| البنوك الإسلامية | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: البنوك الإسلامية الثلاثاء مايو 04, 2010 11:02 am | |
| البنوك الإسلامية منذ أن ظهرت البنوك في عالمنا الإسلامي وهي تزداد أهمية يومًا بعد يوم ، وذلك لان البنوك اليوم أصبحت تعتبر ميزان التقدم الاقتصادي للدول، فكلما ازدادت إمكاناتها و نشاطاتها المالية انعكس ذلك على الاقتصاد العام للدولة ، ولذا تسعى دول العالم جاهدة لمراقبة المؤسسات المالية والبنوك التابعة لها ووضع النظم والسياسات التي تكفل الحماية لها حتى لا يتأثر النظام المصرفي العام للدولة. ونضرًا لان البنوك دخيلة على العالم الإسلامي حيث لم يكن هذا النشاط الاقتصادي معروفًا لدى المسلمين بهذا الشكل ولتأثرها بالفكر الغربي الذي يعُد الفائدة هي النشاط الأساسي لعمل البنوك ، وحيث أن هذا النوع من المعاملات يعتبر محرمًا في الشريعة أدى ذلك إلى ظهور البنوك الإسلامية ، والتي تسعى جاهدة إلى تخليص المعاملات البنكية من المعاملات المحرمة شرعًا . وتمثل الخدمات المصرفية الإسلامية في نشاطاتها الاستثمارية والمصرفية لبنة في صرح الاقتصاد الإسلامي ، وأداة هامة من أدوات فاعليته ولونًا من ألوان تطبيقاته في المجتمع الإسلامي ، بحيث تخدم أهدافه ، وتساهم في بناء الواقع الاقتصادي الإسلامي بأبعاده كلها . لقد أخذت الحاجة في العالم الإسلامي تتنامى في هذا العصر إلى ضرورة وجود خدمات مصرفية إسلامية ، ولذا أخذت البنوك تتسابق إلى تقديم هذه الخدمة لعملائها وطالبيها . تلبية لآمال المسلمين وطموحاتهم في أن يملأ الوجود الإسلامي الحياة الإنسانية، وأخذًا بأيديهم إلى ربط معاملاتهم المالية وأنشطتهم الاقتصادية بالشريعة الإسلامية. بناءًا على هذا الأساس ومن أجل تحقيق تلك الغاية قامت وانتشرت الخدمات المصرفية الإسلامية في العديد من البنوك التقليدية ، وهذا يدل على مدى الوعي الذي تتمتع به المؤسسات المالية المصرفية في مجتمعاتنا الإسلامية اليوم وأنها بذلك تسعى إلى القيام بواجباتها المصرفية الإسلامية وتلبية لحاجة المجتمع لمثل هذه الخدمات، ومن أجل تحقيق تلك الغاية أخذت البنوك الإسلامية في الانتشار الجغرافي في العالم خلال العقود الثلاثة الماضية . إلا أنه قد آن الأوان للوقوف على حقيقة هذه التجربة ، والحكم على آليات العمل فيها ، ومعرفة ما تتميز به ، وما حققته على المستويين الإجرائي والموضوعي في مجالات العمل المصرفي ، وهذا ما يجعلنا بحاجة ماسة إلى التقييم الأمين والموضوعي لهذه التجربة ومعرفة ما حققته من نتائج وكيف تم تطبيق هذه التجربة ، حيث أن عملية التقييم تعتبر وسيلة هامة لتسديد مسار العمل المصرفي الإسلامي وتصحيح أخطاءها . و ذلك لضمان سلامة ما يقدم من خدمة مصرفية إسلامية. أنشطة وخدمات البنوك الإسلامية : تمارس البنوك الإسلامية معظم الأعمال والأنشطة التي تقدمها البنوك التقليدية ،ولقد تركزت الخدمات التي تقدمها على الخدمات المصرفية، وخدمة التمويل والاستثمار، والخدمات الاجتماعية. أو ً لا: الخدمات المصرفية : تعتبر الخدمات المصرفية هي أساس العمل المصرفي في البنوك ،ولهذا فقد حرصت البنوك الإسلامية بالابتعاد عن تقديم أي فوائد أو عمولات على عملياتها وذلك لأنها تدخل ضمن دائرة الربا المحرم شرعًا . وتتمثل أهم الخدمات المصرفية الإسلامية التي تقدم إلى العملاء في :- أو ً لا : قبول الودائع:- الحسابات البنكية من أهم مقومات العلاقة بين البنك والعميل ، وتتنوع الحسابات لدى البنوك وتختلف بحسب الهدف الذي فتحت من أجله، وتنقسم الودائع المصرفية في البنوك إلى أربعة أقسام هي : ١ / الوديعة الادخارية:وفيها يتحمل البنك أعباء مادية كثيرة تتمثل في حملات التوعية الادخارية ، وإتاحة الوسائل الادخارية المختلفة ، وإعداد النماذج ، واستلام الإيداعات وقيدها في الحساب ، وتزويد العميل بدفتر ادخار وعليه فأن ما يتقاضاه البنك من أجرًا عن هذه الخدمة يعتبر جائزًا شرعًا لأنها تمثل أتعاب ما تم تقديمه من خدمة للعميل . ٢ / الوديعة تحت الطلب : وهي الحسابات الجارية والتي يمكن لصاحبها السحب منها في أي وقت،وتمثل عملية فتح الحساب بداية العلاقة بين البنك والعميل ويتصل بهذه الخدمة عدد من العمليات وذلك مثل تزويد العميل بدفاتر شيكات وبطاقة للصرف الإلكتروني وتنفيذ حالات القيد للحساب وتأدية الشيكات المسحوبة عليه وتزويد العميل بالكشوفات الدورية التي تبين حركة الحساب وغيرها من الخدمات الأخرى .وفي هذه الحالة يجوز للبنك أن يتقاضى من العميل مصاريف مقابل ما قدمه لعملية فتح الحساب والخدمات المترتبة عليها . ٣ / وديعة الاستثمار : وهي الودائع التي يودعها العميل لدى البنك الإسلامي بغرض الاستثمار ويعمل فيها البنك إلى أساس المضاربة وتكون لأجل محدد أو غير محدد ،والدخول مع البنك في هذا النوع من الإيداع يكون بإحدى طريقتين هما: * الأولى _الاتفاق مع البنك على المضاربة وفق نسبة من الربح متفق عليها مسبقًا كما هو في صناديق الاستثمار. * الثانية_ أن يقوم البنك الإسلامي بدور الوسيط بين العميل والشركات المستثمرة ،وهنا يكون البنك وكي ً لا عن المستثمر وفي هذه الحالة للبنك الحق في الحصول على عمولة مقابل أتعابه . ٤ / إيداع الوثائق والمستندات : وفيها يستلم البنك الوثائق من العميل ويقوم بحفظها بعد ضبطها بقائمة يراجعها البنك ، ويعطي العميل إيصا ً لا بها ، ويقوم البنك بردها إلى العميل عند طلبها أو عند نهاية الأجل المحدد بينهما ، وذلك مقابل أجرة يتفقان عليها. ثانيًا : تحصيل وخصم الأوراق التجارية(الكمبيالة/السندات / الشيكات): * تعتبر عمليات التحصيل من الخدمات التي يقوم بها البنك نيابة عن العملاء ، ويتقاضى البنك عمولة نظير تقديم تلك الخدمة للعميل ، وهذه العملية الظاهر فيها الجواز لان العمولة التي يأخذها البنك هي أجرة له على التحصيل . *عملية خصم الأوراق التجارية – الكمبيالة و السند الأذني - هي عملية يتم فيها نقل ملكية الورقة التجارية من العميل إلى البنك قبل ميعاد الاستحقاق مقابل حصوله على قيمتها مخصومًا منها مبلغ الخصم . والسؤال : ما هو الحكم الشرعي لعملية خصم الأوراق التجارية ؟ تعتبر عملية الخصم شكل من أشكال الإقراض المصرفي ، وهذه العملية تكون غالبًا في النشاط التجاري وذلك لطبيعة التعامل القائم بين التجار في تحرير مثل هذه السندات ، وبما أن عائد عملية الخصم من الفوائد الربويه المحرمة فقد جرت محاولات عدة للعدول عن الفائدة إلى تدابير أخرى يمكن تخريجها على وجه شرعي ، واتخذت هذه المحاولات عدة وجوه هي -: ١ / تخريجها عن طريق الجعالة . ٢ / تخريجها عن طريق القرض المماثل . ٣ / تخريجها على أساس البيع . ٤ / تخريجها على أساس القرض الحسن . ٥ /تخريجها على أساس ضع وتعجل . ثالثًا : الاعتماد المستندي : عملية فتح الاعتماد تعتبر من الأمور الهامة في التجارة الخارجية عند القيام بعملية التصدير أو الاستيراد ، وسمي بذلك لأنه يتطلب تقديم مستندات تثبت انتقال ملكية السلع المتبادلة بين المستورد والمصدر ، ويعود للبنك من عملية فتح الاعتماد ما يلي : ١ / أجور ومصاريف فتح الاعتماد . ٢ / الفائدة التي يحصل عليها البنك مقابل تسديده القيمة إذا كان مبلغ البضاعة غير مغطى بالكامل. ويمكن تخريج عملية فتح الاعتماد المستندي على ثلاثة عقود شرعية هي :- ١ / عقد الوكالة . ٢ / عقد الحوالة . ٣ / عقد الضمان. ولذا فأنه بناءًا على ذلك تعتبر عملية فتح الاعتماد المستندي صحيحة إذا تم تجنب الفائدة الربوية . رابعًا : خطابات الضمان : خطاب الضمان هو تعهد من البنك بقبول دفع مبلغ معين لدى الطلب إلى المستفيد في ذلك الخطاب نيابة عن طالب الضمان عند قيام الطالب بالتزامات معينة قبل المستفيد . وتنشأ الحاجة إلى خطاب الضمان في العادة عندما يجد الإنسان نفسه مضطرًا إلى تقديم ضمان نقدي إلى جهة معينة عندما يريد الدخول في مناقصات عامة ، وذلك في حال عدم التزامه بالشروط المتفق عليها ، أو أي خلل قد يقع في التنفيذ ، والغرض منه إثبات جدية الراغب في تقديم العطاء وتنفيذ الالتزام الذي أخذه على نفسه. وينقسم خطاب الضمان إلى قسمين هما : ١ / ابتدائي . ٢ / نهائي . ويعود للبنك من عملية منح خطاب الضمان : ١ / أجور ومصاريف إصدار خطاب الضمان والتي يتقاضاها البنك مقابل خدماته . ٢/ العمولة التي يأخذها البنك حيث تتفاوت حسب نوعية خطاب الضمان. الحكم الشرعي لخطاب الضمان : اختلف العلماء في حكم أخذ مقابل مادي على الضمان، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز أخذ مقابل مادي على الضمان . وعليه فقد اجتهد الكثير في محاولة وجود مخرج وتبرير لمشروعية ما يتم تحصيله من عملية إصدار خطابات الضمان. خامسًا : التحويلات المصرفية :- التحويلات المصرفية من الخدمات التي تقدمها البنوك لعملائها وتدر عليها عائدًا لا بأس به وهي عدة أنواع . والتحويل قد يكون داخلي أو خارجي . وفي عملية التحويل يحصل البنك على ما يلي :- ١ / أجرة المصاريف الإدارية التي تحملها البنك لأجراء عملية التحويل. ٢/ ما يأخذه البنك من مصاريف البرق والبريد الهاتف وأجور المراسلة. وهذه الأجور التي يحصل عليها البنك لا بأس بها شرعًا . سادسًا :تأجير الصناديق التجارية :- تقوم البنوك بتقديم هذه الخدمة لعملائها بحيث يكون تحت تصرف العميل خزانة حديدية مقابل أجر يتقاضاه البنك نظير تقديم هذه الخدمة ويختلف هذا الأجر باختلاف حجم الخزانة ومدة الاستفادة منها . ويعتبر هذا من العقود الجائزة شرعًا وللبنك أن يأخذ هذه الأجرة على تقديم هذه الخدمة . سابعًا : إدارة الممتلكات :- تعتبر هذه الخدمة من الخدمات الحديثة نسبيًا التي تقدمها البنوك لعملائها ،وذلك محاولة منها لكسبهم وخدمتهم ، وتحقق هذه الخدمة مصلحة مزدوجة للبنك والعميل . وهنا يجوز للبنك الحصول على مقابل لما يقدمه للعميل ،وله أن يأخذ أجر مقطوع ،أو نسبة محددة من الأرباح التي تتحقق عند إدارة هذه الممتلكات. ثامنًا : بيع الأسهم و السندات والعملات الأجنبية :- من الأعمال الهامة التي تقوم بها البنوك بيع الأوراق المالية والعملات ولقد ازدادت أهمية هذه الخدمة بعد الانتشار والتوسع الكبير في إنشاء الشركات المساهمة مما أضطر إلى إيجاد سوق لتبادل الأسهم فيها والذي تتولى القيام به البنوك ، وللبنك الإسلامي بيع وشراء الأوراق المالية ،ولكن يجب أن تكون سليمة من العمليات المحرمة، وأما العملات فيجوز بيعها وشراؤها وذلك وفق شروط الصرف المعتبرة شرعًا . انظر بيع الصرف تاسعًا : تقديم القروض :- تعتمد البنوك على تقديم القروض وتعتبر هذه الخدمة من أهم الخدمات التي تقدمها البنوك ومن خلال هذه العملية تحقق البنوك عوائد مرتفعة والتي هي عبارة عن الفائدة ، وتعتبر هذه الفائدة محرمة شرعًا عند القائلين بأن الأوراق النقدية تأخذ أحكام الذهب والفضة . والبديل الإسلامي لهذه العملية أن تقدم البنوك قروضًا حسنة بدون فائدة ، أو أن يدخل البنك كشريك وبنسبة محددة مسبقًا مع طالب القرض . ثانيًا :خدمات التمويل والاستثمار : تقوم البنوك بعمليات مختلفة تساعد على تدعيم تنمية المجتمع كعمليات الاستثمار للأموال المودعة فيها ، والاستثمار عمل مشروع رغب الإسلام فيه ، ويأخذ الاستثمار في البنوك الإسلامية أشكا ً لا وأساليب متنوعة ومن أهمها ما يلي :- ١ / المضاربة. ٢ / المشاركة . ٣ / التأجير المنتهي بالتمليك. ٤ / بيع السلم . ٥ / بيع المرابحة للآمر بالشراء . ٦ / بيع التقسيط. ثالثًا : الخدمات الاجتماعية : تعتبر الخدمات الاجتماعية أحد الخدمات الهامة التي يجب أن تضطلع بها البنوك الإسلامية في خدمة مجتمعاتها وخدمة النشاط المصرفي الإسلامي بصفة عامة ، وتتمثل هذه الخدمات في ١ / دور البنك الاجتماعي في النشاط الاستثماري : * نسبة التوظيف . *مدى اهتمام المصرف بتمويل الأسر الفقيرة والقادرة على الإنتاج. * التركيز على الاستثمار المحلي الذي يجب أن يقوم به البنك من جملة الاستثمارات التي يقوم بها . * نشر الوعي المصرفي وتدريب الطلبة . ٢ / دور البنك في إقامة المشروعات الاجتماعية : * إقامة مشروعات لخدمة البيئة . * تقديم الإعانات والمساعدات الاجتماعية . * إقامة المؤتمرات و الندوات . ٣ / دور البنك في تجميع الزكاة وإنفاقها ومنح القروض الحسنة . الخدمات التسويقية في البنوك الإسلامية : يعد التسويق المصرفي محور نشاط البنوك ، وأداتها الرئيسية للتقدم وتحقيق النمو المتوازن لخدماتها . فالتسويق المصرفي ذو أهمية خاصة للبنوك حيث أن تطور العمل المصرفي و ازدياد نموه مرتهن بتوافر وعي تسويقي بالدرجة الأولى ، وتزداد أهميته في البنوك الإسلامية التي أخذت بالظهور حديثًا ، وذلك لحاجة العملاء المتزايدة لمثل هذه الخدمات ولجهلهم بها . ويعتبر العميل مفتاح العمل المصرفي، وإشباع رغباته يعد أهم عامل يجب أن تأخذه البنوك في اعتبارها ، فمتى استطاع البنك جذب اهتمام أكبر قاعدة من العملاء الحاليين والمرتقبين كان ذلك مؤشر على نجاح الخطط التسويقية التي يتبعها البنك ، أن المنتجات أو الخدمات المصرفية على اختلاف أنواعها رغم أنها مصممة لإشباع حاجات ورغبات العملاء إلا أنها غير ملموسة ، ولذا فأن هذا يحتاج إلى جهد اكبر من البنك حتى يتم تقديم وقبول تلك المنتجات لدى العملاء . ولهذا فأن إدارة التسويق في الجهاز المصرفي تعتبر هي المحرك الفعلي للعمليات المصرفية . إن العمل المصرفي بحاجة دائمة إلى تجديد و ابتكار خدمات ومنتجات مصرفية وتسويقية جديدة ، وذلك لأن حاجات العملاء المادية والمعنوية متجددة بصفة مستمرة ، وكذلك لوجود المنافسة القوية بين البنوك على كسب أكبر قدر ممكن من العملاء. بيع المرابحة في البنوك الإسلامية المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية على طريقتين : الأولى : أن يتفق العميل والبنك على أن يقوم العميل بشراء البضاعة بربح معلوم بعد شراء البنك لها . وعلى أساس هذا البيع يقوم البنك الإسلامي بشراء السلعة التي يحتاج إليها السوق بناء على دراسته للسوق أو بناء على طلب يتقدم به أحد زبائنه يطلب فيه من البنك شراء سلعة معينة أو استيرادها من الخارج ، ويبدي رغبته في شرائها من البنك بعد وصولها ، فإذا اقتنع البنك بحاجة السوق إليها وقام بشرائها فله أن يبيعها لطالب الشراء الأول أو لغيره مرابحة، وذلك بأن يعلن البنك قيمة شراء السلعة مضافا إليها ما تكلفه من مصروفات بشأنها ، ويطلب مبلغا معينا من الربح على من يرغب فيها . الثانية : أن يعد العميل البنك بشرائها بربح معلوم مجرد وعد . (ويسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء) وفي هذه الصورة يتقدم العميل إلى البنك طالبا منه شراء سلعة معينة بالمواصفات التي يحددها على أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة اللازمة له فعلا مرابحة بالنسبة التي يتفق عليها ، ويدفع الثمن مقسطا حسب إمكانياته التي يساعده عليها دخله. انظر بيع المرابحة بيع السلم في البنوك الإسلامية يعتبر بيع السلم أحد أوجه الاستثمار التي تقوم بها البنوك الإسلامية ويحقق لها ربحا جيدا فضلا عن كونه يعود بالنفع على عملاء البنك من ناحية زيادة إنتاجهم وتوفير النواحي المالية لهم ، ولقد أخذت البنوك الإسلامية هذا النوع من العقود كأساس لممارسة بعض أنشطتها التجارية معتمدة على الشروط التي أوردها الفقهاء في هذا النوع من البيوع . منقول | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: البنوك الإسلامية الثلاثاء مايو 04, 2010 11:05 am | |
| المعاملات المصرفية . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الأعمال المصرفية تنقسم إلى ثلاث مجموعات المجموعة : المجموعة الأولى : هي مجموعة الخدمات المصرفية . المجموعة الثانية : مجموعة الخدمات الائتمانية . والمجموعة الثالثة : هي مجموعة الخدمات الاستثمارية. البنك يقوم بدور وساطي ، يتلقى الأموال ويضخها ، فهو وسيط يتلقى الأموال عن طريق الخدمات المصرفية ثم يضخها أو يقوم بالتمويل للأفراد والشركات عن طريق الخدمات الائتمانية ؛ ولذلك نقول : إن البنوك تحَتكر تقديم هاتين المجموعتين من الخدمات ؛ الخدمات المصرفية والخدمات الائتمانية ، فلا تستطيع أي شركة أو مؤسسة - إن لم تكن بنك - أن تقدم هذه الخدمات . بينما النوع الثالث من الخدمات وهي الخدمات الاستثمارية ، فهي خدمات تكميلية لأعمال البنك وليست أساسية فيه ، ولذلك نجد كثيرًا من المؤسسات والشركات تؤدي نفس الدور الذي يقوم به البنك بالخدمات الاستثمارية . فنبدأ أولًا في الحديث عن : مجموعة الخدمات المصرفية : فنقول : إن مجموعة الخدمات المصرفية يراد بها : تلك الخدمات المتعلقة بالنقود وأعمال الصيرفة الاعتيادية . يعني : الأعمال المباشرة التي تتعلق بالنقود كالودائع ، والِحوالات و صرف النقود الشيكات ونحو ذلك إذًا هذه هي الخدمات المصرفية والخدمات المصرفية لا يحتاج فيها المصرف إلى أن يدرس العميل ائتمانيًّا وإنما يقدم هذه الخدمة في الغالب لجميع العملاء من يثق به ومن لم يثق به لماذا ؟ لأنها لا تحتاج إلى نوع من الثقة بين البنك والعميل هي خدمة مباشرة يقدمها البنك ويستوفي الرسوم أول ما يقدم تلك الخدمات فهي ليست مبنية على نوع من الائتمان بخلاف الخدمات الائتمانية. أول هذه الخدمات هي "الحسابات المصرفية " يعني : أن المصرف يتيح لعملائه أن يفتحوا حسابات لديه . وهذه الحسابات المصرفية على ثلاثة أنواع : النوع الأول : الحسابات أو الودائع الجارية أو التي تسمى تحت الطلب هي إما أن تسمى حسابات أو تسمى ودائع فالتسمية واحدة وإما أن يقال جارية أو تحت الطلب . يقصد بهذا النوع من الحسابات : أي المبالغ التي يودعها أصحابها لدى البنوك وتكون هذه المبالغ حاضرة التداول وتحت طلب العاملين في أي لحظة متى ما أرادها العميل يستطيع أن يسحب من رصيده تسمى هذه الحسابات " الحسابات الجارية " بمعنى أنها غير ثابتة وإنما هي متحركة ومن هنا سميت جارية كما أنها سميت تحت الطلب لأنها جاهزة في أي لحظة يريدها العميل يستطيع أن يسحب من تلك الحسابات سواء كان في نفس البلد - بلد المصرف - وساء كان في بلد آخر وسواء جاء في الليل أو في النهار حتى عن طريق الصراف يستطيع أن يأتي في الساعة الثانية ليلًا ويسحب من رصيده ولذا سميت تحت الطلب يعني جاهزة في أي لحظة يستطيع أن يَسْحَب . اختلف الباحثون المعاصرون في التكييف الشرعي لهذا النوع من الحسابات وهنا اتجاهان : الاتجاه الأول : من الباحثين المعاصرين من يرى أن هذا النوع من الحسابات ما هو إلا ودائع يكيفه على أنه وديعة وِفق أحكام الوديعة المعروفة شرعًا ، وممن ذهب إلى هذا القول الدكتور حسن الأمين في كتابه الودائع المصرفية ، واستند إلى هذا القول في أن العميل أصلًا ما وضع هذه الأموال لدى البنوك إلا بقصد حفظها يريد أن يحفظها وهذا هو المقصود من عقد الوديعة شرعًا فبناءً على ذلك قال إن هذه الودائع والحسابات تُكَيَّف على أنها ماذا؟ على ودائع حقيقية التي يسميها الفقهاء الأمانات ؛ هذا هو ما ذهب إليه الدكتور حسن . وهناك اتجاه آخر : وهو ما عليه المجامع الفقهية وعامة هيئات الفتوى المعاصرة ، وأكثر الباحثين المعاصرين : يكيفون هذا النوع من الحسابات على أنه قروض على أن العميل مُقْرِض والبنك مُقْتَرِض ويقولون إن تسمية هذه الحسابات بالودائع لا يغير من حقيقتها الشرعية شيئًا ؛ لأن القاعدة الشرعية في المعاملات أن العبرة في العقود بأي شيء؟ بالحقائق والمعاني أم بالألفاظ والمباني بأيهما؟ - بالحقائق والمعاني فإذا كانت تنطبق على العقد صفات القرض فهو قرض وإن سمي ماذا ؟ وديعة . قالوا : والقرض شرعًا يختلف عن الوديعة في ثلاثة أمور : الأمر الأول : في القرض الآخذ الذي يأخذ المال يضمن ذلك المال على كل حال يده يد ماذا ؟ ضمان فهو يضمن المال على كل حال سواء تلف هذا المال بِتَعدٍ منه أو تفريط أو لم يكن بتعد منه أو تفريط فهو يضمنه في كل حال هذا بالنسبة للقرض . بينما الوديعة : المودَع الذي يأخذ المال يده يد ماذا؟ يده يد أمانة فهو لا يضمن إلا في حال التعدي أو التفريط وهذا هو الفرق بين يد الأمانة ويد الضمان . يد الضمان : تضمن على كل حال لو أن شخصًا أخذ مالًا ويده يد ضمان كالمقترِض مثلًا شخص اقترض مالًا من آخر عشرة آلاف ريال أول ما أخذها وضعها في صندوق أمين وفي حرز ؛ مكان يحفظ فيه عادة ، ثم حصل حريق في البيت مثلًا واحترقت هذه النقود هل يضمن المقترض هذه الأموال للمقرض ؟ نسأل الآن هل يده يد ضمان أو يد أمانة ؟ يده يد ضمان ، مقترِض هو الآن ، هو أخذها قرضًا ، جئتَ استلفت من شخص قرضًا ، مبلغًا من المال. نقول: استلف قرضًا ؟ المقترِض يده يد ضمان بمعنى أنه يضمن المال في أية حال فلو تلف هذا المال بتعد منه أو تفريط أو بغير تعد منه ولا تفريط فإنه يضمنه . وعلى هذا لو احترق هذا المال نقول : وإن لم يكن منك تعد ولا تفريط فإنك ماذا ؟ تضمنه . بخلاف المودَع: لو جاء شخص وأعطاك عشرة آلاف ريال وديعة لتحفظها ووضعتها في حرز مثلها، وأَمَّنْتَ عليها - وضعتها في مكان أمين - ثم سُرقت هذه الأموال أو احترقت بغير تعد منك ولا تفريط فهل يضمن المودَع ؟ لا يضمن . لا يضمن إلا في حال التعدي أو التفريط . التعدي : أن يفعل ما لا يجوز له شرعًا كيف يفعل ما لا يجوز له شرعًا ؟ يعطى وديعة مثلًا لنفرض أنه أعطي وديعة ساعة يحفظها ثم أخذ هذه وبدأ يتجمل بها أمام الناس ، وصاحبها لم يأذن بذلك . نقول : في هذه الحال لو فقدت هذه الساعة أو تلفت أو سرقت أو ضاعت أو صار لها أي شيء فإنك تضمنها لأنك متعد . والتفريط : أن يترك شيئًا يجب عليه شرعًا مثلًا أعطي الساعة ليحفظها فلم يضع الساعة في حرز مثلها - مثلًا ساعة ثمينة جدًّا - ووضعها في السيارة على (الطُّبْلُون) ثم جاء شخص رأى هذه الساعة ففتح النافذة وسرق تلك الساعة . نقول : في هذه الحال هل يضمن المودَع ؟ يضمن تلك الساعة لصاحبها لأنه فرط في حفظها . إذًا الفارق الأول بين القرض والوديعة أن المقترض ماذا؟ يده يد ضمان بخلاف المودع فإن يده يد أمانة . هذا الفارق الأول . الفارق الثاني : بين عقدي القرض وعقد الوديعة : أنه في عقد القرض الآخذ قد أذن له باستعمال القرض قد أذن له باستعماله فهو يأخذ المال لينتفع به ولهذا الفقهاء يعرفون القرض بأنه دفع مالٍ إرفاقًا لمن ينتفع به ويرد بدله . فالمقصود من عقد القرض أن ينتفع المقترض بينما في الوديعة الأصل أن المودع ماذا؟ لا يُؤذَن له باستعمال الوديعة فإنه إنما أعطي الوديعة لماذا ؟ ليحفظها إذًا هذا هو الفارق الثاني . الفارق الثالث : أن محل القرض يكون في الأشياء التي تستهلك باستعمالها يعني عند استعمالها تفنى تلك الأشياء مثل مواد الغذاء -المأكولات مثلًا- ، مثل النقود كذلك تستهلك باستعمالها لأن الشخص الذي يريد أن يستعمل الريالات يصرفها مباشرة تستهلك ، بينما الوديعة محلها في الأشياء التي تبقى مع استعمالها وإنما تحفظ هذا من حيث الأصل لكن قد تكون في أشياء تستهلك لكن القرض لا يكون إلا في الأشياء التي تستهلك . فالآن هذه الفوارق الثلاثة نطبق هذه الأمور الثلاثة على عقد الوديعة المصرفية : الأمر الأول : إذا نظرنا في الحسابات الجارية نجد أن البنك أولًا يضمن المال المودع في الحسابات الجارية على أية حال فيده يد ضمان ، ولذلك تجد في أي عقد للحساب الجاري تجد مكتوب في نفس العقد أن البنك يضمن تلك الحسابات فيده يد ضمان . الأمر الثاني : أن البنك قد أذن له باستعمال الأموال المودعة قد أذن له باستعمالها وكل واحد يودع أمواله في الحسابات الجارية قد أذن إما لفظًا أو كتابةً أو عُرْفًا للبنك بأن يستعملها والبنك أصلًا ما فتح الحسابات الجارية للناس تبرعًا وإرفاقًا بهم وإنما ليستغلها لنفسه ويستثمرها في مجالات الاستثمار المتعددة لديه . فلذلك نقول: إن البنك أولًا يضمنها وثانيًا يستثمرها وثالثًا الآن النقود هل هي تستهلك بالاستعمال أو لا تستهلك ؟ هي تستهلك بالاستعمال إذًا إذا نظرنا إلى هذه الأمور الثلاثة تَحَدَد لنا أو تبين لنا أن العقد في الحقيقة هو عقد ماذا ؟ قرض وليس عقد وديعة وإن سمي وديعة جارية . وتسميته وديعة : في الحقيقة إنما جاء لأن هذه الأموال أول ما ظهرت فكرتها إنما كانت عن طريق الودائع كما قلنا بالأمس أن الصيارفة يكون لهم مناضد وطاولات يأتون الناسُ ويودعون عندهم السبائك من الذهب والدنانير والدراهم ونحو ذلك ويعطونهم إيصالات على ذلك فكانوا يسمونها في البداية ودائع فمن هنا استمرت هذه التسمية ، تسميتها بالوديعة وإلا فالتسمية الحقيقية الشرعية لهذه الأموال -الحسابات الجارية- أنها قروض . لكن من هو المقرض ومن هو المقترض؟ العميل هو المقرض والبنك هو المقترض . بناءً على هذا التكييف يترتب عدة أمور : الأمر الأول : أن يد البنك يد ضمان فهو يضمن تلك الأموال على أية حال سواء فرط أو تعدى أو لم يفرط ولم يتعد . الأمر الثاني : أنه لا يجوز للبنك أن يعطي العميل فوائد على تلك الحسابات لماذا ؟ لأنه إن أعطاه فائدة فهذا يدخل في ربا القروض ، يكون من ربا القروض فلذلك لا يجوز . الأمر الثالث : نأتي إلى ما يعرف بالهدايا ؛ الهدايا التي يقدمها البنك لعملائه من المعروف أن البنوك تقدم هدايا لعملائها كل فترة تعطيهم أحيانًا ساعات وأحيانًا تعطيهم أقلامًا وأحيانًا تعطيهم مشالح وأحيانًا تعطيهم كمبيوترات إلى غير ذلك . فما الحكم الشرعي لتلك الهدايا ؟ - نقول الهدايا التي يقدمها البنك لعملائه على نوعين : النوع الأول : الهدايا التي تكون من قبيل التسويق والدعاية للبنك بحيث إن البنك يقدم تلك الهدايا لجميع الناس سواء من كان لهم حسابات جارية أو من لم يكن لهم حسابات جارية ولا يراعي البنك عند تقديمه لتلك الهدية لا ينظر إلى رصيد العميل أحيانًا يضع مثلًا أقلام على أَرْفُف في البنك من دخل البنك فإنه يأخذ من هذه الأقلام أحيانً يوزع تقاويم لجميع الناس كنوع من الدعاية والتسويق للبنك فقبول مثل هذه الهدايا جائز ولا يترتب عليه محظور شرعي ولا يعد من القرض بفائدة . النوع الثاني : من الهدايا الخاصة بأصحاب الحسابات الجارية والتي يراعى فيها رصيد العميل فإذا كان رصيد العميل كبيرًا أعطي هدية جَزِلة وإذا كان رصيد العميل قليلًا أعطي هدية خفيفة على قدر رصيده فهذا النوع من الهدايا هو في الحقيقة له حكم هدية المقرض للمقترض أم المقترض للمقرض ؟ هدية المقترض للمقرض ؛ لأن البنك هو المقترض والفقهاء تكلموا عن هدية المقترض للمقرض قبل السداد لاحظ الآن البنك إلى الآن لم يسدد للعميل لأنه ما دام للعميل حساب لدى البنك فما زال مدينًا للبنك فهو في ذمته ما زال مدينًا للعميل فالبنك في ذمته للعميل ذلك القرض ، فما دام الحساب مفتوحًا فهو ما زال مقترضًا ، وقد ذهب عامة الفقهاء إلى تحريم إهداء المقترض للمقرض قبل السداد إلا أَنْ يحتسبها من دينه وهذا لا يكون في الحسابات الجارية . لا يجوز للمقترض أن يهدي المقرض قبل أن يسدد لماذا؟ لشبهة المحاباة في ذلك لأنه قد يقصد من ذلك المحاباة ولأن ذلك يؤدي إلى القرض بمنفعة لأن المقرض سيكون قد انتفع بذلك القرض وقد جاء في صحيح البخاري أن عبد الله بن سلام قال لأبي بُرْدَةَ بْنِ أَبي موسى الأَشْعَري قال له : ₎₎ إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ - يقصد أرض العراق - فَإِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا ₍₍.وذلك لأنه ذريعة أو قد يكون سببًا للزيادة في القرض ، إذًا هذا ما يتعلق بالهدايا المصرفية . من الآثار المترتبة على التكييف السابق : الحكم الشرعي للخدمات التي يقدمها البنك لعملائه أحيانًا . يقدم البنك خدمات لا تعتبر هدايا وإنما كَنَوع مِنْ الخدمة التي تساعد العميل ، أو تسهل له الحصول ، أو الوصول إلى رصيده مثل أن يعطيه دفتر شيكات مجانًا .من المعلوم أن البنك يتكلف في إصدار الشيكات مبالغ فالبنك قد يتحمل تلك الرسوم ويبذل الشيكات مجانًا للعميل. أحيانًا يعطيه البطاقة المصرفية بطاقة الصراف العادية هذه يعطيها إياه مجانًا ، مع أن البنك يتحمل رسومًا لإصدارها أحيانًا يعطيه خدمة الإنترنت مجانًا أحيانًا يعطيه مواقف مميزة أمام البنك مجانًا فما حكم هذه الخدمات ؟ الأقرب والله أعلم أن هذه الخدمات ليست من الفائدة في القرض وأنها جائزة لماذا؟ - لأنها في الحقيقة تسهل للعميل الوصول إلى حقه فهو يستحق أن يصل إلى ماله فأي خدمة يقدمها البنك لِعَمِيلِهِ ليسهل له الوصول إلى رصيده فهذه الخدمة جائزة ، مثل ما قلنا: دفتر الشيكات بطاقة الصراف مجانًا أو يعطيه خدمة الإنترنت مجانًا أو يعطيه مثلًا مواقف أمام البنك مجانًا ونحو ذلك من الخدمات . إذًا هذا ما يتعلق بالحسابات الجارية هذا هو النوع الأول من أنواع الحسابات المصرفية. ننتقل بعد ذلك إلى النوع الثاني من أنواع الحسابات المصرفية وهي "حسابات التوفير " . حسابات التوفير ، أو ما يعرف بودائع التوفير ، ويطلق عليها في بعض البنوك "الودائع الادخارية" هذه الودائع هي مبالغ مودَعة لدى المَصْرَف أو لدى البنك طبعًا إذا قلنا مصرف أو بنك كلاهما بمعنى واحد مثل ما قلنا بِدَرس الأمس إنَّ كلمة "مَصْرَف" هي الترجمة لكلمة " بنك" وأصلها كلمة إيطالية (بنكو) بمعنى الطاولة فسواءً قلنا مصرف ، أو بنك فالمعنى واحد وليس هناك أي فرق بين كلمة مصارف أو بنوك وتسمية هذه المؤسسة بنك أو مصرِفًا هذه تسمية اصطلاحية لا يترتب عليها أي أثر أو حكم شرعي لأن نظام البنوك كنظام المصارف الطريقة فيهما واحدة . فنقول النوع الثاني من الودائع أو الحسابات المصرفية هي ودائع التوفير أو الودائع الادخارية . هذه الودائع هي عبارة عن : مبالغ مودعة في المصرف لحساب العملاء ، أو المستفيدين إلا أن العميل ، أو المودع يتخلى عن استخدام تلك المبالغ لفترة مِنْ الزمن لا يحتاج تلك المبالغ ، وفي مقابل ذلك يدخل في برنامج ادخاري لدى البنك بحيث إِنَّ البنك يَقُوم بِاستثمار تلك الأموال له ، ويعطيه أرباحًا أو فوائد يسيرة جدًّا على هذه المبالغ . لكن لاحظوا .. هذه المبالغ هي أيضًا تحت الطلب يستطيع في أي لحظة أن يأخذ منها لكن البنوك عادة إذا بدأ العميل يأخذ من تلك المبالغ من حسابات التوفير يحسب له الأرباح أو الفوائد على أقل رصيد كيف على أقل رصيد؟ - لنفرض أنه في أول الشهر أودع عشرة آلاف ريال وبقي عشرة آلاف ريال أسبوعين ثلاثة أسابيع ثم في يوم مثلًا التاسع عشر من الشهر سحب من العشر آلاف ريال تسعة آلاف ريال ليوم واحد فقط يسدد شيئًا عليه سدده ثم أعطي له تسعة آلاف ريال وأودعه مرة أخرى في البنك أخرجها ليوم واحد فقط تسعة آلاف ريال ثم أودعها من الغد فأصبح عنده الآن من اليوم العشرين أصبح عنده كم ؟ - عشرة آلاف لأنه أودع تسعة آلاف مرة أخرى ولنفرض أنه في اليوم الحادي والعشرين أو الثاني والعشرين جاءته أموال زيادة مكاسب مثلًا وَضَعَ عشرين ألفًا أو ثلاثين ألفًا في اليوم الثلاثين إذا أراد البنك أن يحاسبه على تلك الأموال المودَعة على كم سيحاسبه ؟ - على أقل رصيد أقل رصيد ، على الألف ولذلك دائمًا أغلب البنوك تسير على الحساب على أدنى رصيد . يعني : يقولون ننظر كم أدنى رصيد لك ونعطيك ربحًا أو فائدة ع ليه خلال تلك المدة التي بقيت. هذا ما يعرف بودائع التوفير لكن ودائع التوفير هي تشبه الحسابات الجارية أو الودائع الجارية بأنها قابلة للسحب في أي وقت . النوع الثالث - من الحسابات المصرفية أو الودائع المصرفية - هي " الودائع الآجلة " . وتسمى في بعض البنوك بـ "ودائع الاستثمار" . الودائع الآجلة هي ودائع مرتبطة بأجل لا يحق لصاحب الوديعة أن يسحبها في أي وقت حتى يمضي الأجل المتفق عليه بينه وبين البنك . قد يكون الأجل ثلاثة أشهر ، ستة أشهر ، تسعة أشهر ، سنة .. ، إذا مضت تلك المدة يستطيع أن يسحب رصيده وأحيانًا تكون هذه الودائع إخطارًا ما معنى إخطار؟ - يعني بإشعار أو بإعلام يعني لا يحدد أجل وإنما يقال للعميل إذا أردت أن تسحب من رصيدك فعليك أن تشعر البنك قبل السحب بأسبوع على الأقل هذه تسمى ودائع بإخطار وهي من أنواع الودائع لأََجل كذلك هذا ما يتعلق بالنوع الثالث من أنواع الحسابات أو الودائع البنكية . التكييف الشرعي للنوعين الثاني ، والثالث: الودائع الادخارية ، والودائع لأجل: نقول : إِنَّ التكييف الشرعي لهذين النوعين يختلف بحسب طبيعة العقد والعلاقة بين البنك والعميل ، وهنا يفرق بين حالين : الحالة الأولى : إذا كان البنك يضمن للعميل الوديعة بكاملها أو يضمن له جزءًا منها أو يضمن له الوديعة وربحًا معلومًا عليها فالعلاقة بينهما تعتبر ماذا؟ مضاربة أو قرض ؟. - قرض لأن البنك قد ضمنه فهو بما أنه قد ضمن فإنه يعتبر مقترضًا وعلى هذا إذا كانت العلاقة قرضًا فهذه الودائع تكون "محرمة " ؛ لأن المقرض الآن - العميل - سيأخذ فوائد مقابل هذا القرض فهي محرمة لأن العلاقة الآن تُكيف على أنها قرض وهذا هو المطبق في البنوك التقليدية يسمونها الودائع لأجَل ، أو ودائع التوفير ، أو الودائع الادخارية ويعطون أصحاب هذه الودائع فوائد . فالعلاقة التي تحكم الطرفين هنا هي علاقة قرضية لأن البنك يضمن لهم ماذا؟ رأس المال أو يضمن لهم أحيانًا يقول خمسة وتسعين بالمائة من رأس المال على أية حال سواء ضمن رأس المال كله أو جزءًا منه فالعلاقة تعتبر قرضًا ولا يجوز أخذ فائدة عليها . الحالة الثانية : ما إذا كان البنك لا يضمن رأس المال ولا جزءًا منه ولا يضمن للعميل ربحًا وإنما يقول نستثمر لك الأموال - هذه المودَعة - فإن تحقق شيء من الأرباح فلك مثلًا عشرة بالمائة من تلك الأرباح وللبنك تسعون بالمائة منها فالعلاقة الآن بينهما هي علاقة مشاركة أي مضاربة فالبنك في الحقيقة أصبح ماذا ؟ عاملًا في عقد المضاربة والعميل هو رب المال فالعقد بينهما عقد مضاربة وعلى هذا فالربح أو الزيادة التي يأخذها العميل في مثل هذه الودائع جائزة ؛ لأنها من أرباح الشركات والأصل في عقود الشركات هو الحل . ومن هنا يتبين لنا الفرق بين عقد القرض وعقد المضاربة . قبل قليل عرفنا الفرق بين عقد القرض وعقد الوديعة هنا نعرف الفرق بين عقد القرض وعقد المضاربة ، مَنْ يستطيع أن يستنبط الفرق بينهما من خلال ما سبق ؟ ما بين عقد القرض وعقد المضاربة . لاحظوا : في القرض ، والمضاربة كلاهما فيهما رب مال وآخذ . صاحب مال يعطي آخذًا يعني المقرض ورب المال في المضاربة كلاهما عنده المال فيعطيه الطرف الآخذ والآخذ في كلا العقدين في المضاربة وفي القرض قد أُذِنَ له بأي شيء ؟ قد أُذن له باستثمار المال . إذًا ما الفرق بينهما والفارق بينهما شديد جدًّا يلتبس على بعض الباحثين ؟ في القرض الآخذ - الذي هو المقترض - يضمن للمقرض ماله ، ومن هنا أصبح أي زيادة فيه محرمة ؛ لأنها من القرض بفائدة . بينما في المضاربة : العامل لا يضمن لرب المال سلامة رأس المال فهو يستثمر هذا المال قد يربح وقد يخسر وهذا هو الفرق بينهما . البنوك عادةً تُصْدِر لهذه الحسابات ؛ الحسابات الادخارية أو الحسابات الآجلة ، تصدر شهادات تسمى " شهادات استثمار " . ما الحكم الشرعي لهذه الشهادات ؟ نقول : الحكم الشرعي لهذه الشهادات ينبني على نوع الوديعة الادخارية ، أو الوديعة الاستثمارية فإن كانت الوديعة على شكل مضاربة فهي جائزة وإن كانت على شكل قرض فهي محرمة وإن سميت شهادة استثمارية . الآن تلاحظون في البنوك الربوية يعطون شهادات في عقود قروض ما يسمونها شهادات قروض وإنما يسمونها " شهادات استثمار " يقولون :شهادات استثمار ؛ كنوع تسويق حتى لا ينفر الناس من هذه التسمية كما أنهم يسمون الربا الذي في البنوك ماذا يسمونه ربًا ، يقولون : فوائد . وهذا نوع من التلبيس في المصطلحات ، وفي الحقيقة من المهم جدًّا أن ننتبه للحقائق حقائق العقود وحقائق الأشياء وألا نَغْتَر بالمصطلحات فتسميتها فائدة لا يغير من حقيقتها الشرعية شيئًا وتسميتها مثلًا شهادة استثمارية لا ينقلها من كونها قرضًا وهكذا . إذًا هذا ما يتعلق بالخدمة الأولى من الخدمات المصرفية وهي الحسابات المصرفية . نوجزها بشكل سريع : نقول: إن الحسابات المصرفية على ثلاثة أنواع هي: النوع الأول : الحسابات الجارية . وما التكييف الشرعي للحسابات الجارية ؟ أنها قروض . طبعًا الحسابات الجارية من حيث الأصل أنها جائزة ، ما في أي شيء. النوع الثاني : حسابات التوفير. وما التكييف الشرعي لها ؛ حسابات التوفير؟ قد تكون مضاربة ، وقد تكون قرضًا ، فإن كان البنك يضمن للعميل أو للمودِع رأس ماله فيها فهي محرمة ، وإن لم يكن يضمن فهي جائزة . والنوع الثالث : الودائع الاستثمارية أو الودائع لأَجَل ، وحكمها كحكم الودائع الادخارية . ننتقل بعد ذلك إلى النوع الثاني من الخدمات التي تُقَدِّمها البنوك وهي " الحوالات المصرفية " يُقْصَد بالحوالات المصرفية أي : إجراء التحويلات النقدية الداخلية والخارجية ، البنك يقوم بنقل النقود للعميل . والحوالات المصرفية على نوعين : 1- الحوالات المُبْرَقة ، أو التي تسمى (السويفت). 2- الشيكات المصرفية . النوع الأول ، وهو الحوالات المبرقة ففيها يقوم العميل بتوكيل البنك بأن يحول مبلغًا من المال إلى حساب آخر لدى بنك آخر في نفس الدولة ، أو في دولة أخرى ليقوم العميل باستيفائه من ذلك الحساب بنفسه أو يستوفيه غيره هناك . تفصيل المسألة : مثلًا يأتي شخص معه ألف دولار إلى أحد البنوك بالرياض مثلًا ويقول لهذا البنك : أطلب منك أن تحول هذه الألف دولار إلى حساب لي في بنك مثلًا في مصر ، أو إلى حساب لي في بنك مثلًا في أمريكا ، أو إلى حساب لي مثلًا في بنك في الأردن ونحو ذلك . فالبنك يقوم بعملية التحويل هذه برقيًّا أو إلكترونيًّا أو عن طريق الإنترنت أو هاتفيًّا ينقل هذه النقود عن طريق الحسابات عن طريق ما يُعرف بـ ( السويفت) تمر عبر آلية من خلال البنوك البنوك فيما بينها يعني هناك بنوك بنك محلي البنك الذي سينقل لك النقود الذي في الرياض وهناك بنك آخر في البلد التي ستحول إليه النقود يسمى البنك الآخر " البنك المراسل " كل بنك يكون له اتفاقيات مع عشرات البنوك المراسِلة في دول العالم من أجل عمليات التحويل هذه ، لنفرض شركة " الراجحي " مثلًا لها بنك مراسل في الأردن معروف فإذا جاء شخص مثلًا يريد أن يحول مبلغًا من المال إلى الأردن مباشرة يُسَلِمه لشركة " الراجحي" وشركة "الراجحي" ترسل (سويفت) أو برقية إلى البنك المراسل في الأردن بأن أودعوا في حساب ذلك الشخص أو في الحساب المسجل الذي يدون العميل عند تقديم طلب الحَوالة أودعوا هذا المبلغ من المال بحيث يستطيع أن يسحبه هو أو الشخص المستفيد الذي دُون في الحوالة . هذه تسمى الحوالات المبرقة أو (السويفت). النوع الثاني من الحوالات المصرفية هي الشيكات المصرفية وهي أوامر بالدفع صادرة من المصرف المحيل إلى المصرف المحال عليه بناءً على طلب العميل بحيث يتسلم العميل الشيك ويستطيع أن يصرفه بنفسه أو يصرفه المستفيد بنفسه من البنك المحال عليه . مثال ذلك : شخص تقدم إلى بنك في الرياض ومعه ألف دولار قال أريد أن أحول هذا المبلغ - الألف دولار - إلى (د: 35.10) لكن قال ما أريد أن تكون الحوالة مبرقة أريد شيك دولي مُصَدَّق أو شيك مصرفي تسلمونني بهذا المبلغ فيأتي البنك يحرر له شيك بمبلغ ألف دولار يأخذ منه الألف دولار ويحرر له شيكًا مصرفيًّا بقيمة ألف دولار بحيث يستطيع هذا المستفيد الذي سُجل اسمه على الشيك يأخذ هذا الشيك ويذهب مثلًا إلى مصر بنفسه أو يرسل الشيك مثلًا عن طريق البريد للشخص المستفيد مثلًا المسجل بالشيك ويصرف هذا الشيك من البنك الذي في مصر . إلى هنا فرق بين طريقة التحويل هذه والطريقة الأولى فالطريقة الأولى التحويل يكون عن طريق البنوك عن طريق (السويفت) أما هنا فالتحويل يكون عن طريق ماذا ؟ الشيكات يعني يكون الشيك بيد العميل والبنوك عادة تتيح الخدمتين كليهما أو الطريقتين كليهما إذا أراد العميل حوالة عن طريق (السويفت) أو إذا أراد حوالة عن طريق الشيكات . البنوك تقدم هذه الخدمات تبرعًا وإحسانًا للناس أم أنها ستأخذ شيئًا؟ قطعًا، البنك معروف أنه مؤسسة تمتص الأموال وهي لا تجد أي فرصة تستطيع أن تأخذ فيها الأموال من العميل إلا وأخذت منه الأموال بعلم من العميل أو بدون علم ، كم من الأموال التي يأخذها البنوك والعملاء لا يدركون ذلك . كيف ذلك ؟! والغالب يكون هذا عن طريق الصرف - صرف النقود - يعني من دولارات مثلًا إلى ريالات يُجْري عملية الصرف ويربح فيها أو أحيانًا يكون مثلًا من الروبية إلى الريال يجري عملية الصرف ويربح فيها والعميل يظن أن البنك قد أحسن إليه وأنه لم يربح يقول كيف ما أخذ أي رسوم على تلك العملية ؟! وهو في الحقيقة قد أخذ مقابل عملية الصرف. نقول : إن البنك له ثلاثة أنواع من العوائد التي يحسبها في عمليات التحويل : النوع الأول من العوائد : هي عمولة يستحقها المصرف على هذه العملية فهو في العادة يستحق عمولة على عملية التحويل أحيانًا تكون هذه العمولة مبلغًا ثابتًا فيقول عند كل عملية تحويل مثلًا ستين ريالًا وأحيانًا تكون بنسبة من المبلغ المُحَوَّل ، فيقول : آخذ عن كل مبلغ يحول آخذ واحدًا مثلًا بالمائة من ذلك المبلغ المُحَوَّل . النوع الثاني من العوائد : مصاريف الاتصالات والمراسلات لأن هناك بنك مراسل له وهناك اتصالات سيجريها البنك فيأخذ أيضًا تلك المصاريف . النوع الثالث من العوائد : أجور تحويل المبلغ المرسل لأنه في استخدامه الشبكة الدولية لتحويل تلك النقود هناك أجور يدفعها للبنوك الوسيطة في هذه العملية فكل هذه العوائد البنك لن يتحملها بنفسه وإنما سيحملها على العميل طالب التحويل. نأتي الآن إلى التكييف الشرعي للحوالات المصرفية . نحن قسمنا الحوالات المصرفية إلى قسمين . 1 - الحوالات المبرقة . 2 - الشيكات المصرفية . فنبدأ أولًا : بالحوالات المبرقة وكما قلنا الحوالات المبرقة يأتي شخص إلى البنك ويعطيه مبلغًا من المال ليقوم البنك بتحويل تلك الأموال إلى حساب آخر في بنك في دولة أخرى . اختلف الباحثون المعاصرون في التكييف الشرعي للحوالات المصرفية ولهم في ذلك ثلاثة أقوال : القول الأول : تخريجها على عقد الحَوالة قالوا إن هذه الحوالة المصرفية هي نفس الحوالة المعروفة في الفقه الإسلامي ما هي الحوالة المعروفة في الفقه الإسلامي ؟ ماذا تُعَرَّف ؟ الحوالة في البيوع بأي شيء تُعرَّف ؟ الحَوالة شرعًا : نقل الدين من ذمة إلى أخرى يكون لزيد على عمرو ألف ريال ولعمرو على صالح ألف ريال فيقول عمرو لزيد أحلتك بدينك على صالح استوف دينك من صالح . فهؤلاء قالوا : إن الحوالات المصرفية هي كذلك حوالة تُخَرَّج على أنها حوالة شرعية . كيف ذلك ؟ قالوا إذا كان البنك المحلي له رصيد لدى البنك المراسِل فهو الآن دائن للبنك المراسل ولَّا لا ، إذا كان له رصيد حسابات جارية لدى البنك المراسل فهذه الحسابات كيفناها على أنها قروض ، ديون . فإذا كان له دين عليه فهو الآن قد أحال العميل الذي يريد نقل النقود أَحَالَهُ على البنك المراسل الذي يطلب منه مبلغًا من المال هي حَوالة فالبنك الآن الذي سيحول النقود يعتبر "مُحِيلًا" والعميل "مُحَالًا" والبنك المراسل في البلد الآخر يسمى "مُحَالًا عليه" ، فقالوا : هذه هي أركان الحوالة. اعْتُرِضَ على هذا التخريج فقيل : إِنَّ البنك المحلي أحيانًا ، قد لا يكون له حسابات لدى البنك المراسل ، يعني لا يكون له رصيد لدى البنك المراسل ، يعني ليست كل البنوك تحتفظ بأرصدة لدى البنوك المراسلة قد يحتفظ برصيد قليل لكن العميل أو العملاء سيحولون مبالغ كثيرة ، وهذا هو الغالب في البنوك إذًا ليس هناك دين للمُحَيل على المُحَال عليه . أجابوا عن هذا الاعتراض فقالوا : إِنْ كان للبنك المحلي دين على البنك المراسل فهي حوالة علة مدين وهي جائزة باتفاق الفقهاء ، وإِنْ لم يكن للبنك المحلي رصيد لدى البنك المراسل فهي حوالة على غير مدين وهي جائزة عند الأحناف ؛ لأن الأحناف يقسمون الحوالة إلى قسمين حوالة على مدين وحوالة على غير مدين وكلاهما تعتبر حوالة عند الأحناف .واضح هذا الإشكال والجواب عليه . اعتُرض بإشكال آخر أو باعتراض آخر قالوا : أحيانًا العميل أصلًا الذي يريد أن يُحَوِّل النقود لا يكون دائنًا للبنك ليس له رصيد لدى البنك آتي أنا إلى البنك - قبلُ لا يكون لي حساب لدى البنك - وأعطيه ألف دولار وأٌول : حول هذا البنك إلى ماذا ؟ إلى البنك الآخر ، فالآن ليس هناك ذمة أو ليس هناك دين بين المحال والمحيل . أجابوا عن هذا الاعتراض فقالوا : من الممكن أن تعتبر تلك النقود التي قدمها إذا أدخلها البنك في حسابه أن تعتبر تلك النقود دينًا للمُحَال على البنك الذي أحاله . طبعًا هذا التخريج أو الجواب قد يكون فيه شيء من التَكَلُّف لأن الحوالة فيها دين مستقر أساسًا ما يُنشأ فيها الدين وإنما الدين موجود أساسًا . ما الذي يترتب على هذا التخريج ؟ لو قلنا إنها حوالة حقيقية هل يترتب عليها شيء ؟ نقول : نعم . يترتب على ذلك شيء ، وهو: أنه لا يجوز للبنك أن يأخذ أي رسوم أو عمولات أو أَنْ يربح في عملية التحويل لماذا ؟ لأن عقد الحوالة شرعًا يقول عنه أهل العلم إنه من عقود الإرفاق التي لا يجوز أن يستربح فيها ولهذا كان من شروط صحة الحوالة " اتفاق الدينين المحال به والمحال عليه اتفاقهما في الجنس والقدر والصفة " فلو صح هذا التخريج وأن العمولة التي يأخذها البنك هي مقابل الحوالة لقلنا إن عمليات التحويل كلها التي تجريها البنوك محرمة لأنه ما من بنك حتى البنوك الإسلامية إلا ويأخذ عمولة على عملية التحويل . هناك قول آخر في المسألة : القول الآخر ، قالوا : نُخَرِّج هذا العقد على أنه قرض ووجه ذلك أن الشخص الذي جاء بالنقد إلى البنك يعتبر مقترضًا والوفاء - السداد - سيكون في بلد آخر البنك سيسدد له دينه في البلد الآخر وهذا النوع من القرض يسميه أهل العلم الفقهاء المتقدمون أطلقوا عليه اسم وهو (السُّفْتَجَة) ، السَّفاتِج كانت معروفة عندهم ، يأتي الشخص إلى الآخر فيقول : خذ هذا المال دينًا وأستوفيه منك مثلًا في العراق ويقول : أستوفيه منك مثلًا في مكة فيقرضه في العراق ويسدد له في مكة . قالوا : هذه مثلها العميل الآن جاء وأقرض البنك أعطاه المبلغ واشترط عليه أن يكون السداد بدلًا من أن يكون في الرياض أن يكون مثلًا في مصر فجعلوا هذا من عقد القرض . هذا التخريج أيضًا عليه اعتراض أو إشكال : لأن - الحقيقة- العميل الذي جاء بالنقود للبنك هل من نيته أن يقرض البنك أم أن قصده نقل النقود ؟ هو في الحقيقة يقصد نقل النقود ولا يقصد إقراض البنك هذا من الاعتراضات التي أوردت على هذا القول . هناك قول ثالث في المسألة وهو أن الحوالات المصرفية : تخرج على أنها نوع من الوكالة بأجر فالبنك في الحقيقة وكيل عن العميل بأجر في نقل النقود . والأجرة التي يأخذها البنك أو العمولة هي مقابل توكله في نقل النقود إذًا هذه ثلاثة أقوال في المسألة . والذي يظهر لي والله أعلم أن هذه الأقوال لا تعارض بينها :وأن عملية التحويل - الحوالات المبرقة - تشتمل على حوالة وقرض ووكالة في نقل النقود وأن البنك المحلي الذي ينقل النقود أنه محيل ووكيل بأجر ومقترض . لكن السؤال الآن : العمولة التي يأخذها البنك الآن هي مقابل أيٍّ من هذه المراسلات هل هي مقابل الحوالة ، أم أنها مقابل القرض ، أم أنها مقابل توكله في نقل النقود ؟ ننظر ؛ إن قلنا إنها مقابل الحوالة فهذا أمر مستبعد ، لماذا ؟ لأن الحوالة في الحقيقة هي عقد إرفاق بمَنْ - يعني في الشرع - بالمحيل أم بالمحال ؟ بالمثال السابق زيد وعمرو وصالح مَنْ هو الذي ارْتَفَقَ بالحوالة ؟ مَنْ هو الذي يرغب في الحوالة ؛ المحيل أو المحال أو المحال عليه ؟ مَنْ هو الذي يطلبها ويريدها ؟ - المحيل ابتداءً هو الذي يقول للمحال : أحلتك على فلان ، فهو عقد إرفاق بالمحيل . الآن في الحوالة المصرفية من الذي يطلب الحوالة هل هو المحيل البنك أو المحال العميل ؟ المحال العميل فهي عقد إرفاق بالعميل ، فلذلك لا يصح أن نقول إن تلك العمولة هي مقابل عقد الإرفاق الذي هو في الحقيقة إرفاق بالعميل المحال وليس إرفاقًا بالمحيل . لو قلنا إنه قرض : هل هناك إشكال في أن يأخذ البنك عمولة مقابل هذا القرض هل في إشكال لو قلنا إنه قرض؟ هل تكون من القرض بفائدة ؟ هل في هذا محظور شرعي ؟ لو قلنا إن العملية عملية قرض . العميل أقرض البنك الآن هل يترتب على هذا التقريض محظور شرعي في أخذ البنك عمولة مقابل التحويل؟ لا ما يترتب عليها محظور ؛ لأن البنك الآن هو المقترض والمحرم شرعًا أن يأخذ المقرض على المقترض فائدة وليس العكس . فالآن البنك مقترض فكونه يأخذ هذه العمولة لا إشكال فيه. والمحرم شرعًا هو الفائدة التي يأخذها المقرض . فيبقى الاحتمال الثالث وهو أن العمولة التي يأخذها البنك هي في الحقيقة مقابل الوكالة وهذا هو الأقرب أن العمولة مقابل توكل البنك في نقل النقود إلى العميل ، [وأن هذه العمولات] تجوز شرعًا سواء كانت تلك العمولات بمبلغ مقطوع كأن يقول مثلًا ثلاثين ريالًا عن كل عملية تحويل أو كانت بالنسبة ؛ بنسبة من المبلغ المُحَوَّل ، لو قال عن كل مبلغ سأحوله سآخذ - مثلًا - نصف بالمائة من ذلك المبلغ كلاهما جائز شرعًا لأن هذه العمولة نقابل الوكالة ، والوكالة يجوز أن يأخذ عليها أجرًا بالنسبة ، أو بمبلغ ثابت .هذا ما يتعلق بالحوالات المبرقة . ننتقل إلى التكييف الشرعي للنوع الثاني من الحوالات وهي الشيكات المصرفية . كما قلنا الشيكات المصرفية العميل يقدم للبنك نقودًا والبنك يعطيه مقابل ذلك ماذا ؟ شيكًا مصرفيًّا . تُكَيَّف العلاقة هنا على أنها عقدُ قرض مبادلة نقد بنقد ؛ النقد الذي يقدمه العميل والشيك الذي يقدمه البنك ، فالعلاقة هنا صرف ؛ لأنه تذكرون لما تكلمنا في أول درس عن أنواع البيوع قلنا إِنَّ المبادلات التجارية قد تكون المبادلة مبادلة عَرَض بعَرَض أو مبادلة عَرَض بنقد أو مبادلة نقد بنقد ، فإذا كانت مبادلة نقد بنقد فهي تسمى الصرف ، فإذا كانت صرفًا فيشترط في هذه الحال أن تتحقق شروط الصرف وعلى هذا فإذا كان المبلغ الذي يقدمه العميل بنفس عُمْلَة الشيك المصرفي جاء العميل بألف دولار والبنك سيعطيه شيك بالدولارات فماذا يشترط الآن ؟ - يشترط شرطان : الشرط الأول : التقابض في الحال . والتقابض يتحقق بأن يسلم العميل البنك المبلغ تسليمًا فعليًّا في الحال ، من طرف العميل أن يسلمه تسليمًا فعليًّا ، أو يخصم من رصيده فورًا الآن ، أحيانًا ما يأتي العميل بالنقود وإنما يقول للبنك يكتب ورقة : اخصموا من رصيدي هذا المبلغ . بالخصم من الرصيد يتحقق تسليم البنك للعميل هنا العميل سلم للبنك النقود ، بقي الطرف الآخر يسلم النقود وهو البنك ، فما الذي سيسلمه البنك الآن ؟ الشيك يجب أن يتسلم العميل الشيك في نفس المكان بمعنى أنه لا يجوز أن يأتي الشخص إلى البنك ويعطيه مثلًا ألف دولار ويقول سآتي العصر وآخذ مثلًا الشيك . نقول : لا ، هنا لم يتحقق التقابض لا بد وأنت في المكان تسلم النقود وتستلم الشيك أو تفوض البنك بالخصم من رصيدك ألف دولار مثلًا وتستلم الشيك في الحال حتى يتحقق التقابض الشرعي هذا الشرط الأول . الشرط الثاني : لا بد من التساوي ، التماثل ، فإذا كان المبلغ الذي قدمه العميل ألف دولار فيجب أن يكون الشيك بألف دولار لا يزيد ولا ينقص ، لكن من المعلوم أن البنوك تأخذ أجورًا مقابل عملية إصدار الشيك . فنقول : إن هذه الأجور التي يأخذها البنك جائزة بشرطين . الشرط الأول: أن تكون مبلغًا مقطوعًا ثابت لا يزيد بزيادة المبلغ المدون بالشيك . الشرط الثاني: أن تكون هذه الأجور بقدر التكلفة الفعلية التي تكبدها البنك لإصدار الشيك ، فهو يستحق مثلًا أن يأخذ تلك الأجور لتغطية مصاريفه لإصدار الشيك أما أن يربح في عملية إصدار الشيك هنا فهذا لا يجوز . هذا إذا كان المبلغ الذي قدمه العميل بنفس عملة المبلغ المدون بالشيك أما إذا اختلفت العملة لو جاء شخص بريالات ويريد شيك بدولارات فهنا مع اختلاف العملة ما الذي يشترط ؟ - يشترط شرط واحد ، وهو : التقابض في الحال . ولو اشترط التساوي . بقي مسألة واحدة من مسائل الحوالات المصرفية وهي : " اجتماع الصرف مع الحوالة في الحوالات المصرفية " . إِذ مِنْ المعتاد أن الحوالة المصرفية تقترن بعملية صرف وذلك فيما إذا كان التحويل بعملة أخرى غير العملة التي جاء بها العميل . وخذوا هذا المثال : لو فرضنا أن زيدًا من الناس أتى بألف ريال إلى بنك في الرياض يريد أن يحول الألف ريال هذه إلى مصر لكن يريدها بالجنيهات ؛ أن تحول إلى مصر بالجنيهات ، فالآن عندنا طريقتان : إما أن يكون التحويل عن طريق الحوالات المبرقة أو يكون عن طريق الشيكات . نبدأ بالاحتمال الأول : لو كان عن طريق الحوالات المبرقة : الآن بيد زيد ألف ريال ، يريد أن يحولها جنيهات إلى مصر لا يريد أن يحول ريالات ، وهذا معروف ، يعني في الغالب الواحد إذا أراد أن يحول على بلد آخر لن يحول ريالات ، البنك أولًا ماذا سيعمل قبل أن يحول الريالات ؟ سيجري عملية ؟ سيجري عملية صرف ، فالألف ريال سيصرفها ماذا ؟ جنيهات ، لنفرض أن الألف تعادل ثمانمائة جنيه والآن عندنا حوالة مبرقة ، سيجري البنك حوالة مبرقة ، فالآن زيد أعطى البنك ألف ريال ، البنك ماذا أعطى زيدًا في عملية الصرف ؟ - ثمانمائة جنيه ؟! ما عنده البنك ثمانمائة جنيه ولا يتصور أو من النادر جدًّا أنم البنوك تحتفظ بعملات أخرى غير العملات الصعبة المشهورة ، حتى العملات المشهورة كالدولار ، واليورو يحتفظ بها البنك بقدر يسير أما الحوالات فهي أكثر بكثير من المبالغ والعملات لدى البنك . البنك ماذا يعمل؟ الآن زيد أعطاه ألف ريال ، البنك لا يعطيه ثمانمائة جنيه وإنما يقيد في حسابه ماذا؟ ثمانمائة جنيه أجر عملية الصرف ، ثم بعد أن صرفها ثمانمائة جنيه يجري العملية الثانية وهي عملية ماذا ؟ التحويل ، فيحول كم ؟ ثمانمائة جنيه. هنا في إشكال شرعي ، ما هو الإشكال ؟ أن العميل - زيدًا - سلم البنك النقود لكن البنك لم يسلمه شيئًا فعليًّا وإنما قيد له في البنك مع أن البنك لا يمتلك تلك النقود . وكذلك في الشيكات المصرفية وهو الاحتمال الآخر: إذا جاء زيد معه ألف دولار وقال للبنك أعطني شيك بالجنيهات المصرية بثمانمائة جنيه مصري فالبنك سيكتب له شيك مصري بقيمة كم ؟ ثمانمائة وهو لا يملك أصلًا تلك الجنيهات في البنك وإنما يقيدها له كورقة ، كَشِيك ، فهل تحقق الآن التقابض شرعًا أم لا ؟ - هذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين ، والذي ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أنه قد تحقق التقابض شرعًا في كلا الحالتين ، سواء بالقيد لصالح العميل أو بتسليم العميل الشيك المصرفي هذا .ونقرأ كلام المجمع .. فقد جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي" قالوا : " إِنَّ من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا : أولًا : القبض المصرفي بمبلغ من المال في حساب العميل للحالات الآتية :- يعني اعتبروا القبض بمثابة تسليم النقود ، يعني إذا قيد البنك في حسابه فكأنه قد سلمه النقود - ومن ذلك : إذا اقتطع المصرف بأمر العميل مبلغًا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى في المصرف نفسه أو غيره لصالح العميل أو لمستفيد آخر - هذا ينطبق على الحوالات المبرقة ؛ أن يقيد له قيدًا - والحالة الثانية : وأنا وضعت تحتها خطًّا هنا ، قال: تَسَلُّم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجز المصرف له " . يعني : إذا كان هذا الشيك واجب السداد بمعنى أن العميل الآن إذا أخذه يستطيع أن يصرفه بمصر فإنه قبضه للشيك هنا في قوة قبض محتواه ، كأنه قبض الثمانمائة جنيه ، لماذا ؟ لأن الشيكات المصرفية واجبة الدفع فهي في قوة النقود ، فاعتبروها هنا في قوة النقود ، كأنه سَلَّمَهم الآن نقودًا حقيقية . هذا ما يتعلق بالحوالات المصرفية . ننتقل إلى الخدمة الثالثة من الخدمات المصرفية وهي : " بطاقات الصرف الآلي " . وهي البطاقات المعروفة التي يستخدمها الشخص في السحب من رصيده ، وسنرجئ الحديث عن هذه البطاقات إلى حديثنا عن أنواع البطاقات المصرفية والبطاقات الائتمانية ؛ لأن لها صلة بها ، فلذلك نرجئ الحديث عنها . الخدمة الرابعة : هي التحصيل والمُقَاصَّة : بمعنى : أن البنك أحيانًا يتوكل عن العميل في استيفاء الأوراق التجارية المستحقة له . فعلى سبيل المثال : لنفرض أن شخصًا قد حُرِّر له شيك مسحوب على البنك الأهلي التجاري ، لكن هذا الشخص المستفيد من الشيك - الذي دُوِّن الشيك لصالحه أو حُرِّر الشيك لصالحه - حساباته في بنك الراجحي ، فيأتي يأخذ هذا الشيك ويذهب إلى بنك الراجحي يقول هذا الشيك مسحوب على البنك الأهلي ، ماذا يعمل بنك الراجحي ؟ هل يودعه مباشرة في رصيده ؟ ماذا يعمل ؟ - يأخذ هذا الشيك ويتوكل عن العميل في تحصيل قيمة الشيك من البنك الأهلي ، يسمى هذا : تحصيل ومقاصة . ودائمًا هناك بين البنوك دائرة تسمى " دائرة المقاصة" أو " غرفة المقاصة " ، تتم عن طريق البنوك المركزية ، وعندنا تتم عن طريق مؤسسة النقد ، فهناك غرف للمقاصة بين البنوك ، يأتي البنك لديه شيكات مسحوبة على البنك الآخر ، والبنك الآخر لديه شيكات مسحوبة على هذا البنك ، وهكذا ، فتجري مقاصة بين البنوك ، بحيث إن البنك يستوفي قيمة ذلك الشيك لصالح عميله . بعض البنوك قد تأخذ رسومًا على العميل مقابل هذه الخدمة ، فما حكم هذه العمولات التي يأخذها البنك ؟ نقول : هذه العمولات جائزة ؛ لأنها مقابل وكالته ، مقابل توكله عن العميل في استيفاء قيمة الشيك ، فليس فيه قرض ولا محظور شرعي ، وإنما هو وكالة مجردة ، ولذلك إذا لم يستطع البنك أن يستوفي قيمة الشيك . لنفرض أنه أرسل الشيك إلى البنك الأهلي الآن ، ثم قال البنك الأهلي : إن صاحب الحساب الذي حرر الشيك هذا ليس له رصيد أو رصيده أقل من قيمة الشيك ، ما الذي سيحصل الآن ؟ من الذي سيتحمل الخسارة هنا ؟ هل هو بنك الراجحي أو العميل الذي حُرر له الشيك؟ - العميل الذي حُرر له الشيك ، فلذلك بنك الراجحي مثلًا هنا يرجع إلى العميل ويعطيه الشيك ، يقول : هذا الشيك غير قابل للسحب ، فعليك أن تذهب بنفسك أنت إلى البنك الأهلي ، أو تتفاهم مع مُحَرِّر الشيك وتستوفي رصيدك بنفسك ؛ لأن بنك الراجحي هنا أو البنك الذي يقوم بالتحصيل لا يضمن قيمة الشيك ، وإنما هو مجرد وكيل ويأخذ عمولة مقابل تلك الوكالة . لو كان البنك يضمن قيمة الشيك ففي هذه الحال هنا محظور شرعي وهو أنه سيربح في عقد ضمان وسيأخذ أجرًا مقابل الضمان ، وأخذ الأجر على الضمان لا يجوز إذا كان يؤول إلى القرض . لكن الواقع الآن في عمل البنوك أنها لا تضمن قيمة الشيك ، وإنما تتوكل عن العميل في استيفائه ، لو لم تستوفه فإنها ترده إلى العميل . ننتقل بعد ذلك إلى الخدمة الخامسة وهي " إصدار الشيكات " . والشيكات التي تُسحب على البنوك على ثلاثة أنواع : النوع الأول "الشيكات العادية " : عبارة عن أوامر بالدفع من مُحَرِّر الشيك للمستفيد بسحب مبلغ من المال موجود لدى أحد البنوك . فيكتب شخص آخر شيك ؛ هذا الشيك العادي المعروف ، هذا الشيك لا بد أن تتوافر فيه عدة أركان :لا بد أن يكون فيه : تاريخ ، وتوقيع ، ومُحَرِّر الشيخ - أن يعرف من هو محرر الشيك -، والمستفيد من الشيك ، وأن يعرف البنك الذي سيسحب عليه ذلك الشيك . هذا هو الشيك العادي . النوع الثاني " الشيكات المصدقة " : يأتي شخص ويحرر شيك بمبلغ مثلًا عشرة آلاف ريال ، ثم يذهب إلى البنك ليقوم البنك بتصديق الشيك ، يختم عليه البنك بالتصديق ، وعند ختم البنك على الشيك فهذا يعني أن البنك قد حجز العشرة آلاف ريال التي في رصيده ، بحيث إن المستفيد من الشيك - الذي حُرِّر له الشيك - يضمن أن هذا الشيك إذا كان مُصدَّقًا أنه فيه رصيد ، بحيث أنه يتأكد أنه يستطيع أن يستوفي ذلك الرصيد ، وهذا بخلاف الشيك العادي ، فالشيك العادي من الممكن الواحد أن يحرر شيك ولكن لا يكون له رصيدًا يغطي القيمة المدونة في الشيك ، أما الشيك المصدق إذا خَتَم عليه البنك فهذا يعني أن البنك قد حجز المبلغ ، لا يستطيع صاحب الحساب - الذي حرر الشيك - أن يأخذ ذلك المبلغ ، وإنما يأخذ ذلك المبلغ من هو ؟ المستفيد الذي حُرر الشيك لصالحه . | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: المصارف الإسلامية : الحلم يتحقق!! الأربعاء مايو 05, 2010 11:14 am | |
| المصارف الإسلامية : الحلم يتحقق!! حين كتب الأستاذ محمود أبو السعود كتابه حول معالم الاقتصاد الإسلامي، لم يستوعب الكثير إمكانية ترجمة تعاليم الإسلام إلى نظم تحكم الحياة الاقتصادية والتجارية، حتى أبرز د. محمد عبد الله العربي الفكرة في تصور عملي من خلال كتابه: "المعاملات المصرفية المعاصرة والنظرية الإسلامية" ( ١٩٦٦ ) وعزز ذلك د. عيسى عبده في كتابه: "بنوك بلا فوائد"، وانطلقت المسيرة في شبه القارة الهندية بكتابات متميزة؛ كإسهامات نجاة الله صديقي منذ ١٩٥٨ ، وغيره من الاقتصاديين المسلمين،وعلماء الشريعة الإسلامية، ورجال الأعمال الرواد، أمثال الأمير محمد الفيصل والشيخ صالح الكامل اللذين سددا المسيرة وقوا عودها؛ حتى وصل اليوم عدد المؤسسات المالية الإسلامية على امتداد العالم إلى ١٧٠ مصرفًا ومؤسسة في غضون ٢٥ سنة فقط، وتبلغ الاستثمارات التي تديرها إلى أآثر من ١٥٠ مليار دولار، وصارت المصارف الإسلامية واقعًا جديدًا، يحظى بالقبول العالمي، وتتسابق المؤسسات المصرفية الأجنبية للأخذ بالتجربة، واحتفت بالتجربة مراكز البحوث بالجامعات الغربية،وعكفت مؤسسات التمويل الدولية على دراسة النموذج الإسلامي. وتمثل اليوم آلٌّ من إيران والسودان أآثر الدول الإسلامية التي تطبق النظام المصرفي الإسلامي، وتمنع التعامل الربوى في جميع مصارفها، بينما تتجه باكستان إلى تطبيق قانون إسلامي يمنع الفوائد الربوية في جميع المؤسسات المالية والمصرفية العاملة في البلاد بحلول يوليو القادم، أما دول أخرى مثل ماليزيا والسعودية والبحرين والإمارات ومصر والكويت؛ فإنها تسمح بوجود النظامين المصرفيين، جنبًا إلى جنب، الإسلامي والربوي، دون أن تلزم قانونًا بإجراء المعاملات المالية على أساس تحكمه الشريعة الإسلامية. تطورات عالمية يمكن أن نرصد جملة من التطورات بالغة الأهمية بالنسبة للصناعة المصرفية الإسلامية على النحو التالي: ١- تنتظم العديد من المؤسسات المالية الإسلامية في عملية إعادة هيكلة واندماج لمواجهة )تحديات العولمة في شكل مؤسسات كبيرة وفعالة تمثلت في: • عملية اندماج بين مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين والشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي، وكلاهما يتبع دار المال الإسلامي، المملوكة لرجل الأعمال السعودي الأمير محمد الفيصل، وكونت المؤسستان مصرف البحرين الشامل. • تأسيس شركة البركة القابضة التابعة لمجموعة دلة البركة التي تتعامل بالنظام الإسلامي برأسمال مدفوع قدره ٥٦٠ مليون دولار، وستقوم الشركة الجديدة بإدارة حوالي ٢٥ مصرفًا تابعًا لمجموعة البركة. • زيادة رأسمال بنك دبي الإسلامي أول المصارف الإسلامية لأكثر من ٢٧٠ مليون دولار، بعد أن تعرض لهزة مالية عنيفة في أواخر التسعينيات بسبب مشكلة مخالفات مالية، الأمر الذي دفع السلطات النقدية في الإمارات لإعادة ترتيب أوضاع المصرف الإدارية والقانونية، وإعادة رسملة المصرف. • مصرف أبوظبي الإسلامي، أحدث المؤسسات المصرية الإسلامية تأسيسًا، وصل رأسماله إلى مليار درهم إماراتي، ومزود بإدارة متمرسة، لديها كفاءة في استقطاب الودائع وتطوير المنتجات المالية. ٢- اتجاه معظم المصارف الإسلامية إلى تأسيس المحافظ الاستثمارية المحلية وصناديق )الاستثمار في الأسهم العالمية، الأمر الذي أدى إلى توظيف السيولة الكبيرة لدى هذه المصارف، وتوسع قاعدة السوق، وازدياد الخدمات المالية والاستثمارية. استطاع مصرف أبوظبي الإسلامي أن يطرح لأول مرة في منطقة الخليج صندوقًا إسلاميًّا؛ لتوزيع الأصول والمسمى صندوق "هلال". ودخلت كثير من المصارف الإسلامية الأخرى هذا المجال، وبرزت شركات الوساطة المالية التي تتيح فرصة التعرف على الأسهم والأوراق المالية التي يتم التعامل فيها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية. وتعد شركة "إسلام كي كيو" أول مؤسسة إسلامية في مجال الإدارة المالية، ولديها موقع على شبكة الإنترنت؛ لتقديم خدمات التمويل والاستثمارات، والتي من بينها شراء وبيع الأوراق المالية الإسلامية بالأسواق الأمريكية؛ حيث تتيح الشركة تصفح أسهم أآثر من ٦ آلاف شركة مدرجة بالأسواق الأمريكية، وتحديد ملاءمتها للاستثمار الإسلامي من الناحية الشرعية، وتمكين العملاء من إجراء المعاملات التي يرغبونها على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يسمح بالمتاجرة في السندات، والصكوك الربوية، وعمليات البيع على المكشوف، والفوائد على الفواتير، وحسابات الهامش لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية. ٣- اتجاه العديد من المصارف التقليدية إلى التحول إلى مصارف إسلامية؛ حيث بدأ مصرف الجزيرة السعودي إجراءات التحول إلى مصرف إسلامي، بعد نجاح عملياته الاستثمارية الإسلامية، وتلبيةً لرغبة عملائه في إتمام المعاملات بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، وحديثًا أعلن بنك الشارقة الوطني رغبته الأكيدة في التحول إلى مصرف إسلامي. ٤- تزايد الاهتمام العلمي بالتجربة وتطويرها؛ فكثرت الدراسات والأبحاث العلمية، واضطلعت المجامع الفقهية ، خاصة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، الذي قام بدور بارز في هذا المجال. وما زالت الندوة الفقهية الاقتصادية السنوية التي تنظمها مجموعة البركة – منذ أآثر من عشر سنوات –تشكل منتديًا يجمع بين العلماء المختصين في مجال الاستثمارات والمصارف الإسلامية بصدد مداولات وإصدار رأي فقهي جماعي حول القضايا المالية المعاصرة. هذا بالإضافة إلى المنتديات والمؤتمرات التي يرعاها البنك الإسلامي للتنمية بجدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، واتحاد المصارف الإسلامية، والبنوك المركزية في آلٍّ من السودان وباكستان والبحرين وماليزيا، وبعض المعاهد المتخصصة في بريطانيا والبحرين وباكستان. ومن ناحية أخرى تطور اهتمام الجامعات الإسلامية إلى درجة منح الشهادات الجامعية في هذا المجال، وتعتبر جامعة أم درمان الإسلامية رائدة في مجال المصارف والاقتصاد الإسلامي؛ حيث تمنح درجات علمية، وتنظم دورات في مجالات الصيرفة والمالية الإسلامية، وتُعد أول مؤسسة جامعية في العالم تنشئ قسمًا للاقتصاد الإسلامي منذ ١٩٦٨ ، ولكلية التجارة بجامعة الأزهر دور رائد في هذا المجال؛ ففي رحابها أقيم مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، وتبع ذلك وجود تخصصات الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان وبعض الجامعات السعودية، خاصة جامعة الملك عبد العزيز التي أسس فيها مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، وكذلك الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا. ٥- تطور أداء هيئات الرقابة الشرعية؛ فعلى صعيد الدول نجد أن السودان حقق تقدمًا في هذا )الصدد، بعد أسلمة النظام المصرفي بالكامل، وتكوين هيئة عليا للرقابة الشرعية بالبنك المركزي السوداني (بنك السودان)، وصدور العديد من التشريعات والقوانين التي تنظم أعمال المصارف في ضوء تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. أيضًا هناك ماليزيا وباكستان؛ حيث تضطلعان بدور بارز في هذا الصدد؛ فالأولى كونت وحدة للرقابة الشرعية تابعة للبنك المركزي، إضافة إلى المبادرة لإصدار منتجات مصرفية إسلامية بالتعاون مع عدد من الدول الإسلامية على المستوى العالمي، والمساهمة في ترتيبات السوق المالية الإسلامية وصكوك السندات الإسلامية، أما باكستان؛ فالبنك المركزي يواصل مشروع الأسلمة الذي انطلق منذ أيام الجنرال الراحل "ضياء الحق"، وتمت عدة اجتهادات نظرية وتطبيقات عملية ضمن مشروع أسلمة الاقتصاد. ٦- هناك مصارف عالمية عريقة تقدم خدمات مصرفية إسلامية، مثل: مجموعة "هونغ كونغ )شنغهاي" المصرفية (إتش. إس. بي. سي) و"شيس مانهاتن سيتي بنك"، وكذلك مصارف إقليمية ومحلية مرموقة، مثل: البنك الأهلي التجاري السعودي، والبنك السعودي الهولندي، و"ميي بنك" الماليزي - أبرز المؤسسات المالية التقليدية التي ارتادت مجال الصيرفة الإسلامية - وهناك مصارف تقليدية تستعد للتحول، مثال ذلك: بنك الجزيرة السعودي، وبنك الشارقة الوطني بالإمارات. ٧- أعلنت الحكومة الباكستانية مؤخرًا عن قرار يقضي بتعميم التحول الكامل نحو النظام )المصرفي الإسلامي، وإلزام جميع مؤسسات التمويل المحلية والشركات المالية بالامتناع عن المعاملات الربوية، وحددت المحكمة الدستورية العليا في باكستان مهلة أربعة أشهر لترتب ولتكيف جميع المصارف والمؤسسات المالية أوضاعها للتعامل بالصيغ الإسلامية؛ حيث يبدأ تطبيق القرار ابتداء من أول يوليو القادم ( ٢٠٠١ ) كحد أدنى. ٨- تعتزم السلطات النقدية في البحرين - بالتعاون مع بنك التنمية الإسلامي ومصرف البحرين )الإسلامي - إطلاق أعمال وكالة التقييم الائتماني الإسلامي الدولية، التي يُسند إليها إجراءات التصنيف والتقييم الفني على ضوء معايير خاصة لأعمال المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وسيكون لها دور في إضفاء المزيد من الشفافية والثقة على المؤسسات الإسلامية. هذا إلى جانب منظمة المراجعة والمحاسبة الإسلامية للمصارف الإسلامية التي تقوم بإجراء عمليات الرقابة على المصارف الإسلامية؛ وفقًا لمعايير وضوابط شرعية ومحاسبية متفق عليها، وقد أنجزت المنظمة هي الأخرى تشريعاتها والمعايير الدولية الإسلامية الخاصة بأنشطتها. ٩- تمكن البنك المركزي السوداني في عام ٢٠٠٠ من إصدار شهادات مشاركة البنك المركزي )"شمم" وشهادات المشاركة الحكومية "شهامة" كأدوات مالية إسلامية، تمكن البنك المركزي من السيطرة على السيولة وإدارتها؛ لتحقيق السياسة النقدية المستهدفة في البلاد، وتقوم فكرة الإصدار على المبدأ الإسلامي الغنم والغرم، بدلًا من الفوائد الربوية. فنجد أن شهادة مشاركة البنك المركزي تهتم بإدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي، ويتم بيع الشهادات عندما يرغب بنك السودان في تخفيض السيولة، ويتم شراؤها عندما يراد زيادة السيولة. وحصيلة البيع لا يستغلها بنك السودان، ولكنها تسحب من النظام، ويتم تجميدها. وتتحقق أرباح حاملي شهادات مشاركة البنك المركزي "شمم" فقط عند بيعها، أي أن هذه تدفع بنهاية السنة Dividends وليست أرباحًا نقدية Capital Gains الأرباح ذات طبيعة رأسمالية المالية. والتداول في شهادات شمم بيعًا وشراءً، يتم عن طريق العطاءات، غير أن لحامل شهادات "شمم" أن يبيعها خارج المزاد لبنك السودان أو لغيره لحاجته للسيولة. أما حصيلة بيع شهادات مشاركة الحكومة "شهامة" والتي تُعنى بإدارة السيولة على مستوى الاقتصاد الكلي؛ فيعاد تدويرها وضخها في الاقتصاد القومي، بواسطة وزارة المالية، عندما تقوم بالإنفاق على مشاريع جديدة، أو لمشروعات قائمة. تحديات أساسية هناك جملة من التحديات تواجه المصارف الإسلامية، يمكن تلخيصها في الآتي: ١. التكَيُّف مع البيئة الخارجية التي تتجه نحو العولمة: لا بد أن تنهض المصارف الإسلامية بعبء التمهيد التدريجي للتكيف مع اتجاه عولمة الاقتصاد، وأن تتعاون فيما بينها لتفادي الآثار السلبية للعولمة الاقتصادية، وأعتقد أن نجاح عمليات الاندماج وإطلاق السوق المالية الإسلامية الدولية، وتطبيق معايير الرقابة والمحاسبة الإسلامية سيساهم بفعالية في التكييف السليم دون خسائر. ٢. المنافسة الكبيرة من المصارف التقليدية: ويتطلب دفع هذا التحدي أن تعمل المصارف الإسلامية على تحسين مستوى إدارتها وعملياتها الفنية؛ فلا تكتفي بأن تكون مجرد أوعية لتلقي الأموال، بل أدوات لاستثمارها، الأمر الذي يستدعي أن تعمل المصارف الإسلامية من جهة أخرى على إنتاج منتجات جديدة تكافئ منتجات المصارف التقليدية وتتفوق عليها، وبالتالي تعظيم مهارتها في الهندسة المالية الإسلامية. القدرة على تحمل المخاطر من خلال الكفاءة المالية والجدارة الائتمانية لقاعدة عملائه: ولمواجهة التحدي الماثل في هذا المجال يتعين على المصارف الإسلامية أن تستخدم أفضل الوسائل لإدارة المخاطر والائتمان وتقلبات الأسعار في الأسواق، وهناك من يري ضرورة قيام وآالة إسلامية عالمية متخصصة في تقييم المخاطر وإدارتها فيما بين المصارف الإسلامية. جامعة بترا - ماليزيا د. محمد شريف بشير | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: الخدمات المصرفية الإسلامية الأربعاء مايو 05, 2010 11:16 am | |
| الخدمات المصرفية الإسلامية
تعود جذور الخدمات المصرفية الإسلامية التي تتمحور حول قبول الودائع ورفض الربا الى أيام الرسول (صلّى الله عليه وسلّم). ففي ذلك الوقت، كان الناس يودعون الأموال لدى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أو لدى أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، أول خليفة للمسلمين.
لكن الخدمات المصرفية الإسلامية بصورتها الحالية بدأت بالظهور في نهاية الستينات من القرن الماضي، عندما عملت عدة دول إسلامية على وضع الفكرة موضع التنفيذ.
حيث بدأت بعض أشكال الخدمات المصرفية الإسلامية بالظهور في سبعينات القرن الماضي، لكنها واجهت عدداً من المشكلات من ناحية الإلتزام الكلي بأسس الشريعة الإسلامية. وخلال الفترة ذاتها، بدأ العمل على تطوير أسس المحاسبة الإسلامية، التي تعتبر أداة حيوية ورئيسية لنجاح المصارف الإسلامية، وتم في العام 1973 عقد أول اجتماع لمؤتمر المنظمة الإسلامية في جدة وتم التناقش والتباحث في إيقاف العمل بمعدلات الفائدة المحدّدة وابتكار أنظمة مالية جديدة ترتكز على تعاليم الدين الحنيف.
وفي العام 1975 تم تأسيس بنك دبي الإسلامي كأول مصرف إسلامي متكامل، ومنذ ذلك الوقت، ظهرت العديد من المؤسسات المالية الأخرى التي ترتكز على مبدأ مشاركة الربح والخسارة.
ولقد ارتكز النموذج النظري الأول للخدمات المصرفية الإسلامية على مبدأ المضاربة متعددة الأطراف، عبر اعتماد مبدأ مشاركة الربح بدلاً من مبدأ الفائدة على الودائع والقروض. ويمكن للمصارف الإسلامية أن تكون وسيطاً مالياً، مثل المصارف التجارية التقليدية، لكن عبر إلغاء مبدأ الفائدة من جميع التعاملات والإعتماد على الشراكة الحقيقة ومبدأ مشاركة الأرباح.
وخلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، لاقت الخدمات والنشاطات المالية الإسلامية اهتماماً واسعاً شمل الأكاديميين والمتخصصين. وبدأت العديد من الجامعات والمعاهد بتدريس أسس الخدمات المصرفية الإسلامية وتشجيع إجراء الدراسات والبحوث منها من جامعات بارزة في أوروبا وأميركا.
وتم عقد الكثير من المؤتمرات والندوات في مختلف المدن العالمية مثل كوالالمبور وإسلام أباد ودكا والمنامة وجدة والقاهرة والخرطوم وسوكوتو (نيجيريا) و وجنيف ولندن ونيويورك. وتخصّصت العديد من مراكز الأبحاث بالأسس الإقتصادية الإسلامية مركزة على الشؤون المالية والمصرفية. وقامت بعض هذه المراكز بنشر المجلات الأكاديمية المتخصّصة موفرة بذلك منصة لتبادل الأفكار ونشر المعلومات حول العالم.
وقد تم لاحقاً تطوير الأسس الأوليّة وتنقيتها وصقلها حيث شهد مجال الودائع وضع أسس محدّدة للتعامل مع الحسابات وعمليات التمويل ورؤوس الأموال والبيانات المالية، وذلك ارتكازاً على مبادئ الإجارة والمرابحة. كما تم خلال هذه الفترة تطوير التقنيات الخاصة لإطلاق المنتجات المالية وفقاً للشريعة الإسلامية، وشمل هذا الأمر اختيار شركات ومؤسسات يمكن التعامل بأسهمها كونها تتوافق مع مبادئ الشريعة.
واليوم، أصبحت المصارف الإسلامية، وعلى رأسها بنك دبي الإسلامي، تشكل منافسة قوية في جميع مجالات العمل المصرفي بعد أن أزالت الصورة التي لازمتها بأنها فقط للمتعاملين المسلمين وتهدف الى تحقيق بعض الأهداف الدينية. حيث أصبحت الخدمات المصرفية الإسلامية تتمتع بمستوى عال من التقدير وتعتبر بديلاً أكثر عدلاً وانصافاً من المصارف التجارية التقليدية، وهي تجذب المزيد من المتعاملين غير المسلمين، يحفزهم على ذلك تميّز النظام المصرفي الإسلامي. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: البنوك الاسلامية الفريضة الغائبة في الاقتصاد الإسلامي الأربعاء مايو 05, 2010 11:18 am | |
| البنوك الاسلامية الفريضة الغائبة في الاقتصاد الإسلامي على الرغم من ازدهار القطاع المالي الإسلامي في عدد من البلاد الإسلامية، إلا أنه لا تزال هناك فجوة كبيرة لم تجد من يتصدى لها. إنها القرض المجاني أو القرض الحسن. هذا النوع من التمويل فرض كفاية على المجتمع الإسلامي، ومع ذلك لم يقم به من يكفي حتى الآن. فهو فريضة غائبة عن ساحة الاقتصاد الإسلامي اليوم. وقد أجمع العلماء على أن أعمال البر والمعروف، كإطعام الجائع وسقي العطشان وإغاثة الملهوف وفك الأسير ونحوها، فرض كفاية على المسلمين. ومعنى كونها فرضاً على الكفاية أي أنه إذا قام بها من يكفي من المسلمين سقطت عن الباقين، وإلا أثم الجميع. فهي واجب على المجموع وإن لم تكن فرض عين على كل أحد. ويدل على ذلك قوله تعالى: {كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) ولا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ(18) } سورة الفجر, وقوله { إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)} سورة الحاقة, حيث أنكر على المشركين عدم تعاونهم على أعمال المعروف والتكافل الاجتماعي، فدل على وجوب التعاون على ذلك، وهذا هو معنى فرض الكفاية، وهو داخل في عموم قوله تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) } سورة المائدة. ولا ريب أن القرض المجاني يدخل في أعمال المعروف، بل هو أولى، لأن المقرض يسترد رأسماله، أما في الأعمال الأخرى فالمنفق لا يسترد شيئاً. فيكون وجوبه على الكفاية آكد وأظهر. كما أن التحريم القاطع للربا يستلزم تشوف الشارع وحرصه على القرض المجاني وسائر صور المعروف، وهذا يؤكد وجوبه على الكفاية على أقل تقدير. أهمية القطاع غير الربحي وهذا الوجوب يرجع إلى أهمية القطاع غير الربحي في النشاط الاقتصادي. فالنشاط الاقتصادي يقوم على دعامتين، لا يمكن أن يستغني بإحداهما عن الأخرى: النشاط الربحي، والنشاط غير الربحي، ولا يوجد اقتصاد على وجه الأرض يقتصر على أحدهما. فالدول الرأسمالية تملك الكثير من البرامج والأنشطة، سواء الحكومية أو الخاصة، التي لا تهدف إلى الربح، سواء في مجال التمويل أو التعليم أو الصحة أو غيرها. وقد أدركت هذه الدول هذه الحقيقة خاصة بعد أزمة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي، مما جعلها تتخلى عن الاعتماد شبه الكلي على آلية السوق والنشاط الربحي لإدارة دفة الاقتصاد. أما الدول الاشتراكية فقد اكتشفت بالتجربة أن الاعتماد شبه الكلي على الجانب غير الربحي لا يمكن أن يحقق الازدهار الاقتصادي للبلاد. فالواقع والتاريخ من أقوى الشواهد على أن الاقتصاد لا يمكن أن يقتصر على النشاط الربحي وحده، ولا على النشاط غير الربحي وحده. بل لا بد من الأمرين معاً. وفي حين لا تملك الأنظمة المعاصرة تصوراً واضحاً حول حدود العلاقة بين هذين الجانبين، فإن الاقتصاد الإسلامي يقدم رؤية مفصلة تحدد متى يبدأ النشاط الربحي ومتى ينتهي، ومتى يبدأ النشاط غير الربحي ومتى ينتهي، وهو ما يتمثل في وجوب الزكاة والنفقات وأعمال المعروف، وفي تحريم الربا والميسر وفي سائر الأحكام التفصيلية للمعاملات المالية. ولهذا أجمع العلماء على أن بعض التصرفات المالية لا تقبل المعاوضة، كالقرض والكفالة والضمان وإنظار المعسر. فالمعاوضة على هذه الأعمال، مع كونها تؤدي إما إلى الربا أو إلى الغرر، فهي تنافي مقصد الشرع من إبقاء باب المعروف مُشْرَعاً، والمحافظة على مساحة النشاط غير الربحي واسعة رحبة، ومنع حافز الربح من تجاوز دائرته والاستيلاء على النشاط الاقتصادي بأكمله. ترتيب الأولويات ومع أهمية القطاعين، الربحي وغير الربحي، إلا أن الأولوية في البناء الاقتصادي هي للقطاع غير الربحي. ولذلك جاء الأمر بالزكاة والصدقات والمعروف سابقاً على تحريم الربا بمدة، حيث تأخر النص الصريح بمنعه إلى غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة. أما النصوص الآمرة بالبر والمعروف والإحسان، فكانت تتوالى منذ بدء البعثة. وحكمة تقديم الأمر بالزكاة والمعروف على تحريم الربا تظهر من خلال فهم مشكلة الربا وأسباب وجوده. فالربا ينشأ من جهتين: حاجة المقترض، وشح المقرض. فالحاجة من جهة الطلب، والشح من جهة العرض. فجاءت نصوص الشرع الحكيم بمعالجة الأمرين من خلال الأمر بالزكاة والصدقات والعطف على المسكين واليتيم ونحوها من صور التكافل الاجتماعي. فهذه الأعمال تغني المحتاج أو تخفف من عوزه، وفي الوقت نفسه تربي صاحب المال على السخاء والبذل وتستلٌّ جذور الشح والبخل من قلبه. وبذلك تعمل على استئصال الربا من الجهتين. وهذا بطبيعة الحال يأخذ وقتاً ولا يتم بين عشية وضحاها، ولهذا تأخر تحريم الربا الصريح نحواً من عشر سنين. فلما نزلت آية تحريم الربا كانت البيئة النفسية والاجتماعية مهيأة وجاهزة لاستقبال الحكم وامتثاله على أكمل وجه. وهذا يبين تكامل النظام الإسلامي وترابط أجزائه. كما يبين خطأ التركيز على جانب وإهمال الآخر. وهذا هو الحاصل الآن للأسف، حيث يتم التركيز على مؤسسات التمويل الإسلامي الربحية، مع إهمال كبير للمؤسسات غير الربحية، ومن أهمها مؤسسات الزكاة والقرض المجاني. فمحاولة إزالة الربا دون تفعيل مؤسسات التمويل غير الربحي تؤدي إلى خلل جوهري في مسيرة التمويل الإسلامي، على مستوى الفهم والتنظير، وعلى مستوى الممارسة والتطبيق. الوظيفة الاقتصادية للقطاع غير الربحي وليتضح مقدار الخلل الناتج عن إهمال التمويل غير الربحي، دعنا نسأل: ماذا يحدث إذا وجد التمويل الربحي، مثل البيع الآجل ونحوه، قبل معالجة مشكلة الفقر وقبل معالجة التفاوت الفاحش في توزيع الثروة؟ الجواب ليس عسيراً، فالتمويل سيتجه تلقائياً لمحاولة سد الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ورغبة الفقراء في اللحاق بالأغنياء. وحيث إن معظم التمويل يتم من خلال المداينات، فإن هذا سيؤدي إلى تحويل قطاع كبير من المجتمع إلى خانة المدينين لأصحاب الأموال. وحيث إن التمويل ربحي وليس مجانياً، فإنه سيزيد من ثروة أصحاب الأموال ويؤدي من ثم إلى زيادة الفجوة في توزيع الثروة بدلاً من تضييقها. وهذا بدوره يستلزم دورة جديدة من التمويل، التي تعمل هي أيضاً على زيادة الفجوة، وهكذا. وبذلك تزداد الفجوة اتساعاً، ويتضاعف مستوى المديونية. وحيث إن معظم التمويل يتجه إلى أغراض استهلاكية، فإن ارتفاع معدلات المديونية قد تؤدي إلى تراجع النمو والتوظيف. ولكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد. فنظراً لأن التمويل الإسلامي بطبيعته لا يسمح بالتوسع في المديونية بل يقيدها دائماً بالنشاط الحقيقي، وحيث إن هذه الدوامة في التمويل الاستهلاكي لا تقبل التوقف عند حد، فإنها ستؤدي إلى محاولة الالتفاف على الضوابط الشرعية للتمويل من أجل الحصول على السيولة وجدولة الديون، لتصبح النتيجة في النهاية لا تختلف عن التمويل الربوي. وهذا ما يؤدي بدوره إلى جعل الحيل والأساليب الصورية في التمويل، التي لا تختلف في جوهرها عن الربا، جزءاً أساسياً من الحياة الاقتصادية. وهكذا نجد أن غياب الدور الفاعل لمؤسسات التمويل غير الربحي يؤدي إلى سلسلة من الأخطاء في الاجتهاد وفي التطبيق. فهو يفرغ التمويل الإسلامي من مضمونه، كما يجعل الحيل الربوية تظهر كأنها ضرورة لا يمكن الفكاك منها، مع أنها في واقع الأمر لا تزيد المشكلة إلا سوءاً. وأصبح هذا الواقع العليل، مع اتهام الناس بالشح والضن بالمال، سنداً للفتاوى بجواز الحيل أصالة واختياراً، لا استثناء واضطراراً. وهذه الفتاوى بدورها رسخت الانحراف عن أهداف الاقتصاد الإسلامي ومبادئه، لتنشأ دوامة أخرى تعزز دوامة المديونية وتُنظـّر لها. وحقيقة الأمر أن المسلمين يحبون الخير والبذل والعطاء، ويملكون من روح المواساة والتكافل ما لا يوجد عند غيرهم من الأمم، ومن ظن فيهم خلاف ذلك فهو حري بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال هلك الناس فهو أهلكهم". وإنما المشكلة في غياب المؤسسات التي تحول هذه الميول النبيلة من رغبات كامنة إلى واقع قائم ونمط اجتماعي راسخ. فالمؤسسات غير الربحية هي الأساس في بناء الاقتصاد الإسلامي. وإذا اختل الأساس اختل البناء، وأصبح التمويل الإسلامي من ثم عاجزاً عن تحقيق أهدافه. وأياً كانت الأسباب التاريخية التي أدت إلى تراجع هذه المؤسسات، فمن الخطأ الاستسلام لهذا الواقع فضلاً عن محاولة التنظير له من خلال تسويغ الحيل الربوية. بل تجب المبادرة لإحياء مؤسسات الزكاة والقرض الحسن وسائر الأنشطة غير الربحية، وتفعيلها ووضعها في المستوى اللائق بها. نقلا عن المصرفية الاسلامية | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: نصيحة هامة في التحذير من المعاملات الربوية الأربعاء مايو 05, 2010 11:20 am | |
| نصيحة هامة في التحذير من المعاملات الربوية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد اطلعت على البحث الذي أعده الدكتور: إبراهيم ابن عبد الله الناصر تحت عنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف)، فألفيته قد حاول فيه تحليل ما حرم الله من الربا بأساليب ملتوية، وحجج واهية وشبه داحضة، ورأيت أن من الواجب على مثلي بيان بطلان ما تضمنه هذا البحث، ومخالفته لما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة من تحريم المعاملات الربوية، وكشف الشبه التي تعلق بها، وبيان بطلان ما استند إليه في تحليل ربا الفضل وربا النسيئة ما عدا مسألة واحدة، وهي ما اشتهر من ربا الجاهلية من قول الدائن للمدين المعسر عند حلول الدين: إما أن تربي وإما أن تقضي، فهذه المسألة عند إبراهيم المذكور هي المحرمة من مسائل الربا وما سواها فهو حلال، ومن تأمل كتابته اتضح له منها ذلك، وسأبين ذلك إن شاء الله بيانا شافيا يتضح به الحق ويزهق به الباطل، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإلى القارئ بيان ذلك: [لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية] أولا: قال إبراهيم في أول بحثه ما نصه: (يمكن القول أنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد). والجواب: أن يقال: يمكن تسليم المقدمة الأولى؛ لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه؛ حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم؛ وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم وأخذ الحذر من مكائده. قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[1]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[2]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا، إلى قوله سبحانه: إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ[3] الآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[4] الآية، وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[5] الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي مشتملة على توجيه الله سبحانه لعباده إلى التعاون على كل ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم، وأمرهم بالتعاون على البر والتقوى، وتحذيرهم من التعاون على الإثم والعدوان، كما أمرهم سبحانه بالوفاء بالعقود وإثبات حقوقهم بالطرق الشرعية، وحذرهم من أكل أموالهم بالباطل، وأمرهم سبحانه بالإعداد لعدوهم ما استطاعوا من قوة، وبذلك يستقيم اقتصادهم الإسلامي ويحصل بذلك تنمية الثروات وتبادل المنافع والوصول إلى حاجاتهم ومصالحهم بالوسائل التي شرع الله لهم، كما حذرهم سبحانه في آيات كثيرات من الكذب والخيانة وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق ومن أكل أموالهم بينهم بالباطل والإدلاء بها إلى الحكام ليميلوا عن الحق إلى الحكم بالجور، وعظم سبحانه شأن الأمانة وأمر بأدائها في قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[6]، وقوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا[7] الآية، وحذرهم عز وجل من خيانة الأمانة في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[8]، ووصف عباده المؤمنين في سورة المؤمنون وفي سورة المعارج بأنهم يرعون الأمانات والعهود وذلك في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ[9]، فمتى استقام المسلمون على هذا التعليم والتوجيه وتواصوا به وصدقوا في ذلك؛ فإن الله عز وجل يصلح لهم أحوالهم ويبارك لهم في أعمالهم وثرواتهم ويعينهم على بلوغ الآمال والسلامة من مكائد الأعداء، وقد أكد هذه المعاني سبحانه في قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[10]، وفي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا[11]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[12]، وقال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[13] الآية، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ[14] والآيات في هذا أكثر من أن تحصر. وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله: (ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد)، فهما مقدمتان باطلتان، والأدلة الشرعية التي قدمنا بعضها، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك - كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين، فقد استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية، وهي أكثر من ثلاثة عشر قرنا، بدون وجود بنوك وبدون فوائد ربوية، وقد نمت ثرواتهم واستقامت معاملاتهم وحصلوا على الأرباح الكثيرة والأموال الجزيلة بواسطة المعاملات الشرعية، وقد نصر الله المسلمين في عصرهم الأول على أعدائهم وسادوا غالب المعمورة وحكموا شرع الله في عباده وليس هناك بنوك ولا فوائد ربوية، بل الصواب - عكس ما ذكره الكاتب: إبراهيم - وهو: أن وجود البنوك والفوائد الربوية صار سببا لتفرق المسلمين وانهيار اقتصادهم وظهور الشحناء بينهم وتفرق كلمتهم إلا من رحمه الله؛ وما ذاك إلا لأن المعاملات الربوية تسبب الشحناء والعداوة وتسبب المحق ونزع البركة وحلول العقوبات؛ كما قال الله عز وجل: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ[15]، ولأن ما يقع بين الناس بسبب الربا من كثرة الديون ومضاعفتها بسبب الزيادة المتلاحقة كل ذلك يسبب الشحناء والعداوة، مع ما ينتج عن ذلك من البطالة وقلة الأعمال والمشاريع النافعة؛ لأن أصحاب الأموال يعتمدون في تنميتها على الربا ويعطلون الكثير من المشاريع المفيدة النافعة من أنواع الصناعات وعمارة الأرض وغير ذلك من أنواع الأعمال المفيدة، وقد شرع الله لعباده أنواعا من المعاملات يحصل بها تبادل المنافع ونمو الثروات، والتعاون على كل ما ينفع المجتمع، ويشغل الأيدي العاطلة، ويعين الفقراء على كسب الرزق الحلال، والاستغناء عن الربا والتسول وأنواع المكاسب الخبيثة، ومن ذلك المضاربات وأنواع الشركات التي تنفع المجتمع، وأنواع المصانع لما يحتاج إليه الناس من السلاح والملابس والأواني والمفارش وغير ذلك، وهكذا أنواع الزراعة التي تشغل بها الأرض ويحصل بها النفع العام للفقراء وغيرهم، وبذلك يعلم كل من له أدنى بصيرة أن البنوك الربوية ضد الاقتصاد السليم، وضد المصالح العامة، ومن أعظم أسباب الانهيار والبطالة ومحق البركات وتسليط الأعداء وحلول العقوبات المتنوعة والعواقب الوخيمة، فنسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك، وأن يمنحهم البصيرة والاستقامة على الحق. [وظيفة الجهاز المصرفي في الاقتصاد] ثانيا: قال إبراهيم: (إن وظيفة الجهاز المصرفي في اقتصاد ما تشبه إلى حد قريب وظيفة القلب بالنسبة لجسم الإنسان تماما..) إلخ. والجواب: ليس الأمر كما قال بل يمكن أن يقوم الجهاز المصرفي بما ذكره الكاتب من غير حاجة إلى الربا ولا ضرورة إليه، كما قام اقتصاد المسلمين في عصورهم الماضية وفي عصرهم الأول الذهبي بأكمل اقتصاد وأطهره من دون وجود بنوك ربوية كما تقدم، وقد نصر الله بهم دينه وأعلى بهم كلمته، وأدر عليهم من الأرزاق والغنى، وأخرج لهم من الأرض ما كفاهم وأغناهم وأعانهم على جهاد عدوهم، وحماهم به من الحاجة إلى ما حرم الله عليهم، ومن درس تاريخ العالم الإسلامي من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قبل إنشاء المصارف الربوية علم ذلك يقينا، وإنما يؤتى المسلمون وغيرهم في اقتصادهم ونزع البركات مما في أيديهم بأسباب انحرافهم عن شريعة الله، وعدم قيامهم بما أوجب الله عليهم، وعدم سيرهم على المنهج الذي شرعه الله لهم فيما بينهم من المعاملات، وبذلك تنزل بهم العقوبات وتحل بهم الكوارث بأسباب أعمالهم المخالفة لشرع الله كما قال عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[16]، وقال عز وجل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[17]، وقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[18] الآية. وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[19]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[20]. [نظرة فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة] ثالثا: ذكر إبراهيم في بحثه ما نصه: (والسؤال الذي لم نعثر له على جواب حتى الآن هو: كيف ينظر فقهاء المسلمين إلى الظاهرة الاقتصادية للفائدة؟ ولماذا يعتبر القرض بالفائدة محرما في نظرهم؟ ..) إلخ. والجواب: عما ذكره هنا إلى نهاية بحثه المشار إليه أن يقال: إنما نظر الفقهاء من سائر علماء المسلمين في أمر الفائدة وعلقوا بها التحريم؛ لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناطت بها التحريم، وهي أحاديث مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا مغمز فيها، وهي تدل دلالة صريحة قطعية على أن بيع المال الربوي بجنسه مع أي زيادة ولو قلت ربا صريح محرم، ولكن الكاتب إبراهيم المذكور - هداه الله وألهمه رشده - أعرض عنها كلها ولم يلتفت إليها، وإنما تكلم عن الربا المجمل الوارد في القرآن الكريم، وحاول بكل ما استطاع أن يحصر الربا في مسألة واحدة وهي: ما إذا أعسر المدين واتفق مع الدائن على إمهاله بفائدة معينة، هذا ملخص بحثه، وما سوى ذلك فقد حاول في هذا البحث إلحاقه بقسم الحلال لحاجة الناس - بزعمه - إلى ذلك، وأن هذا هو الذي تقوم به المصارف، وزعم أن الحاجة داعية إلى ذلك، وأن مصالح العباد لا تتم إلا بهذه المعاملات الربوية التي تستعملها البنوك، وقد تعلق بأشياء مجملة من كلام: الموفق ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم - رحمهم الله جميعا - فيما ذكروه عن المصلحة، وأن الشرع الشريف لا يمنع تحقيق المصالح التي تنفع المسلمين بدون ضرر على أحد، ولا مخالفة لنص من الشرع المطهر، وهذا كله لا حجة له فيه؛ لأن المصالح التي أراد هؤلاء الأئمة وأمثالهم تحقيقها إنما أرادوا ذلك حيث لا مانع شرعي يمنع من ذلك، وذلك في المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها يوضح الحكم الشرعي، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم ربا الفضل وعلى تحريم ربا النسيئة، وذكر بعض أهل العلم أن تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل؛ لأن عاقلا لا يبيع شيئا بأكثر منه من جنسه يدا بيد، وإنما يكون ذلك إذا كان أحد العوضين مؤجلا أو كان أحدهما أنفس من الآخر؛ ولهذا لما باع بعض الصحابة رضي الله عنهم صاعين من التمر الرديء بصاع واحد من التمر الطيب وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أوه عين الربا عين الربا لا تفعل)) الحديث متفق عليه. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز))، وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة في الصحيحين وغيرهما. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: ((إنما الربا في النسيئة))، فالمراد به عند أهل العلم معظم الربا، وليس مراده صلى الله عليه وسلم كل أفراد الربا؛ للحديثين السابقين وما جاء في معناهما من الأحاديث الصحيحة، وقد علم أن المعاملات الربوية تجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، فإن المودع بالفائدة قد جمع هو وصاحب البنك بين الأمرين وهما النسيئة والفائدة فباءا بإثم المعاملتين. وأما كون المرابي الباذل للفائدة قد يكون محتاجا فهذا ليس هو الموجب للتحريم وحده، بل قد جمع هذا العقد بين الربا وبين ظلم المعسر بتحميله الفائدة، وقد عجز عن الأصل، وبذلك تكون المعاملة معه على هذا الوجه أعظم تحريما وأشد إثما؛ لأن الواجب إنظاره وعدم تحميله ما حرم الله من الربا. وأما اشتراك الدائن والمدين في الانتفاع بالمعاملة الربوية وأن كل واحد منهما يحصل منها على فائدة فهذا الاشتراك لا ينقل المعاملة من التحريم إلى الحل، ولا يجعلها معاملة شرعية يباح فيها الربا، لان الشارع الحكيم لم يلتفت إلى ذلك بل حرم الفائدة تحريما مطلقا ونص على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها ما تقدم، ولو كان انتفاع المدين بالفائدة يحلها لنص عليه المولى سبحانه وبينه في كتابه الكريم، أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وقد قال الله عز وجل في سورة النحل: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[21]، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم))، ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل وأكملهم بلاغا وأتمهم بيانا، فلو كانت المعاملة بالفائدة المعينة جائزة - إذا كان المدين ينتفع بها - لبينها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأوضح لهم حكمها، فكيف وقد بين صلى الله عليه وسلم في صريح أحاديثه تحريمها والتحذير منها والوعيد على ذلك، وقد علم أن السنة الصحيحة تفسر القرآن وتدل على ما قد يخفى منه كما قال تعالى في سورة النحل: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وقال عز وجل: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[22] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وأما ما نقله عن الشيخ: رشيد رضا في إجازته الربا في صندوق التوفير فهو غلط منه ولا يجوز أن يعول عليه، والحجة قائمة عليه وعلى غيره من كل من يحاول مخالفة النصوص برأيه واجتهاده، وقد تقرر في الأصول أنه لا رأي لأحد ولا اجتهاد لأحد مع وجود النص، وإنما محل الرأي والاجتهاد في المسائل التي لا نص فيها فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر إذا كان أهلا للاجتهاد واستفرغ وسعه في طلب الحق؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) متفق على صحته من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله، أما المسائل التي نص على حكمها القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فليس لأحد أن يجتهد في مخالفة ما دل عليه النص، بل الواجب التمسك بالنص وتنفيذ مقتضاه بإجماع أهل العلم، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. [الفرق بين المعاملات المصرفية والأعمال الربوية] رابعا: ثم قال الكاتب إبراهيم في نهاية البحث ما نصه: (وخلاصة البحث بعد هذه المقارنة الواضحة بين الربا الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم وبين المعاملات المصرفية يتضح لنا أن المعاملات المصرفية تختلف تماما عن الأعمال الربوية التي حذر منها القرآن الكريم؛ لأنها معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن الكريم بشأن حرمة الربا؛ ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته بيع "السلم" رغم ما فيه من بيع غير موجود وبيع ما ليس عند البائع، مما قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل، وقد أجمع العلماء على أن إباحة السلم كانت لحاجة الناس إليه، وهكذا فقد اعتمد العلماء على السلم وعلى أمثاله من نصوص الشريعة في إباحة الحاجات التي لا تتم مصالح الناس في معايشهم إلا بها). والجواب: أن يقال: إن المعاملات المصرفية لا تختلف عن المعاملات الربوية التي جاء النص بتحريمها، والله سبحانه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين وشرع لهم من الأحكام ما يعم أهل زمانه ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، فيجب أن تعطى المعاملات الجديدة حكم المعاملات القديمة، إذا استوت معها في المعنى، أما اختلاف الصور والألفاظ فلا قيمة له إنما الاعتبار بالمعاني والمقاصد، ومعلوم أن مقاصد المتأخرين في المعاملات الربوية من جنس مقاصد الأولين وإن تنوعت الصور واختلفت الألفاظ فالتفريق بين المعاملات الربوية القديمة والجديدة بسبب اختلاف الألفاظ والصور مع اتحاد المعنى والمقاصد تفريق باطل، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قول من قال يوم حنين: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) مثل قول بني إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ[23]، ولم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختلاف الألفاظ لما اتحد المعنى، وهكذا عاقب الله بني إسرائيل لما نصبوا الشباك يوم الجمعة، ليصيدوا بها الصيد المحرم عليهم يوم السبت ولم يعذرهم بهذه الحيلة مع أنهم لم يأخذوا الصيد من الشباك إلا يوم الأحد؛ وذلك لاتحاد المعنى وإن اختلفت الوسيلة، والأمثلة في هذا كثيرة في النصوص الشرعية، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)). وأما التشبيه بالسلم فهو من باب المغالطة والتعلق بما لا ينفع، فإن إباحة السلم من محاسن الشريعة الكاملة، وقد أباحه الله سبحانه؛ لحاجة العباد إليه، وشرط فيه شروطا تخرجه عن المعاملات المحرمة فهو: عقد على موصوف في الذمة بصفات تميزه وتبعده عن الجهالة والغرر إلى أجل معلوم بثمن معجل في المجلس يشترك فيه البائع والمشتري في المصلحة المترتبة على ذلك، فالبائع ينتفع بالثمن في تأمين حاجاته الحاضرة والمشتري ينتفع بالمسلم فيه عند حلوله؛ لأنه اشتراه بأقل من ثمنه عند الحلول وذلك في الغالب، فحصل للمتعاملين في عقد السلم الفائدة من دون ضرر ولا غرر ولا جهالة ولا ربا، أما المعاملات الربوية فهي مشتملة على زيادة معينة نص الشارع على تحريمها في بيع جنس بجنسه نقدا أو نسيئة، وجعله من أكبر الكبائر لما له سبحانه في ذلك من الحكمة البالغة، ولما للعباد في ذلك من المصالح العظيمة والعواقب الحميدة التي منها: سلامتهم من تراكم الديون عليهم، ومن تعطيلهم المشاريع النافعة والصناعات المفيدة اعتمادا على فوائد الربا. وأما زعم الكاتب: إبراهيم (أن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد لا تتم مصالح معاشهم إلا بها ..) إلخ. فهو زعم لا أساس له من الصحة، وقد تمت مصالح العباد في القرون الماضية قبل القرن الرابع عشر وقبل وجود المصارف ولم تتعطل حاجاتهم ولا مشاريعهم النافعة وإنما يأتي الخلل وتتعطل المصالح من المعاملات المحرمة، وعدم قيام المجتمع بما يجب عليه في معاملة إخوانه من النصح والأمانة والصدق والبعد عن جميع المعاملات المشتملة على: الربا، أو الغرر، أو الخيانة، أو الغش، والواقع بين الناس في سائر الدنيا يشهد بما ذكرنا، ولا سبيل إلى انتعاش المصالح وتحقيق التعاون المفيد إلا بسلوك المسلك الشرعي المبني على الصدق والأمانة، والابتعاد عن الكذب والخيانة وسائر ما حرم الله على العباد في معاملاتهم، كما قال الله سبحانه في كتابه المبين: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[24]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[25] الآية، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[26]، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا[27] الآية، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) متفق على صحته، وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء)) رواه أحمد والبخاري، وعن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء)) رواه مسلم، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء)) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من غشنا فليس منا)) رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)) متفق عليه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولا يجوز لأحد من الناس أن يحلل ما حرم الله بالنص قياسا على ما حلل الله بالنص، ومن حاول أن يحلل ما حرم الله من الربا قياسا على ما أحل الله من السلم فقد أتى منكرا عظيما وقال على الله بغير علم، وفتح للناس باب شر عظيم وفساد كبير، وإنما يجوز القياس عند أهل العلم القائلين به في المسائل الفرعية التي لا نص فيها إذا استوفى الشروط التي تلحق الفرع بالأصل كما هو معلوم في محله، وقد حرم الله القول عليه بغير علم، وجعله في مرتبة فوق مرتبة الشرك، وبين عز وجل أن الشيطان يدعو إلى ذلك ويأمر به، كما يدعو إلى الفحشاء والمنكر قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[29]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[30]. فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق علماءهم لبيان ما أوجب الله عليهم من أحكام شرعه والدعوة إلى دينه والتحذير مما يخالفه، وأن يكفيهم شر أنفسهم وشر دعاة الباطل، وأن يوفق الكاتب إبراهيم للرجوع إلى الحق والتوبة مما صدر منه، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله يتوب عليه؛ كما قال عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[31]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[32]. ولا شك أن مقاله يحتاج إلى أكثر مما كتبت ولكن أرجو أن يكون فيما بينته مقنع وكفاية لطالب الحق، والله المستعان وهو حسبنا ونعم والوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. عبد العزيز بن عبد الله بن باز [1] سورة المائدة الآية 2. [2] سورة المائدة الآية 1. [3] سورة البقرة الآية 282. [4] سورة النساء الآية 29. [5] سورة الأنفال الآية 60. [6] سورة النساء الآية 58. [7] سورة الأحزاب الآية 72. [8] سورة الأنفال الآية 27. [9] سورة المؤمنون الآية 8. [10] سورة التوبة الآية 119. [11] سورة النساء الآية 135. [12] سورة المائدة الآية 8. [13] سورة الأنفال الآية 60. [14] سورة النساء الآية 71. [15] سورة البقرة الآية 276. [16] سورة الشورى الآية 30. [17] سورة الأعراف الآية 96. [18] سورة المائدة الآيتان 65 – 66. [19] سورة الطلاق الآيتان 2 – 3. [20] سورة الطلاق الآية 4. [21] سورة النحل الآية 89. [22] سورة النحل الآية 64. [23] سورة الأعراف 138. [24] سورة المائدة الآية 2. [25] سورة النساء الآية 58. [26] سورة الأنفال الآية 27. [27] سورة البقرة الآية 282. [28] سورة الأحزاب الآيتان 70-71. [29] سورة الأعراف الآية 33. [30] سورة البقرة الآيتان 168 – 169. [31] سورة النور الآية 31. [32] سورة البقرة الآيتان 159 -160. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: نصيحة هامة في التحذير من المعاملات الربوية الأربعاء مايو 05, 2010 11:27 am | |
| نظام البنوك الإسلامية هناك أمر يلزم توضيحه، وهو أن المؤسسات التي نتحدث عنها باسم البنوك الإسلامية أو بيوت التمويل يمكن تصنيفها ـ من حيث إطارها القانوني ـ إلى المجموعات التالية: المجموع الأولى: وتضم معظم هذه المؤسسات، وهي تلك التي نشأت في بلاد إسلامية تسود فيها النظم المصرفية التقليدية، وتنظمها قوانين مصرفية على النمط الغربي، وقد نشأت هذه البنوك بمقتضى قوانين خاصة أعفتها من قواعد النظام المصرفي السائد وقوانينه، بل ومن اشراف البنوك المركزية أو سلطات الرقابة على المصارف. المجموع الثانية:وتضم المؤسسات التي توجد في بلاد إسلامية قامت بتغيير نظامها المصرفي كلياً إلى النظام الإسلامي كباكستان وإيران و مؤخراً، أو جزئياً بالسماح لبيوت التمويل (دون تسميتها بالإسلامية) كتركيا مؤخراً. وقد صدرت في كل من هذه الدول قوانين خاصة بتنظيم هذه المؤسسات المصرفية، لعل أكثرها تفصيلاً وتطوراً هي القوانين واللوائح التي صدرت في الباكستان لهذا الغرض. المجموعة الثالثة: وتضم حتى الآن بنكاً واحداً هو المصرف الإسلامي الدولي في الدانمرك حيث سمح له بممارسة أنشطة البنوك الإسلامية دون أي إعفاء من القوانين المصرفية في الدانمرك، وهو بذلك تجربة رائدة لاثبات إمكان ممارسة النشاط المصرفي وفقاً للشريعة الإسلامية وللقوانين المصرفية التقليدية في نفس الوقت. ولا يخفى أن هذا التنوع في الإطار القانوني الذي يحكم البنوك الإسلامية يؤدي إلى التنوع في أنظمتها وطرق تعاملها. كما أن اختلاف الرأي في فهم الشريعة الإسلامية قد أدى كذلك إلى تطبيقات متنوعة وليس تطبيقاً واحداً للمبادئ الإسلامية في المعاملات المصرفية. وهذا التنوع بسببه المشار إليهما ما يثري تجربة البنوك الإسلامية ويفتح أمامها العديد من الصيغ والأساليب، ولا يعتبر كما قد يظن البعض نقطة سلبية وإن كان بطبيعة الحال مما يزيد صعوبة الفهم لغير المطلعين على نظم وأساليب هذه المؤسسات. الأصول لعله من المناسب كذلك قبل الدخول في التفاصيل ـ وحتى نتهيأ نفسياً وفكرياً لفهمها ـ أن نلقي بعض الضوء على الفلسفة الكامنة وراء هذا النظام الجديد: الحقيقة الأولى: أن الفكرة الأساسية ليست جديدة فقد حرم الربا فلاسفة الرومان كشيشرون واليونان كأفلاطون (في كتابه الجمهورية) وأرسطو (في كتابه السياسة). وحرمتها اليهودية فقد ورد في سفر التثنية 23: 19،20 "لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة أو ربا شيء مما يقرض بربا ـ للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا". وفي سفر الخروج 22: 25 "أن أقرضت فضة لشعبي الفقير.. فلا تكن له كالمرابي لا تضعوا عليه ربا". وفي سفر اللاويين 37:36:35:25 "وإذا افتقر أخوك، وقصرت يده عندك، فاعضده، غريباً أو مستوطناً، فيعيش معك، لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة، بل أخش إلهك، فيعيش أخوك معك، فضتك لا تعطه بالربا، وطعامك لا تعطه بالمرابحة. ورغم هذا التحريم فقد تعامل اليهود فيما بينهم بالربا، حتى جاء المسيح فطردهم من الهيكل عندما دخله، إذ ورد في انجيل متى 21: 12،13 "ودخل يسوع إلى هيكل الله، وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، وقال لهم: مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي، وانتم جعلتموه مغارة لصوص. بل ذهبت تعاليم المسيح إلى ترك أصل القرض للمقترض (متى 42:5، لوقا 6: 30،34،35) وقد أكد توماس الأكويني على تحريم المسيحية للربا كما فعل ذلك مارتن لوثر الذي الحق بالربا كثيراً من البيوع الربوية. الحقيقة الثانية: ان الربا المحرم في الإسلام على نوعين: نوع هو الزيادة في الدين مقابل الأجل في السداد، وهذا هو الربا الأصلي المحرم لذاته والذي كان موجوداً في الجاهلية ويسمى ربا الديون. ونوع حرم لا لذاته ولكن لأنه يفتح باباً إلى الربا الأصلي المحرم لذاته أو لانه يؤدي إلى الجهالة والغبن اللذين يأباهما الإسلام، وتحرمهما نصوص أخرى تحريماً أصلياً ويسمى ربا البيوع. وهذا النوع الأخير ينقسم بدوره إلى قسمين ربا النساء وربا الفضل وتضمهما أحاديث تحريم الربا في الأصناف الستة: الذهب والفضة والقمح والشعير والملح والتمر، ففي كل صنف من هذه الأصناف يحرم مبادلة صنف بصنفه إلا مع التساوي والتقابض. أما إذا كانت المبادلة بين صنفين مختلفين أبيح عدم التساوي لكن ظل شرط التقابض قائماً. والحكمة واضحة في تخصيص هذه الأصناف بهذه القيود ففي الصنفين الذهب والفضة ـ يبرز معنى التأكيد على دورهما النقدي (والتقليل من دورهما كسلعة) وبهذا الاعتبار فلا تستحق النقود عائداً بمفردها لأن وظيفتها المبادلة مع السلع والخدمات التي هي محل الإنتاج المنتج للربح. أما باقي الأصناف الأربعة الأخرى فان اشتراط التساوي عند تبادلها يدفع إلى توسيط النقود منعاً للجهالة والغبن. أما اشتراط التقابض ـ فلأنها قوت الناس الأساسي لحياتهم ـ يدفع إلى حصر التعامل التجاري فيها للقادر على الدفع الفوري، أما غير القادر فإن كان عجزه مؤقتاً فسبيله القرض الحسن وإن كان عجزه دائماً فواجب المجتمع افراداً أو حكومة توفير الحد الأدنى الكريم لمعاشه. الحقيقة الثالثة: أن الإسلام بهذه النصوص القاطعة لم يترك مجالاً للكسب على النقود إلاّ بالمخاطرة في الإنتاج، ودفعاً للناس إلى هذه المخاطرة كانت الزكاة ـ إلى جانب اسهامها في سد حاجة المحتاجين ـ حافزاً لصاحب المال إلى دفع ماله إلى ميدان الاستثمار حتى لا تأكله الزكاة (وهي 2/21% من رأس المال) إذا ظل راكداً بعيداً عن مجال الإنتاج المثمر. فالنبي الشديد عن الاستثمار بالربا، بالزكاة كحافز على عدم ترك المال دون استثمار يتغير موقف صاحب المال من سلبية المستثمر بالربا الذي لا يعبأ بكيفية استخدام أمواله طالما ضمن الربا المتفق عليه إلى إيجابية المستثمر الذي يخاطر بماله ويحرص بالتالي على اختيار مجال استثماره وعلى متابعته حتى يحقق غرضه، وبذلك يؤدي أمانة هذا المال الذي استخلفه الله فيه. وفي اختيار المستثمر للمجال الذي يستثمر فيه ماله ومتابعته لهذا الاستثمار يضع الإسلام له من المعالم والارشادات ما يجعله يوجه ماله توجيهاً لا يقتصر على مبلغ الربح الذي يحققه له فحسب وانما يراعي كذلك تحاشي المحرمات بجميع أنواعها من ناحية، ومن ناحية أخرى أداء المال لوظيفته الاجتماعية. وبهذه الاعتبارات مجتمعة يأخذ المال مكانه الطبيعي أداة في يد الإنسان لخدمة القيم الإنسانية لا سيداً يتحكم في الإنسان وإلهاً يعبد من دون الله. الموارد ونبحث هنا بعض المسائل المتعلقة بالودائع في البنوك الإسلامية. 1_ والودائع في البنوك الإسلامية على نوعين: أ_ الحسابات الجارية: وهذه تضمنها البنوك الإسلامية كما هو الشأن في البنوك الأخرى ولا تستحق من حيث المبدأ أي عائد كما لا تتحمل أي خسارة، وانما يجوز للبنك ـ دون شرط مسبق ـ ان يمنح أصحابها أي جوائز أو امتيازات أو تسهيلات. وتمارس بعض البنوك الإسلامية هذا الأمر، كما نصت عليه صراحة المادة السادسة من قانون النظام المصرفي الإسلامي في إيران. ب_ والودائع لأجل ـ بهذه الصفة ـ تختلف اختلافا جذرياً عن مثيلاتها في البنوك الأخرى حيث تضمن البنوك أصل الوديعة والفائدة عليها. أما في البنوك الإسلامية، فهي لا تضمن ـ نظرياً ـ لا أصل الوديعة ولا عائداً محدداً عنها. والبنوك الإسلامية ـ بهذه الطريقة ـ لا تقوم كطرف أصيل في العلاقة مع كل من المودعين والمستخدمين للأموال، وإنما تقوم بدور الوكيل عن المودعين في مواجهة المستخدمين للأموال، وهذه الوكالة على نوعين: أحدهما: وكالة فيها تفويض من المودعين باستثمار الودائع في أي مشروع، وهو ما يسمى بالودائع العامة حيث تقوم البنوك الإسلامية بالاستثمار مع العديد من مستخدمي الأموال ويضم هذه الودائع العامة وعاء تصب فيه أرباح هذه الاستثمارات التي يجري بالتالي توزيعها على المودعين بنظام النمر (أي المبلغ مضروباً في المدة) بعد استقطاع حصة البنك مقابل الوكالة أو الإشراف. والثاني: وكالة فيها تقييد من المودعين باستثمار ودائعهم في مشروعات محددة يقومون بدراستها والموافقة عليها وتحمل مخاطرها وتعود إليهم أرباحها بعد استقطاع حصة البنك مقابل الوكالة والإشراف، وهذا ما يسمى في مصطلح البنوك الإسلامية بالودائع المخصصة. ومن الواضح أن هذين النوعين من الودائع ـ خاصة النوع الثاني ـ يقوم فيه البنك بالوظيفة المسماة في المصطلح المصرفي بأمناء الاستثمار Fiduciary Function كما أن من المسلم به أن المودع ـ في الصورتين ـ عالم وموافق على المخاطر التي تتعرض لها وديعته بل أن هذا المبدأ هو ما يجعله يقبل على إيداع أمواله في هذا النوع من الحسابات ويتجنب إيداعها بنظام الفائدة المحددة مسبقاً. والأخذ بمبدأ سلطان الإدارة في هذا الصدد ـ وحيث لا مخالفة للنظام العام أو الأخلاق العامة ـ يقوم أساساً قانونياً سليماً لهذا النوع من الودائع. 2_ وإذا كان هذا هو الأساس النظري للودائع في البنوك الإسلامية، فلا يعني ذلك أن البنوك الإسلامية تنطلق من هذا الأساس لتعرض مودعيها لمختلف أنواع المخاطر فسنرى عند الحديث عن الاستخدامات كيف تتخذ البنوك الإسلامية ضوابط للحذر والسلامة في استثماراتها. ومن ناحية أخرى، فإن ضمان الوديعة بل وحداً أدنى من العائد عليها ليس مستبعداً في نظرية البنوك الإسلامية وذلك في الحالات التالية: 1_ إشتراط صاحب المال على المضارب في عقد الوديعة عدم استخدام ماله إلا في عمليات تدر حداً أدنى من العائد. ب_ قيام طرف ثالث بضمان الوديعة وحد أدنى من العائد عليها، ويمكن أن يكون هذا الطرف الثالث هو أحد أجهزة الدولة. ج_ قيام مؤسسة تأمين تعاوني تشارك فيها مختلف البنوك الإسلامية مهمتها ضمان الودائع في حالات معينة يتفق عليها. د_ نصت المادة الرابعة من قانون النظام المصرفي الإسلامي في إيران على أنه لا مانع لدى المصارف من تأمين ودائع الرساميل التوظيفية ذات المدة. 3_ وتبقى ملاحظة قانونية تتعلق بالتكييف القانوني لربح المودع إذا طبقنا عليه المعايير الحالية للبنوك والشركات: فالمودع يتنازل مقدماً عن حقه في الفوائد، ومعلوم أنه في معظم الدول ـ باستثناء فرنسا على حد علمي ـ لا يشترط القانون حداً أدنى للفوائد على الودائع، وبذلك يكون تنازل المودع عن الفوائد أمراً لا مساس له بالقانون المصرفي. كما أن حقه في نسبة الأرباح ـ إذا اعتبرنا أن دخل الاستثمارات البنك يمثل ربحه الإجمالي ـ أساسه هو تنازل المساهمين في البنك ـ وهم أصحاب الحق في أرباح البنك ـ عن جزء من ربح البنك للمودعين، ولا قيد كذلك من جانب قانون الشركات على حق المساهمين في التنازل عن أرباحهم. 4_ وهذا التكييف يؤدي بنا إلى مشكلة ضريبية في خضوع العائد الموزع على المودعين للضريبة، فمن المعلوم أن الفوائد التي تدفعها البنوك العادية للمودعين تعتبر عبئاً على أرباحها تخصم منها قبل الوصول إلى الربح الخاضع للضريبة والذي يوزع الصافي منه بعد الضريبة والاحتياطات على المساهمين. وفي حالة البنوك الإسلامية تجري المحاسبة على نفس النسق، حيث يعتبر العائد الذي يوزع على المودعين عبئاً على أرباح البنك يخصم منه قبل الوصول إلى الربح الخاضع للضريبة، ومعاملة الودائع الإسلامية نفس معاملة الفوائد على الودائع في البنوك العادية أمر طبيعي إذ كلاهما عائد على المال، وتحاشياً للبس في المصطلحات نفضل استخدام لفظ العائدYield لما يوزع على المودعين تمييزاً له عن لفظ الربح dividend الذي نحتفظ به لما يوزع على المساهمين. ويجري صياغة الميزانية وحساب الأرباح والخسائر على هذا الأساس. وقد نصت المادتان 6و8 من قانون مؤسسات التمويل الخاصة التركي على معاملة عائد الودائع نفس معاملة الفوائد من الناحية الضريبية. وعلى أن الأرباح المدفوعة من مستخدمي الأموال إلى المؤسسة تعتبر عبئاً على أرباحها. الاستخدامات لا تكاد تخرج ممارسات البنوك الإسلامية في استثمار مواردها عن الطرق الثلاثة الآتية: أولاً: تمويل النشاط الاقتصادي لعملاء البنك: وهي الوظيفة التي تقوم بها البنوك العادية على سبيل الإقراض بفائدة محددة مسبقاً، وتقوم بها البنوك الإسلامية على سبيل المشاركة في الربح والخسارة أو المرابحة أو الإيجار.. الخ. ولعل صيغة التمويل على أساس المشاركة في الربح والخسارة هي أبعد الصيغ عن النظام المصرفي الحالي نظراً لما يتعرض له البنك فيها من مخاطر نقصان أصل مبلغ التمويل في حالة الخسارة. وقد تنبهت البنوك الإسلامية في وقت مبكر إلى خطورة الاقتصار على هذه الصيغة واتجهت إلى تحديدها لائحياً أو عملياً بحيث لا تتجاوز نسبة محددة من مجموع مواردها، بل وحصرها البعض في نسبة محددة من حقوق المساهمين دون المودعين واصبح بذلك خضوعها للتقييد أمراً مقبولاً لدى البنوك الإسلامية كما هو الشأن في تقييد البنوك العادية في شراء أسهم الشركات بنسبة محددة من رأسمالها. ويهمني هنا التأكيد على أمرين: 1_ أن البنوك الإسلامية تقوم بدراسة وتقييم المخاطر التي تتضمنها المشروعات التي تطلب التمويل بنفس الأساليب التي تقوم بها البنوك التقليدية سواء فيما يخص مخاطر العميل أو الدولة (سياسياً واقتصادياً) أو العملة، بل وتقوم بهذا التقييم بدرجة أعلى مما تقوم به البنوك التقليدية لمواجهة المخاطر الإضافية التي تتعرض لها نتيجة المشاركة في نتائج المشروع الذي تموله. 2_ أن البنوك الإسلامية بممارستها لهذا النوع من التمويل تقوم بالدور الذي تحجم عنه البنوك التقليدية في تقديم رأس المال المخاطر risk capital وهو الشرط اللازم ـ بانضمامه إلى المعرفة ـ knowhow لاستمرار اسهام العلم في خدمة الإنسان والحضارة. أما التمويل بالمرابحة فلا يثير صعوبة في نظر النظم المصرفية العادية فيما عدا مسألة جواز تملك البضاعة من حيث المبدأ، إذ أنه من الناحية العملية يتم نقل ملكية البضاعة فور تملك البنك لها إلى المشتري، وتبقى مسألة تملك البنك للبضاعة أشبه بحق البنك في حالة إصدار مستندات البضاعة في الاعتمادات المستندية لأمر البنك الذي يحولها بالتظهير إلى فاتح الاعتماد، وإن كان الهدف في حالة الاعتمادات المستندية هو إعطاء البنك ضماناً على البضاعة بينما الهدف في حالة المرابحة هو تأكيد دور البنك كمشتر وبائع للبضاعة، وهي مسألة أكاديمية ما زالت محل إعادة نظر في تكييفها الشرعي بغية تبسيطها وتقريبها إلى الواقع ونية الأطراف المتعاقدة، ويتصل بهذه المسألة مشكلة ضريبية في البلاد التي تفرض ضريبة القيمة المضافة على المبيعاتVAT أو ضريبة نقل ملكية العقار أو السيارات مثلا، والتي يعتبر دفع البنك الإسلامي لها ثم دفع العميل لها مرة أخرى ازدواجاً في الضريبة يزيد من تكلفة البضاعة على العميل. والمأمون أن تراعي السلطات الضريبية الدور التمويلي للبنوك الإسلامية فتعفيها من هذه الضريبة قياساً على البنوك العادية التي لا تخضع لهذه الضرائب عند تمويلها للنشاط التجاري على أساس الفائدة ولا يكون اختلاف الصيغة سبباً في اختلاف المعاملة الضريبية. بقى التمويل بصيغة الإيجار والإيجار بشرط التمليك للعقارات والمعدات والالآت ووسائل النقل كالطائرات والسفن وقد أصبح أحد الأنشطة المصرح للبنوك العادية القيام بها في معظم الدول، ولا تمثل بالتالي مشكلة خاصة عند قيام البنوك الإسلامية بها فشأنها في ذلك شأن البنوك الأخرى. ثانياً: تمويل النشاط الإقتصادي من خلال شركات تابعة للبنك: وهذه هي الطريقة الثانية التي تتبعها البنوك الإسلامية في استثمار مواردها إذ تقوم بانشاء شركات تابعة متخصصة في مختلف قطاعات الاقتصاد من تجارة داخلية وخارجية وإسكان ومقاولات صناعات بأنواعها.. الخ، وتكون رؤوس أموال هذه الشركات إما مملوكة 100% للبنك أو يملك البنك نسبة غالبة فيها، ويقوم البنك بتمويل رأسمالها العامل وفقاً لإحدى الصيغ التي يتم بها تمويل الغير، وتلجأ البنوك العادية إلى هذه الطريقة حيث يخضع رأس المال الرمزي للنسبة المسموح للبنك شراؤها من الأسهم ـ بينما يعامل تمويل رأس المال وهو الأهم معاملة القروض باعتباره قرضاً مضموناً بفائدة محددة.. ورغم أن ضآلة رأس مال الشركة التابعة لا يعتبر واقياً من مخاطر إقرض مبلغ كبير إليها، إلا أن اختلاف الشخصية المعنوية يجعل سلطات الرقابة على البنوك تغض الطرف في بعض البلاد عن هذا النشاط وتعتبره ـ وفقاً للظاهر ـ قرضاً مضموناً وفقاً لتقدير إدارة البنك. ولا تختلف البنوك الإسلامية في هذا الصدد عن البنوك العادية سوى أنها تعامل شركاتها التابعة وفقاً للصيغ السابق الإشارة إليها، وإن كان من الممكن دائماً ـ إن كان ذلك كافياً من وجهة نظر سلطات الرقابة المصرفية ـ اعتبار التمويل المقدم من البنك إلى الشركة التابعة قرضا حسناً ـ أي بدون عائد ـ اكتفاء بالربح العائد على البنك في صورة توزيعات dividend الشركات التابعة. كما أن من الممكن أن تتوسط شركة قابضة ـ تملك البنك أو يملكها البنك ـ في تمويل هذه الشركات وإن كان الوضع يختلف من دولة إلى أخرى وفقاً لمعاملة القانون المصرفي فيها للشركات التابعة والشقيقة. ثالثاً: القيام بالنشاط الاقتصادي ـ والتجاري بالذات ـ مباشرة بواسطة البنك: وهذه هي الطريقة الثالثة التي لجأت إليها بعض البنوك الإسلامية بل وتوسعت فيها، وساعدها على ذلك بطبيعة الحال النص في نظمها الأساسية التي صدرت بقوانين على السماح لها بجميع الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والنقل والتخزين والتأمين التبادلي وغير ذلك. وفي رأيي أنه من المستحسن وضع بعض القيود على قيام البنك الإسلامي بنشاط تجاري مباشر لما في ذلك من منافسة غير مشروعة لعملائه الذين يأتمنونه على أسرارهم التجارية بحكم اطلاعه على مستندات الاستيراد في الاعتمادات المستندية التي تفتح عن طريقه ـ ولذلك فان البنوك ـ شأنها في ذلك شأن المهن التي يؤتمن القائمون بها على أسرار عملائهم كمراقبي الحسابات والمحامين ـ ينبغي أن تظل بمنئى عن القيام بنفس النشاط حتى لا تقع تحت طائلة المنافسة غير المشروعة. وهذه الملاحظة خاصة بعمليات تجارة المواد المصنعة كالسيارات والمواد الغذائية مثلاً، ولا تمتد بالتالي إلى الاتجار في الأسواق الدولية في المواد الخام كالمعادن والحبوب حيث الأسعار يحددها العرض والطلب في البورصات العالمية بعيداً عن العملاء المحليين، والملاحظة التي تثور هي في عدم جواز دخول البنك الإسلامي في عمليات مفتوحة open positions وتحمل مخاطر لا داعي لها هي أدخل في المغامرةspeculation منها في المتاجرة. والذي آراه هو تقييد البنك الإسلامي من هذه الناحية. والأنسب ـ في رأيي ـ هو قيام شركات تابعة للبنك بهذه الأنشطة المباشرة حتى يتفرغ البنك لوظيفته الأساسية في مجال التمويل. الإطار التنظيمي يختلف الاطار التنظيمي للبنوك الإسلامية وفقاً للتصنيف الذي سبق تفصيله في بداية هذه الكلمة. 1_ ففي البلاد التي سمحت بإنشاء بنوك إسلامية مع بقاء نظامها المصرفي على النمط الغربي جنباً إلى جنب، كان من المصرفي إعفاء البنوك الإسلامية من الخضوع لقواعد النظام المصرفي لاختلاف طبيعة العمل في النظامين. ومع انتشار حركة البنوك الإسلامية وتدفق الودائع عليها، بدأت البنوك المركزية في الدول الإسلامية تبحث في كيفية تنظيم عملها، وكان آخر اجتماع عقد لهذا الغرض في أزمير/ تركيا من عدة شهور ولم تتح لي بعد المعلومات الكافية عن اتجاه التفكير. 2_ أما البلاد الإسلامية التي وضعت إطاراً تنظيمياً كاملاً أو جزئياً للبنوك الإسلامية، فسأتعرض بإيجاز لبعض ملامح هذه الأطر في كل من باكستان وإيران وتركيا، أما فلم يتح لي بعد الاطلاع على ما وضعته من نظم مصرفية إسلامية. أ_ ويبدو بوضوح من متابعة هذه النظم أن الباكستان قد تقدمت أشواطاً بعيدة في تنظيم النشاط المصرفي الإسلامي، فقد صدرت فيها العديد من القوانين واللوائح والتعليمات التي تضبط نشاط المصارف منذ المراحل الأولى لتطبيق النظام التي بدأت في 1/1/1981، ولكن ما زال هناك الكثير من القوانين التي ينبغي إصدارها أو تعديلها قبل أن تكتمل أسلمة النظام المصرفي كله والتي قدر لها منتصف 1985. وأكثر ما يسترعي الانتباه أن نشاط المضاربة أي تمويل المشروعات على أساس المشاركة في الربح والخسارة قد سمح به ضمن شروط معينة لشركات سميت شركات المشاركة، وتقوم هذه الشركات بإصدار صكوك تمثل حصصاً في المشروعات التي تمولها ويمكن للبنوك تداول هذه الصكوك ضمن نسب معينة حددها القانون. أما باقي الأنشطة من مرابحة وإيجار والتي لا تتعرض فيها البنوك لمخاطر غير عادية فقد سمح للبنوك القيام بها. ب_ والذي يتبين من قانون النظام المصرفي الإسلامي في إيران أن مظاهر الرقابة والتوجيه التي يفرضها القانون والمصرف المركزي تشمل ما يلي: 1_ منع توظيف رساميل المصارف في إنتاج الكماليات والأمتعة الاستهلاكية غير الضرورية. 2_ منع المصارف من تمول القطاع الخاص في مجال الواردات. 3_ إعطاء الأولوية للتعاونيات في إعطاء التسهيلات التجارية. 4_ إعطاء المصرف المركزي حق تعيين مجالات الاستثمار، وتحديد الحد الأدنى والحد الأعلى لهامش ربح المصارف في المجالات المختلفة، مع جواز التفاوت وفقاً للأماكن والمجالات وموارد العملاء، وكذلك تحديد الحد الأعلى للتسهيلات الممنوحة لكل عميل. 5_ إعطاء الصيغة التنفيذية لسندات العقود التي تبرمها المصارف. 6_ اختصاص المصارف بدخلها عن الخدمات المصرفية وعدم توزيعه على المودعين. ج_ أما قانون مؤسسات التمويل الخاصة التركي فقد اقتصر على ضرورة الفصل بين الحسابات التالية. 1_ الحسابات الجارية بالعملة التركية. 2_ الحسابات الجارية بالعملات الأجنبية. 3_ حسابات المشاركة بالعملة التركية. 4_ حسابات المشاركة بالعملات الأجنبية. بحيث يتم تشغيل المبالغ المودعة في كل من هذه الحسابات بصورة منفصلة، وهو إجراء تدعو إليه حماية المودعين من مخاطر فروق العملة من ناحية وتحقيق السيولة اللازمة للحسابات الجارية من ناحية أخرى. 3_ بقيت الإشارة إلى أن المصرف الإسلامي الدولي في الدانمرك ـ وهو المصرف الإسلامي الوحيد خارج البلاد الإسلامية ـ يخضع للقانون المصرفي الدانمركي دون أي إعفاءات أو امتيازات، كما أنه في نفس الوقت يخضع لقيود الشرعية الإسلامية مما يجعل منه تجربة فريدة في إمكان تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا المجال ضمن الإطار الذي يحكم البنوك التقليدية. 4_ وأختتم هذا الجزء من البحث بمقترحات موجزة لتنظيم نشاط البنوك الإسلامية: أ_ رفع الحد الأدنى لرأس المال، ورفع نسبة رأس المال إلى الودائع. ب_ رفع نسبة الاحتياطي القانوني والاحتياطي العام، والفصل بين احتياطات المساهمين ومخصصات استثمارات الودائع، لمواجهة المخاطر الإضافية التي لا تتعرض لها البنوك العادية أو تتعرض لها بنسبة أقل. ج_ رفع نسب السيولة عن مثيلتها في البنوك العادية وتنويعها وفقاً لأنواع الودائع وأنواع الاستثمارات. د_ تكوين احتياطي السيولة من العناصر التي تتعامل فيها البنوك الإسلامية كالأوراق التجارية والأسهم وشهادات الودائع المتقاسمة الأرباح، وبشرط أن تكون هذه العناصر قابلة للتداول وفقاً لمعايير خاصة. هـ_ نسب المخاطر المسموح بها: تقوم فكرة القوانين المصرفية في حماية الودائع على دعامة أساسية هي تقليل المخاطر إلى أقل درجة ممكنة. ولا تنازع البنوك الإسلامية في هذا الاعتبار، وإن كان الشائع عنها وعن الاقتصاد الإسلامي عامة أن الأساس فيه هو التعرض للمخاطر، وهذه الشائعة غير دقيقة وتحتاج إلى تفصيل وضبط. فالقاعدة هي ما عبرت عنها نصوص كثيرة: الخراج بالضمان، الغرم بالغنم، النهي عن ربح ما لم يضمن.. فلا شك أن الكسب الناتج عن معاملة ربوية مضمون فيها رأس المال والربح كسب محرم لانعدام عنصر المخاطرة من جانب صاحب المال.. ولكن في المقابل، فإن عملية الرهان والمقامرة ـ سواء أدت إلى ربح أو إلى خسارة كما في الغالب ـ عملية محرمة لما فيها من مخاطرة كلية total risk وبين حدي الضمان 100% والمخاطرة 100% تقع منطقة الكسب الحلال التي تحمل قدراً من المخاطرة، وكلما ابتعد عن حدي المنع (الضمان 100% والمخاطرة 100%) كلما كان بمنأى عن الوقوع تحت طائلة النهي. ويبقى بعد ذلك أن يختار المستثمر درجة المخاطرة التي يريد أن يتعرض لها وبطبيعة الحال فكلما زادت المخاطرة زاد الربح وكلما قلت المخاطرة قل الربح. ومن هنا كانت المعادلة المعروفة بين الضمان والسيولة والربحية قائمة كذلك بالنسبة للبنك الإسلامي وإن اختلفت صورها التطبيقية. والصيغة التي تحتاج إليها البنوك الإسلامية ـ وإن اختلفت عن ميثلتها في البنوك الأخرى ـ إلا أنها ينبغي أن تؤدي في النهاية إلى احترام معادلة الضمان والسيولة والربحية وهي أساس نجاح العمل المصرفي. لقد أخذت البنوك العادية حد الضمان 100% في عملياتها وهو ما لا يمكن للبنوك الإسلامية الآخذ به، ولئن كانت الصيغة التي تقترحها البنوك الإسلامية فيها خروج ظاهري عن معايير الضمان في مفهوم العمل المصرفي المعاصر، فيهمنا أن نشير هنا إلى أمرين رئيسيين: 1_ أن ما اقترحناه من تشدد في القيود على رأس المال، ونسبته إلى الودائع، ونسب الاحتياطات والمخصصات، ونسب السيولة انما هو صمام الأمن الذي يعوض البعد النسبي عن حد الضمان 100% في صيغة البنوك الإسلامية. 2_ أن صيغة البنوك العادية في التزام الضمان الظاهري 100% لم يعصمها من الوقوع في مآزق ليس أقلها خطراً ما يصيب بعض البنوك من إفلاس من حين لآخر، والدرس الحقيقي الذي ينبغي تعلمه من كارثة ديون العالم الثالث هو أن الاعتماد على علاقة الدائن بالمدين لم يكن هو التعبير الصحيح عن الضمان 100% بل يوشك أن يؤدي إلى الضياع الكامل لرأس المال والفائدة معاً، في حين أن صيغة أخرى يقل فيها الضمان ظاهرياً عن 100% وتزداد فيها مشاركة الدائن في إدارة المال وتحمل نتائج استخدامه تحمل ضمانات حقيقية وليست ظاهرية لرأس المال وعائده أيضاً. و_ الصيغة المقترحة لنسب المخاطرة المسوح بها: لا ندعي هنا أننا نقدم حلاً سليماً 100% ولكنه صيغة قابلة للمراجعة في ضوء التطبيق العملي. وقد راعينا في هذه الصيغة التفرقة بين أموال المساهمين ـ حيث يمكن السماح بمخاطرة أكبر ـ وبين أموال المودعين ـ حيث يلزم التقليل من المخاطرة. ولذلك نقترح فصل سلتين رئيسيتين: إحداهما: خاصة بالمساهمين حيث يصب فيها أجر الخدمات المصرفية وعوائد استثمارات رأس المال ونسبة من عائد الودائع مقابل إدارة استثماراتها وحيث تخصم منها كافة المصروفات العامة. وتكون استثمارات رأس المال ضمن الحدود التالية: نسبة من رأس المال صيغة الاستثمار 20 أسهم شركات تابعة 20 استثمارات عقارية 30 ايجار معدات والات ووسائل نقل 30 تمويل بالمشاركة في الربح والخسارة (شاملاً حافظة أسهم) | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: دراسة البنوك الإسلامية تواجه أزمة في الرقابة الشرعية الأربعاء مايو 05, 2010 11:34 am | |
| دراسة البنوك الإسلامية تواجه أزمة في الرقابة الشرعية أَكَّدت دراسة حديثة أن المصارف الإسلامية ستواجه مشاكل في المرحلة القادمة عند تشكيلها هيئات الرقابة الشرعية، أبرزها قلة عدد الفقهاء المتخصصين في المعاملات المصرفية والمسائل الاقتصادية الحديثة، مما يؤدي إلى عدم وجود تصور واضح للقضايا، ومن ثم صعوبة الوصول للحكم الشرعي الصحيح.
وأشارت الدراسة إلى عدم وجود جيل ثانٍ مؤهل للعمل كمراقبين شرعيين، فالكوادر الموجودة الآن إما أن تكون ملمة بأمور الفقه والشرع، وإما أن تكون ملمة بأسس الاقتصاد الإسلامي، ولا يوجد من لديه القدرة على الجمع بين الثقافتين الفقهية والاقتصادية.
وأكدت الدراسة الصادرة عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تحت عنوان "الهيئات الشرعية بالبنوك الإسلامية" أن الرقابة الشرعية ضرورة حيوية للنظام المصرفي الإسلامي، فالأساس الذي قامت عليه تلك المصارف المعاصرة هو تقديم البديل الشرعي للمصارف الربوية غير المشروعة، ولذا كانت هيئة الرقابة الشرعية هي الجهة التي تراقب وترصد سير عمل المصارف الإسلامية والتزامها وتطبيقها في معاملاتها للأحكام الشرعية، كما أن وجودها يعطي المصرف الصبغة الشرعية، ويعطي الجمهور الثقة بالتعامل معها.
ويضاف إلى ذلك عدم الإحاطة بقواعد المعاملات الإسلامية من قبل جميع العاملين في المصارف الإسلامية، وتزداد أهميتها حاليًا نظرًا لتعقد الصور التجارية وانتشار أنواع جديدة من المعاملات التجارية كبطاقات الائتمان والحسابات بأنواعها، والتجارة الإلكترونية التي لا يوجد لها أحكام في المصادر الفقهية القديمة. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: المستندات والتوثيق في البنوك الاسلامية الأربعاء مايو 05, 2010 11:36 am | |
| المستندات والتوثيق في البنوك الاسلامية 1 - التوثيق: نبذة تاريخية نعرف جميعاً أن حياة الإنسان _وكذا حياة المؤسسات والشخصيات الاعتبارية _ هي سلسلة من الارتباطات والالتزامات، من الحقوق والواجبات، وأن الإنسان يبدأ صحبة الوثائق منذ اللحظة الأولى لولادته حيث تصدر له شهادة ولادة وحتى اللحظة الأخيرة في حياته حيث تصدر له شهادة الوفاة، ولا حاجة بنا لنعدد آلاف الحالات التي يتعامل بها الإنسان مع الوثائق وكذا المؤسسات. وقد استعمل الإنسان ومنذ بدء وجوده على هذا الكوكب أساليب التوثيق المختلفة من النقوش على الصخور والكهوف وحتى الإتفاقيات المكتوبة المختلفة التي نعرفها في عالم اليوم. وفي عالم التجارة، وعالم المال والأعمال حين كان التعامل يتم بالمقايضة في أبسط صوره لم تكن الضرورة تقضي أن تحرر هذه العقود البسيطة. ولكن حين توسعت المعاملات وتطورت الشروط بين المتعاملين ولجأوا إلى التعامل الآجل ظهرت الحاجة ملحة إلى تحرير هذه الارتباطات وقد كتب الرومان في هذا الموضوع. كما جاءت أطول آية في القرآن الكريم قاطبة تتحدث عن التوثيق في أحكم صيغة وفي صورة لم يعرف المقننون الوضعيون مثيلا لها. بسم الله الرحم الرحيم (يا أيها الذينَ آمنوا إذا تداينتُم بدينٍ إلى أجلٍ مُسمّىً فاكتبوه وليكتُب بينكم كاتبٌ بالعدل)، الآية 282 من سورة البقرة. ففي هذه الآية الكريمة يتحدث المولى عز وجل عن الديون الآجلة وعن الكاتب العدل أو ما يسمى بالإنكليزية notary public كما يتحدث عن توثيق الكتابة بشهادة الشهود وعن الرهونات. وأجزم أن أصحاب الفضيلة علماءنا قد استنبطوا الكثير الكثير في فقه المعاملات من هذه الآية الكريمة. وإذن فإن للتوثيق والمستندات أهمية كبرى في حياة البشر حيث تدون وقائع الإتفاقات وشروطها وحيث يرجع إليها إذا نسى أحد الطرفين أو كلاهما، أو إذا اختلفا في تفسير ما اتفقا عليه أو أنكرا بعضه أو كله. 2 - التوثيق والبنوك: من نافلة القول ذكر أن عمل البنوك في كل دقيقة من دقائقه، يخلق مستنداً أو مجموعة من المستندات قبل وبعد تنفيذ أي عمل. وحيث أن المال هو المقابل لكل عملية من العمليات المصرفية، فإن إهمال المستندات والتوثيق في العمل المصرفي يعرض المصرف إلى مخاطر قد تبدأ بخسارة دراهم معدودة وقد لا تنتهي حتى ولو أفلس المصرف. ولو أحصينا ما يقوم به أي مصرف من أعمال وتصرفات مع عملائه لوجدنا أن لكل عملية مستنداً أو مجموعة من المستندات التي تحكم هذا التعامل وتنظم الشروط والقواعد حماية لمصلحة جميع الأطراف. ويبدأ المصرف رحلة التعامل بالمستندات مع عملائه منذ اللحظة التي يفتح بها العميل حساباً _ أي حساب_ مع المصرف وربما قبل ذلك إذا كتب العميل يسأل أسئلة مستفسراً عن أنماط وصور الحسابات.. الخ. ومن أكثر صور المستندات أهمية وخطورة تلك التي تتعلق بحفظ حقوق المصرف تجاه عملائه وتلك التي تتعلق بحماية المصرف من مطالبات عملائه وغيرهم له بدفع مبالغ أو تعويضات. 3 - أهمية التوثيق والمستندات في العمل المصرفي: تبدو أهمية التوثيق والمستندات في العمل المصرفي جدلية واضحة حين يختلف المصرف وعميله وحين يضطر أحدهما لجلب صاحبه لساحة القضاء، هناك تسود القاعدة الذهبية في التوثيق (العقد شريعة المتعاقدين) وبالتالي فإهمال توثيق أي اتفاق كلية أو توثيقه بوثيقة ضعيفة. ويضعف مركز أحد الطرفين ويضر بمصالحه ضرراً ربما أدى إلى خسائر أخرى لا يعلم مداها إلا الله، خصوصاً إذا تضرر ما يعرف بالأطراف الثالثة، وهذه الأطراف ليست في العادة طرفاً في الاتفاق، ولكن لها مصالح يجب أن تصان. وأضرب على ذلك مثلا بشخص يدعي ملكية شركة ويفتح باسمها حسابا لدى أحد المصارف حيث يتلقى الدفعات المختلفة لصالح هذه الشركة بدون سند يثبت تفويضه بالقيام بذلك العمل. أصحاب هذه الشركة الشرعيون هم طرف ثالث لهم أن يرجعوا على البنك بالتعويض عن كل ما تصرف به المالك المزعوم بإسمها.. إذن في كل مرة نحتاج إلى المستندات نكتشف أهمية تلك المستندات وفي كل مرة نكتشف فيها ثغرات في التوثيق نثوب إلى رشدنا ونصدر المذكرات والتعليمات. 4 - المستندات والوثائق في عمليات الإستثمار: 4_1 وحيث أن اجتماعنا اليوم خصص للبحث والتداول في المشروعات الإستثمارية المطروحة فاسمحوا لي أن أقول: إن المستندات والعقود أكثر ما تكون لزوماً وأهمية في عمليات الإستثمار، قصيرة ومتوسطة وطويلة، لذا فسوف أحاول بقدر المستطاع أن أعرض ملاحظاتي وأحصرها في هذا المجال. 4_2 فكما نعرف فإن عمليات الإستثمار تمثل الاستخدامات لموارد المصرف، تلك الموارد التي تتكون من أموال المساهمين والمودعين. وهدف عمليات الإستثمار الأساسي هذه هو تنمية تلك الموارد ويجب أن يكون هدف تنميتها مقترناً بأنجح الأساليب لحمايتها. وهنا تبرز أهمية الناحية المستندية لعمليات الاستثمار. 4_3 بعد البحث عن الفرصة الإستثمارية المجدية، تدخل أطراف العلاقة فيما بينها في مفاوضات تهدف إلى الوصول إلى أنسب الشروط لكل منها حيث تتفق على حصص التمويل المختلفة وهوامش الربح والضمانات والرهونات والكفالات والقيود إلى آخر ذلك من الشروط. وهنا فإن على المصرف أن يحرص على أن تفرغ كل تلك الشروط في إتفاقيات يصوغها أصحاب الإختصاص. وفي بعض الأحيان وخصوصا في العمليات القصيرة الأجل، يتم التوقيع على نماذج معدة سلفاً وهنا يجب أن يحرص المسؤول على أن يستعمل المستند المناسب لطبيعة العملية المعروضة. وإذا لم يناسب المستند تلك العملية يجري تعديله أو إضافة الشروط الخاصة التي تتناسب وطبيعة تلك العملية. ولست أدري إن كان أحدكم أو بعضكم قد استعمل أو صادف في حياته المهنية حالات استعمل فيها مستنداً ما لغير العملية التي صمم من أجلها. من ذلك ما أخبرني به أحد الزملاء من أن مصرفاً ما دخل في عملية مشاركة لاستثمار سيارات نقل. وعندما وقع خلاف بين المصرف وشريكه، اكتشف المسئول أن عقد المشاركة المستعمل كان يتكلم عن مشاركة في بضاعة وعن تقديم تقرير شهري بقيمة المباع من البضائع موضوع المشاركة وكذا عن عدم بيع البضائع موضوع المشاركة باسعار تقل عن سعر البيع المتفق عليه.. الخ. أين هي تلك البضائع؟ لقد مضى اتفاق المشاركة يتحدث عن البضائع ونسى السيارات تماماً. إن مثل هذا الحادث يقودني للحديث في النقطة التالية: 4_4 أهل الإختصاص: ذكرت في الفقرة السابقة أن على المصرف أن يحرص على أن تفرغ شروطه تعامله في إتفاقيات يصوغها أصحاب الإختصاص. إن خبرتنا في العمل المصرفي الإستثماري وغيره _مهما طالبت _ يجب أن لا تقنعنا بأننا نستطيع أن نستغني عن أصحاب الإختصاص، وليأذن لي أصحاب الفضيلة مراقبو المصارف الإسلامية الشرعيون أن أحدد أن أصحاب الاختصاص في صياغة العقود هم في نظري المحامون والمتسشارون القانونيون، وأسرع فأستدرك أنه من الطبيعي أن تنسجم المستندات والعقود التي يصوغها هؤلاء والشريعة الإسلامية الغراء، مما يستدعي أن يكون التعاون وثيقاً بين الطرفين. فنحن نعيش في بيئة قانونية مدنية في كل البلاد التي تعمل بها البنوك الإسلامية، وهذا واقع لا يمكن تجاهله وبالتالي فيجب أن يكون هناك إنسجام بين ما تستعمل المصارف الإسلامية من عقود ومستندات وبين القوانين المرعية في البلاد التي تعمل فيها. كذلك فإن صاحب الاختصاص، أي المستشار القانوني بالإضافة إلى صياغته القانونية للاتفاقيات، فإنه سوف ينبه إلى كثير من الأمور التي تؤثر على المركز القانوني للمصرف الإسلامي كدائن، وكذلك ينبه إلى الإجراءات التي يتطلبها القانون حتى يتم الإعتراف بحق المصرف الإسلامي في الدين، كما يبين ما يمكن وما لا يمكن عمله. ومن الأمثلة على ذلك قدرة المصرف الأجنبي من عدمها على تلقي الرهون لصالحه في بلد المدين إذا كان كل من البنك والمدين في بلد غير بلد الآخر، وكذا فحص أوراق المدين لتحديد قدرة الملتزم بالدين على الدخول في مديونية نيابة عن موكله أو عن مؤسسته أو شركته. 4_5 ومن النواحي ذات الأهمية التي يجب التنبيه عليها حفظا لحقوق المصرف تجاه عميله أن يؤخذ عامل تغير الظروف بعين الإعتبار مثل موت أحد الشركاء المتضامنين في شركات التوصية أو انسحاب الشريك المدير في تلك الشركات. كذلك موضوع القيود التي يمكن فرضها على العميل حتى لا تضعف مركز المصرف أمام الآخرين المتعاملين مع نفس العميل مثل الرهن السلبي negative pledge حيث تقيد حرية العميل في رهن أملاكه لدائنين آخرين قبل سداد دين المصرف الأول لما في ذلك من إخلال بمقدرة العميل على الوفاء. وكذلك موضوع فشل العميل في أداء الديون المستحقة للآخرين event of default أو إمكانية أن تؤدي إلى استحقاق ديون أخرى كثيرة وتحديد موقف المصرف الإسلامي في تلك الحالة. وعند التعامل بعملات أخرى غير العملة الأصلية للمصرف يجب الانتباه إلى وجود شرط توافر العملية المعنية، إذ قد لا تتوافر هذه العملة نتيجة ظروف خارجة عن إرادة المصرف الإسلامي، وبالتالي يستحيل تنفيذ الإتفاق. وعند وجود رهن متذبذب القيمة يجب الإنتباه إلى تضمين شرط تعويض الفرق أو إستحقاق فرق الدين إذا انخفضت قيمة الرهن. وفي حالات إتفاقيات المشاركة فيجب الإصرار على تضمين الإتفاق شرط التمثيل للمصرف الإسلامي وحقه في إختيار وعزل مراقب الحسابات. 4_6 ومن الأمور ذات الأهمية دراسة علاقة العميل كوحدة قانونية بالوحدات القانونية الأخرى التي يرتبط بها، وعلى وجه الخصوص في حالات الشركات القابضة والتابعة والشقيقة، فإن أياً من هذه الوحدات وإن كانت عضواً في مجموعة واحدة إلا أنها غالباً ما تكون كياناً قانونياً مستقلاً وبالتالي فإن عضوية تلك الوحدة في مجموعة لا تقوى بالضرورة من مركز تلك الوحدة وفي كثير من الأحيان كنا نطلب كفالة الشركة الأم أو الشركة القابضة لتقوية الوضع القانوني للشركة المتعاملة معنا. 4_7 مستندات إثبات الدين: في غالب الحالات فإن العلاقة بين المصرف الإسلامي وعميله الإستثماري سوف تتحول إلى علاقة دائن بمدين، وهنا يجب الحرص على إنتقاء المستند أو المستندات الملائمة لإثبات المديونية بالشروط المناسبة كما مر آنفا. ونستطيع أن نخلص إلى أن أبسط مستندات الدين _والتي قد تختلف من بلد لبلد بحكم إختلاف القوانين الوضعية _ تتمثل في الآتي: - 1إتفاقية التعامل الأصلية: مرابحة _مشاركة _ مضاربة، عقد إيجار، عقود إستثمار طويلة الأجل.. إلخ. 2 - السندات الإذنية والكمبيالات. 3 - تفاويض القيد على الحساب تسديداً للمديونية. 4 - الشيكات الآجلة في بعض البلاد التي تسمح قوانينها بذلك. 5 - كشوف الحسابات الجارية أو كشوف حسابات العمليات المصادق عليها من قبل العميل. 6 - ميزانيات العميل المدققة والتي يظهر فيها دين المصرف. 4_8 المستندات التكميلية: هناك الكثير من المستندات التكميلية التي تؤخذ لتقوية وضع المصرف كدائن. وأبرزها: 1_ الكفالات المصرفية والشخصية. 2_ عقود الرهن. 3_ إيصالات المخازن. 4_ مستندات الشحن. 5_ كمبيالات التأمين. 6_ بوالص التأمين على الحياة (لغير المصارف الإسلامية). 5_ أخيراً ربما يقول قائل لم كل هذا العناء، ولم تكبد النفقات في اختيار وتعيين مستشارين وتحرير الإتفاقيات والمستندات؟ أو لسنا نعامل أناساً محترمين وأنهم سوف يقومون بإلتزامهم؟ ونجيب نعم، فمعظم عملائنا كذلك، أو يجب أن يكونوا كذلك. ولكن ألستم معي في أن الظروف قد تتغير وقد نجد أنفسنا مع عميل يجري تصفية عمله بحكم قضائي أو نتيجة لأوضاع إقتصادية سيئة، ولو استطعنا أن نعرف مثل هذا العميل مسبقاً لما تعاملنا معه تجنباً للخسارة، ولكن لأن المعرفة المسبقة أمر مستحيل، فلا بد من اللجوء إلى المستندات. وقد أثبتت التجربة أن الدائنين الذين يملكون أفضل المستندات يكونون دائماً في أقوى وضع لاسترداد أقصى ما يمكن من حقوقهم، مقارنين بمن لا يملكون المستندات، أو الذين يملكون المستندات الضعيفة. إن أهمية المستندات تظهر جلياً عند الحاجة إليها، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ باستحالة ذلك (يا أيّها الذين آمنوا إذا تداينتُم بدينٍ إلى أجلٍ مسمّى فاكتُبوه)، إلى آخر الآية. ------------------------------- * المصدر: مجلة المسلم المعاصر | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: البنوك الإسلامية الأربعاء مايو 05, 2010 11:37 am | |
| صت ندوة "الأسواق المالية الإسلامية" التي اختتمت أعمالها في الرياض، بإيجاد مؤشرات بديلة عن الفائدة في المؤسسات المالية الإسلامية لتستطيع تأدية دورها في ظل العولمة الاقتصادية، وتوثيق الصلة بين علماء الشريعة والعاملين في البنوك والباحثين في الاقتصاد الإسلامي لإيجاد صيغة تتوافق مع الظروف المالية المعاصرة ولا تختلف مع أحكام الشريعة الإسلامية. وركز الخبراء والمختصون في أوراق العمل التي قدمت أمس في الندوة تحت عنوان "الأسواق المالية الإسلامية" التي نظمتها عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية على كيفية تطوير الأسواق المالية الإسلامية، ومعايير المؤشرات البديلة، واستخداماتها وأسس تكوينها، والتطبيقات والتجارب العملية للمؤشرات البديلة، وكيفية الارتقاء بالأسواق المالية في الدول الإسلامية في إطار التوجيهات الشرعية. وأكد الدكتور رجا المرزوقي في ورقة عمل تحت عنوان "المؤشرات المالية البديلة عن معدل الفائدة" على أهمية وجود مؤشر خاص للتمويل الإسلامي وذلك لطبيعية الطلب المحلي المنبثق من عقيدة المجتمعات الإسلامية وما حققه من نمو في هذا المجال، كما أن التمويل الإسلامي استطاع أن يفرض نفسه على العالم ويصبح من أكثر الآليات نمواً. وأضاف أن الوقت حان لإنشاء مؤشرات بديلة لسعر الفائدة بعد توافر الشروط اللازمة لذلك، لتحقق حلول إسلامية مناسبة وبعيدة عن عمليات البنوك التقليدية المعتمدة على "الربا". من جانبه، بين الدكتور راشد بن أحمد العليوي أستاذ قسم الاقتصاد والتمويل في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم خلال ورقة عمل بعنوان "المؤشرات البديلة عن معدل الفائدة في الأسواق المالية الإسلامية" أنه لا يوجد أي مانع شرعي لدى المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تحديد هامش الربح المتحصل عليه عند اتباعها معاملة شرعية صحيحة كأسلوب المرابحة الشرعية للآمر بالشراء والبيع بالتقسيط المستوفي للضوابط الشرعية. وأضاف أنه يمكن الاستفادة من طريقة مؤشر "ليبور" للخروج بمؤشر بديل يمكن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالقيام بدورها تحت إشراف الجهات الرسمية والتنسيق مع خبراء محايدين. من جهته، أوضح الدكتور محمد البلتاجي مدير برامج المصارف المتوافقة مع الشريعة في المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي في بحث بعنوان "نحو إيجاد معدل لاحتساب ربحية البيوع الآجلة" أن المشكلات الناشئة عن استخدام مؤشر الفائدة في المصارف الإسلامية الحالية ناتجة عن استخدامها مؤشر سعر الفائدة "الليبور" في احتساب الربحية على التمويل الآجل. وأشار إلى أنه يمكن تجنب استخدام مؤشر سعر الفائدة "الليبور" في المصارف الإسلامية وذلك عند وجود أكثر من مؤشر لتحديد ربحية التمويل في هذه المصارف، وذلك لتتناسب مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات مالية بالمصارف الإسلامية عن القطاعات الاقتصادية المختلفة، إلى جانب أهمية تطبيق أنظمة التكاليف بالمصارف الإسلامية، وتحديد تكلفة العمليات التمويلية والخدمات المصرفية، واستخراج مؤشرات مالية وإحصائية عن الصناعة المالية الإسلامية. | |
|
| |
Admin Admin
المساهمات : 310 تاريخ التسجيل : 03/05/2010
| موضوع: رد: البنوك الإسلامية الأربعاء مايو 05, 2010 11:39 am | |
| في الوقت الذي أصبحت فيه المعاملات المصرفية الإسلامية ظاهرة عالمية متنامية واهتمت كثير من البنوك الدولية بتأسيس فروع أو إدارات مستقلة لها لجذب رؤوس الأموال الإسلامية، يعاني ذلك القطاع من نقص شديد في علماء وخبراء الاقتصاد الإسلامي المعنيين بمراقبة مدى مطابقة تلك المعاملات للشريعة الإسلامية، بحسب مراقبين. وقال الشيخ نظام اليعقوبي المشرف على عدد من فروع المعاملات الإسلامية ببنوك دولية شهيرة لرويترز اليوم الثلاثاء: "هناك اهتمام متزايد بقطاع المعاملات المصرفية الإسلامية، ولدينا متخصصون في الشريعة والاقتصاد الإسلامي يتخرجون الآن، ولكن تظل أعدادهم غير كافية لتلبية حاجة المؤسسات المالية الدولية" المتزايدة. وأردف قائلاً: "المعاملات المصرفية المتوافقة مع الشرعية الإسلامية تتصاعد بشكل كبير".طالع: اقتصاديون غربيون:التمويل الإسلامي في أزهى فتراته ويقدر خبراء اقتصاديون حجم سوق المال الإسلامي العالمي بـ473.45 مليار يورو (700 مليار دولار)، مشيرين إلى أن معدل نمو قطاع المعاملات المصرفية الإسلامية يبلغ نحو 15% سنويًّا، وتوقعوا أن يصل حجم الاستثمارات الإسلامية إلى تريليون دولار بحلول عام 2010. وأوضح الشيخ يعقوب وهو خبير بعدد من المؤسسات المالية، أبرزها "إتش إس بي سي"، وبنك أبو ظبي الإسلامي، وسيتي بنك، و"بي إن بي باريباس"، و"لويدز تي إس بي" أن هناك ما يتراوح بين 50 و60 متخصصًا على مستوى العالم مؤهلين لتقديم النصائح للبنوك الدولية حول أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المصرفية. ورأى أن منطقة الشرق الأوسط "تحتاج إلى 10 أضعاف هذا العدد". لكن الشيخ يعقوبي أكد في الوقت ذاته أن مجاراة النمو في حجم المعاملات المصرفية الإسلامية ليس سهلاً. وأضاف أن: "أصحاب البنوك يعتقدون أن أرحام الأمهات سوف تخرج علماء ومتخصصين.. وأنا أقول لهم إن ذلك يتم خطوة بخطوة وليس في لمح البصر". ويلفت مراقبون إلى ضرورة زيادة أعداد الخبراء في المعاملات المصرفية؛ لضمان تطابقها مع أحكام الشريعة الإسلامية الشريعة. المرابحة وتقوم فكرة البنوك الإسلامية على مبدأ المرابحة بدلاً من الفائدة، إضافة إلى أنها لا تستثمر أموالها في أنشطة تجارية محرمة، مثل الخمور والدعارة والقمار. وفي سياق متصل أوضح مراقبون أن مجرد دراسة الشريعة والمعاملات المصرفية ليس كافيًا لإبداء النصح والمشورة بشأن صفقات قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، مشددين على ضرورة أن يكون المتخصصون في مجال الاقتصاد الإسلامي على دراية كاملة بالقوانين والأنظمة المصرفية التقليدية. ومن جهته قال ياسر دحلاوي من مكتب مراجعة "الشريعة" في المعاملات المصرية (وهي مؤسسة استشارية تختص بتقديم النصائح للشركات عن كيفية اتباع مبادئ الشريعة) قائلاً: "يحتاج المتخصصون إلى الحصول على لقب الدكتوراة وسنوات من الخبرة". "يمكنك تعلم الجوانب التقنية بمعدل سريع نسبيًّا، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فقد تستغرق من 15 إلى 20 عامًا للحصول على الخبرة اللازمة". بحسب منصور أحمد الباحث في مجال الاقتصاد الإسلامي. وفي ضوء تصاعد حجم المعاملات المصرفية الإسلامية، يعتزم معهد لندن للمحاسبين الإداريين تدشين برامج تعليمية ومنح درجات علمية بالتعاون مع الجامعات للدارسين تؤهلهم للعمل بكفاءة في هذا القطاع. ويوضح ديفيد باس الذي يعمل في بنك يونيكورن ي أن "النمو الاقتصادي لا ينتظر طويلاً.. النقص في خبراء المعاملات المصرفية الإسلامية لا يعني أن هذه الصناعة ستتوقف ولكن ذلك سيسفر عن بطء في معدل تطورها". | |
|
| |
| البنوك الإسلامية | |
|