولها بمعاصيه التي مات عليها. فليحذر، من جملة ذلك الربا الذي توعد الله أهله بالنار، كما قال عز وجل: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[6] يعني من عاد إلى الربا بعدما جاءته الموعظة، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، هذا وعيد عظيم أن صاحب الربا يخلّد في النار، وهذا على حالين: أحدهما أن يكون استحله، فيكفر بذلك. نعوذ بالله، ويخلد في النار مع الكفار. من استحل الربا ورآه حلالاً وأنكر تحريم الله له، فإنه يكون كافراً ويكون أتى بناقضٍ من نواقض الإسلام؛ لأنه استحل ما حرم الله من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة، فصار من الكافرين وانتقض إسلامه. فإذا استحلّ الزنا مثلاً أو الربا أو اللواط، أو العقوق أو السرقة أو ما أشبه ذلك، انتقض إسلامه، وصار في حكم المرتدين، إذا كان ممن يعلم ذلك أو أقيمت عليه الحجة بذلك، إذا كان بعيداً عن بلاد المسلمين لا يشعر بهذا الأمر. والحال الثاني: أن يكون ما استحل ولكن حمله حب المال، والجشع حتى فعل الربا بعد العلم فهو متوعد بالنار وبالخلود فيها، أيضاً لكنه خلود غير خلود الكفار، خلود مؤقت له نهاية. فإن الخلود خلودان: خلود لا نهاية له، وهذا هو خلود الكفار نعوذ بالله، لا يخرجون منها أبداً كما قال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[7]، ويقول عز وجل: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ[8]، نسأل الله العافية. الخلود الثاني: خلود مؤقت، له نهاية وهو خلود بعض العصاة، كالقاتل لنفسه والزاني والمرابي ونحو ذلك، كما سمعتم في قوله جل وعلا في قراءة هذه الليلة: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ثم قال: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[9]. فالخلود هنا يشمل المشرك والقاتل والزاني، فالمشرك خلوده دائم. نسأل الله العافية، والقاتل والزاني خلودهما مؤقت. إذا كانا لم يستحلا القتل، والزنا، وهو خلود له نهاية. فالواجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يراقبه وأن يحذر الربا الذي حذر الله عباده منه، وآذنهم بالحرب إن هم فعلوه كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ[10] لا نعلم من المعاصي شيئاً جاء فيه هذا الوعيد كما سمعتم في الندوة، لا نعلم ذنباً قال الله فيه بهذا المعنى يعني المحاربة، إلا ذنب الربا نسأل الله العافية. فيجب الحذر مما حذر الله منه، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس، يقول: الناس فعلوا، قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[11]، وقال عز وجل: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ[12] فليس الكثرة قدوة في الباطل. فالواجب اتباع الحق وإن قل أهله، ثم أيضاً يجب أن لا يحمله حب المال والجشع في حب المال، على تعاطي الربا أو الغش أو الخيانة، أو السرقة أو النهب أو غير ذلك، يجب أن يكون حب المال مقيداً بقيود الشريعة ومن تقيد بها أفلح وبارك الله له فيما رزقه، وكفاه القليل عن الكثير يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((قد أفلح من أسلم ورُزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه))[13] خرجه مسلم في صحيحه. فالجشع يضر ولا ينفع ويورد الموارد المعطبة، فيجب الحذر من هذا الجشع ويجب التقيد بقيود الشريعة، فيما أحل الله لك من المكاسب وغيرها، ولعظم هذا الأمر سمعتم ما جاء في الندوة من تلاوة فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله، قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ[14] فبدأ بالأكل من الطيبات قبل العمل، وهو الشكر، فالشكر هو العمل، لبيان عظم وخطر الأكل الحرام، فإن أكل الحرام يفضي إلى فساد القلب ومرضه، وقسوته أو إلى كفره، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يعتني بالحلال، وقال في حق الرسل وهم أشرف الناس: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا[15]. فالرسل أشرف الناس لكن لينتفع الناس، وليمتثلوا وليستفيدوا عظم الأمر، فكان الرسل يخاطبون بهذا، وأن يبدؤوا بالطيبات، فكيف بغيرهم؟ فالواجب أن يعنى المؤمن بأكله الطيبات، ويتوخى بأكله وشربه وغير ذلك من شؤونه، مما أباح الله له، وليحذر ما حرم الله عليه سبحانه وتعالى من الربا وغيره، فكما حرم الله عليه الربا، كذلك يحذر أن يكون أكله من طريق الرشوة، أو من طريق الخيانة، أو من طريق السرقات، أو من طريق المعاملات الفاسدة، يجب الحذر من جميع أنواع الخبث، حتى لا يأكل إلا طيباً، وحتى لا يعمل إلا طيباً. وسمعتم أنواع الربا وأنه نوعان: الربا يرجع إلى نوعين: ربا الفضل، وربا النسيئة؛ ربا الفضل: بيع الشيئين من جنسٍ واحد، بزيادة في أحدهما يسمى ربا الفضل، جنيه بجنيهين، درهم بدرهمين، صاع رز بصاعين، صاع حنطة بصاعين، هذا يقال له ربا الفضل، ولا يجوز مطلقاً لا يداً بيد ولا نسيئة، فالجنس الواحد من أموال الربا، إذا بيع متفاضلاً، فهذا هو ربا الفضل، صاع من الحنطة بصاع ومد، صاع بصاع ونصف، أو صاع من الرز بصاع ونصف أو صاعين أو درهم بدرهمين أو جنيه بجنيهين، أو حلية تزن عشرة جنيهات بحلية تزن إحدى عشرة، أو انثى عشر من الذهب وما أشبه ذلك، هذا يقال له ربا الفضل، وهو محرم سواء كان يداً بيد، أو بالنسيئة، إذا باعه نسيئة، اجتمع فيه الربا بنوعيه إذا باعه صاع حنطة بصاعين، اجتمع فيه الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة، أو باع حلية فيها عشر جنيهات، بحلية فيها عشرون أو خمسة عشر نسيئة، هذا فيه الربا بنوعيه، هذا ربا الفضل وربا النسيئة جميعاً. وربا النسيئة مثل ما سمعتم أن يبيع ربوياً بربوي نسيئة، من غير جنسه يقال له ربا النسيئة، كأن يبيع الفضة بالذهب نسيئة، هذا يقال له: ربا النسيئة لأنهما جنسان، هذا ربا النسيئة فإذا باع فضة بذهب نسيئة أو صاعاً من بُرٍ بصاعين من الشعير نسيئة، أو صاعاً من بُر بصاعين من الأرز نسيئة، هذا يقال له: ربا النسيئة ومع هذا دخل في ضمنه ربا الفضل. هذا إذا باع يعني: ذهباً وحده أو رزاً وحده، أما إذا باع صاعاً من الأرز بصاعين من الشعير نسيئة، فهذا فيه ربا النسيئة فقط، لأنه يجوز بيع الصاع من البر بصاعين من الشعير يداً بيد، فلا بأس، لكن إذا كان نسيئة فهذا فيه ربا النسيئة، وإذا كان صاعاً من البرّ الطيب، بصاعين من البر الردي، نسيئة اجتمع فيه الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة جميعاً، وإذا أعطاه قرضاً ألف ريال بألف وعشرة، صار فيه ربا الفضل وربا النسيئة لأنه لم يقبضه من المؤجل، وإذا حل الدين فقال: إما أن تربي، وإما أن تقضي، إما تعطيني حقّي وإلا أزيدك، قال: ما عندي شيء أنا ما أستطيع الآن، أن أسلّم لك ألفاً أو ألفين على حسب دينه، ولكن لا مانع أمهلني وزد فيمهله في الألف إلى ستة أشهر، أو إلى سنة مع زيادة خمسين ريالاً أو مائة ريال أو أكثر أو أقل من أجل إمهاله. وهذا كله محرّم بالإجماع ربا النسيئة وربا الفضل، وقد روي خلاف عن بعض السلف في ربا الفضل ولكنه زال. فربا الفضل وربا النسيئة كله محرم بالإجماع؛ لأن النصوص فيه متكاثرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول عليه الصلاة والسلام: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد))[16] فبين صلى الله عليه وسلم أن الجنس الواحد لا يجوز بيعه بجنسه إلا يداً بيد مع التماثل، أما إذا اختلف الجنس، مثل: باع ذهباً بفضة، أو براً بشعير، أو بملح، أو براً بتمر جاز التفاضل لكن مع القبض، مع كونه يداً بيد إذا اختلف الجنس، هذه أمور بحمد الله واضحة، فيجب على المسلم أن يُعْنى بها وأن يحذرها. والواقع اليوم هو أكثر ما يتعلّق بالديوان، وهي التي تتعاطاها البنوك في إقراضهم للناس، وفي أخذهم البيع على الناس، في اقتراضهم وإقراضهم، فأخذهم الودائع اقتراض، ودفعهم المال لغيرهم إقراض، فالربا في هذا وفي هذا كلّه ممنوع، فلا يجوز لصاحب البنك ولا لغيره من التجار أن يقرض بزيادة ولا يقترض بزيادة، كله ربا، محل إجماع، ومحل وفاق بين أهل العلم، فإذا أعطوه الودائع على أن يعطيه في المائة خمسة، أو في المائة عشرة بعد شهر، أو بعد سنة، أو أقل أو أكثر، هذا هو الربا المحرم، وهو في الحقيقة عند التحقيق اجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة، لأنه أعطاهم ألفاً وزيادة مؤجلة، فصار فيه ربا الفضل وربا النسيئة جميعاً. أما ما يتعلق بالبنوك الإسلامية بحمد الله لها وجود وقد كثرت ونسأل الله أن يزيدها كثرة، وأن يوفق القائمين عليها لإصابة الحق، وأن يعيذهم من نزغات الشيطان ومن دعاة النار، وينبغي أن يُعلم أن لها أعداء، ولها خصوم؛ لأن أصحاب البنوك الربوية لا يرضون عنها ويحبون أن يشوهوا سمعتهما مهما قدروا، حتى تبقى لهم مآكلهم في هذه البنوك الربوية، فهذه البنوك الإسلامية مهما أمكن، ينبغي أن تساعد وينبغي أن تشجّع، ومتى وقع منها خطأ أو زلل وجب أن يصلح، وأن يوجهوا إلى الخير وأن يُساعدوا على وجوه الإصلاح، حتى يستغنى بهم عن البنوك الربوية وحتى يرتاح المسلمون من هذه البنوك الربوية، ويضعوا أموالهم في البنوك الإسلامية، وقد اطلعنا على نظام بعضها، ودرسه أيضاً مجلس هيئة كبار العلماء في هذه البلاد، واتضح له بالأكثرية سلامتها من الربا، وأنها جيدة، هذه بعض البنوك التي اطلعنا عليها، ولها لجنة فقهية تُشاور، وتعرض عليها المعاملات وتُقر ما يوافق الشرع، وتمنع ما يخالف الشرع، وليست معصومة، هم فقهاء أو علماء وليسوا معصومين، قد يقع الخطأ منهم ومن غيرهم، لكنها في الجملة بنوك تتحرى الأمر الإسلامي، وتتحرى المعاملة الإسلامية، وهي تعمل بمضاربات، بمضاربة تشتري السلع وتبيعها بفائدة، وما تجمع يقسّم بين المشتركين، لهم نظام في ذلك معروف. فالحاصل أن هذه البنوك، لها أعداء ولها خصوم، فالواجب أن تشجع وأن يعتنى بها وأن يُوصى القائمون عليها بالعناية والاجتهاد، والحذر مما يخالف الشرع المطهر، ومتى عُثِر على شيء من ذلك، وعلم طالب العلم شيئاً من ذلك، أرشدهم ونصحهم ووجه إليهم ما بلغه في ذلك، حتى يكون التعاون على البر والتقوى، وقد سمعتم أيضاً ما يتعلق بالتورق مسألة التورق، وهي ما يسميها بعض العامة الوعدة، معاملة الوعدة ويقال لها: التورق عند الفقهاء، وهي كما سمعتم جائزة عند جمع من أهل العلم، والقول بجوازها هو قول جمهور أهل العلم، وهي في الحقيقة تعين على البعد عن الربا، وتساعده على قضاء حاجته من غير ربا، وهي معاملة واضحة في حلها من الشرع، داخلة في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ[17]. والمحتاج قد يضطر إليها، أو إلى الربا ليس كل أحد يجد من يقرضه، أو يهبه فيضطر صاحب الحاجة في قضاء دين أُلْجِئَ إليه، أو لزواج أو لعمارة مسكن، أو غير هذا من الحاجات، فيشتري هذه السلعة المعينة، سيارة، أو أرضاً، أو سُكَّراً، أو خاماً، أو غير ذلك، يشتري من هذه السلع إلى أجل معلوم، ثم يبيعها هو بالنقود ليقضي حاجته، فهو لم يقصد السلعة نفسها، وإنما قصد بيعها ليستفيد، من ثمنها في حاجته التي عرضت له وهذا البيع قد يقع، حتى من التجار، وقد يشتري التاجر السلع، ما أراد السلعة وإنما أراد بيعها، لحاجات أخرى؛ لأن عنده زبوناً يشتري هذه السلعة، ويريدها وهو إنما أرادها ليبيعها وليس في هذا محذور، يشتري السلعة للبيع فالتاجر يشتري السلع لا ليستعملها، يشتريها ليبيعها، فهذا الذي محتاج، اشتراها ليبيعها أيضاً، لكن الملاحظ مثل ما سمعتم في الندوة، أن بعض الناس لا يحسن شراءها ولا يحسن بيعها، هذا هو الخطأ الذي يقع في مسألة التورق، فالواجب على البائع أن يبيع ما قد ملك، لا يبيع ما لا يملك، يبيع الشيء عند التجار، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تبع ما ليس عندك))[18]، ويقول: ((لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك))[19] فلا يبيعها وهي عند التاجر، أو يقبض الثمن، يقول له: أعطني ثمنها لا، هذا ما يجوز أيضاً هذا منكر، فلا بد للمشتري أن يقبضها ويحوزها، ثم يبيعها بعد ذلك في يومه أو في غدٍ أو بعد أيام، هذا هو الطريق السليم، فالخلل يقع من البائع أو من المشتري في الكيفيّة، وإلا فأصل المبايعة والمعاملة لا بأس بها، على الصحيح وإن كان بعض أهل العلم، قد أبى ذلك، ولكن الصواب هو حلها كما قال جمهور أهل العلم، ولكن يجب على البائع أن لا يبيع، إلا ما كان عنده مقبوضاً محيوزاً، ثم المشتري كذلك لا تحمله العجلة على أن يبيع قبل القبض، يقبض ويحوز، ثم بعد هذا يتصرف بعد ذلك، ولا يبيعها على من اشتراها منه، فيقع في العينة، ولكن يبيعها على الناس وعلى الآخرين، من غير تواطؤ بينهم وبين البائع يشتريها ويحوزها، ثم يبيعها في السوق، يبيعها في بيته، يبيعها في أي مكان بما يسر الله له، ويقضي حاجته، هذه هي التورق وهذه هي الوعدة، وقد يقع بعض الناس أيضاً في مسألة الوعدة في منكر، إذا لم يقضه المشتري، تحيّل في الزيادة عليه، لا يستطيع أن يقول أنا أمهلك، لكن بزيادة فيقع في ربا الجاهلية، ويفتضح بين إخوانه المسلمين، فيتحيّل إما بعقد وهمي ماله حقيقة، يكتبان بينهما عقداً بزيادة، الدين ثلاثة آلاف فيكتبان عقداً ليس له حقيقة بأن عنده له ثلاثة آلاف وستمائة، فيستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، والله يعلم ما في القلوب، وما هي الحقيقة، وهذا أعظم في الخداع، والإثم نعوذ بالله، وتارة بعقد يسمى التصحيح، يعقدون عقداً جديداً يسمى التصحيح ويُسمّى قلب الدين، فيقول: يا فلان ما أعطيتني، حلَّ الدين ما أوفيتني، قال: ما عندي شيء، أنا عاجز، أمهلني، يقول: لا، اشتر مني سلعة أخرى إلى أجل ثم بعها وأوفني الدين الأول، حتى يقلب عليه الدين، ويزداد الدين، فالدين عليه ثلاثة آلاف، أو أربعة آلاف فيبيعه سلعته مثلاً، إلى أجل معلوم بخمسة آلاف، بستة آلاف، ثم هذا المشتري يبيعها ويعطيه ثمنها عن دينه الأول، وهذا أيضاً منكر؛ لأنه ألجأه إليه، وهو الذي يسمونه التصحيح والتسديد، هو تسديد في الحقيقة إلا أنه تحيُّل، لأنه تحيَّل على الربا، وتحيَّل على ظلم أخيه، وعدم إنظاره، والله يقول سبحانه: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ[20] ثم مثل ما سمعتم في الندوة، ينبغي لمن يعامل الناس أن يرفق بهم، وهذا من أسباب أن الله جل وعلا يحفظ عليه ماله، ومن أسباب أن المدين يوفي بنفس سامحة، بنفس طيبة، فالرفق بالناس وعدم التثقيل عليهم، وعدم الزيادة في الربح الكثير، هذا مما يُشرع، ومما يُحبه الله، ومما يسهل على المدين قضاء الدين، ومما يجعل نفسه طيبة ليس فيها شيء على أخيه، فالتسامح في هذا، وجعل الربح ليس بالكثير، كثلاثة في المائة واثنين في المائة، وما يقارب ذلك، هذا مما يسهل على المدين قضاء الدين، ويجعله يحرص على قضاء الدين بنفس طيبة، أما إذا تذكر أنه حمَّله شيئاً كثيراً، ثقل عليه وصار في قلبه عليه شيء، لكونه استغل عجزه وحاجته، وإن كان أصل الزيادة لا حد لها، الأرباح ليس لها حد، والناس يختلفون في الربح، الناس يختلفون: منهم من هو سريع الوفاء، فيكتفي التجار منه بالشيء القليل من الربح، ومنهم من هو معروف بالمماطلة، وقلة الوفاء فيزيدون عليه، ثم الأجل يختلف: قد يكون الأجل قليلاً فيقل الربح، وقد يكون الأجل طويلاً، فيزيد الربح، يختلف، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه اشترى بعيراً ببعيرين، من إبل الصدقة. فالحاصل أن هذا يختلف باختلاف الناس، لكن المداين أو صاحب المال، مأمور ومشروع له أن يرفق بإخوانه، وأن ينفَّس لهم، ويسهل عليهم، وأن يجعل الربح قليلاً مناسباً حتى ينشطوا في القضاء، وحتى يشكروا له عمله، وحتى يوفوه بنفس طيبة، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ونسأل الله لإخواننا المسلمين صلاح القلوب، وصلاح الأعمال، وأن يعيذهم من شر أنفسهم والشيطان، وأن يعينهم على اتباع الشريعة، وأن يكفينا شر البنوك، وأن يهدي أهلها للرجوع إلى الحق، وترك ما حرم الله عليهم من الربا، وأن يوفق ولاة الأمور للقضاء على هذا الربا، بكل عناية وأن يسهل للمسلمين البنوك الإسلامية الموفقة، التي تعينهم على طاعة الله، وتحول بينهم وبين محارم الله، إنه جل وعلا جواد كريم. وأعود فأشكر للأخوين الشيخين ما بذلا في هذه الندوة، من جهود مشكورة وكلام طيب نافع، فجزاهم الله خيراً وزادهما من كل خير، ووفقنا جميعاً لما فيه صلاحنا، وهدايتنا وسلامتنا من كل سوء، إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. ولا حول ولا قوة إلا بالله. الشيخ عبدالعزيز بن باز [1] أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين، باقي المسند السابق برقم 10038. [2] سورة الفجر، الآية 20. [3] سورة العاديات، الآية 8. [4] أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص برقم 2417. [5] سورة التكاثر، الآيتان 2،1. [6] سورة البقرة، الآية 275. [7] سورة البقرة، الآية 167. [8] سورة المائدة، الآية 37. [9] سورة الفرقان، الآيتان 68، 69. [10] سورة البقرة، الآيتان 278، 279. [11] سورة يوسف، الآية 103. [12] سورة الأنعام، 116. [13] أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب في الكفاف والعفاف برقم 1054. [14] سورة البقرة، الآية 172. [15] سورة المؤمنون، الآية 51. [16] أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب، برقم 1587. [17] سورة البقرة، الآية 282. [18] أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، مسند حكيم بن حزام برقم 14887. [19] أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص برقم 6633. [20] سورة البقرة، الآية 280. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 11:24 am | |
| [b][color=brown][size=24]الربا .. وتعاسةالبشرية يقول الله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى" فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (275) يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم (276). تصوير مرعب إنها الحملة المفزعة والتصوير المرعب لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وما كان أي تهديد معنوي ليبلغ إلى الحس ما تبلغه هذه الصورة المجسمة الحية المتحركة، صورة الممسوس المصروع. وهي صورة معروفة معهودة للناس، فالنص يستحضرها لتؤدي دورها الإيحائي في إفزاع الحس لاستجاشة مشاعر المرابين وهزها هزة عنيفة تخرجهم من مألوف عادتهم في نظامهم الاقتصادي، ومن حرصهم على ما يحققه لهم من الفائدة وهي وسيلة في التأثير التربوي ناجعة في مواضعها، بينما هي في الوقت ذاته تعبر عن حقيقة واقعة. ولقد مضت معظم التفاسير على أن المقصود بالقيام في هذه الصورة المفزعة هو القيام يوم البعث، ولكن هذه الصورة فيما نرى واقعة بذاتها في حياة البشرية في هذه الأرض أيضاً، ثم إنها تتفق مع ما سيأتي بعدها من الإنذار بحرب من الله ورسوله. ونحن نرى أن هذه الحرب واقعة وقائمة الآن ومسلطة على البشرية الضالة التي تتخبط كالممسوس في عقابيل النظام الربوي. وقبل أن نفصل القول في مصداق هذه الحقيقة من واقع البشرية اليوم.. نبدأ بعرض الصورة الربوية التي كان يواجهها القرآن في الجزيرة العربية، وتصورات أهل الجاهلية عنها. صورتان للربا إن الربا الذي كان معروفاً في الجاهلية والذي نزلت هذه الآيات وغيرها لإبطاله ابتداءً كانت له صورتان رئيستان: ربا النسيئة وربا الفضل، فأما ربا النسيئة فقد قال عنه قتادة إن ربا أهل الجاهلية.. يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه. وقال أبو بكر الجصاص إنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلاً من الأجل فأبطله الله تعالى، وقد ورد في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ربا إلا في النسيئة". أما ربا الفضل فهو أن يبيع الرجل الشيء بالشيء من نوعه، مع زيادة كبيع الذهب بالذهب والدراهم بالدراهم، والقمح بالقمح والشعير بالشعير... وهكذا. وقد ألحق هذا النوع بالربا لما فيه من شبه به، ولما يصاحبه من مشاعر مشابهة للمشاعر المصاحبة لعملية الربا، وهذه النقطة شديدة الأهمية لنا في الكلام عن العمليات الحاضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الذهب بالذهب ،والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى.. الآخذ والمعطي فيه سواء". وعن أبي سعيد الخدري أيضاً قال جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "من أين هذا"؟ قال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع، فقال: "أوه عين الربا.. عين الربا.. لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به". فأما النوع الأول، فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان، إذ تتوافر فيه العناصر الأساسية لكل عملية ربوية، وهي الزيادة على أصل المال والأجل الذي من أجله تؤدَّى هذه الزيادة، وكون هذه الفائدة شرطاً مضموناً في التعاقد، أي ولادة المال للمال بسبب المدة ليس إلا. وأما النوع الثاني فما لا شك فيه أن هناك فروقاً أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة، وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى صاعين من تمره الرديء، وأخذ صاعاً من التمر الجيد، ولكن لأن تماثل النوعين في الجنس يخلق شبهة أن هناك عملية ربوية إذ يلد التمر التمر فقد وصفه النبي بالربا، ونهى عنه، وأمر ببيع الصنف المراد استبداله بالنقد، ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أيضاً، إبعاداً لشبح الربا من العملية تماماً، وكذلك شرط القبض يداً بيد كي لا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل ولو من غير زيادة فيه شبح من الربا وعنصر من عناصره. إلى هذا الحد بلغت حساسية الرسول صلى الله عليه وسلم نحو شبح الربا في أية عملية، وبلغت كذلك حكمته في علاج عقلية الربا التي كانت سائدة في الجاهلية. عقلية ربوية أما اليوم فيريد بعض المهزومين أمام التصورات الرأسمالية الغربية أن يقصروا التحريم على صورة واحدة من صور الربا وهي ربا النسيئة بالاستناد إلى حديث أسامة، وإلى وصف السلف للعمليات الربوية في الجاهلية، وأن يحلوا دينياً وباسم الإسلام.. الصور الأخرى المستحدثة التي لا تنطبق في حرفية منها على ربا الجاهلية. ولكن هذه المحاولة لا تزيد على أن تكون ظاهرة من ظواهر الهزيمة الروحية والعقلية، فالإسلام ليس نظام شكليات، إنما هو نظام يقوم على تصور أصيل، فهو حين حرم الربا لم يكن يحرم صورة منه دون صورة، إنما كان يناهض تصورًا تخالف تصوره، ويحارب عقلية لا تتمشى مع عقليته. وكان شديد الحساسية في هذا إلى حد تحريم ربا الفضل، إبعاداً لشبح العقلية الربوية من بعيد جداً، ومن ثم فإن كل عملية ربوية حرام سواء جاءت في الصور التي عرفتها الجاهلية أم استحدثت لها أشكالاً جديدة ما دامت تتضمن العناصر الأساسية للعملية الربوية أو تتسم بسمة العقلية الربوية، وهي عقلية الأثرة والجشع والفردية والمقامرة، وما دام يتلبس بها ذلك الشعور الخبيث؛ شعور الحصول على الربح بأية وسيلة. فينبغي أن نعرف هذه الحقيقة جيداً، ونستيقن من الحرب المعلنة من الله ورسوله على المجتمع الربوي الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، والذين يأكلون الربا ليسوا هم الذين يأخذون الفائدة الربوية وحدهم، وإن كانوا هم أول المهددين بهذا النص الرعيب، إنما هم أهل المجتمع الربوي كلهم. وإذا كان هناك شك في الماضي أيام نشأة النظام الرأسمالي الحديث في القرون الأربعة الماضية، فإن تجربة هذه القرون لا تبقي مجالا للشك أبداً أن العالم الذي نعيش فيه اليوم هو عالم القلق والاضطراب والخوف والأمراض العصبية والنفسية؛ وذلك على الرغم من كل ما بلغته الحضارة المادية والإنتاج الصناعي في مجموعه من الضخامة في هذه الأقطار. ثم هو عالم الحروب الشاملة والتهديد الدائم بالحروب المبيدة وحرب الأعصاب والاضطرابات التي لا تنقطع هنا وهناك. إنها الشقوة البائسة المنكودة التي لا تزيلها الحضارة المادية. علاج الإسلام وقد عالج الإسلام الأوضاع التي كانت حاضرة في ذلك الزمان معالجة واقعية، دون أن يحدث هزة اقتصادية واجتماعية. فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله. لقد جعل سريان نظامه منذ ابتداء تشريعه، فمن سمع موعظة ربه فانتهى فلا يسترد منه ما سلف أن أخذه من الربا، وأمره فيه إلى الله يحكم فيه بما يراه، ولكن لعل كثيرين يغريهم طول الأمد وجهل الموعد، فيبعدون من حسابهم حساب الآخرة. فها هو ذا القرآن ينذرهم كذلك بالمحق في الدنيا والآخرة جميعاً، ويقرر أن الصدقات لا الربا هي التي تربو وتزكو. يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم 276 << وصدق وعيد الله ووعده، فها نحن أولاء نرى أنه ما من مجتمع يتعامل بالربا ثم تبقى فيه بركة أو رخاء أو سعادة أو أمن أو طمأنينة. إن الله يمحق الربا فلا يفيض على المجتمع الذي يوجد فيه هذا الدنس إلا القحط والشقاء، وقد ترى العين في ظاهر الأمر رخاءً وإنتاجاً وموارد موفورة، ولكن البركة ليست بضخامة الموارد بقدر ما هي في الاستمتاع الطيب الآمن بهذه الموارد. وما من مجتمع قام على التكافل والتعاون الممثليْن في الصدقات المفروض منها والمتروك للتطوع، وسادته روح المودة والحب والرضا والسماحة والتطلع دائماً إلى فضل الله وثوابه والاطمئنان دائماً إلى عونه وإخلافه للصدقة بأضعافها، إلا بارك الله لأهله أفراداً وجماعات في مالهم ورزقهم وفي صحتهم وقوتهم، وفي طمأنينة قلوبهم وراحة بالهم. __________________[/size][/color][/b] | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:10 pm | |
| أحكام ربا الفضل: 1- إذا كان البيع في جنس واحد ربوي حرم فيه التفاضل والنساء كأن يبيع أحد ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما، فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق البدلين في الجنس والعلة.
2- إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس حرم النساء وجاز التفاضل كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز البيع مع التفاضل إذا كان القبض في الحال يداً بيد؛ لأنهما اختلفا في الجنس، واتحدا في العلة.
3- إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنساء كأن يبيع طعاماً بفضة، أو طعاماً بذهب ونحوهما، فيجوز التفاضل والتأجيل؟ لاختلاف البدلين في الجنس والعلة.
4- إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة كأن يبيع بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحوهما فيجوز التفاضل والتأجيل.
* لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة، فلا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم.
* لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً؛ لأجل الصنعة في أحد العوضين، لكن يبيع ما معه بالدراهم ثم يشتري المصوغ.
* الفوائد التي تأخذها البنوك اليوم على القروض من الربا المحرم، والفوائد التي تدفعها البنوك مقابل الإيداع ربا لا يحل لأحد أن ينتفع به بل يتخلص منه.
* يجب على المسلمين إذا احتاجوا الإيداع والتحويل بواسطة البنوك الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها لكن بدون فائدة، والتحويل من غيرها ما لم يخالف الشرع.
* يحرم على المسلمين العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا، والمال الذي يأخذه العامل فيه سحت يعاقب عليه.
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:13 pm | |
| ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر، كأن يبيعه رطل من الدقيق الجيد، برطلين من الدقيق الرديء، أو مائتي غرام ذهب عيار 24 بمائتين وخمسين غراماً عيار 21 ، وهذا لا يكون إلا في بدلين قد اتحدا جنساً، وهذا النوع محرم بلا خلاف، لقول النبي r : "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا([1]) بعضها على بعض ولا تبيعوا الورِق بالورِق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز"([2])، ولا عبرة بجيد النوع ورديئة في الربا لعموم قول النبي r في الحديث السابق (ولا تشفوا بعضها على بعض)، ولما جاء في الحديث أن بلالاً رضي الله عنه جاء النبي r بتمر برني([3])، فقال النبي r : "من أين لك هذا؟" فقال: كان عندي تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع لنطعم رسول الله r ، فقال النبي r : "أوه، أوه، عين الربا، عين الربا، لا تفعل"([4]). الحكمة من تحريم ربا الفضل .([1]) لا تشفوا: لا تفضلوا، من الشف وهو الزيادة. ([2]) صحيح البخاري، (2/761). ([3]) التمر البرني هو أجود أنواع التمر. ([4]) صحيح البخاري، (2/813). | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:15 pm | |
| التحذير من المساهمة في البنوك الربوية والإيداع فيها بفائدة من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى من يراه من إخواننا المسلمين - وفقني الله وإياهم لسلوك صراطه المستقيم، وجنبنا جميعاً طريق المغضوب عليهم والضالين، آمين -. سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: [1] فقد كثرت الدعايات للمساهمة في البنوك الربوية في الصحف المحلية والأجنبية، وإغراء الناس بإيداع أموالهم فيها مقابل فوائد ربوية صريحة معلنة، كما تقوم بعض الصحف بنشر فتاوى لبعض الناس، تجيز التعامل مع البنوك الربوية بفوائد محددة. وهذا أمر خطير؛ لأن فيه معصية لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره، والله سبحانه وتعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[2]. ومن المعلوم من الدين بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة: أن الفوائد المعينة التي يأخذها أرباب الأموال مقابل مساهمتهم أو إيداعهم في البنوك الربوية، حرام سحت، وهي من الربا الذي حرمه الله ورسوله، ومن كبائر الذنوب، ومما يمحق البركة ويغضب الرب عز وجل ويسبب عدم قبول العمل. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ[3]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[4]. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب. يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب لذلك))[5] رواه مسلم. وليعلم كل مسلم أنه مسئول أمام ربه عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيم أبلاه؟ وعن عمره فيم أفناه؟ وعن ماله من أين جمعه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟))[6]. واعلم - يا عبد الله - وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه - أن الربا كبيرة من كبائر الذنوب، التي جاء تحريمها مغلظاً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بجميع أشكاله وأنواعه ومسمياته. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[7]. وقال تعالى: وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ[8]. وقال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ[9]. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ[10]. فما أعظم جريمة من حارب الله ورسوله - نسأل الله العافية من ذلك -. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))[11] متفق على صحته. وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء))[12]. فهذه بعض الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم التي تبين تحريم الربا وخطره على الفرد والأمة، وأن من تعامل به وتعاطاه فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وقد أصبح محارباً لله ولرسوله. فنصيحتي لكل مسلم يريد الله والدر الآخرة: أن يتقي الله سبحانه في نفسه وماله، وأن يكتفي بما أباحه الله ورسوله، وأن يكف عما حرمه الله ورسوله؛ ففيما أباح الله كفاية وغنى عما حرم. وعلى المسلم الناصح لنفسه، الذي يريد لها الخير، والنجاة من عذاب الله والفوز برضاه ورحمته، أن يبتعد عن الاشتراك في البنوك الربوية، أو الإيداع فيها بفوائد، أو الاقتراض منها بفوائد، لأن المساهمة فيها أو الإيداع فيها بفوائد، أو الاقتراض منها بفوائد، كل ذلك من المعاملات الربوية، ومن التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[13]. فاتق الله - يا عبد الله - وانج بنفسك، ولا تغتر بكثرة البنوك الربوية، ولا بكثرة انتشار معاملاتها في كل مكان، ولا بكثرة المتعاملين معها؛ فإن ذلك ليس دليلاً على إباحتها، وإنما هو دليل على كثرة الإعراض عن أمر الله، ومخالفة شرعه، والله سبحانه وتعالى يقول: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ[14]. ومع الأسف الشديد، أن كثيراً من الناس لما أنعم الله عليهم، ووسع عليهم من فضله، وأغناهم بكثرة المال، أصبحوا لا يهتمون بالعمل بأحكام الإسلام، والاستغناء بما أباح الله لهم عما حرم عليهم، وإنما يهتمون بما يدر عليهم المال من أي طريق كان؛ حلالاً كان أم حراماً؛ وما ذلك إلا لضعف إيمانهم، وقلة خوفهم من ربهم عز وجل وغلبة حب الدنيا على قلوبهم، نسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية من كل ما يخالف شرعه المطهر. وهذا الواقع المؤلم لحال كثير من المسلمين، مؤذن بحلول غضب الله ونقمته، وقد قال سبحانه محذراً ومنذراً من شؤم المعاصي والذنوب: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[15]. وإني أوجه نصيحتي إلى المسئولين في الصحف المحلية خاصة، وفي صحف البلاد الإسلامية عامة: أن يطهروا صحافتهم من نشر كل ما يخالف شرع الله المطهر في أي مجال من مجالات الحياة، كما أوصي الجهات المسئولة بالتأكيد على رؤساء الصحف، بألا ينشروا شيئاً فيه مخالفة لدين الله وشرعه، ولاشك أن هذا أمر واجب عليهم، وسيسألون عنه أمام الله إذا قصروا فيه. كما أوصي إخواني المسلمين عامة: أن يتقوا الله تبارك وتعالى ويتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يكتفوا بما أحله الله، ويحذروا ما حرمه الله، ولا يغتروا بما قد يكتب أو ينشر من فتاوى أومقالات تجيز المساهمة في البنوك الربوية أو الإيداع فيها بفوائد، أو تقلل من سوء عاقبة ذلك؛ لأن هذه الفتاوى والمقالات لم تبن على أدلة شرعية؛ لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما هي آراء الرجال وتأولاتهم. نسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية من مضلات الفتن، والله المسئول أن يوفق المسلمين عامة، وولاة أمورهم خاصة للعمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وتحكيم شرع الله في جميع شئونهم الخاصة والعامة، وأن يأخذ بنواصيهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأن يجنب الجميع طريق المغضوب عليهم والضالين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [1] عبدالعزيز بن باز عندما كان رئيساً عاماً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ونشرت في (مجلة التوعية الإسلامية في الحج)، العدد: 6، عام 1402هـ، وفي العدد: 2، بتاريخ 13/11/1406هـ، وطبعت في مطوية مستقلة عام 1416هـ. وفي (مجلة الجامعة الإسلامية)، وفي مجلة (الدعوة)، العدد: 824، في 18/2/1402هـ. [2] سورة النور، الآية 63. [3] سورة المؤمنون، الآية 51. [4] سورة البقرة، الآية 172. [5] رواه مسلم في (الزكاة)، باب (قبول الصدقة من الكسب الطيب)، برقم: 1015. [6] رواه الترمذي في (صفة القيامة والرقائق والورع)، باب (ما جاء في شأن الحساب والقصاص)، برقم: 2417. [7] سورة آل عمران، الآية 130. [8] سورة الروم، الآية 39. [9] سورة البقرة، الآيتان 275، 276. [10] سورة البقرة، الآيتان 278، 279. [11] رواه البخاري في (الوصايا)، باب (قول الله: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً)، برقم: 2767، وفي (الحدود)، باب (رمي المحصنات)، برقم: 6875، ومسلم في (الإيمان)، باب (بيان الكبائر وأكبرها)، برقم: 89. [12] رواه مسلم في (المساقاة)، باب (لعن آكل الربا وموكله)، برقم: 1598. [13] سورة المائدة، الآية 2. [14] سورة الأنعام، الآية 116. [15] سورة الأنفال، الآية 25. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:16 pm | |
| وجوب إنكار المعاملات الربوية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، وبعد:[1] فمن الظواهر السيئة التي برزت في صحفنا: الدعوة إلى الربا، ومن ذلك ما نشر بجريدة (الجزيرة)، عدد: 2263، وتاريخ 11 شوال عام 1398 هـ تحت عنوان: (خططنا للضمان الممتاز)، وكذلك ما جاء من الدعوة إلى الربا في الصحف والمجلات المحلية. وهذه المعاملات من الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع، وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أن أكل الربا من كبائر الذنوب، ومن الجرائم المتوعد عليها بالنار واللعنة. قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ[2]. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ[3]. ففي هذه الآيات الدلالة الصريحة على غلظ تحريم الربا، وأنه من الكبائر الموجبة للنار، كما أن فيها الدلالة على أن الله سبحانه وتعالى يمحق كسب المرابي، ويربي الصدقات؛ أي يُربيها لأهلها وينميها؛ حتى يكون القليل كثيراً إذا كان من كسب طيب. وفي الآية الأخيرة التصريح بأن المرابي محارب لله ورسوله، وأن الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وأخذ رأس ماله من غير زيادة. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: ((لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء))[4]. وهذه المسألة التي كثرت الدعاية لها في الصحف والمجلات، من المسائل التي بحثها مجلس (هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية)، وهذا مضمون ما قرره: "وضع الأموال في البنوك لأخذ فائدة ربوية بنسبة معينة، يحصل عليها صاحب المال من البنك ونحوه، ويدفعها له إما بعد مضي الأجل الذي يتفق عليه، وأما عند سحب المال، فيدفع له ما اتفق عليه من الربا - الذي سمي ربحاً أو فائدة - وهذا ربا صريح حرمه الله ورسوله، وأجمع سلف الأمة الإسلامية على تحريمه، وتسميته وديعة أو باسم غير ذلك لا يغير من حكم الربا المحرم فيه شيئاً؛ فقد جمع ربا الفضل وربا النسيئة؛ لأنه بيع نقود بنقود نسيئة بزيادة ربح ربوي إلى أجل". انتهى. والواجب على ولاة الأمور وعلى علماء الإسلام في كل مكان، إنكار مثل هذه المعاملات الربوية والتحذير منها، كما أن الواجب على وزارة الإعلام منع نشر هذه المعاملات الربوية والدعاية إليها في جميع وسائل الإعلام؛ عملاً بقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[5]، وقوله سبحانه: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[6]، وقوله عز وجل: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ[7]، وقوله سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[8]. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. عبدالعزيز بن باز [1] رد من سماجته على ما كتب في جريدة (الجزيرة)، بعددها: 2263، وتاريخ 11/10/1398هـ، ونشر في (مجلة الجامعة الإسلامية). [2] سورة البقرة، الآيتان: 275، 276. [3] سورة البقرة، الآيتان 278، 279. [4] رواه مسلم في (المساقاة)، باب (لعن آكل الربا وموكله)، برقم: 1598. [5] سورة المائدة، الآية 2. [6] سورة آل عمران، الآية 104. [7] سورة المائدة، الآيتان 78، 79. [8] سورة العصر، كاملة. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:20 pm | |
| أثر الربا في القروض الإنتاجية في الاقتصاد الإسلامي يهدف هذا البحث إلى مناقشة وبيان أدلة من زعم إباحة الربا في القروض الإنتاجية، وذكر الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية والشواهد التاريخية، وأقوال العلماء على بطلان هذه الدعوى. إذ إن الربا حرام بجميع صوره وأشكاله مهما كان الدافع إليه أو سببه سواء أكان الإنتاج أم الاستهلاك. ثم إن القروض الإنتاجية لا يصح تخريج إباحتها على أساس الضرورة أو تقديم المصلحة العامة على الخاصة، أو اعتبار القروض التي كانت سائدة في المجتمع الإسلامي هي قروض استهلاكية، أو اعتبار الاستغلال علة لتحريم الربا. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. على الرغم من التحريم القطعي للربا في الإسلام، إلا أنه جاء بعض الباحثين ببعض التأويلات، والصور المقنّعة، والحيل الملفقة، من أجل إباحة صور عدة من الربا المحرم. فنجد بعض أولئك يحصرون الربا المحرّم في ربا الدين، الذي تكون الزيادة فيه إنما تطرأ عند حلول الأجل، ويرى بعضهم أن الربا المحرم بحديث الأصناف الستة إنما هو ربا البيع، أما القرض فلا يجري فيه الربا. ثم إن فريقاً من أولئك الباحثين حاولوا تسويغ إباحة الربا على أساس التفرقة بين الربا في القروض الإنتاجية والاستهلاكية، بدعاوى مختلفة، وشبهات متفرقة، منها دعوى الضرورة، والمصلحة، والتطور الحضاري وما يلزم منه تغير الأحكام، والنظر إلى الحكمة من تحريم الربا وجعلها علةله... إلخ والدعاوى في هذا كثيرة. قد تعرض لها كثير من الباحثين، لذلك سوف أقصر هذا البحث على دعوى جواز الربا في القروض الإنتاجية دون الاستهلاكية. مبيناً أساس هذه الدعوى، وأدلتها، ومناقشتها. في المباحث الآتية: المبحث الأول: أساس الدعوى. المبحث الثاني: صفة القروض في المجتمع الإسلامي. المبحث الثالث: القروض الإنتاجية وتطور الأحكام الشرعية. المبحث الرابع: القروض الإنتاجية والضرورة. المبحث الخامس: القروض الإنتاجية والتعليل بالحكمة. المبحث الأول أساس الدعوى تقوم هذه الدعوى على أساس التفرقة بين القروض الإنتاجية والاستهلاكية، حيث تبيح الربا في القرض الإنتاجي أو الاستثماري دون القرض الاستهلاكي. فتنظر إلى سبب القرض وغايته، فإذا كان صاحب القرض الذي يأخذه من أجل الإنتاج والاستثمار فيجوز له ذلك، وأما إذا كان صاحب القرض يأخذه من أجل الاستهلاك، وسد حاجاته الاستهلاكية، كالغذاء، والدواء، السكن واللباس... فلا يجوز له أخذ هذا القرض بفائدة أو بربا. إن القروض الإنتاجية أو الاستثمارية التي تمنح من أجل القيام بمشروعات إنتاجية صناعية أو زراعية أو تجارية، تعود على المجتمع بالخير، وتدفع به للتقدم في المجالات المختلفة للتنمية، لذا يجوز أخذ الربا مقابل هذه القروض عند أولئك الباحثين. ويبدو أن أول من نادى بهذه الدعوى من الكتاب الغربيين هو سان توماس الأكويني (1225م- 1274م) الذي دعا إلى الملكية الفردية، وحارب الربا، وعاداه، إلا أنه يرى أن الإقراض بفائدة يجوز إذا كان لأغراض تجارية [1]. ثم جاء من بعده من الباحثين المسلمين الذين حاولوا تصحيح المعاملات المالية المعاصرة على أساس فقهي، يستند إلى أدلة شرعية وعقلية، وإن كانت هذه الأدلة التي زعموها لا تقوم على نظر عقلي صحيح أو دليل شرعي صريح، كما سنرى فيما بعد. ومن هؤلاء الباحثين الذين زعموا بتلك الدعوى الدكتور محمد معروف الدواليبي الذي قال في بُداءة محاضراته التي ألقاها في باريس عن نظرية الربا في التشريع الإسلامي حيث قال: (إذا كانت الشرائع الحديثة قد اشترطت لقيام الربا استيفاء فائدة أكثر من الفائدة التي حددها القانون لرؤوس الأموال المقترضة، فإن المشرع الإسلامي قد اعتبر كل فائدة يرجى بها رأس المال مهما قلّ شأنها تكفي لتكوين الربا الذي حرّمه الله عز وجل... ثم جعل خصائص الربا المحرم أموراً ثلاثة، هي: أن هذه القروض التي كانت تقدم بشرط الفائدة، لم تكن سوى شكل من أشكال استغلال عوز المحتاجين الذين هم أولى بالعطف والرعاية، وأنه لم يكن لهذه القروض صفة القرض المنتج، وأنها لم تكن تصلح إلا للاستهلاك. وإن الوضع الاقتصادي قد تغير اليوم، وانتشرت الشركات، وأصبحت القروض أكثرها قروض إنتاج لا قروض استهلاك، فإن من الواجب النظر فيما يقتضيه هذا التطور في الحضارة من تطور الأحكام، فيجب إذاً أن يكون لقروض الإنتاج حكمها في الفقه الإسلامي، ويجب أن يتمشى هذا الحكم مع طبيعة هذه القروض، وهي طبيعة تغاير مغايرة تامة طبيعة قروض الاستهلاك، ولا يعد الحال أحد الأمرين: إما أن تقوم الدولة بالإقراض للمنتجين، وإما أن تباح قروض الإنتاج بقيود وفائدة معقولة. والحل الثاني هو الحل الصحيح، ويمكن تخريج ذلك على فكرة الضرورة، وعلى فكرة تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، كما لو تذرع العدو بمسلم فلا مناص من قتل المسلم حتى يمكن الوصول إلى العدو) [2]. يلاحظ من النص السابق أن هذه الدعوى تقوم على الأمور الآتية: 1- إن القروض التي كانت في المجتمع الإسلامي هي قروض استهلاكية ليس لها أي صفة إنتاجية أو تجارية. 2- إن إباحة الربا في القروض الإنتاجية هو أمر يقتضيه التطور الحضاري، لذلك ينبغي أن تتطور الأحكام الشرعية تبعاً للتطور الحضاري. 3- إن إباحة الربا في القروض الإنتاجية يمكن تخريجه على أساس فكرتي الضرورة وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وإن هذه الأفكار لم يتبنها هذا الباحث فحسب، بل نادى بها آخرون من بعده، لكن القاسم المشترك بينهم هو هذه الأمور إلي ذكرناها، وأمور أخرى سنشير إليها في موضعها. هذا وسنناقش هذه الأفكار من خلال الفقرات الآتية. المبحث الثاني صفة القروض في المجتمع الإسلامي يزعم أصحاب هذه الدعوى أن القروض التي كانت سائدة في المجتمع الإسلامي إنما هي قروض استهلاكية، ليس لها أي صفة إنتاجية أو استثمارية أو تجارية. لذلك فإن ربا الجاهلية لم يكن إلا على القروض الاستهلاكية. سنناقش هذا الزعم من خلال ذكر الأدلة الشرعية والنصوص التاريخية التي تفند هذا الزعم. وذلك من خلال النقاط الآتية: أولاً: إن آيات الربا في مراحله المختلفة ترد هذه الشبهة، ففي المرحلة الأولى من مراحل تحريم الربا، وهي قوله تعالى: { وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم:39]. وقد أجرى الله تعالى في هذه الآية الموازنة بين الربا والزكاة من حيث النفع المادي والمعنوي. والمرحلة الثانية، هي قولـه تعالى: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ } [النساء:160-161]. فذكر الله عز وجل في هذه الآيات قصة اليهود الذين أخذوا الربا وقد حُرّم عليهم. والمرحلة الثالثة، هي قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:130]، فقد بيّن الله عز وجل في هذه الآية أن المحرم من الربا هو الربا الفاحش، وهو المذموم، باعتبار حالة المجتمع التي كان يسود فيه الربا [3]. والمرحلة الرابعة، هي قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } [البقرة:278-279] وكذلك قوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [البقرة:275] فهذه الآيات حرّمت الربا دون تفرقة بين قليل وكثير. يلاحظ من الآيات السابقة وأسباب نزولها أنها لم تفرق في حرمة الربا بين القروض الإنتاجية والاستهلاكية، بل حرمت جميع أنواع الربا مهما كان سببه أو الغاية منه. وقد اتفق المفسرون والعلماء على أن الآية الأخيرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا...} قد نزلت في تحريم ربا الجاهلية. الذي لم يفرق بين الإنتاج والاستهلاك [4]. ثم إن الأحاديث النبوية التي وردت في ربا البيوع لتدل دلالة واضحة على أن العرب كانوا يتاجرون، فيبيعون ويشترون بالذهب والفضة والقمح والشعير والملح والتمر، منها قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد“ [5]فهذا الحديث يدل صراحة على المبادلات التجارية، عن طريق بيعها وشرائها، وإن هذه المبادلات لم تكن للاستهلاك فقط؛ لأن التاجر الذي يبيع السلع يحتاج إلى المال لشرائها، فقد يكون لديه المال ولا يكفيه، وقد لا يكون لديه مال أصلاً، فيحتاج حينئذ للاستقراض. لذلك فإن هذا التجار يقوم بالإنتاج التجاري، واستثمار أمواله في التجارة، ولم يرد دليل على أن هؤلاء التجار كانوا يأخذون الأموال من الناس قرضاً ويدفعون لهم زيادة. بل هناك أدلة تؤكد أن هؤلاء التجار كانوا يأخذون الأموال لأغراض إنتاجية، ولا يدفعون زيادة عما أخذوا. وسنذكر هذه الأدلة بعد قليل. ثم إنه كيف يصح القول بأنه لم تكن القروض الإنتاجية معروفة عند العرب؟! ألم يذكر الله عز وجل في القرآن الكريم أن لقريش رحلات تجارية في الصيف والشتاء بين الشام و. قال تعالى: { لإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ } [قريش:1-2]. ثانياً: - هناك نصوص وأمثلة من التاريخ الإسلامي تؤكد أن العرب كانوا يستقرضون لأغراض إنتاجية لا لأغراض استهلاكية. فهذه أدلة على أن التجار كانوا يستقرضون من أجل القيام بالعملية الإنتاجية. من هذه الشواهد ما ذكره الطبري أن هنداً بنت عتبة جاءت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستقرضت منه من بيت المال أربعة آلاف تتجر فيها. وتضمنها، فأقرضها، فخرجت إلى بلاد كلب، فاشترت وباعت، فلما أتت المدينة وباعت شكت الوضيعة – الخسارة – فقال لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو كان مالي لتركته لك، ولكن مال المسلمين) [6]. ومنها أيضاً ما رواه الإمام مالك من قصة عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب خرجا في جيش إلى ، فلما قفلا مرّا على أمير البصرة، فرحب بهما، ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى، هاهنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع ، ثم تبيعاه في المدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما. فقالا: وددنا ذلك، ففعل، وكتب إلى عمر أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر، قال: أكُلّ الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا. فقال عمر: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما. أديا المال وربحه. فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو نقص هذا المال، أو هلك لضمناه، فقال عمر: أدياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير وهناك المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال عمر قد جعلت قراضاً، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال) [7]. شواهد تاريخية أيضاً تؤكد أن الناس كانوا يستقرضون للإنفاق على الأهل والعيال، أي قروض استهلاكية، ويستقرضون للإنفاق على الإنتاج الزراعي، فقد كانت الدولة الإسلامية في عهد عمر بن عبد العزيز تمنح قروضاً إنتاجية من بيت المال للمسلمين ولأهل الذمة، فقد ذكر أبو عبيد أن عمر بن عبد العزيز قال: (انظر من كانت عليه جزية، فضعف عن أرضه فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه) [8]. يلاحظ من الشواهد السابقة – غيرها كثير – أن القروض الإنتاجية سواء أكانت تجارية أم زراعية كانت موجودة عند العرب في الجاهلية والإسلام. ولو كانت الفائدة على قروض الإنتاج التجاري جائزة لأخذها أبو موسى الأشعري من ابني عمر بن الخطاب حينما أقرضها المال. وكذلك لو كانت الفائدة على القروض الاستثمارية جائزة لأخذها سيدنا عمر بن الخطاب من هند بنت عتبة التي استقرضت المال من بيت مال المسلمين فخسرت به. ولو كانت الفائدة على قروض الإنتاج الزراعي جائزة لأخذها سيدنا عمر بن عبد العزيز من المسلمين أو من أهل الذمة حينما أقرضهم المال ليقوموا بالزراعة. ولو كانت الفائدة على القروض الإنتاجية أو الاستثمارية جائزة لكانت أموال اليتامى أحق بها لما في ذلك من حفظ الأموال وتنميتها، مع العلم أن المشرع قد أكّد على تنمية هذه الأموال، فقال صلّى الله عليه وسلّم: ”من ولي يتيماً لـه مال فليتجر به، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة“ [9]. ولم يذكر في التاريخ الإسلامي أن مال يتيم واحد قد أقرض بفائدة على الرغم من الحاجة الداعية لذلك من أجل حفظ أموال اليتامى وتنميتها. ولو كانت قروض الإنتاج بفائدة جائزة لنص على ذلك عالم، ولكن العلماء منذ عهده r إلى يومنا هذا لم يفرقوا بين قرض إنتاجي واستهلاكي في حرمة الربا، وأن هؤلاء العلماء قد أجمعوا على أن كل قرض جرّ نفعاً مشروطاً فهو ربا [10]. كما أن هؤلاء العلماء لم يجيزوا لرب المال في المضاربة أن يحصل على مبلغ مقطوع، ونصوا على أن رب المال قو قدم ماله لعامل على أن الربح كله لـه، أي: للعامل، لكان قرضاً لا قراضاً، وهذا دليل على أن القرض ولو قدّم للتجارة لا تكون الفائدة عليه مباحة [11]. المبحث الثالث القروض الإنتاجية وتطور الأحكام الشرعية يزعم هؤلاء الباحثون أن الأوضاع الاقتصادية في العالم المعاصر متغيرة، فقد انتشرت الشركات والبنوك والمؤسسات المالية المختلفة، لذلك أصبحت القروض الإنتاجية تشكل الدعامة الأساسية لهذه المؤسسات، ومن ثم فإنه يجب النظر فيما يقتضيه هذا الانتشار وهذا التطور من تطور الأحكام الشرعية، لأن هذه الأحكام – بزعمهم – يجب أن تتمشى مع هذا الواقع، وتتغير بتغيره. إن قول أولئك الباحثين بإباحة الربا في القروض الإنتاجية هو أمر يقتضيه التطور الحضاري والتقدم التقني، لذلك ينبغي أن تتطور الأحكام الشرعية: أحكام تستند إلى أدلة شرعية ثابتة لا تقبل التبديل أو التغيير مهما تغيرت ظروف الزمان والمكان. وأحكام أخرى اجتهادية تستند إلى العرف والمصلحة. فالأحكام الأولى لا تتطور ولا تتبدل، ولو كانت المصلحة ظاهرة في العمل بخلاف تلك الأحكام؛ لأن تقدير الصلاح والفساد في الأشياء هو للمشرع الحكيم. وليس لأهواء الناس ورغباتهم. والمشرع الحكيم قد ألغى كل المصالح التي تصادم النصوص الشرعية. هذا ويسمي الأصوليون هذه المصالح بالمصلحة الملغاة [12]. وهناك أمثلة كثيرة لهذا النوع من المصالح الملغاة، مثل: التعامل بأوراق اليانصيب، وتجارة الخمور والمخدرات... والربا، فيرى هؤلاء الباحثون جواز التعامل بما ذكر على أساس أنها مصلحة معتبرة؛ لأنها تحقق مصالح اقتصادية واجتماعية. وهذا الفهم عجيب ممن لديه أقل نصيب من الفكر أو أثارة من علم الفقه وأصوله، إذ إن تلك المصالح موهومة، ولا عبرة فيها ما دامت تصادم النصوص الشرعية، ومقاصد الشريعة، فهذه النصوص كما ذكرنا حرمت الربا مطلقاً مهما كانت المصلحة المرجوة من التعامل به. وينبغي التنبيه على أن مفاسد الربا أعظم من المصالح المترتبة على التعامل به بشهادة أهل الاختصاص، إذ إن الربا يؤثر في الاستثمار والادخار سلباً كما أوضح ويكسل وكينز [13]، وذكر كينز أيضاً أن الربا سبب رئيس للبطالة، وأن تخفيض سعره – أي سعر الفائدة وينادي إلى جعلها صفراً – سيؤدي إلى التشغيل الكامل. فقال: (من مصلحتنا أن مخفض سعر الربا إلى درجة نتمكن من تشغيل الناس جميعاً) [14]. وأوضح علماء آخرون منهم (فيشل) و(فبلن) أن الربا يساهم في خلق المشكلات الاقتصادية المختلفة [15]. وفي مساوئ الربا وأضراره رد قاطع على ما زعموه من أن إباحته فيها مصالح اقتصادية، إذ على الرغم من المصالح الاقتصادية التي يحققها الربا، إلا أن لـه أضراراً أكبر بكثير من منافعه، لذلك لا يمكن القول باحتمال إباحته استناداً إلى تلك الحجة فضلاً عن أقوالهم بضرورة القول بإباحته. ولما كانت هذه المفاسد أعظم من تلك المصالح لذلك فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما يقول العلماء. أما النوع الثاني من الأحكام فهي الاجتهادية التي تستند إلى العرف والمصلحة فهذه يمكن أن تتغير وتتبدل بتبدل العرف والمصلحة، لأن هذه الأحكام اجتهادية في أصلها، فيراعى فيها التأقيت أو عرف الناس الذي لا يخالف الشريعة ومقاصدها [16]. وقد ضبط بعض العلماء الأحكام التي يمكن أن تتبدل بما سماه بـ(الأحكام الاجتهادية من قياسية أو مصلحية) [17]. ثم إن هذه المصالح الاجتهادية لا تقدم على النص أو الإجماع سواء أكانت في باب المعاملات أم في غيرها، ولا يترك النص لمصلحة قط سواء أكانت هذه المصلحة ثابتة أم متغيرة؛ لأن للمصلحة ضوابط وقيوداً، منها ألا تخالف مقصود المشرع، ومقصوده يعرف من الكتاب والسنة والإجماع، فإذا خالفت المصلحة النص، فهي مصلحة ملغاة كما مر، ولا ينظر إليها [18]. قال الغزالي: (كل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع، وكانت المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشارع فهي باطلة مطرحة، ومن صار إليها فقد شرع) [19]. وهذه الأحكام الاجتهادية التي يمكن أن تتغير هي المقصودة بكلام العلماء (لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان) لذلك لا يصح إطلاقاً بأن الأحكام – من دون التقييد بما ذكرنا – تتبدل بتبدل المصالح والأزمان. المبحث الرابع القروض الإنتاجية والضرورة لقد استند المبيحون للربا في القروض الإنتاجية إلى أساس مبدأ الضرورة، إذ يرون أن التعامل بالربا أصبح ضرورة اقتصادية، لا يسع المجتمعات تركه. وهذا الرأي باطل؛ لأن للضرورة مفهوماً شرعياً محدداً، وأن هذه الدعوى لا تدخل ضمن هذا المفهوم. فقد عرّف الشاطبي الضرورة بقوله: (ما لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فُقِدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج، وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين) [20]. وعرّف الضرورة أيضاً الزركشي بقوله: (فالضرورة بلوغه حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب (الهلاك) كالمضطر للأكل، واللبس بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم) [21]. وعرّفها أيضاً الجصاص بقوله: (خوف الضرر على نفسه أو بعض أعضائه بتركه الأكل) [22]. ويبدو أن التعريفات السابقة للضرورة بينت معناها في ما يتعلق بالغذاء واللباس... لذلك يمكن تعريفها بأعم مما سبق: ((الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ: ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع)) [23] ويفهم من التعريف السابق أنه لابد من تحقق ضوابط أو شروط الضرورة حتى يصح الأخذ بحكمها، ومن أهم هذه الضوابط ما يأتي[24]: 1 - أن تكون الضرورة حقيقية لا متوهمة، وقائمة لا منتظرة، بمعنى أنه يغلب على الظن حصول الهلاك أو التلف على النفس أو المال. أو يتحقق المرء من وجود خطر حقيقي على إحدى الضروريات الخمس وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال، فيجوز حينئذ (الأخذ بالأحكام) الاستثنائية لدفع هذا الخطر. 2 - أن لا يمكن تلبيتها إلا بإباحة المحرم، أي أن تتمحض إباحة المحرم طريقاً لتلبيتها. وعليه فإن من يستطيع في الأحوال العادية أن يستثمر أمواله في المشروعات الإنتاجية المباحة المختلفة، فإنه لا يجوز لـه استثمارها في البنوك الربوية. وكذا من استطاع أن يقترض من غيره من دون فائدة سواء أكان ذلك بغرض الاستهلاك أم الإنتاج، فلا يجوز لـه الاقتراض بفائدة مهما كان السبب. 3 - أن لا يكون المحرم الذي يترتب على تلبيتها أشد ضرراً من فواتها، وذلك على وفق القاعدة الفقهية (الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف) [25]، وقاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) [26]. 4 - أن لا يزاد في الضرورة عند إباحة المحرم على قدرها، للقاعدة الفقهية: (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها) [27]. وتطبيقاً لمفهوم الضرورة الذي ذكرناه، وللضوابط والشروط التي أوردناها يظهر أن الربا في القروض الإنتاجية لا يصدق عليها وصف الضرورة ولا شروطها، لأن القروض الإنتاجية غرضها تكثير المال، من خلال استثماره، ومن المعلوم أن المحرم لا يباح لأي مصلحة كانت، وإنما يباح للمصلحة الضرورية والحاجية بشروطها فقط. ومن ثم فإن حفظ أصل المال من الضياع والهلاك هو مصلحة ضرورية أو حاجية. (( أما استثمار المال فهو مصلحة تحسينية ندب إليها الشارع دون إيجاب، بدلالة أن أحداً من الفقهاء لم يقل بوجوب التجارة مشاركة أو غيرها، ولم يقل أحدٌ بإثم من ترك التجارة لأي سبب، إلا أن تكون التجارة طريقاً وحيداً للإنفاق على العيال فإنها في هذه الحال تجب لغيرها وليست لذاتها... ثم إن الفقهاء لم يقولوا بوجوب الاتجار في مال القاصر، لا على وليه ولا على وصيه ولا على القاضي عند غيابهما، ولكن ندبوا إلى ذلك ندباً أخذاً من قول النبي r: ”ألا من ولي يتيماً لـه مال فليتجر به ولا يتركه حتى تأكله الصدقة“ [28]... ولو كانت التجارة واستثمار المال واجبين لذاتهما في أي الأحوال لأوجبهما الشارع في هذه الحال، ثم إن في استثمار المال تعريضاً لـه للضياع فكيف يكون واجباً مع ذلك؟ فإذا كان الاتجار بالمال في الأصل ليس أكثر من مصلحة تحسينية لِمَأ تقدم، فلا يكون الاتجار ببعضه أكثر من ذلك من باب أولى)) [29]. ولَمّا كانت مصلحة استثمار المال هي مصلحة تحسينية وليست بضرورية ولا حاجية، لذلك لا يجوز أخذ القروض بفائدة بحجة استثمارها في مشروعات إنتاجية. ومن خلال مفهوم الضرورة وشروطها يتبين أيضاً أن الضرورة غير قائمة لا في حق المقرض ولا المقترض من أجل استثمار المال في المشروعات الإنتاجية، لأن المقرض ما دام يملك مالاً زائداً عن حاجته فيقرضه لغيره، فإن هذا يعني أنه ليس مضطراً، لذلك لا يصدق عليه وصف الضرورة. وكذلك الحال بالنسبة للمقترض؛ لأنه اقترض لينتج ويستكثر من المال، ولم يقترض من أجل دفع الهلاك أو المشقة عن نفسه. مع ملاحظة أن معظم المقترضين اليوم هم من الحكومات وكبرى الشركات والتجار الأغنياء الذين يستقرضون من أجل زيادة أموالهم. وقد وضح الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى أن الضرورة قيامها في نظام ربوي، بل يمكن أن تكون في أعمال فردية. إذ إن معناها أن النظام كله يحتاج إلى الربا، كحاجة الجائع الذي يكون في مخمصة إلى أكل الميتة ولحم الخنزير، ومثل هذا لا يتصور في نظام. ولو فرضنا أن هناك حالات تستدعي الاقتراض بفائدة فستكون حالات فردية، وليست جماعية، فضلاً عن أن تكون نظاماً اقتصادياً [30] والخلاصة: أن شروط الضرورة ومفهومها لم تتحقق في هذه الدعوى، إذ إن الضرورة في إباحة القروض بفوائد من أجل الإنتاج، إنما هو ضرورة متوهمة ومنتظرة وليست حقيقية، لأننا إذا تركنا هذا النوع من المعاملة فهل يصل بنا هذا إلى حد الهلاك أو تلف الأموال وضياعها؟ ! طبعاً لا. لذلك يمكن تلبية هذه المعاملة من القروض الحسنة، أو تركها أصلاً، إذ لا يترتب على تركها فقدان الحياة ولا فوات النعيم، بل العكس هو الصحيح بشهادة أهل الاختصاص والخبرة الذين أكدوا أن ترك الربا و الابتعاد عنه هو الأفضل للمجتمعات لِمَا في الربا من مفاسد اقتصادية واجتماعية وسياسية كما ذكرنا سابقاً، وأن هذه المفاسد حقيقية وليست متوهمة بينما المصالح التي يجلبها الربا غير حقيقية لذلك ينبغي درء تلك المفاسد. المبحث الخامس :القروض الإنتاجية والتعليل بالحكمة من الطرق التي سلكها بعض الباحثين في إباحة الربا في القروض الإنتاجية هي التعليل بالحكمة، حيث جعل هؤلاء علة الربا هي الاستغلال أوالظلم، لذلك قالوا بإباحة الربا في الإنتاج لعدم تحقق وصف الظلم فيه، وعدم جواز الربا في الاستهلاك لوجود وصف الظلم أو الاستغلال الذي هو علة الربا. قال محمد الحبش متبنياً ومدافعاً عن هذا الرأي ومستدلاً لـه: ((وظاهر أن أجلى مظهر من مظاهر الربا إنما هو الاستغلال، وهو وصف منضبط عند أهل العقول يصلح معياراً حقيقي اًلتمييز الربا الحرام من التجارة المباحة المأذون بها شرعاً، واضح من كل ما قدمناه من أمر الربا أن المقترض هنا هو الضعيف المضطر والمقرض هو القادر المستغل، ومن وجهة نظري الخاصة فهذا يختلف اختلافاً جذرياً عما هو سائد في الأوساط من اعتبار سائر المعاملات المصرفية عقوداً ربوية، على الرغم من عدم وجود عنصر الاستغلال فيها. إن التأكيد على كون الاستغلال هو العلة الحقيقية التي تنقل الربا من كونه نشاطاً تجارياً إلى كونه جريمة اجتماعية))[31]. يبدو واضحاً من النص السابق أن أصحاب هذا الرأي يجعلون العلة في تحريم الربا هي الاستغلال لذلك يفرقون بين القروض الإنتاجية والاستهلاكية من حيث الحرمة، فالربا في القرض الإنتاجي يجوز مادامت العلة هي الاستغلال؛ لأنه في القروض الإنتاجية لا يوجد استغلال. أما الربا في القرض الاستهلاكي لا يجوز لأن علة الربا الاستغلال، وهي موجودة. ويمكن مناقشة هذا الرأي وبيان بطلانه من خلال بيان مفهوم العلة والحكمة والفرق بينهما، وشروط التعليل بالحكمة، وأقوال الأصوليين فيهما. أولاً: - مفهوم العلة:تطلق العلة عادة على معنيين: الأول – الحكمة التي تبعث على تشريع الحكم من أجل تحصيل مصلحة يراد تحققها، أو دفع مفسدة يراد تجنبها، مثلاً: تحريم الزنا ووجوب الحد على فاعله من أجل حفظ الأنساب، وكذلك تحريم الخمر ووجوب الحد على شاربه من أجل حفظ العقول. فالحكمة من تحريم الزنا هي حفظ النسب، والحكمة من تحريم الخمر هي حفظ العقل، أما العلة فيالزنا فهي فعل الزنا، وفي الخمر الإسكار. الثاني: الوصف الظاهر المنضبط الذي يناسب الحكم بتحقيق مصلحة الناس، إما بجلب مصلحة لهم أو دفع الشر عنهم [32]. ثانياً – الحكمة:هي الباعث على التشريع الحكم، والغاية المقصودة منه،وهي المصلحة التي قصد الشارع بتشريع الحكم تحقيقها، أو المفسدة التي قصد الشارع بتشريع الحكم تركها [33]. يلاحظ من بيان مفهومي العلة والحكم أن العلة أعم من الحكمة، لأن العلة تشمل الوصف الظاهر المنضبط الذي يعرف الحكم به، ويوجد بوجوده،ويرتفع بارتفاعه، وهذا معنى قول الأصوليين: إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً [34]. وتأتي عمومية العلة من كونها تشمل على الحكمة غالباً، أي أن العلة مظنة لتضمن الحكمة. ثالثاً – آراء الأصوليين في التعليل بالحكمة: ذكر الآمدي ثلاثة مذاهب فقال: ((ذهب الأكثرون إلى امتناع تعليل الحكم بالحكمة المجردة عن الضابط، وجوّزه الأقلون، ومنهم من فصل بين العلة الظاهرة المنضبطة بنفسها والحكمة الخفية المضطربة،فجوز التعليل بالأولى دون الثانية، وهذا هو المختار. أما إذا كانت الحكمة ظاهرة منضبطة غير مضطربة فلأنا أجمعنا على أن الحكم إذا اقترن بوصف ظاهر منضبط مشتمل على حكمة غير منضبطة بنفسها أنه يصح التعليل به، وإن لم يكن هو المقصود من شرع الحكم،بل ما اشتمل عليه من الحكمة الخفية. فإذا كانت الحكمة وهي المقصود من شرع الحكم مساوية للوصف في الظهور والانضباط كانت أولى بالتعليل بها. أما إذا كانت الحكمة خفية مضطربة غير منضبطة فيمتنع التعليل بها لثلاثة أوجه: الأول: أنها إذا كانت خفية مضطربة مختلفة باختلاف الصور والأشخاص والأزمان والأحوال فلا يمكن معرفة ما هو مناط الحكم منها، والوقوف عليه إلا بعسر وحرج، ودأب الشارع فيما هذا شأنه على ما ألفناه منه، إنما هو رد الناس فيه إلى المظان الظاهرة الجلية، دفعاً للعسر عن الناس، والتخبط في الأحكام. ولهذا فإنا نعلم أن الشارع إنما قضى بالترخص في السفر دفعاً للمشقة المضبوطة بالسفر الطويل إلى مقصد معين، ولم يعلقها – أي العلة – بالمشقة نفسها، لما كانت مما يضطرب ويختلف. ولهذا فإنه لم يرخص الحمال المشقوق عليه في الحضر، وإن ظن أن مشقته تزيد على مشقة المسافر في كل يوم فرسخ، وإن كان في غاية الرفاهية والدعة، لما كان ذلك مما يختلف ويضطرب. الثاني: أن الإجماع منعقد على صحة تعليل الأحكام بالأوصاف الظاهرة المنضبطة المشتملة على احتمال الحكم، كتعليل وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان لحكمة الزجر أو الجبر، وتعليل صحة البيع التصرف الصادر من الأهل في المحل لحكمة الانتفاع، وتعليل تحريم شرب الخمر وإيجاب الحد به لحكمة دفع المفسدة الناشئة منه، ونحوه، ولو كان التعليل بالحكمة الخفية مما يصح لما احتيج إلى التعليل بضوابط هذه الحِكَم والنظر إليها لعدم الحاجة إليها، ولِمَا فيه من زيادة الحرج بالبحث عن الحكمة وعن ضابطها مع الاستغناء بأحدهما. الثالث: أن التعليل بالحكمة المجرّدة إذا كانت خفية مضطربة، مما يفضي إلى العسر والحرج في حق المكلف بالبحث عنها والاطلاع عليها، والحرج منفي بقوله تعالى: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج:78] غير أنا خالفناه في التعليل بالوصف الظاهر المنضبط، لكون المشقة فيه أدنى، فبقينا عاملين بعموم النص فيما عداه)) [35]. يلاحظ من النص السابق أن جمهور الأصوليين قرروا صحة تعليل الأحكام بالأوصاف الظاهرة المنضبطة المشتملة على احتمال الحكم، وأن الحكمة إذا اشتملت على شروط العلة من حيث الوصف الظاهر والمنضبط فإنه يصح التعليل بها، وكذلك يجوز التعليل بالحكمة فيما إذا كانت مساوية للوصف في الظهور والانضباط. أما إذا كانت هذه الحكمة التي هي الغاية من تشريع الحكم غير ظاهرة وغير منضبطة (مضطربة) أحياناً فإنه لا يصح التعليل بها مطلقاً عند جمهور الأصوليين (36). إن زعم هؤلاء أن الاستغلال هو العلة الحقيقية لتحريم الربا زعم باطل إذ لا دليل عليه لا من القرآن ولا من السنة، ولا من أقوال العلماء الذين ذكروا ضوابط التعليل بالعلة والحكمة. إن الاستغلال أو الظلم هو الحكمة من تحريم الربا وليس العلة. فقوله تعالى: { وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } [البقرة:279] بين الحكمة من أخذ المال بعد التوبة، وهي رفع الظلم عن المقرض والمستقرض. فلا تَظْلمون المدين بطلب الزيادة على رأس المال الذي أخذه، ولا تُظلَمون أي الدائن بنقصان رأس مال الذي أعطاه للمدين [37]. فأفادت هذه الآية الكريمة أن الزيادة على رأس المال أو النقصان منه ظلم. وهذا الظلم أو الاستغلال فإنه يقع على الغني والفقير أو على المقرض والمقترض؛ لأن من أعطى زيادة على ما أخذ بغير وجه حق فقد ظُلم سواء أكان غنياً أم فقيراً. ومن أخذ أقل مما أعطى فقد ظلم سواء أكان فقيراً أم غنياً. ومن هنا يبدو أن هذه الحكمة ليست وصفاً ظاهراً منضبطاً، بل هي مضطربة بحسب الأحوال والأشخاص، لذلك لا يجوز التعليل بها. ولو سلمنا جدلاً بأن الاستغلال هو العلة، فإن هذه العلة ليست ظاهرة ولا منضبطة، لأنه لا يوجد تلازم بين الاستغلال والفقر من جهة، بمعنى أن الفقير يكون مُسْتَغلاً حينما يأخذ قرضاً من أجل الاستهلاك، ولا يكون مستغلاً حينما يأخذ قرضاً من أجل الإنتاج؟! إذ إن الحال أحياناً أن الفقير أو المستثمر الصغير الفقير يأخذ قرضاً إنتاجياً من الغني سواء أكان هذا فرداً أم شركة. ففي مثل هذه الحالة ألا يوجد ظلم واستغلال لهذا الفقير الذي يعمل بهذه القروض الإنتاجية وهو في خطر، إذ قد يربح وقد يفشل؟!... ثم إن الظلم والاستغلال لا يقع من الغني للفقير فحسب، بل يقع بين التجار الأغنياء أيضاً. فلو كانت المعاملة بين الأغنياء فمن هو المظلوم والمستَغل؟! لذلك يظهر فساد قول الباحث: (إن المقترض هنا هو الضعيف المضطر والمقرض هو القادر المستغل). ويرد فساد هذا القول أيضاً أن الظلم والاستغلال يقع من الفقير للغني أحياناً، فلو أعطى هذا الفقير ماله قرضاً بفائدة لذلك الغني الذي استثمر هذا المال في مشروعات إنتاجية وخسرت هذه المشروعات، ألا يكون في ذلك ظلم واستغلال؟!... ثم إنه قد ينتفي الظلم والاستغلال من عملية الربا ومع ذلك تبقى المعاملة ربوية يدل على ذلك حديث أبي سعيد الخدرس رضي الله عنه، قال: (جاء بلال بتمر برني فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”من أين هذا“؟! فقال بلال: من تمر كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال النبي عند ذلك: ”أوه عين الربا لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتر به“ [38]. ففي هذه الصورة وهي ربا الفضل قد ينتفي الاستغلال؛ لأن الصاع الجيد يساوي الصاعين الرديئين. ومع ذلك تكون هذه المعاملة ربوية، فلو كانت العلة هي الاستغلال لجازت هذه المعاملة، ولكنها غير جائزة بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم. ومما سبق رأينا أنه قد يوجد الحكم وهو حرمة الربا ولا توجد العلة التي هي الاستغلال، وقد توجد العلة أو الحكمة ولا يوجد الحكم وهذا كله يقدح في كون العلة هي الاستغلال، لأن الأصوليين قرروا كما ذكرنا أن الحكم يدور مع علته لا مع حكمته وجوداً وعدماً. الخاتمة يبدو مما سبق أن الربا محرم في القرآن الكريم والسّنّة النبوية، وعند علماء الأمة، سواء أكان الدافع إليه الإنتاج أم الاستهلاك. وأن دعوى إباحة الربا في القرض الإنتاجي لا أساس لها، ولا مستند يعضدها، بل الأدلة الكثيرة والمختلفة ترفض تلك الدعوى. بل إن تلك الأدلة لم تفرق بين الربا في القروض الإنتاجية أو الاستهلاكية، إنما حرمت الربا مطلقاً. ثم إنه لا يوجد أي مصلحة معتبرة ولا ضرورة لإباحة هذا النوع من الربا، لأن لكل من المصلحة والضرورة ضوابط شرعية يؤخذ بها. ثم إن المصلحة هي بتحريم الربا لأن أضراره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أكثر من منافعه. ومن ثم فإنه لا يصح القول بأن العلة في تحريم الربا هي الاستغلال أو الظلم؛ لأن الظلم أو الاستغلال هو الحكمة من تحريم الربا، وهناك فرق بين الحكمة والعلة، فالحكم الشرعي يدور مع العلة لا مع الحكمة وجوداً وعدماً.
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:23 pm | |
| آثار الربا الاجتماعية إن الربا عمل يتنافى مع الشرع الإسلامي ، إنه يقوم على الاستغلال ، والمرابي لا يجعل الله في حسابه ولا يراعي المبادئ والغايات والأخلاق، وإنما الغاية عنده هي تحصيل المال بأي طريق وأية وسيلة، ويؤدي هذا إلى إنشاء نظام يسحق البشرية ويشقيها أفراداً وجماعات، دولاً وشعوباً، لمصلحة شرذمة قليلة من المرابين لا يرعون عهداً ولا ذمة لأحد من الناس([1]). وللربا في المجتمعات التي تتعامل به آثارٌ وخيمة على الفرد وحده وعلى المجتمع بأسره ويمكن أن نبحث في آثار الربا الاجتماعية من ناحيتين:- الناحية الأخلاقية والنفسية والناحية الجماعية وهي كما يلي:- المبحث الأول:- آثار الربا من الناحية الأخلاقية والنفسية:- أنزل الله دينه ليقيم العباد على منهج العبودية الحقة التي تعرج بهم إلى مدارج الكمال، وتسموا بهم إلى المراتب العليا، وبذلك يتخلصون من العبودية([2])، لِيقَصروا أنفسهم على عبادة رب الخلائق، ويتخلصون بذلك من الدخن والفساد الذي يخالط النفوس في تطلعاتها ومنطلقاتها،إنّ الإسلام يريد أن يطهر العباد في نفوسهم الخافية المستورة، وفي أعمالهم المنظورة، وتشريعات الإسلام تعمل في هذين المجالين، وهذا الذي نشير إلى أنّ الإسلام يريده بنا هو الذي سمّاه القرآن التزكية والتطهير: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " [ التوبة : 103 ] . وقد أقسم الرب تبارك وتعالى في سورة الشمس أقساماً سبعة على أنّ المفلح من زكَّا نفسه، والخائب من دسَّاها:- " قد أفلح من زكاها، وقد من دساها " [ الشمس : 9 –10 ] . والربا واحد من الأعمال التي تعمق في الإنسان الانحراف عن المنهج السوي، ذلك أنّ المرابي يستعبده المال، ويعشي ناظريه بريقُه، فهو يسعى للحصول عليه بكل سبيل، وفي سبيل تحقيق المرابي لهدفه يدوس القيم، ويتجاوز الحدود، ويتعدى على الحرمات([3]). والربا ينبت في النفس الإنسانية صفات ذميمة ويصرف عنه ما يحصل للمؤمنين المتقين من السعادة، وفيما يلي استعراض لأهم هذه الآثار الملاحظة على من يتعامل بالربا:- 1. الربا ينبت في النفس الإنسانية الجشع كما ينبت الحرص والبخل:- وهما مرضان ما اعتورا نفساً إلا أفسدا صاحبها([4]) فبالنظر إلى العمل بالربا نجد أنه يبدأ من رغبة في جمع المال منطبعاً بالأثرة والبخل وضيق الصدر والعبودية للمال والتكالب عليها… وهذا على العكس مما يأمر به الشرع الاسلامي القائم على الزكاة والصدقات وعلى الكرم والسخاء والإيثار … وغير ذلك من الصفات الشريفة([5]). 2. الشَّره والكسل غير المريح:- وإنَّ هذه الآفة([6]) تظهر آثارها جلية واضحة في الشره الذي يخيم على نفوس المرابين، ويجعلهم يستغلون كل قوى غيرهم وإنتاجه في كسب يعود عليهم، فإنَّ من السَّهل على مَنْ عنده عشرة آلاف درهم أن يعرضها بفائدة خمسة في المائة أو ستة في المائة فيجيء إليه وهو جالس في عقر داره خمسمائة درهم كل عام، من غير جهد ولا عمل ومن غير أن يتعرض لخسارة ، إلا أن تجتاح المقترض جائحة تأكل الأخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر… وفي غالب الأحيان قد احتاط الدائن لماله فينقض عند نكبة المدين على ما عساه يكون قد بقي من ماله… وإنّ ذلك الكسل الذي يكون فيه الدائن ليس هو الكسل المريح، بل هو الكسل الذي يصحبه الوسواس الدائم والاضطراب المستمر لأنه قد أودع ثروته بين أيدي الناس يراقبهم، ويتتبعهم، لا ليشركهم في خسارتهم ومغارمهم كما يشركهم في كسبهم ومغانهم، بل يترقبهم ليحافظ على ماله وفائدته التي تتضاعف عاماً بعد عام.. ([7]) 3. الإسراف وعدم الادخار:- وإن تسهيل القرض بفائدة شجع الكثيرين على الإسراف وعدم الادخار، فإنه إذا كان يشجع على الادخار الآثم عند بعض الناس، فهو يشجع على عدم الادخار عند الآخرين، لأنه إذا كان المسرف يرى مَنْ يقرضه بالفائدة في أي وقت فأنه لا يرعوي، ولا يحسب حساب المستقبل بحيث يدخر في حاضره ما يحتاج إليه في قابله، وإن اضطرته حاجته يجد المصرف الذي يقرضه بفائدة الضامن الذي يضمنه([8]). 4. الاضطراب النفسي المستمر:- إن التعامل بالربا يوجد اضطراباً نفسياً مستمراً بالنسبة لآكل الربا وموكله على السواء، وإنه فوق ما يحدثه من اضطراب في النظام الاقتصادي يوجد قلقاً نفسياً مستمراً للمتعاملين، وهو بالنسبة لآكله ينبعث من جشعٍ أساسه الكسب من جهود غيره، وبالنسبة للآخر المستغل ينبعث من جشعٍ في كسبٍ ليس في مقدوره. والجشع من طبيعته أن يحدث اضطراباً مستمراً في قلب الجاشع، وأحاسيسه ومشاعره، ولذلك قرر بعض الأطباء المتدينين أنّ كثرة الأمراض التي تصيب القلب – فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر أو الذبحة الصدرية أو الجلطة الدموية أو النزيف بالمخ أو الموت المفاجئ – سببها ذلك الاضطراب الاقتصادي الذي ولَّد جشعاً لا تتوافر أسبابه الممكنة… ولو اسْتُبدل بذلك النظام الاقتصادي – الذي يجعل المقرض آكلاً دائماً، والمقترض مأكولاً غارماً في أكثر الأحوال أو كثير منها – نظامٌ اقتصادي أساسه التعاون بين المقرض والمقترض في المغنم والمغرم لكان أجلب للاطمئنان وأعدل وأقوم وأهدى سبيلاً([9]). 5. تخبط المرابي:- قال تعالى:- " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" [ البقرة : 275 ]. وهذه الآية وإن كانت – كما يقول كثير من المفسرين- تتحدث عن حال المرابي عندما يقوم من قبره وأن حاله يكون كالذي يتخبطه الشيطان من المس، إلا أن النظرة المتأملة تهدينا إلى أن الحال التي يبعث عليها المرابي مناسبة للحالة التي كان عليها في الدنيا، فالجزاء من جنس العمل، فلما كان المرابي في دنياه يتخبط خبط عشواء، ويتصرف تصرفات خرقاء، كان خاله في الآخرة على الخط نفسه، قال الحرالي:- (في إطلاقه إشعار بحالهم في الدنيا والبرزخ والآخرة، ففي إعلامه إيذان بأن آكله يُسلب عقله، ويكون بقاؤه في الدنيا بخُرْقٍ لا بعقل، يُقبل في محل الإدبار، ويدبر في محل الإقبال) ([10]). وقد عقب البقاعي على مقال الحرالي بقوله:- (وهو مؤيد بالمشاهدة فإنا لم نر ولم نسمع بآكل ربا ينطق بالحكمة ولا يشهر بفضيلة، بل هم أدنى الناس وأدنسهم) ([11]).([12]). 6. الجبن والكسل:- فالمرابي جبان يكره الإقدام، ولذلك يقول المرابون والذين ينظرون لهم: إنّ الانتظار هو صنعة المرابي فهو يعطي ماله لمن يستثمره، ثم يجلس ينتظر إنتاجه لينال حظّاً معلوماً بدل انتظاره، وهو كسول متبلد لا يقوم بعمل منتج نافع، بل تراه يريد من الآخرين أن يعملوا ثم هو يحصل على ثمرة جهودهم([13]). 7. قسوة القلب:- إنَّ قلوب المرابين في بعض الأحيان تكون أقسى من الحجارة :- " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإنّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله "[ البقرة : 74 ] . لقد وصف الله آكل الربا بأنه كفار أثيم في قوله:- " يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" [ البقرة : 276 ]. وكفار وأثيم صيغتان من صيغ المبالغة تدلان على أن المرابي بلغ الغاية في الكفر([14]) والإثم، وذلك أن المرابي كما يقول ابن كثير- رحمه الله-:- (لا يرضى بما قسم الله له من الحلال ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة فهو جحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل) ([15]).([16]). وإنّ اهتمامات المرابي وتطلعاته وغاياته تدور حول أمر واحد هو مصالحه الذاتية، فلا تراه يحزن لدموع الثكالى، ولا لأنات الحزانى، ولا لأوجاع اليتامى، يرى البؤساء والفقراء، فلا يعرف من حالهم إلا أنهم صيد يجب أن تُمتص البقية الباقية من دمائهم. ألم يصل الحال بالمرابين قساة القلوب إلى أن يستعبدوا في بعض أدوار التاريخ أولئك المعسرين الذين لم يستطيعوا أن يفوا بديونهم وما ترتب عليها من ربا خبيث؟. 8. أن أكل الربا والتغذي به من جملة موانع إجابة الدعاء:- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:- "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً" [ المؤمنون : 51 ] وقال تعالى:- " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " [ البقرة : 172 ] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب ، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي والدارمي([17]). فيؤخذ من هذا الحديث أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة…. وقد يكون ارتكاب المحرمات مانع من الإجابة أيضاً وكذلك ترك الواجبات…. وعن عمر- رضي الله عنه- قال:- (بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح)…. وقال مالك بن دينار : (أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجاً فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إليّ أكُفًّا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعداً). وقال بعض السلف: (لا تستبطئ الإجابة، وقد سددت طرقها بالمعاصي) ([18]). ولا شك إن من أعظم المحرمات ومن أكبر الكبائر أكل الربا والتعامل به فيكون داخلاً في معنى هذا الحديث، لأن من ملء بيته من الربا وكان مطعمه ربا وملبسه ربا ومشربه الربا وغذي بالربا فقد عرض نفسه لهذه العقوبة من الله تعالى وهي عدم إجابة الدعوة. المبحث الثاني:- آثار الربا على المجتمع بأسره:- إنه لا يكاد يختلف اثنان في أنَّ المجتمع الذي يتعامل أفراده فيما بينهم بالأثرة، ولا يساعد فيه أحد غيره إلا أن يرجو منه فائدة راجعة على نفسه، ويكون فيه عوزُ أحد ما وضيقُه وفقرُه فرصةً يغتنمها غيره للتمول والاستثمار، فتكون مصلحة الطبقات الغنية الموسرة فيه مناقضة لمصلحة الطبقات المعدمة، لا يمكن أن يقوم ويظل قائماً مثل هذا المجتمع على قواعد محكمة أبداً، ولا بد أن تبقى أجزائه مائلة إلى التفكك والتشتت في كل حين من الأحيان. ثم إذا عاونت على هذه الوضعية الأسباب الأخرى أيضاً، لا تلبث هذه الأجزاء تتحارب وتتشابك فيما بينها. وبالعكس من ذلك، إن المجتمع الذي يقوم بناؤه على التعاون والتناصح والتكافل ويتعامل أعضاؤه فيما بينهم بالكرم والسخاء، ولا يكاد يحس فيه أحد أن أحداً من إخوانه في حاجة إلى مساعدته، إلا سارع إلى الأخذ بيده، وعامل فيه الأغنياء إخوانهم الفقراء بالإعانة متطوعين أو بالتعاون العادل على الأقل، لا بد أن تنشأ وتنمو صعداً عواطف التحاب والتناصر والتناصح في قلوب أفراد مثل هذا المجتمع وتبقى أجزاؤه متكافلة متساندة فيما بينها ولا تتطرق إليه عوامل التنازع والتصادم الداخلي أبداً، وأن يكون أسرع كذلك إلى الرُّقي والكمال والازدهار من المجتمع الأول([19]). والآثار التي تظهر في المجتمع الذي يتعامل بالربا آثار كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:- 1. فقدان التآلف وحصول الكراهية والحقد والبغض بين أفراد ذلك المجتمع:- لا يمكن أن تقوم المجتمعات الإنسانية ما لم يترابط الناس فيما بينهم بروابط الود والمحبة القائمة على التعاون والتراحم التكافل، ومنبعُ الود والمحبة والتكافل والتعاون والتراحم الأخوةُ بين أفراد الأمة الواحدة . والأفراد في الجماعة، أو القطاع من الأمة الذين لا تؤرقهم آلام إخوانهم وأوجاعهم ومصائبهم كالعضو الأشل، الذي عدم فيه الإحساس وانقطعت روابطه بباقي الجسد،…. كيف ينعم مجتمع إذا انبث في جنباته أكلة الربا الذين يقيمون المصائد والحبائل لاستلاب المال بطريق الربا وغيره من الطرق!! وكيف يتآلف مجتمع يسود فيه النظام الربوي الذي يسحق القويُّ فيه الضعيف!! كيف نتوقع أن يحب الذين نُهبت أموالهم، وسُلبت خيراتهم ناهبيهم وسالبيهم!! إنّ الذي يسود في مثل هذه المجتمعات هو الكراهية والحقد والبغضاء، فترى القلوب قد امتلأت بالضغينة، والألسنة قد ارتفعت بالدعاء على هؤلاء … الذين سلبوهم أموالهم([20]). فالربا ينمي الضغائن والأحقاد بين الناس لعدم اقتناع المقترض بما أُخذ منه مهما كانت حاجته، ورغبته فيه([21]) فينشأ الحقد والغضب في قلبه ضد صاحب المال، حيث يشاهده يأخذ منه ما كسبه بعرق جبينه ظلما وباطلاً بدل أن يواسيه أو يقرضه قرضاً حسناً في ظروفه الحرجة… وهذا ليس كلاماً نظرياً فحسب، بل يشهد على ذلك التاريخ ويصدقه الواقع([22]). وكثيراً ما يتعدى الأمر ذلك – الحقد والبغض- عندما يقوم المقترض بثورات تعصف بالمرابين وأموالهم وديارهم، وتجرف في طريقها الأخضر واليابس([23]). 2. اختلال توزيع الثورة المؤدي إلى خلل يصيب المجتمع:- إذا أصبح المال دولة بين الأغنياء، شقي أغنياء ذلك المجتمع وفقراؤه، والربا يركز المال في أيدي فئة قليلة من أفراد المجتمع الواحد، ويحرم منه الجموع الكثيرة، وهذا خلل في توزيع المال … وهو الذي يجعل اليهود يصرون على التعامل بالربا، ونشرِه بين العباد، كما يحرصون على تعليم أبنائهم هذه المهنة، كي يسيطروا على المال ويحوزوه إلى خزائنهم. وهذا الخلل الذي يُحدثه الربا في المجتمعات الإنسانية- وهو خلل توزيع الثروة- داءٌ يعجز علاجه الأطباء، وقد اعترف رجال الاقتصاد في العالم الغربي بعجزهم عن علاج هذا الخلل الذي أصاب العالم الغربي … يقول أحدهم:- (إنني وقد قاربت سنَّ التقاعد، أريد أ، أوصي الجيل الأصغر مني سنّاً في هذه القضية: لقد أصبحنا الآن بعد هذه الجهود الطويلة في بلبلة مستمرة، فكلنا يشقى بسبب توزيع الثروة، وتوزيع الدخل، سواء منها ما كان جزئياً، مثل قضية الفائدة والربا، أم ما كان مثل تفاوت الطبقات، تعبنا في هذا ولم نصل إلى شيء). وهذا تصريح منه بالنتيجة الحتمية التي يصير إليها كل معرض عن هدي السماء: (لقد أصبحنا في بلبلة مستمرة)…(كلنا يشقى بسبب توزيع الثروة)…وتعبنا ولم نصل إلى شيء)…. إنه الشقاء ، شقاء الحياة الدنيا، وشقاء الآخرة أشد وأبقى " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"[ طه : 124 – 126 ] ([24]). ومن ظواهر هذا الأثر تضخم المال بطريق غير مشروعة، لأنه تضخم على حساب سلب مال الفقير وضمه إلى كنوز الغني، وحسبك بهذا داءاً فتاكاً في المجتمعات وسبباً في الخصومات والعداوات…([25]) 3. تدمير الربا للمجتمعات:- إن الربا بما يحدثه في النفوس من أمراض، وبما يوجده في الاقتصاد من بلايا، وبما يصنعه من خلل يصيب المجتمعات الإنسانية بالدمار…وقد لعب الربا دوراً هاماً في انهيار المجتمعات..وظهور الاقتصاديات القائمة على الرق منظراً لأن القرض قبل زمن كان مضموناً بشخص المقترض نفسه إلى جانب ضمانات أخرى كانت النتيجة نزع ملكية صغار المزارعين، وتحويل عدد منهم إلى رقيق، مما أدى في النهاية إلى تركيز الملكية العقارية في أيد قلائل، هذا ما فعله الربا في الماضي، وقد استطاع الكُتَّاب الذين لم يتعمقوا في باطن الأمور أن يدركوا آثاره في تلك المجتمعات، ولكن كثيراً من هؤلاء يظنون أن الفائدة الربوية اليوم لا تحدث في المجتمعات الإنسانية ما أحدثته في تلك المجتمعات، لقد حول المرابون في القديم البشرَ إلى عبيد يعملون في المزارع التي سرقوها من أولئك العبيد، ولا يزال المرابون إلى اليوم يسعون إلى السيطرة على ثمار جهود البشر وسرقة عَرَقِهم وأموالهم….وقد يقال إن الحال اليوم قد تغير، والفائدة أصبحت محدودة، وهي لا ترهق الأفراد ولا المؤسسات ولا الحكومات، وهذا قصور في النظر وخطل من القول، فإن فوائد البنوك الربوية وبيوتات المال في أوائل القرن لم تكن تتعدى الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة أو الستة أو السبعة في المائة على أكثر تقدير، أما اليوم فإن الفائدة التي كانت تعلنها البنوك الربوية قد بلغت (18)أو(20) في المائة، وقد بلغ الربا في بعض المعاملات في إحدى الدول في أزمة من الأزمات (800) في المائة وكان حجم الأموال التي سببت الأزمة بلغ (27) ملياراً منها (9) مليارات تراكمت بسبب الربا والذين لا يأكلون الربا كانوا أبعد الناس عن التأثر بتلك الأزمة. ومما يدل على أن هذا البلاء لا يزال آخذاً بأنفاس الناس، ولا يزال رابضاً على قلوبهم، أن ما يسمى بدول العالم الثالث اليوم مثقلة بديون لا تستطيع صادراتها كلها أن تفي بسداد خدمة الديون الربوية([26]). 4. عدم استخدام المواهب في نهضة البلاد واستغلال خيراتها:- فهو يربي الإنسان على عدم استخدام مواهبه التي أنعم الله بها عليه في العمل النافع والإنتاج المثمر، فيقعد عن العمل والسعي في الأرض وإذا وجد أن إيداعه لنقوده في بنك مثلاً يمكنه من الأكل من ربحها، فيفعل ذلك ويترك العمل ويصبح عضواً فاسداً في المجتمع حيث أفسد تعامله بالربا خلقه وشعوره تجاه أخيه فتفسد بذلك حياة الجماعة…([27]) 5. التعامل بالربا يؤدي إلى خَلْق طبقة مترفة لا تعمل:- حيث تعتمد هذا الطبقة على ما يعود لها من الأرباح الربوية، فتتعطل المكاسب والتجارات والحرف والصناعات التي لا تنتظم مصالح العالم إلا بها، إذ من يحصل على درهمين بدرهم كيف يتجشم مشقة كسب أو تجارة([28]). 6. استغلال حاجة المحتاجين:- فالربا يستغل حاجة المحتاجين ويلحق بهم الكثير من الأضرار دون اختيار منهم([29]) ، فالمجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمع منحل، متفكك لا يتساعد أفراده فيما بينهم، ولا يساعد أحد غيره إلا إذا كان يرجو من ورائه شيئاً([30]). 7. الربا يلغي معاني الفضيلة:- فهو يلغي معاني الفضيلة، والتعاون على البر والتقوى([31]) ، فالمرابي الذي قد أعشى نظره بريقُ المال لا يعرف إلا مصالحه وهو يبغض كل ما يؤدي إلى انقطاع أرباحه الربوية، وبهذا تتربى عنده تلك الخصال الذميمة من الشَّره والبخل والكسل والجبن هي مضادة تماماً لمعاني الفضيلة من الكرم والشجاعة والتعاون وحب الخير لعموم المسلمين. 8. انقطاع المعروف بين الناس من القرض:- لعل من الحكم في تحريم الربا أنه يؤدي إلى انقطاع المعروف والإحسان الذي في القرض، إذْ لو حَلَّ درهم بدرهمين ما سمح أحد بإعطاء درهم بمثله([32]). 9. أنه وسيلة الاستعمار:- يقول السيد سابق رحمه الله :- (وهو وسيلة الاستعمار، ولذلك قيل: الاستعمار يسير وراء تاجر أو قسيس، ونحن قد عرفنا الربا وآثاره في استعمار بلادنا) ([33]). هذه بعض الآثار التي تظهر في ذلك المجتمع الذي يتعامل بالربا، وهذا بعض ما يلاقيه من استبدل أوامر الله تعالى ومنهجه السوي بغيره من المناهج الأرضية ولو التزم الناس بأوامر دينهم التي منها ترك الربا وتحريمه، لعاشوا حياة سعيدة بعيدة عن الشقاء والضرر، ولكن الله سبحانه جعل السعادة لأهل الإيمان، والشقاء لمن أعرض عن الله وعن ذكره، والله المستعان. ([1]) الربا وخطره وسبيل الخلاص منه : 29 . ([2]) أي عبودية البشر . ([3]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 101 – 102 . ([4]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 102 . ([5]) الربا وخطره وسبيل الخلاص منه : 29 – 30 . وانظر أيضاً الربا أضراره وآثاره : 52 . ([6]) أي آفة الربا وهي آفة اجتماعية واقتصادية . ([7]) تحريم الربا تنظيم اقتصادي : 14 – 15 . ([8]) السابق : 17 . ([9]) تحريم الربا تنظيم اقتصادي : 18 – 19 . والربا وأثره على المجتمع الإنساني : 104- 105 . ([10]) تفسير القاسمي : 3 / 701 . ([11]) السابق . ([12]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 107 –108 . ([13]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 102 – 103 . وقد تقدم أن هذا الكسل تصحبه آثار أخرى من الاضطراب وغيره مما يجعل المرابي ليس مرتاحاً في حياته . ([14]) سبق المراد بالكفر هنا . ([15]) تفسير ابن كثير : 1 / 312 . ([16]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 108 –109 . ([17]) مسلم بشرح النووي : 7 / 88 رقم ( 1015 ) والترمذي : 8 / 174 رقم ( 2992 ) وأحمد : 2 / 2328 . والدارمي : 2 / 210 رقم ( 2720 ) . ([18]) جامع العلوم والحكم : 1 / 275 – 277 . وفيه الآثار عن عمر ومالك بن دينار وبعض السلف . ([19]) الربا للمودودي : 50 –51 . ([20]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 108 – 109 . ([21]) الاقتصاد الإسلامي : 85 . ([22]) التدابير الواقية : 90 –91 . ([23]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 109 –110 . ([24]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 111 – 114 . بتصرف . والربا خطره وسبيل الخلاص منه : 30 . ([25]) تيسير العلام : 2 / 198 . ([26]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 114 – 118 . بتصرف . ([27]) الربا خطره وسبيل الخلاص منه : 30 . ([28]) فقه وفتاوى البيوع : 154 . ومن محاسن الدين الإسلامي : 81 . ([29]) الاقتصاد الإسلامي : 85 . ([30]) الربا أضراره وآثاره : 52 . ([31]) الاقتصاد الإسلامي : 85 . ([32]) فقه وفتاوى البيوع : 154 . ومن محاسن الدين الإسلامي : 81 . ([33]) فقه السنة : 3 / 157 .
| |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:26 pm | |
| آثار الربا الاقتصادية إن الربا آفة من الآفات، إذا أصابت الاقتصاد فإنها تنتشر فيه انتشار السرطان في جسم الإنسان، وكما عجز الأطباء عن علاج السرطان فإن المفكرين ورجال السياسة والاقتصاد عجزوا عن علاج بلايا الربا. ومن العجيب أن بعض الناس ظنوا أن الربا يحدث خيراً للناس، ومثلهم في ذلك مثل الذين يظنون أن التورم في بعض الأجساد الناشئ من المرض صحةً وعافيةً، فليس كل تضخم في الجسم صلاحاً، إن السرطان إنما هو تكاثر غير طبيعي لخلايا الجسم، وهذا التكاثر ليس في مصلحة الإنسان، بل هو مدمر لحياته، وفاتك به. وكذلك ما يولد الربا ليس صلاحاً للاقتصاد بل هو مدمر للاقتصاد، والمشكلة أنَّ بلايا الربا لا تظهر مرة واحدة في كيان المجتمع وكيان الاقتصاد، يقول الرازي: (الربا وإن كان زيادة في الحال إلا إنه نقصان في الحقيقة) ([1]). وهذا مستفاد من النص القرآني: " يمحق الله الربا " [ البقرة :276 ] فالمحق نقصان الشيء حالاً بعد حال … فالذين يتعاملون بالربا يظنون أن فيه كسباً، والحقيقة التي أخبر بها العليم الخبير، والتي كشف عنها واقع البشر الذي دمره سرطان الربا أن الربا ممحقةٌ للكسب مدمرٌ للاقتصاد، ذلك أنه يطيبه بعلل خبيثة يعي الطبيبَ…. دواؤُها، الربا ليس بركة ورخاء بل هو مرض عضال يُذهب المال ويقلله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل"([2]). أي: قلة. وعلماؤنا الذين أبصروا الحقائق من خلال النصوص القرآنية والحديثية أدركوا هذه الحقيقة، يقول الرازي: (إن الربا وإن كان زيادة في الحال إلا أنه نقصان في الحقيقة، وإن الصدقة وإن كانت نقصاناً في الصورة فهي زيادة في الحقيقة) ([3]). ويقول المراغي: (إن عاقبة الربا الخرابُ والدمار، فكثيراً ما رأينا ناساً ذهبت أموالهم، وخربت بيوتهم بأكلهم الربا) ([4]). ويقول القاسمي: (المال الحاصل من الربا لا بركة له، لأنه حاصل من مخالفة الحق، فتكون عاقبته وخيمة) ([5]). والآفات الاقتصادية التي يجلبها الربا كثيرة([6]) ، وسنذكر بعضها فيما يلي مبتدئين بالآثار العامة لهذه الآفة الاقتصادية – آفة الربا- :- المبحث الأول:- الآثار الاقتصادية العامة للربا والآثار العامة للربا على الاقتصاد كثيرة منها ما يلي:- 1. الربا من أسباب غلاء الأسعار:- يشكو العالم اليوم من غلاء الأسعار، وسببه يرجع إلى حدٍّ كبير إلى النظام الربوي السائد اليوم، لا يرضى صاحب المال، إذا استثمر ماله في صناعة أو زراعة أو شراء سلعة، أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، وذلك لأنه يفكر بأنه استثمر المال وبذل الجهد واستعد لتحمل الخسارة فلا بد أن تكون نسبة الربح أكثر من نسبة الربا، وكلما زادت نسبة الربا غلت الأسعار أكثر منها بكثير، هذا إذا كان المنتج أو التاجر صاحب مال. وأما إذا كان المنتج أو التاجر ممن يقترض الربا، فرفعُه أسعار منتجاته وسلعته أمرٌ بدهي، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه ربا…. يقول أحد علماء الغرب: (لعله يلزم أن تكون نسبة الربح من (15) إلى (20%) لترغيب الناس في مخاطرة الاستثمار عندما يكون سعر الفائدة الخالص(5) أو(6%)، وتُحدث تلك النسبة من الربح تفاوتاً في توزيع الدخل الفردي، وعند انخفاض السعر الخالص إلى (2) أو (3%) تحت تأثير نظام المصارف أو الوسائل المالية الأخرى سيكون ممكناً للمبادلة الاجتماعية أو السلطات المباشرة خفض نسبة الربح إلى (5) أو (10%) ) ([7]). ولا يقف الأمر عند غلاء الأسعار، بل يحدث اضطراب في حياة الناس حيث لا يتمكنون من شراء حاجاتهم الأساسية بسبب غلاء الأسعار([8]). هذا لأن الربا والفائدة سبب في رفع تكاليف الإنتاج التي يترتب عليها رفع الأسعار وهذا يؤدي إلى أضرار محققة على الناحية الاقتصادية([9]). 2. الربا من أسباب البطالة:- يتسبب الربا في انتشار البطالة، وذلك لأن أصحاب الأموال يفضلون أموالهم بالربا على استثمارها في إقامة مشروعات صناعية أو زراعية أو تجارية، وهذا- بالتالي- يقلِّل فرص العمل، فتنتشر البطالة في المجتمعات التي يسود فيها التعامل الربوي، ويؤكد هذا ما نشاهده من معاناة الدول الغربية من مشكلة البطالة رغم تقدُّمها فنياً وتطورها في الصناعة… وتبذل حكومات تلك الدول الجهد لتشغيل الناس والسيطرة على مشكلة مع إبقاء سبيلها؟ وقد بَيَّن علماء الغرب الارتباط الوثيق بين البطالة والتعامل الربوي، يقول أحدهم: (من مصلحتنا أن نخفض سعر الربا إلى درجة يتمكن من تشغيل الناس جميعاً) ([10]).([11]). 3. التضخم:- التضخم يقصد به: وجود اتجاه صعودي في الأثمان بسبب وجود طلب زائد أو فائض بالنسبة إلى إمكانية التوسع في العروض. والتضخم له أسباب طبيعية وأسباب غير طبيعية، ومن الأسباب غير الطبيعية الربا، فالمرابي بما يقرضه من فائدة مرتفعة يجبر أصحاب السلع والخدمات على رفع أثمان هذه السلع والخدمات، ولا شك أن التضخم يسيء إلى الناس كثيراً خاصة أصحاب الدخول النقدية الثابتة كالموظفين والعمال، ومن ثمَّ تنخفض دخولهم الحقيقية، وإذا اضطرت الحكومات إلى مواجهة الأمر برفع دخول الموظفين والعمال فالملاحظ أن تقرير الزيادة لا يتم بسرعة وفي الوقت المناسب، ولذلك يجب أن يعمل المفكرون ورجال السياسة والاقتصاد على محاربة التضخم، خاصة ذلك النوع الذي يُسمِّيه الاقتصاديون بالتضخم الجموح والذي ترتفع فيه الأثمان ارتفاعاً غير طبيعي، ومن أعظم الأسباب التي تؤدي إليه الربا، فمنعه إنما هو علاج لمرض خطير([12]). 4. الربا يسبب شقاوة المقترضين لحاجاتهم الشخصية:- يبدو أن النظام الربوي يساعد المقترضين، حيث يتمكنون من تلبية حاجاتهم بالمال الذي ينالونه بالقرض، لكن إذا نظرنا إلى ما يترتب على هذا الاقتراض وجدنا أنه سبب دمارهم وشقاوتهم،…. إنَّ نسبة الربا التي يتقاضاها المرابون من هؤلاء عالية جداً … ونتيجة لذلك، إذا وقع أحدٌ فريسةً للمرابين، فلا يكاد يخرج من شباكهم، يدفع المقترض ربا الدَّين، في كثير من الأحيان أكثر من أصل الدَّين، في حين يبقى الدَّين في ذمته كاملاً غير ناقص، وقد قيل عن حالة المدين المزارع في الهند:- (يولد الفلَّاح وهو مدين، ويعيش وهو مدين، ويموت وهو مدين) ([13]) ، وقد بين هذا علماؤنا قبل الغرب أثناء ذكرهم حكمة تحريم الربا، يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- أثناء بيانه حكمة تحريم ربا القروض:- (فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال وكلما أخره زاد في المال، حتى تصير المائة عنده آلافاً مؤلفة، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج، فإذا رأى أن المستحقَّ يؤخر مطالبته، ويصبر عليه بزيادة يبذلها له، تكلَّف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقت إلى وقت، فيشتد ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدَّين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربوا المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخيه على غاية الضرر، فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرم الربا) ([14]). 5. منع الربا من الاستثمار في المشروعات المفيدة للمجتمع:- يجد صاحب المال في النظام الربوي فرصة للحصول على نسبة معينة من الربا على ماله، وهذا يصرفه عن استثمار ماله في مشروعات صناعية وزراعية وتجارية مهما كانت مفيدة للمجتمع، إلا إذا اعتقد حصول نسبة ربح أكثر من تلك المشروعات من نسبة الربا، وقد لا يرغب مع ذلك في تلك المشروعات، حيث إنها تتطلب بذل الجهد واستعداداً لتحمل الخسارة، في حين يتمكن فيه صاحب المال من الحصول على الربا بدون مشقة ومخاطرة، وقد بَيَّن العلماء هذه الحقيقة أثناء ذكرهم حكمة تحريم الربا، يقول الفخر الرازي:- (قال بعضهم : الله تعالى إنما حرم الربا من حيث إنّه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد نقداً كان أو نسيئة، خفَّ عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمَّل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة) ([15]). ويؤثر إعراض الناس عن استثمار أموالهم في المشروعات المختلفة على نمو رأس مال المجتمع… فهكذا يحرم الربا أصحاب الأموال من استثمار أموالهم في المشروعات ويجعلهم كسالى، ويترتب على هذا الانخفاض في الإنتاج، ويظهر تأثير الربا في انخفاض الإنتاج من جانب آخر، وذلك أن نفقات المشروع الذي يقترض صاحبه مالاً له بالربا تزداد، فتقل نسبة الأرباح وبالتالي تضعف الرغبة في تنفيذ المشروع، وهذا يؤدي إلى انخفاض الإنتاج([16]). 6. تعطيل الطاقات البشرية:- الربا يعطل الطاقات البشرية المنتجة، ويُرغِّب في الكسل وإهمال العمل، والحياة الإنسانية إنما ترقى وتتقدم إذا بذل الجميع طاقاتهم الفكرية والبدنية في التنمية والإعمار، والمرابي الذي يجد المجال رحباً لإنماء ماله بالربا يسهل عليه الكسب الذي يؤمن له العيش، فيألف الكسل، ويمقت العمل، ولا يشتغل بشيء من الحرف والصناعات، يقول الرازي:( حرم الربا من حيث إنّه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد نقداً كان أو نسيئة، خفَّ عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمَّل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والعمارات) ([17]). ثم إنَّ تعطيل الربا للطاقات المنتجة لا يتوقف على تعطيل طاقة المرابي، بل إنّ كثيراً من طاقات العمال ورجال الأعمال قد تقل أو تتوقف، ذلك أن الربا يوقع العمال في مشكلات اقتصادية صعبة، فالذين تصيبهم المصائب في البلاد الرأسمالية لا يجدون إلا المرابي الذي يقرضهم المال بفوائد عالية تعتصر ثمرة أتعابهم، فإذا أحاطت هذه المشكلات بالعمال أثرت في إنتاجهم. هذا جانب، وجانب آخر أن الربا يسبب الركود الاقتصادي والبطالة وهذا يعطل الطاقات العاملة في المجتمعات الإنسانية([18]). 7. تعطيل المال:- وكما يعطل الربا جزءاً من الطاقات البشرية الفاعلة، فإنه كذلك يعطل الأموال عن الدوران والعمل، والمال للمجتمع يعد بمثابة الدم الذي يجري في عروق الإنسان، وبمثابة الماء الذي يسيل إلى البساتين والحقول، وتوقف المال عن الدوران يصيب المجتمعات بأضرار فادحة، مثله كمثل انسداد الشرايين، أو الحواجز الذي تقف في مجرى الماء. وقد رهب الله تبارك وتعالى الذين يكنزون المال وتهددهم بالعذاب الأليم الموجع:- " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون" [ التوبة : 34 –35 ] وقد شرع الله من الأحكام ما يكفل استمرار تدفق المال إلى كل أفراد المجتمع، بحيث لا يصبح المال دولة بين الأغنياء دون غيرهم:" كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" [ الحشر : 7 ]. والمرابي بجبنه وتطلعاته إلى الكسب الوفير لا يدفع ماله إلى المشروعات النافعة والأعمال الاقتصادية إلا بمقدار يضمن عودة المال وافراً كثيراً، وهو يحبسه إذا ما أحس بالخطر، أو طمع في نسبة أعلى من الفائدة في المستقبل، وعندما يقل المال في أيدي الناس يقع الناس في بلاء كبير. ثم إن مقترضي المال بالربا لا يُسهمون في الأعمال المختلفة إلا إذا ضمنوا نسبة من الربح أعلى من الربا المفروض على الدَّين([19]). 8. الربا يشجع على المغامرة والإسراف:- الحصول على المال بالربا سهل ميسور، ما دام المرابي يضمن عودة المال إليه، ولذا فإنّ الذين ليس لهم تجربة، وليس عندهم خبرة، يغريهم الطمع، فيأخذون القروض بالربا، ثم يدخلون في أعمال هي إلى المقامرة أقرب منها إلى الأعمال الصالحة، ومتى كَثُر هذا النوع من الأعمال فإنه يضر باقتصاد الأمة، والمرابي لا يمتنع من إمداد هؤلاء بالمال، لأنه لا يشغل باله الطريقة التي يوُظَّف المال بها، وكل ما يشغله عودة المال برباه، وقد أوجب علينا الإسلام منع السَّفيه من التصرف في ماله حفاظاً على ثروة الأمة من الضياع:- " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي يجعل الله لكم قياماً" [ النساء : 5 ] ولاحظ قوله: "أموالكم"، فقد جعل مال السفيه مالاً للأمة بها قوام أمرها فالربا يسهل وضع الكثير من مال الأمة بين أيدي المغامرين والجهلاء الذين قد يبددون هذه الأموال، ويزداد الأمر سوءاً عندما يستولي المرابي على بيوتهم ومزارعهم والبقية الباقية من مصانعهم ومتاجرهم. وسهولة الاقتراض بالربا تشجع على الإسراف وإنفاق المال فيما لا يفيد ولا يغني..يقول المراغي([20]):- (فالسر في هذا أن المقترضين يسهل عليهم أخذ المال من غير بدل حاضر ويزين لهم الشيطان إنفاقه في وجوه الكماليات التي كان يمكن الاستغناء عنها، ويغريهم بالمزيد من الاستدانة، ولا يزال يزداد ثقل الدّين على كواهلهم حتى يستغرق أموالهم، فإذا حل الأجل لم يستطيعوا الوفاء وطلبوا التأجيل، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدّين يزداد يوماً بعد يوم، حتى يستولي الدائنون قسراً على كل ما يملكون، فيصبحون فقراء معدمين، صدق الله :" يمحق الله الربا ويربي الصدقات"[ البقرة : 276 ] ([21]). 9. الكساد والبطالة:- إذا ارتفعت أثمان الأشياء ارتفاعاً عالياً فإن الناس يكفون عن الإقبال على السلع والخدمات المرتفعة الأثمان، إما لعدم قدرتهم على دفع أثمانها، أو لأنها ترهق ميزانيتهم، وإذا امتنع الناس عن الشراء كسدت البضائع في المخازن والمتاجر، وعند ذلك تقلل المصانع من الإنتاج، وقد تتوقف عنه، ولا بد في هذه الحالة من أن تستغني المصانع والشركات عن جزء من عمَّالها وموظفيها في حالة تخفيض إنتاجها، أو تستغني عن جميع عمّالها وموظفيها إذا توقفت عن الإنتاج، وعندما يحس المرابين بما يصيب السوق من زعزعة يزيدون الطين بلَّة، فيقبضون أيديهم، ويسحبون أموالهم، فعند ذلك تكون الهزات الاقتصادية. الأمر العجيب لأن الأموال في المجتمع كثيرة، ولكنها في خزائن المرابين، والناس بحاجة إلى السلع، ولكنهم لا يشترونها لعدم وجود المال بين أيديهم، والعُمَّال يحتاجون إلى عمل، ولكن المصانع والشركات تمتنع من تشغيلهم لحاجتها إلى المال من جانب وإلى تصريف بضاعتها من جانب. إن الربا يحدث خللاً في دورة التجارة، والإسلام في سبيل إصلاح هذا الخلل وغيره حرَّم الربا، وشرع تشريعات كثيرة تمنع تركز المال في أيدي طائفة من أفراد المجتمع… واليوم تعاني أمريكا زعيمة الرأسمالي من أزمة بطالة مخيفة حيث زاد عدد العاطلين عن العمل في أمريكا عن اثني عشر مليوناً، وعدد الشركات التي أعلنت إفلاسها في عام 1982م ربا على (25000) شركة، وهذه النسبة تُعدُّ رقماً قياسياً لم تبلغه تلك الديار منذ سنة 1933م، وأظهرت إحصاءات رسمية أذيعة في بون ألمانيا الغربية أن عدداً قياسياً من شركات ألمانيا الغربية قد أفلست في عام 1982م بسبب الكساد والركود الاقتصادي وأسعار الفائدة المرتفعة ونقص رأس المال الاستثماري …([22]) إن تكبيل الأمم بهذه القيود الرهيبة يجعلها تعمل وتعمل وتعمل ولا تستفيد من عملها شيئاً، كل عملها يذهب إلى خزائن المرابين،وعند ذلك لا يستطيع الأفراد الحصول على حاجياتهم، ومع ذلك فإن الدولة تفرض المزيد من الضرائب، وترفع الأسعار لمواجهة العجز في مدفوعاتها، فتقوم الثورات وتحصل الاضطرابات وتزهق الأرواح،… وقد يصل الأمر إلى درجة تعجز الدولة عن السداد وعند ذلك تلغي الدولة ديونها…([23]) 10. توجيه الاقتصاد وجهة منحرفة:- ومن بلايا الربا أنه يُوجه الاقتصاد وجهة منحرفة، فالمرابي يدفع لمن يعطيه ربحاً أكثر، وأخذ القرض الربوي لا يوظف المال الذي اقترضه إلا في مجالات تعود عليه بربح أكثر مما فرضه عليه المرابي. إذن القضية تكالبٌ على تحصيل المال، وفي سبيل ذلك تتجاوز المشروعات النافعة التي تعود بالخير على المجتمع، ويوظف المال في المشروعات الأكثر إدراراً للربح. فإذا كانت نوادي القمار ونوادي العهر والفسق تعطي عائداً أكثر من المشروعات الصناعية والتجارية فإن المال الربوي يجري إليها جرياً، في حين تحرم المشروعات التي يحتاج إليها الإنسان من تلك الأموال([24]). 11. التسبب في الأزمات الجائحة:- إن الربا في ذاته يسهل على الناس أن يدخلوا في مغامرات لا قبل لهم باحتمال نتائجها – كما سبق بيانه- فالتاجر بدل أن يتجر في قدر من المال يتكافأ مع قدرته المالية على السداد، يأخذ مالاً بفائدة ليزيد في متجره، وقد يكسب من ذلك….، ولكن العاقبة غير محمودة إن نزلت البضائع، فإنه لا يكون في قدرته البيع في الوقت الذي يريد، إذ أن الفائدة التي تلاحقه، والديون التي تركبه تضطره للبيع في الوقت الذي لا يناسبه، فتكون الخسارة الفادحة، أو يكون الإفلاس المدمِّر، والديون تحيط بذمته، كما تحيط الأغلال بعنقه. وقد ثبت أن الأزمات الجائحة التي تعتري الاقتصاد العالمي تكون من الديون التي تركب الشركات المقلة، فإن عجزها عن السداد عند الكساد يدفعها إلى الخروج عن بضاعتها بأقل الأثمان إن وجدت من يشتري، ولذلك كانت تعالج هذه الأزمات الجائحة بتقليل الديون بطرق مختلفة، كإحداث تضخم مالي من شأنه أن يضعف قيمة النقد فيقل الدين تبعاً لذلك…. أو بتنقيص الديون مباشرة([25]). 12. إضعاف القوة الشرائية عند الطبقة الفقيرة والعمال مما يعرقل ترقية التجارة والصناعة:- إن المرابي يسلب مَنْ يقرضه من ذي الحاجة آخرَ ما يبقى عنده من قوة الشراء. إن بطالة مئات الألوف من البشر، والدخل الزهيد لملايين منهم سبب عرقلة شديدة في سبيل ترقية تجارة البلاد وصناعتها،…. وإذا حصلت بعض القوة الشرائية عند هؤلاء الملايين من الفقراء بدخلهم القليل وأجورهم غير الكافية، فإنهم لا يستطيعون أن يشتروا بها أدوات الحاجة ومرافق الحياة اللازمة، فإن المرابي يسلبهم معظمها ثم لا يستهلكها في اشتراء البضائع والخدمات ولكن ليزيد على المجتمع قروضاً تجلب مزيداً من الربا إلى خزانته، فلو أنه إذا كان في الدنيا كلها خمسون مليون رجل ممن وقعوا في مخالب المرابين يؤدي كل واحد منهم جنيهاً فقط في كل شهر، فمعناه أن الدنيا يبقى فيها في كل شهر من البضائع ما قيمته خمسون مليوناً دونما استهلاك، وينصرف هذا القدر من المال في كل شهر في خلق قروض ربوية جديدة بدل أن يرجع إلى إنتاج البلاد الاقتصادي([26]). 13. وضع مال المسلمين بين أيدي خصوم الإسلام:- من أخطر ما أصيب به المسلمون أنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دول الكفر، وهذا الإيداع يجرد المسلمين من أدوات النشاط الاقتصادي ومن القوة الظاهرة في المبادلات، ثم يضعها في أيدي أباطرة المال- اليهود- الذين أحكموا سيطرتهم على أسواق المال وهذه والفوائد الخبيثة التي يدفعها لنا المرابون هي ثمن التحكم في السيولة الدولية([27]). المبحث الثاني:- من أضرار الربا في قروض التجار والصناع (القروض الإنتاجية) ([28]) : هذه القروض هي التي يأخذها التجار والصناع وأصحاب الحرف الأخرى لاستغلالها في شؤونهم المثمرة([29]). إنَّ مما تقتضيه مصلحة التجارة والصناعة والزراعة وما إليها من الأعمال الاقتصادية الأخرى، أن الذين يشتركون فيها من أي وجه من الوجوه ينبغي أن تكون مصالحهم وأغراضهم وميولهم متحدة متجهة إلى ترقيتها والارتفاع بها، وأن تكون خسارتها خسارتهم جميعاً حتى يسعوا مجتمعين للسلامة من خطرها وإنقاذ أنفسهم من الوقوع فيه، وأن يكون ربحها ربحهم جميعاً ليستفيدوا في ترقيتها. فكان مما تُجبه المصلحة الاقتصادية من هذه الناحية أن الذين يشتركون في التجارة أو الصناعة أو الزراعة لا بقواهم الذهنية أو البدنية ولكن برؤوس أموالهم فقط، ينبغي أن تكون مشاركتهم أيضاً من هذا النوع نفسه حتى يكونوا على اتصال بها كغيرهم، ويسعوا معهم في ترقيتها وإنقاذها من الوقوع في الخسارة، لكن لما انفتح على وجوه المرابين من أصحاب الأموال أن يستغلوا أموالهم في التجارة والصناعة لا من حيث هم شركاء فيها بل على أن يكون منهم ديناً فيها، وألا يزالوا يحصلون كذلك من التجارة أو الصناعة على ربحهم حسب سعر معين سنة فسنة أشهراً فشهر… فالذين بأيديهم الوسائل لجمع المال واستغلاله في أعمال الإنتاج الاقتصادي لا يستغلونه في التجارة أو الصناعة بأنفسهم ولا يشاركون به غيرهم بل الذي يتمنونه ويسعون له دوماً أن ينصرف رأس مالهم في تجارة غيرهم أو صناعتهم أو زراعتهم بصورة الدين حتى يضمن لهم ربح مالي معين على تقلبات الأحوال وحدوث الكوارث، ويودُّون أن يكون هذا الربح المالي المعين على أرفع ما يكون من السعر السنوي أو الشهري مما له مضار فادحة عديدة نشير إلى بعضها فيما يلي([30]):- 1. ركز المال في موضع واحد دون أن يتقلب في شـأنٍ نافع مثمر وتعذر وسائل الإنتاج: لا يزال معظم رأس المال بل كله أكثر الأحيان، مدخراً مرتكزاً في موضع واحد دون أن يتقلب في شأن نافع مثمر لا لشيء إلا لأن الرأسماليين يرجون ارتفاع سعر الربا في السوق. نعم، تكون في الدنيا وسائل كافية قابلة للإنتاج، وكذلك يكون في الدنيا عدد غير يسير من طلاب المعاش يهيمون على وجوههم ملتمسين العمل المرتزق لأنفسهم، وكذلك يكون الطلب على أدوات الحاجة ومرافق الحياة موجوداً في الناس، ولكن على كل ذلك لا تكون في الدنيا وسائل الإنتاج ولا يجد العاطلون عملاً يرتزقون منه ولا تستهلك البضائع في الأسواق حسب الطلب الحقيقي. وما كل ذلك إلا لأن الرأسمالي لا يعطي ماله لتجارة أو صناعة مادام لا يرجوا أن يعود عليه ماله بذلك السعر المرتفع الذي يود أن يناله بماله([31]). 2. عدم الاستفادة من الأموال إلا وفق مصلحة ذلك المرابي:- إن الطمع في السعر المرتفع شيء يجعل الرأسمالي يمسك ماله عن جريانه إلى تجارة البلاد وصناعتها وزراعتها، أولا يفتحه لها إلا وفق مصلحته الشخصية ، لا وفق حاجة البلاد، ومضرة ذلك على البلاد كمضرة من لا يفتح ماء ترعته، أو لا يفتحه إلا وفق ما تقتضيه مصلحته الذاتية لا وفق ما تقتضيه حاجة المزارع والبساتين. يستعد لفتح الماء بسعر رخيص على أوسع قدر إذا كانت المزارع والبساتين لا تحتاج إليه، ويرفع سعره على قدر ما تشتد إليه حاجة المزارع والبساتين، ولا يزال يرفعه ويرفعه حتى لا تعود لأصحاب المزارع والبساتين منفعة ما في إرواء أراضيهم بمائه بهذا السعر([32]). 3. اتجاه رأس المال إلى أعمال لا تحتاج إليها المصلحة العامة:- إنه من آثار الربا أن رأس المال لا يرضى أن يتجه إلى أعمال نافعة تشتد إليها الحاجة للمصلحة العامة مادامت لا ترد على صاحبه بالربح حسب سعر الربا في السوق، ويجري – على العكس من ذلك- متدفقاً إلى أعمال لا تحتاج إليها المصلحة العامة مادامت تعود على صاحبها بربح مغدق. وبالجانب الآخر إن الربا هو الذي يحمل التجار والصناع ويدفعهم إلى الاستعانة بكل ما تصل إليه أيديهم من الطرق المشروعة وغير المشروعة ليكسبوا أكثر من سعر الربا([33]). 4. إرغام أصحاب الصناعة والحرف على سلوك طريق ضيق النظر وعلى عدم الجرأة في أعمالهم:- يأبى الرأسماليون أن يقرضوا العمال والصناع أموالهم لأجل طويل لأنهم يريدون، في جانب أن لا تخلوا أيديهم أبداً من مقدار كبير من المال قابل للاستغلال في القمار، ويرتؤون في الجانب الآخر أنه إذا ارتفع سعر الربا في السوق فيما بعد فإنهم سيخسرون بما يكونون أقرضوا من أموالهم لأجل طويل من قبل. فينتج من كل ذلك أن أصحاب الصناعة والحرف الأخرى يُرغمون طبعاً على سلوك طريق ضيق النظر، وعلى عدم الجرأة في أعمالهم، فلا يأخذون من هؤلاء الرأسماليين إلا ديوناً قصيرة الأجل ويكتفون بأعمال موقتة محدودة النطاق مكان أن يعملوا شيئاً للمصلحة العامة الدائمة والتوسيع في نطاقها. ففي مثل هذا الوضع يستعصي عليهم أن يصرفوا ثروة عظيمة في شراء الآلات والماكينات المستحدثة، بل لا يجدون لأنفسهم بُدَّاً أن يظلوا يستخدمون ما بأيديهم من الآلات والماكينات القديمة المستعملة وألاّ يوردوا إلى السوق إلا منتجات رديئة، حتى يتمكنوا من الوفاء بما عليهم من الدين ورباه ويولدوا مع ذلك شيئاً من الربح لأنفسهم، ثم إن من آثار هذه الديون القصيرة الأجل نفسها أن أصحاب المصانع يقللون من إنتاج البضائع في مصانعهم بمجرد ما يحسون بقلة الطلب عليها من السوق، ولا يجدون من أنفسهم جرأة ـ ولو إلى مدة قصيرة ـ على أن يبقوا ينتجون البضائع في مصانعهم على ذلك النطاق نفسه الذي كانوا ينتجونها عليه من قبل، لأنهم يجدون أنفسهم مهددين بالخطر الداهم قائمين على شفا حفرة من الإفلاس إذا انخفضت قيمة بضائعهم في السوق([34]). 5. إفلاس أكثر المدينين أو إتيانهم بحيل غير مشروعة مخلة بالنظام الاقتصادي في البلاد:- إن المال الذي يستقرضه التجار والصناع لمشاريعهم التجارية والصناعية لأجل طويل، يسبب أخذ الربا عليه منهم حسب سعر معين كثيراً من المفاسد. فمثل هذه الديون تؤخذ عامة لعشرة أعوام أو عشرين أو ثلاثين عاماً ويتفق فيها الفريقان على سعر مخصوص يوفيه المدين إلى الدائن سنوياً، ولا يراعي فيها ولا يمكن أن يراعي مادام لا يرى الفريقان من ظهر الغيب ما سيتقلب على أثمان البضائع من تطورات الارتفاع أو الانخفاض وأنه إلى أي حد سوف تزيد أو تقل أو تنعدم بتاتاً فرص الربح للمدين خلال مدة العشر سنين أو العشرين أو الثلاثين سنة الآتية. وهَبْ أن رجلاً يستقرض اليوم مقداراً عظيماً من المال لعشرين سنة بسعر (70%) سنوياً ثم ينشئ على أساسه عملاً كبيراً مهماً، فهو مضطر بطبيعة الحال ألا يزال يؤدي إلى الدائن سنة فسنة إلى سنة(2017م) قسطاً من أقساط دينه وما عليه من الربا، ولكن إذا انخفضت الأثمان في السوق سنة (1999م) إلى شطر ما هي عليه اليوم مثلاً، فمعناه أن هذا المدين مادام لا يبيع في تلك السنين القادمة أضعاف ما يبيعه اليوم من بضائع، فإنه لن يستطيع أن يؤدي إلى الدائن قسطه من الدين ولا من الربا وستكون النتيجة اللازمة لذلك أن يفلس أكثر مدينين هذا الدائن أو يأتوا بحيل غير مشروعة مخلة بنظام بلادهم الاقتصادي لينقذوا أنفسهم من الإفلاس. ومما لا يكاد يقوم فيه أدنى ارتياب عند كل عاقل أن الرأسمالي الذي يقرض التجار والصناع بين الأثمان المرتفعة والمنخفضة في مختلف الأزمان، ليس ربحه الذي لا يتبدل مع انخفاض الأثمان وارتفاعها في شيء من العدل والإنصاف ولا يمكن إثبات تمشيه مع مبادئ الاقتصاد، ومساعدته على الرفاهية الاجتماعية. أوقد سمعتم في الدنيا بمقاول إذا كان يعاهد زبائنه على أن يهيأ لهم شيئاً من أدوات حاجتهم، يقطع أن لن يهيأ لهم هذا الشيء في العشرين سنة القادمة إلا بهذا السعر الذي يهيئه لهم به الآن. فإن كان هذا الوضع الغريب لا يمكن في نوع من أنواع البيع الطويلة الأجل في الدنيا، فما للرأسمالي المرابي وحده دون غيره مع مدينه على قيمة مخصوصة لدينه، ثم لا يزال يتقاضاه إياهم إلى مدة غير قصيرة من السنين! ([35]).
المبحث الثالث:- من أضرار الربا في قروض الحكومات من أهالي بلادها وهذه القروض هي التي تأخذها الحكومات من أهالي بلادها لأغراض مثمرة أو غير مثمرة. فهي على قسمين: نوع يكون لأغراض غير مثمرة ونوع يكون لأغراض مثمرة([36]). ونتناول الآن كل قسم بالبحث لنعرف مضار الربا فيه:- المطلب الأول في قروض الحكومات من أهالي بلادها لأغراض غير مثمرة:- كالحروب: أما هذا النوع فإن الربا عليه لا يختلف في شكله من الربا الذي يتقاضاه المرابون من مدينيهم الأفراد، بل هو شر منه وأكثر قذراً لأنه ليس معنى هذا النوع من الربا إلا أن ثمة رجلاً من كفله المجتمع ورباه وأخذ بيده حتى أصبح قادراً على الكسب ودافع عنه الأخطار وحماه من المضار والخسائر، وقام نظامه المدني والسياسي والاقتصادي بجميع الخدمات التي تيسر له أن يكسب معاشه وهو آمن وداع فأصبح يأبى أن يقرض مجتمعه شيئاً من ماله بغير الربا، حتى ولا عند الحاجات التي ليس من شأنها أن ترجع بشيء من الربح المالي، والتي تتوقف على تحققها مصلحته نفسه مع مصلحة غيره من أبناء المجتمع. تراه يقول لمجتمعه الذي كفله ورباه : لا بد لي أن اتقاضاك أجري سنوياً على ما تقترض مني من المال، سواء أكسبت منه ربحاً أم لم تكسب. أَقْذِرْ بهذا الوضع من المعاملة وأَبْشِعْ عندما تتعرض البلاد لحرب، ويمسي نفس هذا المرابي وماله وعرضه مع نفوس غيره من أفراد المجتمع وأموالهم وأعراضهم عرضة للخطر. ومن المعلوم أن كل شيء في الخزانة ينفق في مثل هذه الحالات، وأنه لا ينفق لغرض ينحصر في نجاحه أو إخفاقه موت هذا المرابي وحياته أيضاً مع موت سائر أفراد المجتمع وحياتهم. ومن أجل ذلك يكون جميع أفراد المجتمع يضحون فيه بمهجهم وأرواحهم وأوقاتهم وجهودهم ولا يتساءل أحد منهم عما سينال من الربح سنوياً على ما يبذل من روحه وأوقاته وجهوده للدفاع عن البلاد، إلا هذا المرابي فإنه يرفع رأسه من جمعهم ولا يرضى بإقراض شيء من ماله إلا على شرط أن ينال الربح على ماله بحساب كذا وكذا في المائة سنوياً، وألا يزال يناله مادامت الأمة بجميع أفرادها لا تصفيه حسابه وتؤدي إليه آخر قرش من رأس ماله ولو طالت هذه المدة إلى قرن كامل بل إلى عدة قرون، ويصر على أن ينهال هذا الربح على خزنته حتى من جيوب أولئك الذين يجرحون لدفاعهم عن بلادهم في أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم، ويصابون في أولادهم وإخوانهم وأزواجهم عبثاً فهل تستحق مثل هذه الفئة أن يكفلها المجتمع ويسمنها بإيكالها الربا؟!!([37]).
المطلب الثاني من أضرار الربا في قروض الحكومات من أهالي بلادها لأغراض مثمرة:- يتسبب الربا في هذا النوع من القروض في مضار وخيمة في اقتصاد البلاد منها ما يلي:- 1. إصابة الحكومات بأزمات مالية شديدة:- إن القروض التي تأخذها الحكومات لأغراضها المثمرة، تأخذها عامة لآجال طويلة، ولكن لا تكون أي حكومة، عندما تأخذ هذه القروض بسعر سنوي معين، على علم بما سيطرأ على أحوال بلادها الداخلي والشؤون الدولية الخارجية من التطورات والحوادث خلال العشرين أو الثلاثين سنة الآتية، ولا تدري هل ستعود عليها هذه الأغراض التي تأخذ لها هذه القروض بشيء من الربح أم لا؟. وكثيراً ما تخطئ هذه الحكومات في مقاييسها وقلما تعود عليها مشاريعها وأعمالها بالربح على حسب سعر الربا فضلاً عن أن تعود عليها بربح أكثر. فكل هذا من الأسباب الهامة والعوامل الأساسية التي تصيب الحكومات بأزمات مالية شديدة يستعصي عليها معها إيفاء رأس المال الديون السالفة وأقساط الربا فضلاً عن أن تنفق مزيداً من المال على مشاريع مثمرة جديدة([38]). 2. عدم إنفاق الحكومة الأموال في مشاريع مفيدة إن كانت نسبة ربحها أقل من الربا المفروض عليها:- إن سعر الربا في السوق يقرر حداً للربح من المال، لا تستعد أي حكومة أن تنفق أموالها في عمل يرجع عليها بربح دونه، ولو كان ذلك العمل في منتهى الإفادة والنفع بالنسبة للجمهور في البلاد، فعمارة البقاع غير العامرة وإصلاح الأراضي القاحلة، وتهيئة الماء للري في البقاع الجدبة، وإنشاء الشوارع في القرى وحفظ صحة سكانها… وما إلى هذا من الأعمال النافعة الأخرى بالنسبة للبلاد وعامة سكانها، فمهما تكن بالغة في أهميتها في حد ذاته ومهما يلحق بالبلاد من الضرر بعدم وجودها، فإن أي حكومة لا تكاد تنفق فيها شيئاً من مالها مادامت لا ترجوا منها ربحاً مساوياً لسعر الربا في السوق أو أكثر منه([39]). 3. فرض الضرائب والمكوس على أهالي البلاد:- إن الحقيقة في باب مثل هذه الأعمال والمشاريع التي تستقرض الحكومة المال بالربا للإنفاق فيها أن الحكومة إنما تلقي وزر رباها على عامة أهالي البلاد وتستجلبه من جيب كل واحد منهم بفرض الضرائب والمكوس عليهم ولا تزال تؤدى إلى الرأسماليين إلى مدة مديدة من الزمن آلافاً مؤلفة من الليرات في كل سنة. فإذا كانت الحكومة تشرع اليوم مثلاً في مشروع كبير للري، وتنفق فيه خمسين مليون ليرة باستقراضها بسعر (6%)، فعليها – بحكم هذا الحساب- أن تؤدي في كل سنة ثلاثة ملايين من الليرات إلى الرأسماليين. ومن الظاهر أن ليس بيد الحكومة ينبوع ينفجر لها بمثل هذا القدر الكبير من المال فهي تلقي وزره على الفلاحين الذين ينتفعون من هذا المشروع، ولا بد –على هذا- أن يكون هناك في كل ما يؤدي هؤلاء الفلاحون إلى الحكومة من المال جزء لأداء هذا الربا. كما أن الظاهر كذلك أن هؤلاء الفلاحين لا يؤدون هذا الربا من جيوب أنفسهم، بل يلقون وزره على قيمة حاصل أراضيهم كأن هذا الربا يُؤخذ على وجه غير مباشر من كل من يشتري الغلة من السوق ليعد منه الخبز في بيته من أهالي البلاد([40]). 4. جريان الأموال من الفقراء إلى الأغنياء:- وتتمة للأثر السابق: إذا عجزت الحكومة مثلاً، عن تسديد هذا الدين إلى خمسين سنة فإنها لن تنفك إلى نصف قرن تقوم بواجب جمع "الاكتتاب" من الفقراء وتساعد به الأغنياء في بلادها، ولن تكون منزلتها في هذا الشأن مختلفة عن منزلة كاتب الحسابات المرابي فكل هذا مما يجعل الثروة في الاقتصاد الاجتماعي تجري من الفقراء إلى الأغنياء، مع أن الذي يقتضيه فلاح الجماعة ومصلحتها هو أن يكون جريان الثروة من الأغنياء إلى الفقراء([41]). وأخيراً إن هذه المضار والمفاسد لا توجد في الربا الذي تؤديه الحكومة على قروض تأخذها لأغراضها المثمرة فحسب، بل هي توجد أيضاً في جميع المعاملات الربوية التي يتعامل بها أصحاب التجارة والصناعة والحرف الأخرى، لأن من الظاهر أن كل تاجر أو صانع أو زارع لا يؤدي الربا إلى المرابي من جيبه، بل يلقي وزره على أثمان بضائعه ومنتجاته وحاصلات أرضه ويجمعه فلساً فلساً من جيوب عامة الأهالي "اكتتابا" منهم لمساعدة أصحاب الملايين وعشرات الملايين. الحق أن أكثر من يستحق المساعدة في هذا النظام المنكس الغاشم هو أغنى من في البلاد من أصحاب الثراء والأموال، وأن أكثر من يجب عليه أن يساعد هذا "المسكين" هو من لا يكسب بعرق جبينه ووصله سواد ليله ببياض نهاره إلى ليرة أو بعض ليرة حيث الحرام عليه أن يشتري بها رغيفاً يمسك به رمق حياته وحياة أهله وأولاده المتضورين جوعاً قبل أن يُخرج من هذا الرغيف حق ذلك "المسكين" المتمول الذي يستحق المرحمة والمعونة أكثر من غيره([42]). المبحث الرابع:- من أضرار الربا في قروض الحكومات من الخارج وهي القروض التي تأخذها الحكومات من المرابين من خارج بلادها([43]). إن مثل هذه القروض تكون عامة لمبالغ عظيمة قد تبلغ أحياناً آلاف الملايين… والحكومات عامة تأخذ هذه القروض في أحوال تهجم فيها على بلادها أزمات غير عادية لا تكاد تكفي وسائل البلاد المالية لتقوم في وجهها وتكشف غمتها، فتتجه إذن للاستقراض من الخارج طمعاً في ترقية وسائلها بمزيد من السرعة إذا أنفقت مقداراً عظيماً من المال في مشاريعها وأعمالها الإنشائية، ثم إن هذه القروض تؤخذ عامة بسعر يتراوح بين(6-7) و(9-10%) سنوياً، أي أن الربا عليها كثيراً ما يبلغ مئات الملايين سنوياً…!! إن المتمولين والمرابين في سوق المال الدولية يقرضون مثل هذه الحكومات أموالهم بتوسيط حكوماتهم بينهم وبينها ويرتهنون منها إحدى وسائل دخلها المهمة كالجمرك أو التنبول أو السكر أو الملح، ضماناً منها بوفاء قروضها إليهم. إن هذا النوع من القروض الربوية يحمل في نفسه جميع المفاسد والسيئات والمضار التي سلف فيها القول آنفاً… ولكن بالإضافة إلى جميع هذه المفاسد والمضار يحمل هذا النوع في نفسه مفسدةً هي أشد خطراً وأكثر مضرة على الإنسانية من سائرها هي:- " أن الأمم بجميع ما تشتمل عليه من الأفراد والطوائف تختل ميزانيتها وحالتها الاقتصادية لأجل هذا النوع من القروض" مما يؤثر تأثيراً غير محمود في الوضع الاقتصادي للدنيا كلها، ويغرس بذور العداوة والبغضاء بين أمم الأرض وشعوبها، وليس إلا من فضل هذه القروض أن شباب الأمم البائسة عندما تتكسر قلوبهم في آخر الأمر يبدءون بالإقبال على فلسفات سياسية واجتماعية واقتصادية متطرفة والبحث عن الحل لمصائبهم وكوارثهم .. بطريق ثورات دامية وحروب ضارية. من الظاهر أن كل حكومة إذا لم تكن وسائلها المالية كافية في رفع مصائبها وقضاء حاجاتها، فإن لها أن تؤدي كل سنة ربا مقداره عشرات ومئات الملايين… مع أدائها قسطاً من أقساط دينه، ولا سيما إذا كان دائنها ارتهن منها وسيلة كبيرة من وسائلها المالية وضيق نطاق دخلها عما كان عليه من قبل. ومن ثَمَّ إن حكومةً تستقرض مبلغاً عظيماً من المال بهذا الطريق، قلما تزول مصائبها في معظم الأحيان، لأنها كثيراً ما تلتجئ لتصفية أقساط قروضها ورباها إلى فرض الضرائب الفادحة على رؤوس سكان بلادها والإقلال من نفقاتها، مما يزيد من قلق الأهالي ويسعر نار اضطرابهم في جانب لأنهم لا يستعيضون عما ينفقون من المال مالاً يعادله، وفي الجانب الآخر يستعصي على الحكومة أن تبقى مؤدية أقساط القروض والربا في الميعاد على ما تكلف به الجمهور وفوق طاقتهم في أداء الضرائب. ثم إذا بدأ التقصير عن البلاء في أداء قروضها، بدأ قارضوها يرمونها بقلة الأمانة وأكل مال الغير بالحرام وبدأت جرائدهم …. بإيماء منهم، تطعن فيها، حتى يؤول الأمر إلى أن تتوسط حكومتهم بينهم وبينها ولا تقتصر على الضغط والإرهاب السياسي عليها لمصلحة رأسمالها فقط، بل تستغل مصائبها ونكباتها لمصالحها السياسية أيضاً، فتحاول حكومة البلاد المدينة النجاة من هذه الأزمة بالزيادة من ضرائبها على سكان بلادها وتقل من نفقاتها ولكن ذلك يؤثر تأثيراً لا تحمد عواقبه في أهاليها ويحدث في طبيعتهم النزق والطيش لأجل ما يتقبلون فيه بصفة دائمة من الأوزار المالية والأزمات الاقتصادية المتصاعدة، فيزيدهم طعن المقترضين في الخارج وضغطهم السياسي غضباً وزمجرة، مما يفضي بهم أخيراً إلى عدم الثقة بالمدبرين المعتدلين في بلادهم ويستعر في صدورهم نار الغضب والحنق ويجعلهم يتبعون المتطرفين الذين يتبرءون إلى الميدان يتحدون أصحاب تلك الديون يقولون: (أنزلونا عن مطالبكم واستردوا منا أموالكم إن كنتم على ذلك من القادرين). وهنا يبلغ شر الربا وفتنته منتهاها، فهل لرجلٍ من ذوي الفهم والتعقل بعد كل هذا، أن يشك في فداحة شرور الربا ومفاسده وويلاته على المجتمع الإنساني، ويتردد في الاعتراف بأن الربا سيئة يجب تحريمها بتاتاً؟. وهل لرجلٍ بعد أن شاهد مضار الربا ونتائجه، على ما بيناها آنفاً، أن يرتاب في صدق قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:- "الربا سبعون جزءاً أيسرها أن ينكح الرجل أمه" ([44]) . ([45]). والحمد لله رب العالمين . ________________________________________ ([1]) تفسير الرازي : 7 / 94 . ([2]) سبق تخريجه . ([3]) تفسير الرازي : 7 / 94 . بتصرف . ([4]) تفسير المراغي : 3 / 58 . ([5]) محاسن التأويل : 3 / 710 . ([6]) انظر ما سبق في الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 118 – 120 . ([7]) نقلاً من كتاب التدابير الواقية : 58 . ([8]) التدابير الواقية من الربا : 84 – 85 . بتصرف يسير . ([9]) الربا خطره وسبيل الخلاص منه : 33 . بتصرف . ([10]) نفلاً عن التدابير الواقية من الربا : 87 . ([11]) انظر هذا الأثر في التدابير الواقية من الربا : 85 – 87 . ([12]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 123 – 124 . ([13]) نقلاً من التدابير الواقية : 89 . ([14]) إعلام الموقعين : 2 / 103 . وانظر هذا الأثر في التدابير الواقية : 87 – 89 . ([15]) تفسير الرازي : 7 / 87 . ([16]) انظر هذا الأثر في التدابير الواقية : 82 – 84 . ([17]) تفسير الرازي : 7 / 87 . ([18]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 120 –121 . ([19]) السابق : 122 – 123 . ([20]) تفسير المراغي : 3 / 58 – 59 . ([21]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 129 –130 . ([22]) كتب هذا الكلام بتاريخ 1408 هـ . ([23]) السابق : 124 – 128 . ([24]) السابق : 128 – 129 . ([25]) تحريم الربا تنظيم اقتصادي : 16 . ([26]) الربا للمودودي : 58 – 59 . بتصرف . ([27]) الربا وأثره على المجتمع الإنساني : 132 . ([28]) هذا المبحث اعتمدت فيه على كتاب الربا للمودودي وقمت بترتيبه وتقسيمه على النقاط التي سأذكرها . ([29]) الربا للمودودي : 59 . ([30])الربا للمودودي : 59 – 60 . ([31]) السابق : 61 – 62 . ([32]) السابق : 62 . ([33]) السابق : 63 . بتصرف يسير . ([34]) السابق : 63 – 64 . ([35]) السابق : 64 – 66 . بتصرف . ([36]) السابق : 66 . بتصرف . ([37]) السابق : 66 – 67 . ([38]) السابق : 68 . ([39]) السابق : 68 – 69 . ([40]) السابق : 69 – 70 . ([41]) السابق : 70 . ([42]) السابق : 70 –71 . ([43]) السابق : 71 . ([44]) سبق تخريجه . ([45]) الربا للمودودي : 71 – 74 . مختصراً . | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:35 pm | |
| من آثار الربا الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه، والناهي والمحذر عن سخطه ونيرانه، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:...... الكسل والبطالة فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى، واحذروا عقوبة المعاصي في الدنيا والآخرة ومنها: جريمة الربا التي تقضي على المودة والتراحم بين المسلمين، وتؤدي بالأغنياء إلى الكسل، وتصرفهم عن الأعمال المشروعة للكسب الحلال إذ يفضل الأغنياء التعامل بالربا مع راحة البدن على الاشتغال بالزراعة والصناعات، أو التجارة ونحوها مما يحتاج إلى تعب البدن وعنائه؛ ولا شك أن هذا ينشر البطالة، ويقتل روح التنافس بين أصحاب الحرف، ويؤدي إلى نقص الإنتاج وقلة موارده، وينتهي الأمر إلى الغلاء، أما إذا سد باب الربا استعمل الغني أمواله بالأمور النافعة بدلاً من تعطيلها وبدلاً من استعمالها بالربا. الأمراض والمصائب والفتن أمة الإسلام: الإسلام حرم الربا؛ لأنه يساعد على خلق النظام الفاسد المخرب، الربا سبباً لجلب غضب الله عز وجل، ومنها تسليط الأمراض وناهيك بأمراض انفتحت علينا لا نعرف اسمها ولا يعرفها آباؤنا ولا أجدادنا في الزمان السابق، إنما لما تعامل الناس بالربا وصار البعض من الناس يرتكب جريمة الزنا؛ تسلطت تلك الأمراض، وبعض الكوارث لمن يتعاملون بالربا ولمن يرتكبون الزنا فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقد يقضي على حياتهم. ومضار الربا شديدة أليمة وعاقبتها وخيمة، الذين يتعاملون بالربا تضطرب نفوسهم، وتختل عقولهم، وتراهم إذا قاموا وساروا يتخبطون كمن أصابه مس من الجنون، لا فرق في هذا بين الدائن والمدين، وإنما أصابهم ذلك؛ لأنهم استحلوا الربا وعدوه كالبيع، وغاب عنهم أن هناك فرقاً عظيماً يجعل البيع حلالاً والربا حراماً. ويخشى على آكل الربا من سوء الخاتمة، فإليكم التفصيل من كلام الله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275]. اللهم عافنا من أحوالهم ومن مآلهم إلى النار وهم فيها خالدون. عباد الله! إن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]. ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً }. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء. حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول لنا ولا قوة إلا بك. اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ووفقهم لإزالة المنكرات وأعنهم عليها يا رب العالمين، وارزقهم بغضها يا حي يا قيوم، اللهم وارزقهم بغض المنكرات، وأعنهم على تغييرها وإزالتها بحولٍ منك وقوة فإنك على كل شيء قدير. اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلهم قرة أعينٍ لنا يا رب العالمين. اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين واجعلهم قرة أعينٍ لوالديهم. اللهم ردنا إليك رداً جميلاً واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:37 pm | |
| الأعجاز في تحريم الربا يقول الدكتور زغلول النجار: الحكمة من تحريم "الربا" حماية الفقراء "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"، الربا من الأمور التي حرمها الله تعالى وفي هذا التحريم إعجاز اجتماعي عظيم لأن الربا لا يضر فقط الفرد أو رجل الأعمال التاجر إنما يضر أسرته ومجتمع بل الأمة كلها ، قال تعالى "فاذنوا بحرب من الله " ، وكأن هناك جيش يقوده الله تعالى أمام ذاك المرابي ،فإن نظام الربا نظام يفتت المجتمع ونظام يدمر الأمم ويهلك الفرد والأسرة ولهذا حذرنا النبي عليه السلام من أكل الربا بحديث "من أكل درهما من الربا أشد من ست وثلاثين زنية". توجه للدكتور زغلول النجار بهذا السؤال : لم كل هذا التشدد في تعظيم هذه المعصية وما هو الأعجاز في تحريم الربا...؟ الإسلام اعطى للمال قيمة كبرى ليس في ذاته لكن لأنه وسيلة تقييم جهود وممتلكات الآخرين لهذا لا يجوز لهذه الوسيلة أن تنمو إلا بطريقة حقيقية ولا تتناقص إلا بخسارة فعلية حتى تصبح وسيلة صحيحة للقياس. ولو كان عندي مسطرة طولها خمس وعشرون مثلا فأجدها مرة خمسا وعشرين ومرة خمسا وثلاثين فلا تصلح للقياس ولهذا لكي يصبح المال وسيلة لممتلكات الآخرين لا بد أن تبقى قيمته ثابتة لا يزيد المال إلا بإنتاجية فعلية ولا يتناقص إلا بخسارة حقيقية ولهذا حرم الإسلام الربا تحريما قاطعا وجاء في الربا وأحاديث للنبي عليه الصلاة والسلام تؤكد على حرمة الوقوع في هذا الحد من حدود الله الذي جعله النبي أحد السبعة الموبقات المهلكات التي حدثنا عنها في أحاديث كثيرة والقرآن يقول:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون". المسلم الذي يتأمل هذه الآية الكريمة لا يمكن أن يتقدم إلى الربا مهما قدم له من مكاسب لأن نهاية الربا أن يكسح كسحا كاملا ويتخيل الربا أنه وسيلة نماء وهو ليس وسيلة نماء إنما هو وسيلة تدمير لكن ما هي الحكمة من تحريم الربا....؟ الحكمة الرئيسية حماية الفقراء وأصحاب الدخل المحدود في المجتمعات الإنسانية لأن التاجر إذا رفعت له سلعتك فسيرفع عليك سلعته أما الموظف والعامل والمحال إلى التقاعد أو الأرملة أو اليتيم أو الفقراء في المجتمع عموما أصحاب الدخل المحدود يتأذون إيذاء كبيرا من الربا،لأن الربا هو الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار يوما بعد يوم ويضيف دكتور زغلول: الربا إضافة للمال دون جهد ودون مخاطرة ودون إنتاجية فعلية يؤدي إلى ما يؤدي إلى التضخم والتضخم معناه أن يزيد كم المال وتضعف قوته الشرعية وهكذا فإن أصحاب الدخل المحدود يكتوون بهذا الفارق اكتواء شديدا. لذلك فإنه من أسباب تحريم الربا حماية الفقراء في المجتمع وفي نفس الوقت الوقوف أمام النماء الاصطناعي الغير حقيقي لمال فأنا مثلا عندي مشروع سيكلف مائة مليون دولار فلو تساهمنا فيه وطرح في السوق وجمعنا مائة مليون دولار وجمعنا مائة مليون دولار تأتي البضاعة الناتجة عن هذا المشروع سيارة أو ماكينة من احتياجات الإنسان تأتي بتكلفتها زيادة على ذلك مصاريف النقل ولو أنني اقترضت هذا المبلغ من بنك بنوك الربوية فيفرض علي ابتداء عشرين بالمائة زيادة مثلا والمصنع لكي يقام سيبقى أربع أو خمس سنوات وستكون هذه الفائدة قد تضاعفت مرتين أو أكثر فيكتوي بذلك أصحاب الدخل المحدود في المجتمع. لهذا فإن البنوك الإسلامي هي بنوك تذهب إلى المشروع الاستثماري أو الإنتاجي بطريقة مباشرة دون اقتراض من البنوك وتقف عند هذه الثغرة التي أرادنا ربنا أن نبتعد عنها. إذن الربا لم يحرم عبثا إنما هنالك حكم وهناك أسباب ولهذا يطلق على المرابي وصف مصاص الدماء أي كأنه يمص دماء البشر ويمص أموال البشر والهدف من المال وتنميته في المجتمع أنه يشغل الناس ويدفع المجتمع نحو التنمية والرخاء لا أن أكتنز الأموال لجهة واحدة من خلال القرض ثم أعطيهم بعض الأرباح والذي يستفيد هو الغني والفقير يزداد فقرا.وهنا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من علامات الساعة أن يربح المرء الدينار والدرهم دون أن ينظر أهو من حلال أم من الحرام. تحريم الربا لم يأت فقط بهذه الآيات القرآنية الكريمة بل إن القرآن يحذر تحذيرا شديدا للوقوع في هذا الحد من حدود الله وهو القائل "فإن لن تنتهوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله"، ومعنى هذا أنه من لم ينته عن الربا بعد أن يصله هذا الحرب فليستعد بحرب من الله ورسوله ولا أظن عاقلا يستطيع أن يقف أمام الله ورسوله والنبي عليه السلام يقول: لعن الله في الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهديه أي كل من له صلة في عملية الربا يلعنه الله تعالى ولا يمكن أن يستقيم له شأن في الدنيا أو في الآخرة لهذا قال الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. بعض المفسرين قالوا هذا في الآخرة لكنني أقول إنه في الدنيا قبل الآخرة لأن الذي يفتح شهيته لجمع المال بأية طريقة ممكنة سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة فسيصبح كالمجنون والمصروع الذي لا يعنيه شأن من شؤون الحياة إلا جمع المال ولهذا نرى الناس في سوق المال كذلك والتشبيه القرآني ينطبق عليهم تماما. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:39 pm | |
| في ظل الرخاء الآمن الذي يعد الله به الجماعة المسلمة التي تنبذ الربا من حياتها، فتنبذ الكفر والإثم، وتقيم هذه الحياة على الإيمان والعمل الصالح والعبادة والزكاة. في ظل هذا الرخاء والأمن يهتف بالذين آمنوا الهتاف الأخير ليحولوا حياتهم عن النظام الربوي الدنس المقيت، وإلا فهي الحرب المعلنة من الله ورسوله بلا هوادة ولا إمهال ولا تأخير: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (279)(البقرة). إن النص يعلق إيمان الذين آمنوا على ترك ما بقي من الربا، فهم ليسوا بمؤمنين إلا أن يتقوا الله ويذروا ما بقي من الربا، ليسوا بمؤمنين ولو أعلنوا أنهم مؤمنون، فإنه لا إيمان بغير طاعة وانقياد واتباع لما أمر الله به، فالذين يفرقون في الدين بين الاعتقاد والمعاملات ليسوا بمؤمنين، مهما ادعوا الإيمان، وأعلنوا بلسانهم أو حتى بشعائر العبادة الأخرى أنهم مؤمنون: يا أيها الذين آمنوا \تقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278. لقد ترك لهم ما سلف من الربا لم يقرر استرداده منهم ولا مصادرة أموالهم كلها أو جزء منها؛ بسبب أن الربا كان داخلاً فيها؛ إذ لا تحريم بغير نص ولا حكم بغير تشريع، والتشريع ينفذ وينشئ آثاره بعد صدوره، فأما الذي سلف فأمره إلى الله لا إلى أحكام القانون. تشريع واقعي وبذلك تجنب الإسلام إحداث هزة اقتصادية واجتماعية ضخمة لو جعل لتشريعه أثراً رجعياً، وهو المبدأ الذي أخذ به التشريع الحديث حديثاً، ذلك أن التشريع الإسلامي موضوع ليواجه حياة البشر الواقعية ويسيرها ويطهرها، ويطلقها تنمو وترتفع معاً، وفي الوقت ذاته علق اعتبارهم مؤمنين على قبولهم لهذا التشريع وإنفاذه في حياتهم منذ نزوله، وعلمهم به واستجاش في قلوبهم مع هذا شعور التقوى لله، وهو الشعور الذي ينوط به الإسلام تنفيذ شرائعه، ويجعله الضمان الكامن في ذات الأنفس فوق الضمانات المكفولة بالتشريع ذاته، فيكون له من ضمانات التنفيذ ما ليس للشرائع الوضعية التي لا تستند إلا للرقابة الخارجية. وما أيسر الاحتيال على الرقابة الخارجية حين لا يقوم من الضمير حارس له من تقوى الله وسلطان. ترغيب وترهيب فهذه صفحة الترغيب وإلى جوارها صفحة الترهيب.. الترهيب الذي يزلزل القلوب: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله . يا للهول حرب من الله ورسوله! حرب تواجهها النفس البشرية! حرب رهيبة معروفة المصير مقررة العاقبة. فأين الإنسان الضعيف الفاني من تلك القوة الجبارة الساحقة الماحقة؟ ولقد أمر رسول الله { عامله على مكة بعد نزول هذه الآيات التي نزلت متأخرة أن يحارب آل المغيرة هناك إذا لم يكفوا عن التعامل الربوي. وقد أمر الرسول { في خطبته يوم فتح مكة بوضع كل ربا في الجاهلية، وأوله ربا عمه العباس عن كاهل المدينين الذي ظلوا يحملونه إلى ما بعد الإسلام بفترة طويلة حتى نضج المجتمع المسلم، واستقرت قواعده، وحان أن ينتقل نظامه الاقتصادي كله من قاعدة الربا الوبيئة وقال { في هذه الخطبة: "وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس"، ولم يأمرهم برد الزيادات التي سبق لهم أخذها في حالة الجاهلية. عملات مختلفة فالإمام مكلف حين يقوم المجتمع الإسلامي أن يحارب الذين يصرون على قاعدة النظام الربوي، ويعتون عن أمر الله ولو أعلنوا أنهم مسلمون، كما حارب أبو بكر } مانعي الزكاة، مع شهادتهم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامتهم للصلاة. فليس مسلماً من يأبى طاعة شريعة الله ولا ينفذها في واقع الحياة. على أن الإيذان بالحرب من الله ورسوله أعم من القتال بالسيف والمدفع من الإمام. فهذه الحرب معلنة كما قال أصدق القائلين على كل مجتمع يجعل الربا قاعدة نظامه الاقتصادي والاجتماعي، هذه الحرب معلنة في صورتها الشاملة الداهمة الغامرة، وهي حرب على الأعصاب والقلوب، وحرب على البركة والرخاء، وحرب على السعادة والطمأنينة، حرب يسلط الله فيها بعض العصاة لنظامه ومنهجه على بعض. إيقاد الحروب حرب المطاردة والمشاكسة، حرب الغبن والظلم ،حرب القلق والخوف. وأخيراً حرب السلاح بين الأمم والجيوش والدول، الحرب الساحقة الماحقة التي تقوم وتنشأ من جراء النظام الربوي المقيت. فالمرابون أصحاب رؤوس الأموال العالمية هم الذين يوقدون هذه الحروب مباشرة أو عن طريق غير مباشر، وهم يلقون شباكهم فتقع فيها الشركات والصناعات، ثم تقع فيها الشعوب والحكومات، ثم يتزاحمون على الفرائس فتقوم الحرب أو يزحفون وراء أموالهم بقوة حكوماتهم وجيوشها فتقوم الحرب أو يثقل عبء الضرائب والتكاليف لسداد فوائد ديونهم فيعم الفقر والسخط بين الكادحين والمنتجين، فيفتحون قلوبهم للدعوات الهدامة فتقوم الحرب. وأيسر ما يقع إن لم يقع هذا كله هو خراب النفوس وانهيار الأخلاق، وانطلاق سعار الشهوات وتحطم الكيان البشري من أساسه وتدميره بما لا تبلغه أفظع الحروب الذرية الرعيبة. ركام يخنق الأنفاس إنها الحرب المشبوبة دائماً، وقد أعلنها الله على المتعاملين بالربا وهي مسعرة الآن، تأكل الأخضر واليابس في حياة البشرية الضالة، وهي غافلة تحسب أنها تكسب وتتقدم كلما رأت تلال الإنتاج المادي الذي تخرجه المصانع. وكانت هذه التلال حرية بأن تسعد البشر لو أنها نشأت من منبت زكي طاهر، ولكنها وهي تخرج من منبع الربا الملوث لا تمثل سوى ركام يخنق أنفاس البشرية ويسحقها سحقاً، في حين تجلس فوقه شرذمة المرابين العالميين لا تحس آلام البشرية المسحوقة تحت هذا الركام الملعون. لقد دعا الإسلام الجماعة المسلمة الأولى ولا يزال يدعو البشرية كلها إلى المشرع الطاهر النظيف، وإلى التوبة من الإثم والخطيئة والمنهج الوبيء: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون 279. فهي التوبة عن خطيئة. إنها خطيئة الجاهلية، الجاهلية التي لا تتعلق بزمان دون زمان ولا نظام دون نظام. إنما هي الانحراف عن شريعة الله ومنهجه متى كان وحيث كان.. خطيئة تنشئ آثارها في مشاعر الأفراد وفي أخلاقهم وفي تصورهم للحياة، وتنشئ آثارها في حياة الجماعة وارتباطاتها العامة، وتنشئ آثارها في الحياة البشرية كلها وفي نموها الاقتصادي ذاته. الأساس الصالح ولو حسب المخدوعون بدعاية المرابين أنها وحدها الأساس الصالح للنمو الاقتصادي واسترداد رأس المال مجرداً، عدالة لا يظلم فيها دائن ولا مدين. فأما تنمية المال فلها وسائلها الأخرى البريئة النظيفة.. لها وسيلة الجهد الفردي ووسيلة المشاركة على طريقة المضاربة، وهي إعطاء المال لمن يعمل فيه ومقاسمته الربح والخسارة، ووسيلة الشركات التي تطرح أسهمها مباشرة في السوق بدون سندات تأسيس تستأثر بمعظم الربح. وتناول الأرباح الحلال من هذا الوجه ووسيلة إيداعها في المصارف بدون فائدة، على أن تساهم بها المصارف في الشركات والصناعات والأعمال التجارية مباشرة أو غير مباشرة ولا تعطيها بالفائدة الثابتة، ثم مقاسمة المودعين الربح على نظام معين أو الخسارة إذا فرض ووقعت. وللمصارف أن تتناول قدراً معيناً من الأجر في نظير إدارتها لهذه الأموال ووسائل أخرى كثيرة ليس هنا مجال تفصيلها، وهي ممكنة وميسرة حين تؤمن القلوب وتصح النيات على ورود المورد النظيف الطاهر، وتجنب المورد العفن النتن الآسن. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: الربا السبت مايو 15, 2010 12:42 pm | |
| النظام الاقتصادي الإسلامي مقارنة بالنظام الربوي الربا هو الوجه الآخر المقابل للصدقة، فالصدقة عطاء وسماحة وطهارة وزكاة وتعاون وتكافل.. والربا شح ودنس وأثرة وفردية. والصدقة نزول عن المال بلا عوض ولا رد، والربا استرداد للدين ومعه زيادة حرام مقتطعة من جهد المدين أو من لحمه ودمه. لهذا عرضته آيات الربا في سورة البقرة (من الآية 275 إلى الآية 281) مباشرة بعد عرض الوجه الطيب السمح الطاهر الجميل الودود في آيات الصدقة، عرضاً منفراً يكشف عما في الربا من قبح وشناعة، ومن جفاف في القلب وشر في المجتمع وفساد في الأرض وهلاك للعباد فهذه الحملة المفزعة البادية في هذه الآيات على ذلك النظام المقيت تتكشف اليوم حكمتها على ضوء الواقع الفاجع في حياة البشرية أشد مما كانت متكشفة في الجاهلية الأولى، ويدرك من يريد أن يتدبر حكمة الله، وعظمة هذا الدين، وكمال هذا المنهج ما لم يكن يدركه الذين واجهوا هذه النصوص أول مرة. فها هي البشرية الضالة التي تأكل الربا وتوكله تنصب عليها البلايا الماحقة الساحقة من جراء هذا النظام الربوي في أخلاقها ودينها وصحتها واقتصادها وتتلقى حقاً حرباً من الله تصب عليها النقمة والعذاب أفراداً وجماعات وأمماً وشعوباً. نظامان متقابلان النظام الإسلامي والنظام الربوي نظامان متقابلان لا يلتقيان في تصور ولا يتفقان في أساس، ولا يتوافقان في نتيجة، فالإسلام يقيم نظامه الاقتصادي ونظام الحياة كلها على أساس أن الله سبحانه هو خالق هذا الكون وهو مالك كل موجود بما أنه هو موجده، قد استخلف الجنس الإنساني في هذه الأرض، ومكنه مما ادخر له فيها من أرزاق وأقوات على عهد منه وشرط، ولم يترك له هذا الملك العريض فوضى يصنع فيه ما يشاء كيف شاء، وإنما استخلفه فيه على شرط أن يقوم في الخلافة وفق منهج الله وحسب شريعته، فما وقع منه من عقود وأعمال ومعاملات وأخلاق وعبادات وفق التعاقد فهو صحيح نافذ، وما وقع منه مخالفاً لشروط التعاقد فهو باطل موقوف. من بين بنود هذا العهد أن يقوم التكافل بين المؤمنين بالله فيكون بعضهم أولياء بعض، وأن ينتفعوا برزق الله الذي أعطاهم على أساس الملكية الفردية المقيدة فمن وهبه الله منهم سعة أفاض من سعته على من قدر عليه رزقه، مع تكليف الجميع بالعمل كل حسب طاقته واستعداده وفيما يسره الله له، وجعل الزكاة فريضة في المال محددة والصدقة تطوعا غير محدد، وقد شرط عليهم كذلك أن يلتزموا جانب القصد والاعتدال، ويتجنبوا السرف والشطط فيما ينفقون، وفيما يستمتعون به من الطيبات التي أحلها لهم، ومن ثم تظل حاجتهم الاستهلاكية للمال والطيبات محدودة بحدود الاعتدال، وتظل فضلة من الرزق معرضة لفريضة الزكاة وتطوع الصدقة، وبخاصة أن المؤمن مطالب بتثمير ماله وتكثيره، وشرط عليهم أن يلتزموا في تنمية أموالهم وسائل لا ينشأ عنها الأذى للآخرين، ولا يكون من جرائها تعويق أو تعطيل لجريان الأرزاق بين العباد ودوران المال في الأيدي على أوسع نطاق كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم. سحق البشرية والربا عملية تصطدم مع قواعد التصور الإيماني، ونظام يقوم على تصور لا نظر فيه لله سبحانه وتعالى ومن ثم لا رعاية فيه للمبادئ والغايات والأخلاق التي يريد الله للبشر أن تقوم حياتهم عليها، وهو غير مقيد بعهد من الله، وغير ملزم باتباع أوامر الله. ثم إن الفرد حر في وسائل حصوله على المال وفي طرق تنميته كما هو حر في التمتع به، غير مقيد كذلك بمصلحة الآخرين. ومن ثم فلا اعتبار لأن يتأذى الملايين إذا هو أضاف إلى خزانته ورصيده ما يستطيع إضافته. ثم ينشئ في النهاية نظاماً يسحق البشرية سحقاً، ويشقيها في حياتها أفراداً وجماعات ودولاً وشعوباً لمصلحة حفنة من المرابين وينتهي كما انتهى في العصر الحديث إلى تركيز السلطة الحقيقية والنفوذ العملي على البشرية كلها في أيدي زمرة من أحط خلق الله وأشدهم شراً، وشرذمة ممن لا يرعون في البشرية إلا ولا ذمة ولا يرقبون فيها عهداً ولا حرمة، وهؤلاء هم الذين يداينون الناس أفراداً كما يداينون الحكومات وترجع إليهم الحصيلة الحقيقية لجهد البشرية كلها وكد الآدميين وعرقهم. كارثة العصر: والكارثة التي تمت في العصر الحديث ولم تكن بهذه الصورة البشعة في الجاهلية هي أن هؤلاء المرابين قد استطاعوا بما لديهم من سلطة هائلة مخيفة داخل أجهزة الحكم العالمية وخارجها، وبما يملكون من وسائل التوجيه والإعلام في الأرض كلها أن ينشئوا عقلية عامة بين جماهير البشر المساكين خاضعة للإيحاء الخبيث المسموم بأن الربا هو النظام الطبيعي المعقول والأساس الصحيح الذي لا أساس غيره للنمو الاقتصادي. إن النظام الربوي نظام معيب من الوجهة الاقتصادية البحتة، وقد بلغ من سوئه أن تنبه لعيوبه بعض أساتذة الاقتصاد الغربيين أنفسهم، وفي مقدمتهم د.شاخت الألماني ومدير بنك الرايخ الألماني سابقاً، وقد كان مما قاله في محاضرة له بدمشق عام1953م: "إنه بعملية رياضية غير متناهية يتضح أن جميع المال في الأرض صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين؛ ذلك أن الدائن المرابي يربح دائماً في كل عملية، بينما المدين معرض للربح والخسارة ومن ثم فإن المال كله في النهاية يملكه ملكاً حقيقياً بضعة ألوف. أما جميع الملاك وأصحاب المصانع الذين يستدينون من البنوك والعمال وغيرهم فهم ليسوا سوى أُجراء يعملون لحساب أصحاب المال ويجني ثمرة كدهم أولئك الألوف. ثم إن جميع المستهلكين يؤدون ضريبة غير مباشرة للمرابين، فإن أصحاب الصناعات والتجار لا يدفعون فائدة الأموال التي يقترضونها بالربا إلا من جيوب المستهلكين، فهم يزيدونها في أثمان السلع الاستهلاكية". حقائق أساسية ونحن هنا في ظلال القرآن لا نستقصي كل عيوب النظام الربوي، فهذا مجاله بحث مستقل. فنكتفي بهذا القدر لنخلص منه إلى تنبيه من يريدون أن يكونوا مسلمين إلى جملة حقائق أساسية: الحقيقة الأولى: أنه لا إسلام مع قيام نظام ربوي، وكل ما يمكن أن يقوله أصحاب الفتاوى من رجال الدين أو غيرهم سوى هذا دجل وخداع . الحقيقة الثانية: أن النظام الربوي بلاء على الإنسانية، لا في إيمانها وأخلاقها وتصورها للحياة فحسب، بل كذلك في صميم حياتها الاقتصادية والعملية، وأنه أبشع نظام يمحق سعادة البشرية محقاً، ويعطل نموها الإنساني المتوازن. الحقيقة الثالثة: أن النظام الأخلاقي والنظام العملي في الإسلام مترابطان تماماً، وأن الإنسان في كل تصرفاته مرتبط بعهد الاستخلاف وشرطه وأنه مختبر ومبتلى وممتحن في كل نشاط يقوم به في حياته ومحاسب عليه في آخرته، وأن الاقتصاد الإسلامي الناجح لا يقوم بغير أخلاق. الحقيقة الرابعة: أن التعامل الربوي لا يمكن إلا أن يفسد ضمير الفرد وخلقه وشعوره تجاه أخيه في الجماعة، وإلا أن يفسد حياة الجماعة البشرية وتضامنها بما يبثه من روح الشره والطمع والأثرة والمخاتلة والمقامرة بصفة عامة. أما في العصر الحديث فإنه يعد الدافع الأول لتوجيه رأس المال إلى أحط وجوه الاستثمار كي يستطيع رأس المال المستدان بالربا أن يربح ربحاً مضموناً. الحقيقة الخامسة: أن الإسلام نظام متكامل، فهو حين يحرم التعامل الربوي يقيم نظمه كلها على أساس الاستغناء عنه، بدون مساس بالنمو الاقتصادي والاجتماعي والإنساني المطرد. الحقيقة السادسة: أن الإسلام حين يتاح له أن ينظم الحياة وفق تصوره ومنهجه الخاص لن يحتاج عند إلغاء التعامل الربوي إلى إلغاء المؤسسات والأجهزة اللازمة لنمو الحياة الاقتصادية العصرية نموها الطبيعي السليم ولكنه فقط سيطهرها من لوثة الربا ودنسه ثم يتركها تعمل وفق قواعد أخرى سليمة. الحقيقة السابعة: ضرورة اعتقاد المسلم أن هناك استحالة اعتقادية في أن يحرم الله أمراً لا تقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه. كما أن هناك استحالة اعتقادية كذلك في أن يكون هناك أمر خبيث ويكون في الوقت ذاته حتمي لقيام الحياة وتقدمها، وإنما هو سوء التصور وسوء الفهم والدعاية المسمومة الخبيثة الطاغية التي دأبت أجيالاً على بث فكرة أن الربا ضرورة للنمو الاقتصادي والعمراني. الحقيقة الثامنة: إن استحالة قيام الاقتصاد العالمي اليوم وغداً على أساس غير الأساس الربوي ليست سوى خرافة، وإنه حين تصح النية وتعزم البشرية أو تعزم الأمة المسلمة أن تسترد حريتها من قبضة العصابات الربوية العالمية وتريد لنفسها الخير والسعادة والبركة مع نظافة الخلق وطهارة المجتمع، فإن المجال مفتوح لإقامة النظام الآخر الرشيد الذي إراده الله للبشرية والذي طبق فعلاً، ونمت الحياة في ظله فعلا، وما تزال قابلة للنمو تحت أشرافه وفي ظلاله لو عقل الناس. | |
|
| |
| الربا | |
|